تلقّت الشرطة البريطانية تحذيراً من مخاطر وجود متطرّفين داخل صفوفها.
ووجدت هيئة تفتيش أجهزة الشرطة والإطفاء والإنقاذ أنّه فيما يُعتبر أداء العناصر في إطار برنامج بريفينت الحكومي لمكافحة التطرف جيداً بشكل عام، لم يخطر سوى لقّة منهم احتمال جنوح زملائهم نحو التطرف.
وورد في التقرير الصادر يوم الإثنين أنّ "نقاط ضعف الموظفين لم يتطرق إليها إجمالاً في إطار تدريب القوات على برنامج بريفنت ولكنها مصدر خطر حقيقي".
"واتّخذت قوة واحدة من الشرطة فقط بعض التدابير بسبب إدراكها بأنها قد تضطر لحماية العناصر المعرّضين لخطر التطرف".
بينما اعتمدت قوات أخرى على سياسات مكافحة الفساد وسوء السلوك وقالت قوّتان من الشرطة فقط لهيئة الرقابة إنهما أحالتا أحد العناصر إلى برنامج بريفنت.
وكُشفت هذه النتائج بعد أيام على اعتقال عنصر فاعل في شرطة العاصمة للإشتباه بانتمائه إلى مجموعة إرهابية من النازيين الجدد.
وأُطلق سراح الشرطي البالغ من العمر ٢١ عاماً بكفالة فيما يستمر التحقيق بينما أُحيلت القضية إلى المكتب المستقل المعني بانضباط الشرطة.
وأشارت هيئة تفتيش أجهزة الشرطة والإطفاء والإنقاذ إلى أن قلّة من وحدات الشرطة الإقليمية في إنجلترا وويلز التي يبلغ عددها ٤٣ وحدة التي تقصت عنها "تقر باحتمال ضعف عنصر من الشرطة أو موظف فيها بسبب تأثير الشريك أو أفراد العائلة المقرّبين".
وأضاف التقرير "لم تقنعنا أيّ وحدة شرطة أنها قد تحيل أشخاصاً إلى برنامج بريفنت أو قد تفكّر بهذا الإحتمال إذا تبيّن أنهم عرضة للتطرف أثناء إخضاعهم للفحص والتدقيق، إما لأنهم موظفون جدد أو لأنهم موظفون يسعون لتولّي منصب متخصص. ونعتبر هذا الموضوع فرصة مهدورة".
" موظفو الشرطة هم موضع ثقة ويتوقع الرأي العام منهم التزام أعلى المعايير. لكن المقاربة التي تتبناها الوحدات لا تتماشى مع عمل بريفنت".
ودعا التقرير مجلس رؤساء الشرطة الوطنية إلى وضع توجيهات وطنية حول تطبيق برنامج بريفنت على عناصر الشرطة بما في ذلك خلال عمليات اختيارهم وعمليات اتخاذ القرار بشأن الرعاية الإجتماعية والتدقيق.
وأوضح عضو مجلس رؤساء الشرطة الوطنية المسؤول عن برنامج بريفنت، رئيس الشرطة سايمون كول أنّ آليات رفع التقارير ضمن السلك كانت كافية بالنسبة للشرطيين والموظفين من أجل التعبير عما يقلقهم من جهة زملائهم.
وأضاف "لكننا ندرك أكثر من معظم الناس الخطر الذي يمثّله الإرهاب وسوف نتحرك بسرعة لمشاركة أفضل الممارسات التي سلط التقرير الضوء عليها ضمن بعض وحدات الشرطة".
"كما يقول التقرير، يجب أن يلتزم أفراد الشرطة والموظفون بأعلى المعايير الممكنة بسبب المسؤولية الكبيرة الموكلة إليهم وسوف نطبّق سياسات هدفها الحرص على تطابق آليات تقييم المخاطر التي نتّبعها مع عملنا بموجب برنامج بريفنت".
وتطرقت هيئة التفتيش إلى ضرورة "زيادة الوعي بالضعف أمام التطرّف كي يستطيع الشرطيون والموظفون أن يرصدوا الأشخاص المعرّضين لهذا السلوك" كما أضافت أنّ التطرف غير مفهوم بالدرجة نفسها مثل أشكال أخرى من عمل الحماية.
كما اكتشفت الهيئة أنّ قوات الشرطة المختلفة تتعامل بطرقٍ متفاوتةٍ مع حالات الإحالة إلى برنامج بريفنت التي يقف وراءها أشخاص قلقون من نزعة التطرف لدى أحدهم.
وقال التقرير "كما وجدنا دليلاً على أنّ التقييم الشخصي الذي يحدد عنصر الإرهاب لدى الحالات لا يُطبق بطريقة صحيحة" مشيراً إلى إحالة بعضهم عن طريق الخطأ إلى برنامج تشانيل الذي يوفّر تدخلاً عقائدياً.
وحذّر من عدم استخلاص العِبر من حوادث خطيرة مثل تفجير بارسونز غرين -الذي نفّذه مناصر فتيّ لداعش سبق أن شمله برنامج بريفنت.
وبعد استجواب الشرطة حول طريقة تقييمها لنجاح عملها، خلصت الهيئة إلى "غياب إطار مُحكم من أجل ضبط الأداء في عمليات بريفنت" مضيفة أنه على مجلس رؤساء الشرطة وضع إجراءات تحكم الأداء.
كما دعت الهيئة وزارة الداخلية إلى مراجعة سبب عدم إدراج شرطة وزارة الدفاع وغيرها من القوات المسلّحة في برنامج بريفنت الذي يفرض على هيئات عامة أخرى أن تبلغ عن التطرف.
وأضاف التقرير أنّ "بعض الأنشطة المرتبطة ببريفنت تتعلّق بالمخاطر الداخلية".
وجاء التقرير بعد أيّام على اعتبار خبيرة الأمم المتحدة أنّ برنامج بريفنت قد ينتهك حقوق الإنسان بما فيها حرية المعتقدات الدينية والتعبير والخصوصية.
وحثت المقررة الخاصة فيونوالا ني أولين كافة الدول على إبطال أي قانون أو برنامج أو ممارسة تضبط "التطرف".
وفي حديثٍ لها مع اندبندنت، أثنت على قرار الحكومة بدء مراجعة مستقلة للاستراتيجية وقالت إن عليها "التركيز على وقعها على حقوق الإنسان".
وعدت الحكومة بإطلاق مراجعة لبرنامج بريفنت في يناير (كانون الثاني) ٢٠١٩ لكن لم يتولها أحد منذ تنحّي اللورد كارلايل وسط دعوى قضائية في ديسمبر (كانون الأول).
وأُحيل أكثر من ٥٧٠٠ شخصٍ إلى برنامج بريفنت بسبب مخاوف من تطرّفهم بين عاميّ ٢٠١٨ و٢٠١٩.
وشكّل المشتبه بأنهم إسلاميون 24 في المئة من الحالات، إسوةً بالمشتبه بأنهم متطرفون يمينيّون، بينما عادت 38 في المئة من الحالات للمشتبه بأنهم يعتنقون "عقيدة ملتبسة أو غير مستقرّة أو غير واضحة" و14 في المئة من الحالات لأنواع أخرى من التطرّف.
وبينما "لم تقتضِ (ربع الحالات) إجراءات إضافية" أحيلت نصف الحالات إلى أجهزة أخرى مثل التربية والإسكان والصحة العقليّة طلباً لدعمٍ إضافي.
كما نُقلت 23 في المئة من الحالات إلى برنامج تشانيل لمناهضة التطرّف الذي يمد الجسود بين الأفراد و"مقدّمي خدمة التدخّل" من أئمّة أو نازيين سابقين مثلاً للمساعدة على مكافحة العقيدة التي يتبنونها، فيما تجري المتابعة المستمرّة للتقدّم الذي يحرزونه.
وقال السيد كول إن التوصيات الثماني التي قدمتها هيئة تفتيش أجهزة الشرطة والإطفاء والإنقاذ ستُلَبّى.
وأضاف أنّ "بريفنت هي الاستراتيجية الوحيدة التي ستنجح في تقليص خطر الإرهاب على المدى البعيد".
"ويقر هذا التقرير كذلك بالعمل المذهل الذي قامت به الشرطة وضبّاط بريفنت في حماية أضعف العناصر في مجتمعنا".
© The Independent