Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

وسطاء "هدنة غزة" يصرون على تجنب اجتياح رفح وتفاؤل حذر في القاهرة

مصادر تحدثت إلى "اندبندنت عربية" عن "مؤشرات إيجابية" حول التوصل إلى اتفاق بين إسرائيل و"حماس"

ملخص

في خضم الجهود الدبلوماسية التي تقودها القاهرة بمشاركة الولايات المتحدة وقطر، تبقى احتمالات تنفيذ إسرائيل لاجتياح بري واسع النطاق في مدينة رفح جنوب قطاع غزة، أحد أبرز الشواغل المصرية، مع استمرار التهديدات الإسرائيلية ذات الصلة.

وعينها على رفح جنوب قطاع غزة، تسابق مصر الزمن للدفع نحو اتفاق هدنة ووقف إطلاق النار بين حركة "حماس" وإسرائيل بمشاركة قطر والولايات المتحدة، إذ ترى القاهرة أن أي هجوم عسكري واسع النطاق على المدينة، التي تمثل آخر نقاط نزوح المدنيين، "ينذر بتداعيات إنسانية وأمنية كارثية تتجاوز جغرافيا القطاع وتؤثر في السلم والأمن الإقليميين".

وفيما تستضيف القاهرة جولة مفاوضات جديدة بعد وصول وفد "حماس" إليها وحضور رئيس الاستخبارات المركزية الأميركية ويليام بيرنز، وسط آمال واسعة في أن تحرز تقدماً بعد أن "باتت مساحات التوافق على بنود الاتفاق بين الأطراف أكثر من نقاط الخلاف المتبقية، مما يجعل التوصل إلى هدنة ممكناً أكثر من أي وقت مضى"، وفق توصيف مسؤول أمني مصري لـ"اندبندنت عربية"، لا تزال مصر تتحسس خياراتها في التعاطي مع احتمالات مضي تل أبيب في تهديدها بمواصلة عملياتها العسكرية نحو رفح، سواء بالتوصل إلى اتفاق من عدمه، بحسب ما أعلن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو أخيراً.

وتقترب الحرب في قطاع غزة من إتمام شهرها السابع من دون حلحلة بعد، وعلى رغم جهود الوسطاء الحثيثة للتوصل إلى اتفاق يضمن التهدئة والإفراج عن رهائن إسرائيليين في القطاع لقاء إطلاق سراح فلسطينيين من السجون الإسرائيلية، تزداد المخاوف الإقليمية والدولية في شأن خطط إسرائيلية لاقتحام رفح قرب الحدود مع مصر والتي يقيم فيها أكثر من مليون فلسطيني نزح معظمهم من مناطق أخرى في القطاع جراء الحرب.

"حاسمة ومبشرة"

خلال الساعات الأخيرة، تتجه الأنظار إلى القاهرة، حيث "مفاوضات ماراثونية" يجريها الوسطاء المصريون ونظراؤهم القطريون والأميركيون حول مقترح هدنة في غزة، بعد وصول وفد من حركة "حماس" أمس السبت على أن يعقبه وصول وفد من إسرائيل، حال حدوث "تطورات إيجابية" في شأن إطار صفقة الرهائن، وفق ما نقلت وسائل إعلام عبرية.

وبحسب مصادر مصرية، تحدثت إلى "اندبندنت عربية"، فإن مقترح التهدئة الجديد الذي تناقشه الأطراف يتضمن "وقفاً للحرب لمدة 40 يوماً في مرحلته الأولى وإطلاق سراح أسرى فلسطينيين مقابل الإفراج عن رهائن إسرائيليين في قطاع غزة، فضلاً عن ترتيبات ميدانية تقضي بسهولة حركة المواطنين في كل أنحاء القطاع وعودة النازحين لمنازلهم في الشمال وانسحاب الجيش الإسرائيلي من (ممر نتساريم) الذي يقسم القطاع ويمنع حرية الحركة"، موضحة أن "المقترح الجديد المكون من ثلاثة مراحل لاقى تعاطياً إيجابياً من حركة حماس".

ومعبراً عن "تفاؤل حذر"، قال أحد المصادر في حديثه المقتضب معنا، "تدرك جميع الأطراف في الوقت الراهن أن عامل الوقت لم يعُد في مصلحة أيّ منها وأن جولة التفاوض الراهنة في القاهرة قد تكون حاسمة في مستقبل التفاوض"، مشيراً إلى أن "الأمور تسير بصورة أفضل هذه المرة"، وتابع أنه "لا تزال هناك بعض النقاط الخلافية التي تحتاج إلى مزيد من الجهد للوصول لحل في شأنها"، من دون توضيح تلك النقاط.

 

 

ووفق المصدر ذاته، "هناك إصرار من القاهرة والوسطاء الآخرين على حتمية الوصول إلى وقف إطلاق النار، وأهميته الملحة لسهولة إنفاذ المساعدات الإنسانية لمعالجة الأوضاع المدنية المتدهورة في قطاع غزة، وتجنيب رفح احتمالات عملية عسكرية إسرائيلية واسعة النطاق فيها"، معتبراً أن "المضي قدماً في تحقيق انفراجة على مستوى الاتفاق بين إسرائيل و’حماس‘، يتطلب من الجميع تقديم تنازلات والابتعاد من الحسابات السياسية الفردية".

وقبل أيام، عرضت القاهرة اقتراحاً جديداً للتهدئة يشمل بصورة مبدئية وقفاً لإطلاق النار لمدة 40 يوماً، ويهدف إلى فترة طويلة من الهدوء من شأنه أن يؤدي إلى نهاية الحرب، في محاولة لإحياء المفاوضات التي استمرت لنحو خمسة أشهر من دون التوصل إلى اتفاق.

ونقل موقع "أكسيوس" الأميركي عن مسؤولين إسرائيليين لم يسمِّهم، أن الاقتراح "يتضمن وللمرة الأولى الاستعداد لمناقشة استعادة الهدوء المستدام في غزة بعد إطلاق سراح الرهائن لأسباب إنسانية أولاً"، بعدما كان إنهاء الحرب محورياً في مقترحات "حماس" خلال مفاوضات صفقة الرهائن في الأشهر الأخيرة، مما يعدّ في المقابل "تنازلاً إسرائيلياً كبيراً".

"اجتياح" رفح يؤرق القاهرة

في خضم الجهود الدبلوماسية التي تقودها القاهرة بمشاركة الولايات المتحدة وقطر، تبقى احتمالات تنفيذ إسرائيل لاجتياح بري واسع النطاق في مدينة رفح جنوب القطاع، أحد أبرز الشواغل المصرية خلال الأسابيع الأخيرة، مع استمرار التهديدات الإسرائيلية ذات الصلة، على رغم اتساع دائرة الرفض الإقليمي والدولي لهذه الخطوة نظراً إلى تبعاتها "الإنسانية والأمنية الكارثية".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

"تكثف القاهرة جهودها في التعاطي مع الحرب في غزة انطلاقاً من ركائز أربع، تتمثل في حتمية التوصل إلى هدنة إنسانية تقود لوقف مستدام لإطلاق النار، وزيادة نفاذ المساعدات الإنسانية بصورة مستدامة، مع رفض أي عملية عسكرية في رفح وما يتبعها من احتمالات تهجير الفلسطينيين باتجاه مصر، مما يمثل نقطة حساسة للغاية بالنسبة إلينا"، يقول مصدر دبلوماسي مصري، موضحاً أن تلك النقاط محل توافق واسع مع الجانب الأميركي.

المصدر الدبلوماسي المصري أوضح كذلك في حديثه إلينا أن "القاهرة تبقي الخيارات كافة مفتوحة في التعاطي مع احتمالات تنفيذ إسرائيل لعملية واسعة في رفح"، مشيراً إلى استعداد بلاده لكل السيناريوهات، واعتبر أن التوصل لاتفاق هدنة بصورة سريعة من شأنه أن يبعد شبح عملية عسكرية إسرائيلية في مدينة رفح.

 

وتصر إسرائيل على المضي قدماً في عمليتها العسكرية نحو رفح الملاذ الأخير لسكان قطاع غزة، حيث يقطنها ما يقارب 1.5 مليون فلسطيني فرّوا من ويلات الحرب، وكان لافتاً، إعلان رئيس الوزراء الإسرائيلي قبل يومين أن بلاده "سترسل قوات برية إلى رفح بغض النظر عما إذا تم توقيع اتفاق أو لا"، واصفاً العملية بأنها حاسمة لتدمير القدرات العسكرية لـ"حماس". إلا أنه ووفق ما أوردته صحيفة "وول ستريت جورنال" الأميركية أمس السبت، فإن "المسؤولين الإسرائيليين يفكرون سراً في إرجاء غزو رفح إلى أجل غير مسمى إذا تم التوصل إلى اتفاق طويل الأمد لوقف إطلاق النار"، مضيفة أن "تل أبيب أبلغت الوسطاء بأنها ستمضي قدماً في العملية المزمعة في رفح إذا لم يتم التوصل إلى اتفاق قريباً".

ووفق الصحيفة ذاتها، يواجه نتنياهو "مأزقاً يتمثل في ضغوط داخلية تضيق الطريق نحو التوصل إلى اتفاق، مع الاعتماد على أعضاء تحالفه الحكومي من المتشددين الذين هددوا بتفكيك حكومته إذا أوقف الحرب قبل اجتثاث ’حماس‘ بالكامل"، إلا أن الضغوط الأميركية قد تثنيه عن خططه، إذ تتمسك واشنطن بـ"عدم دعم أي عملية عسكرية كبيرة في رفح ما لم تكُن هناك خطط واضحة لإجلاء المدنيين".

كما واشنطن تعتقد بأن إسرائيل قادرة على تحقيق أهدافها من دون عملية كبيرة في رفح، وأكد وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن الجمعة وجهة نظر الولايات المتحدة بأن الخطط الإسرائيلية لإجلاء المدنيين قبل القتال غير كافية حالياً، معتبراً أنه "في غياب مثل هذه الخطة، لا يمكننا أن ندعم عملية عسكرية كبيرة في رفح لأن الضرر الذي ستحدثه يتجاوز ما هو مقبول".

وترى القاهرة أن أي عملية عسكرية واسعة في رفح من شأنها أن تزيد المعاناة الإنسانية المتدهورة أصلاً في القطاع، كما من شأنها أن تعيد المخاوف من "تنفيذ مخطط تهجير الفلسطينيين إلى سيناء" الذي أكدت مصر ودول عربية رفضه أكثر من مرة، وعدّه الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي بمثابة "خط أحمر وتصفية للقضية الفلسطينية".

خيارات مصر

بين "ماراثون مفاوضات التهدئة" والسعي إلى الوصول لتهدئة، واحتمالات مضي إسرائيل في خططها العسكرية الخاصة بمدينة رفح، تتحسس القاهرة خياراتها أمام ما تراه "كارثة" قد تحدق بالأوضاع على حدودها مع قطاع غزة، بحسب ما أوضح مراقبون في حديثهم إلينا.

ويقول مساعد وزير الخارجية المصري الأسبق السفير حسين هريدي "لا تستبعد القاهرة أي سيناريوهات في ما يتعلق بالتعاطي مع الوضع في غزة، وأعتقد بأن مصر مستعدة لكل الاحتمالات التي ستكون لها تداعيات إنسانية وأمنية وقومية".

وأوضح هريدي أنه "إذا أقدمت إسرائيل على تنفيذ غزو واسع لمدينة رفح الفلسطينية، فيكون السؤال الأبرز هو مدة بقاء القوات الإسرائيلية على الحدود المصرية ومدى تأثير ذلك في معاهدة السلام بين البلدين"، مشيراً في الوقت ذاته إلى أنه "إذا تسبب اجتياح رفح في دفع الفلسطينيين إلى مصر، سيتم التعامل مع الأمر وفقاً للاعتبارات الإنسانية والقومية".

من جانبه، يقول رئيس جهاز الاستطلاع الأسبق في الجيش المصري اللواء نصر سالم إنه في الوقت الراهن "تتمسك مصر بموقفها الرافض لأي عملية عسكرية في رفح، لما لذلك من تداعيات إنسانية وأمنية تهدد الأمن القومي المصري"، مضيفاً أنه "إذا أقدمت إسرائيل على خططها، فسيكون التصرف ورد الفعل المصري طبقاً للظروف في حينه".

وبحسب سالم، فإن القاهرة "لن تتهاون في أي تهديد لأمنها القومي أو أي عملية تهجير قسري لفلسطينيي القطاع باتجاهها"، مشدداً في الوقت ذاته على أن "القاهرة كذلك لا يمكنها التهاون مع أي خروج إسرائيلي عن اتفاق السلام الموقع بين البلدين عام 1979، و ستواجه ذلك بكل حزم وحسم".

ولم يستبعد المراقبون ممن تحدثوا إلينا، أهمية التعاطي الإنساني مع فلسطينيي غزة، حال تنفيذ هجوم بري واسع على رفح، مما  عبّر عنه صراحة وزير الخارجية المصري سامح شكري في لقاء مع شبكة "سي إن إن" الأميركية قبل نحو أسبوعين، قائلاً إن بلاده "ستواصل العمل بما يحقق مصلحة الشعب الفلسطيني، وأن الطريقة التي سيُفعل بها ذلك ستعتمد على الظروف".

وبحسب شكري، فلا "يجب أن نروج أو نتكهن بأي بديل آخر، لكننا سنتعامل مع أي ظروف بالأسلوب المناسب وبالإنسانية"، مضيفاً أن "أي تهجير جماعي ناجم عن العمليات العسكرية الإسرائيلية في رفح سيكون بمثابة جريمة حرب"، وتابع أن "النزوح وأي نشاط يساعد على النزوح أو يشجع عليه يعدّ جريمة حرب ويجب اعتباره كذلك".

المزيد من تقارير