تجاهل طرفا النزاع الليبي الدعوات الدولية التي وجهت إليهما لوقف القتال في غرب البلاد، افساحاً بالمجال لاتخاذ التدابير الاحتياطية اللازمة، لمواجهة خطر فيروس كورونا المستجد. وعلى الرغم من توسيع سلطتي بنغازي وطرابلس دائرة الإجراءات الاحتياطية، لمنع دخول الفيروس إلى ليبيا، إلا أن معارك العاصمة لم تهدأ، في محاورها الجنوبية تحديداً.
تواصل معارك عين زارة
وفي مستجدات المعارك، أعلنت شعبة الإعلام الحربي التابعة للجيش الليبي، أن "وحدات المدفعية التابعة للجيش استهدفت الأربعاء 18 مارس (آذار)، المواقع التي تؤوي عدداً كبيراً من المقاتلين السوريين والإرهابيين الفارين من بنغازي، بالعاصمة طرابلس".
وأوضحت الشعبة في إيجاز صحافي أن "تلك الضربات جاءت بعد رصد وحدات القوات المسلحة مواقع مصادر القصف العشوائي، الذي طال منازل المدنيين في المناطق الآمنة في طرابلس". وأضافت أن "ضربات مدفعية القوات المسلحة، قتلت عدداً كبيراً من قيادات العناصر المحسوبة على مليشيات حكومة الوفاق"، قائلة إن "ضرباتها أدت إلى انهيار تام في صفوف تلك العناصر، المتمركزة في محور عين زارة".
على الجهة المقابلة، أفاد الناطق باسم قوات "حكومة الوفاق" محمد قنونو في تصريحات تلفزيونية، بأن "قواتهم تمكنت من استرجاع كل مراكزها في عين زارة، وصد الهجوم الذي شنه الجيش". وأضاف أن "قوات الوفاق نجحت في صد محاولة تقدم لقوات حفتر، في محوري صلاح الدين وعين زارة معاً".
إصابة قيادي بارز
في السياق ذاته، أكدت مصادر صحافية ليبية وأخرى مقربة من حكومة الوفاق، إصابة القائد الميداني البارز في قوات الوفاق "زياد بلعم"، في اشتباكات مع قوات الجيش الوطني الليبي في محور عين زارة .
ونشرت مواقع صحافية ليبية عدة صورة لبلعم على متن طائرة خاصة، نقلته إلى مدينة إسطنبول التركية لتلقي العلاج.
وأكد القيادي في قوات الوفاق عادل بنوير، إصابة القيادي البارز قائلاً إن "عدد القتلى في معارك عين زارة 8، من بينهم 5 من مدينة مصراتة و3 من ثوار بنغازي، وعدد من الجرحى بينهم أخونا زياد بلعم".
ويُعدّ بلعم، أحد أبرز رموز الجماعات المسلحة في ليبيا منذ عام 2011، حيث قاد مجموعات عدة من بينها "كتيبة عمر المختار" و"كتيبة سرايا مالك" التابعة لتنظيم "أنصار الشريعة"، كما كان أحد قياديي "مجلس شورى ثوار بنغازي". ويجمع بين كل تلك الجماعات قربها من تنظيم القاعدة المتطرف.
حفتر يهدد قوات الوفاق
وجاءت هذه الاشتباكات التي شهدتها محاور طرابلس الأربعاء 18 مارس الحالي، بعد بيان نشرته القيادة العامة للقوات المسلحة، بقيادة المشير خليفة حفتر، استنكرت فيه ما وصفته بـ"الأعمال الإرهابية التي تقوم بها الميليشيات المسلحة، بقصف المناطق السكنية الآمنة داخل طرابلس".
وأوضحت القيادة العامة أن "هذه الأعمال المتمثلة في القصف المتكرر لمساكن المدنيين والمواقع والمنشآت المدنية، تُعد جرائم حرب كبرى لا تسقط بالتقادم".
وتابعت أنها ترصد هذه الأفعال وتوثقها، وستقوم بملاحقة كل المسؤولين عنها جنائياً، وأن الرد على مصادر القصف سيكون قاسياً ومباشراً.
شروط الوفاق
ورداً على الدعوات التي أطلقتها دول عدة للتهدئة في طرابلس، بهدف تعزيز الإجراءات الاحترازية لمواجهة مخاطر تفشي فيروس كورونا، أكدت حكومة "الوفاق" في بيان حرصها على استمرار وقف إطلاق النار، قائلة إنها تحتفظ "بحقها في الرد على الاعتداءات اليومية التي يتعرض لها المدنيون والمرافق والمنشآت المدنية، في إطار الدفاع المشروع عن النفس".
وجددت "الوفاق" التزامها بـ "قرار مجلس الأمن الدولي الذي يعزز نتائج مؤتمر برلين، وينص على جملة من المقررات، من بينها وقف الأعمال العدائية وحماية المدنيين".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
صراع على النفط
وبعيداً عن ساحات المعارك العسكرية، اندلعت معركة أخرى في سياق الصراع على النفط في ليبيا بين المؤسستين المتنازعتين على الشرعية في بنغازي وطرابلس، بعد إعلان فرع المؤسسة ببنغازي نيته تنفيذ قرار مجلس النواب الليبي، بإعادة المقر الرئيسي للمؤسسة إلى المدينة.
وأغضبت هذا التصريحات "المؤسسة الوطنية للنفط" في طرابلس، واتهم رئيسها مصطفى صنع الله، فرع المؤسسة في بنغازي بالقيام بأعمال غير قانونية، قائلاً "وصلت في الأيام القليلة الماضية شحنة غير قانونية من وقود الطيران إلى بنغازي"، وبيّن أن المؤسسة التي يديرها "أبلغت الأمم المتحدة وحكومة الوفاق الوطني بهذه الانتهاكات الواضحة لقرارات الأمم المتحدة والقوانين الليبية".
واعتبرت "المؤسسة" (طرابلس) أن "وصول شحنة الوقود إلى ميناء بنغازي، خرق واضح لحظر الأسلحة الذي تفرضه الأمم المتحدة على ليبيا، ومخالفة للحق الحصري للمؤسسة الوطنية للنفط، المتفق عليه دولياً، في ما يتعلق بعمليات استيراد الوقود". وردت "المؤسسة الوطنية للنفط" في بنغازي على تصريحات مصطفى صنع الله الذي وصفته بـ"المنتحل" صفة رئيس مجلس الإدارة متهمةً إياه بـ"توقيف تزويد المطارات شرق ليبيا بوقود الطائرات، منذ الرابع من أبريل (نيسان) من العام الماضي". وأضافت أن "هذا القرار أدى إلى إلغاء وتأجيل رحلات داخلية وخارجية عدة، مسبباً معاناة كبيرة، خصوصاً للمواطنين الذين لديهم ارتباطات ومراجعات صحية في الخارج".
وتابعت "المؤسسة – فرع بنغازي" أن "هذا الفعل يُعد جريمةً ضد الإنسانية، تعاقب عليها القوانين والقرارات الدولية"، مشددة على أنها "ستتخذ التدابير الرادعة للحد من تصريحات صنع الله اللامسؤولة والتي لا تصب في مصلحة الوطن، وعلى رأسها تنفيذ قرار مجلس النواب بنقل المؤسسة إلى مقرها الرئيس في بنغازي".
وقال المنسق الإعلامي للمؤسسة الوطنية للنفط في بنغازي خليل البرغثي في تصريح إلى "اندبندنت عربية" إن "المؤسسة الوطنية للنفط تسعى من خلال هذه الإجراءات فعلياً إلى نقل المؤسسة، وكل عملياتها المتعلقة بالإنتاج والتصدير إلى إدارة الحكومة الليبية شرق البلاد". وأضاف أن "هذه المساعي طبيعية ومشروعة، في ظل قيام المؤسسة الوطنية للنفط في طرابلس بدعم ميليشيات حكومة الوفاق من إيرادات النفط منذ سنوات، واستخدامه سلاحاً للضغط على المناطق الخاضعة للجيش الوطني، وعقاباً لها لوقوفها في صفه، بوقف إرسال حصصها من المشتقات النفطية ومنع الإيرادات عنها، مع العلم أن هذه المناطق تنتج أكثر من75 في المئة من النفط الخام، الذي تصدره ليبيا".
ودخلت الحكومتان الليبيتان في بنغازي وطرابلس، على خط الصراع الدائر بين مؤسستي النفط في المدينتين، حيث عقد رئيس الحكومة الليبية المؤقتة ومقرها شرق البلاد، عبد الله الثني، اجتماعاً مع إدارة المؤسسة التابعة لحكومته. وجاء في بيان صدر بعد الاجتماع أنه "ناقش كل الإجراءات اللازمة لتنفيذ قرار نقل المؤسسة إلى مقرها الشرعي والدستوري في بنغازي".
في المقابل، دعت حكومة الوفاق إلى "إعادة فتح حقول وموانئ النفط واستئناف التصدير، تحت إدارة المؤسسة الوطنية للنفط في طرابلس". وأضافت في بيان أن "خسائر الدولة من استمرار إغلاق الموانئ والمنشآت النفطية منذ 19 يناير (كانون الثاني) الماضي، بلغت 3.36مليار دولار، بعدما تراجع إنتاج الخام إلى 91 ألف برميل في اليوم، بحسب بيانات صادرة عن مؤسسة النفط في طرابلس".