في غضون بضعة أيام فقط، تغيّرت استراتيجية المملكة المتحدة في معالجة الفيروسات التاجية بشكل كبير، وانتقلت من فكرة إصابة جزء كبير من السكان، من أجل تحقيق ما يُسمّى "مناعة القطيع"، إلى العزل التام.
ووفقاً لفريق الاستجابة لفيروس كورونا التابع لجامعة إمبيريال في لندن، بقيادة البروفيسور نيل فيرغسون، خبير في الاستجابة للوباء، المملكة المتحدة الآن "قادرة على التعامل مع انتشار المرض".
وقدّم البروفيسور فيرغسون، العالِم الذي أقنع بوريس جونسون باتخاذ إجراءات حازمة، أدلة على أنه إذا نجحت الإجراءات الحالية كما هو متوقع، فإن عدد الضحايا سينخفض إلى ما يقرب من 20000 شخص أو أقل، وهذا بعدما كان حذّر من أن الفيروس سيقتل نصف مليون شخص بالمملكة المتحدة.
وأوضح فيرغسون أن المملكة لا يمكن أن تكون في حالة إغلاق تام مدة عام، لكن سيكون من الضروري إجراء اختبارات واسعة النطاق، إلى جانب تتبع مصدر انتشار الفيروس للسماح للاقتصادات بإعادة التشغيل.
وذكر في أثناء اجتماع لجنة الصحة، "التحدي الذي تتعامل معه عديد من دول العالم هو كيف نتحرّك من إغلاق تام مبدئي إلى شيء سيكون له آثار مجتمعية، لكنه سيسمح بإعادة تشغيل الاقتصاد".
وأضاف، "من المرجّح أن يعتمد ذلك على اختبارات واسعة النطاق وتتبع الاتصال".
وأوضح فيرغسون، أن الزيادات في قدرة هيئة خدمة الصحة الوطنية والقيود المستمرة على تحركات الناس هي الطريقة الوحيدة التي يمكن أن تتكيف بها الهيئة، عندما تصل الذروة المتوقعة للوباء في غضون أسبوعين أو ثلاثة أسابيع.
ويتوقع أيضاً أن لا تتجاوز وفيات المملكة المتحدة بسبب المرض 20 ألف حالة، وربما تكون أقل بكثير.
3/4 - My evidence to Parliament referred to the deaths we assess might occur in the UK in the presence of the very intensive social distancing and other public health interventions now in place.
— neil_ferguson (@neil_ferguson) March 26, 2020
ولعب نموذج جامعة إمبيريال دوراً رئيساً في تحديد استراتيجية المملكة المتحدة للحدّ من الفيروس، لكن جذب كثيراً من الانتقادات.
وقال بول هانتر، من جامعة إيست أنغليا، للصحافة الأسبوع الماضي، "لكي نكون منصفين، فإن فريق إمبيريال هم من الأفضل في دراسة نماذج الأمراض المعدية على هذا الكوكب. لكن من الخطر وضع كل بيضك في سلة واحدة".
وقال فيرغسون، "الاستراتيجية الأولى كانت تهدف إلى تقليل نسبة انتشار الفيروس" حتى يتوفر اللقاح، الذي يمكن أن يستغرق 12 إلى 18 شهراً، واعترف فيرغسون بأنه من غير العملي إبقاء المملكة المتحدة "في حالة إغلاق فترة طويلة"، خصوصاً بسبب التأثير في الاقتصاد، وعلق قائلاً: "سندفع لهذا العام عقوداً مقبلة".
وتهدف حكومة المملكة المتحدة إلى تخفيف القيود المفروضة على تحركات الأشخاص، بعدما يصبح لدى البلاد القدرة على اختبار عدد أكبر من الأشخاص للكشف عن الفيروس.
وانتقد البعض المملكة المتحدة لعدم اتباعها نصيحة منظمة الصحة العالمية في "الاختبار، الاختبار، الاختبار". لكن وفقاً لفيرغسون، كان السبب عدم توفر اختبارات كافية.
وأضاف، أن المملكة المتحدة "يجب أن تكون لديها القدرة على الاختبار في غضون بضعة أسابيع"، لنسخ استراتيجية كوريا الجنوبية المتمثلة في اختبار وتتبع عامة السكان بقوة.
ووفقاً لصحيفة "نيويورك تايمز"، أرسل فريق فيرغسون نسخة مبكرة من التقرير إلى البيت الأبيض خلال عطلة نهاية الأسبوع لمشاركة توقعاتهم، وقد يكون ذلك السبب وراء تصعيد الرئيس دونالد ترمب ردّه للوباء.
ورغم تفضيل فيرغسون إغلاق المملكة المتحدة لوقف انتشار الفيروس، أضاف أن البيانات الجديدة تظهر أن معدل انتقال المرض ارتفع من 2.5 في المئة إلى أكثر نحو 3 في المئة.
ومع ذلك، يتعرّض فيرغسون إلى انتقادات شديدة بسبب نظرياته المتناقضة.
قبل نحو أسبوعين، أصدر فيرغسون تقريراً عن فيروس كورونا، وركّز الكثير من الاهتمام العام على أسوأ توقعاته في عدد الوفيات، التي ربما تصل إلى 2.2 مليون أميركي، و510 آلاف بريطانية. بينما حذّر بأن هذا "غير مرجّح"، وكان استناداً إلى افتراض أنه لم يتم فعل أي شيء للسيطرة على الوباء.