كشف استطلاع للرأي حول النقل الجوي والتغيرات المناخية في أنحاء أوروبا أن نسبة كبيرة من الأوروبيين تدعم تطبيق حظر على الرحلات الجوية لمسافات قريبة، فيما تؤيد النسبة الأكبر منهم، فرض "ضريبة الكربون" على شركات الطيران.
ومن خلال استطلاع آراء 28088 ألف شخص من مختلف الدول الأعضاء الـ28 في الاتحاد الأوروبي، بما فيها بريطانيا التي كانت لا تزال فيه، تبين لـ"المصرف الأوروبي للاستثمار" (EIB) أن 62 في المئة من الأوروبيين يدعمون الحظر على الرحلات الجوية القصيرة و72 في المئة منهم يؤيدون فرض "ضريبة الكربون" على النقل الجوي.
ولكن الاستطلاع الذي أُجري بين سبتمبر (أيلول) وأكتوبر (تشرين الأول) 2019، لم يُحدد المدى الأقصى لطول الرحلات الجوية الواجب تعليقها، مكتفياً بالسؤال عن دعم قرار منع الرحلات القصيرة من عدمه. ويعتبر الطيران حول العالم أحد المصادر الأسرع نمواً للانبعاثات الكربونية شديدة التلويث، أي غاز الدفيئة الذي يُعد المسؤول الأول عن تفاقم الأزمة المناخية.
ومن المتوقع لانبعاثات الملاحة الجوية العالمية أن تزيد بحلول عام 2020 نحو 70 في المئة عما كانت عليه عام 2005. وبحسب "منظمة الطيران المدني الدولي" (ICAO)، من الممكن لهذه النسبة أن ترتفع بواقع 300-700 في المئة مع بداية عام 2050.
زادت الانبعاثات الناتجة من الطيران في أوروبا سنوياً بين 2013 و 2018. وتفيد أحدث البيانات الصادرة عن الاتحاد الأوروبي، بأن الطيران مسؤول حالياً عن قرابة 3 في المئة من إجمالي الانبعاثات الأوروبية. والأرجح أن تتصاعد هذه النسبة بسرعة كبيرة نظراً لتزايد الطلب.
وفي هذا الصدد، تدرس بعض الدول الأوروبية، كهولندا وإسبانيا، إمكانية التعويل على الضرائب البيئية لحمل شركات الطيران على دفع كلفة ما تُسببه من تلوث.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
ويتولى حالياً "نظام تبادل حقوق إطلاق الانبعاثات الأوروبي" (ETS) تغطية الرحلات الجوية داخل أوروبا، في خطوة تشجيعية على خفض انبعاثات الكربون. ويعمل من خلال توفير عدد محدود من "إعفاءات الانبعاث"، بالتالي وضع حد أقصى لكمية الانبعاثات التي يحق لشركات الطيران قانونياً أن تطلقها. وفي حال بقيت لدى شركة ما بعض هذه "الإعفاءات"، فإن هذا النظام يتيح لها تبادلها مع شركات طيران أخرى لقاء مقابل بحسب ما تتفقان عليه.
ولكن العديد من إعفاءات الانبعاث أو "أرصدة الكربون" التي تصدر حالياً عن الاتحاد الأوروبي، تبقى مجانية، مع العلم أن تكلفتها عموماً هي أقل بكثير مما يُفترض بها أن تكون، كما يوجد فائض كبير من الإعفاءات المتاحة للبيع؛ ومن شأن ذلك، برأي النقاد، أن يُقوض السبب الأساسي لوجود "نظام تبادل حقوق إطلاق الانبعاثات الأوروبي".
وتقدمت بولندا الأسبوع الماضي باقتراح لإلغاء الإعفاءات الكربونية المجانية التي يُخصصها الاتحاد الأوروبي لشركات الطيران، الأمر الذي سيُجبر هذه الأخيرة على شراء كل حاجاتها من تصاريح التلوث. وقد اكتسب هذا الاقتراح زخماً حقيقياً بحصوله على تأييد سبع دول أعضاء.
ولا يخفى على أحد أن من شأن هذه الضرائب أن تزيد التكلفة على شركات النقل الجوي والركاب في زمن تُواجه فيه مؤسسات الطيران تحديات عدة، بما فيها هبوط الطلب جراء تفشي فيروس كورونا.
وكانت أورسولا فون دير لاين، رئيسة المفوضية الأوروبية، قد صرحت في وقت سابق أنه ينبغي على القطاعات كافة من دون استثناء المساهمة في العمل على بلوغ الهدف المحدد من قبل الاتحاد الأوروبي والرامي إلى تصفير صافي انبعاثات الكربون بحلول عام 2050.
وقد بدأت بعض شركات الطيران بالفعل التعويض طوعاً عن انبعاثاتها باستخدام التصاريح الكربونية، مع أنه من غير الواضح بعد ما إذا كان الاتحاد الأوروبي سيعتبر ذلك مساهمة مقبولة في تحقيق هدفه المنشود أم لا.
أما بالنسبة إلى "المصرف الأوروبي للاستثمار" الذي أعد الدراسة، فهو عبارة عن مؤسسة إقراض طويل الأجل مملوكة للدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي، ولديها أهداف طموحة في التمويل المستدام. وقد أعرب العام الفائت عن نيته الكف عن تمويل مشاريع تستهلك بلا توقف طاقة الوقود الأحفوري في نهاية عام 2021.
وبالعودة إلى الاستقصاء، فقد نجح، برأي المصرف، في تسليط الضوء على مواقف الأوروبيين المؤيدة لمعالجة الأزمة المناخية، حتى حين يشتمل ذلك على تدابير قد تؤثر في حياتهم اليومية. بيد أنهم أعربوا عن دعم أقل لاتخاذ إجراءات يمكن أن تُسبب ارتفاعاً مباشراً في الأسعار.
يُشار إلى أن غالبية المشاركين (91 في المئة) في الاستطلاع كانوا يحبذون إدخال مواضيع التدوير والتغير المناخي في المناهج التعليمية للمدارس، فيما وافق 85 في المئة منهم على فرض حظر استعمال المنتجات البلاستيكية ذات الاستخدام الواحد. ويذكر أن الاتحاد الأوروبي سيمنع المنتجات البلاستيكية ذات الاستخدام الواحد، بما فيها المصاصات ولوازم المائدة وأعواد تنظيف الأذن القطنية، اعتباراً من العام المقبل.
وصوت 59 في المئة لصالح رفع أسعار السلع والأطعمة كثيفة الكربون، على غرار اللحوم الحمراء والأطعمة المنقولة لمسافات طويلة وبعض أنواع الملابس.
( شاركت وكالة "رويترز" في إعداد التقرير)
© The Independent