مع انتشار فيروس كورونا وتداعياته التي شلت القطاعات الحيوية في العالم وعلى رأسها صناعة الطيران، إثر توجه حكومات العالم إلى إغلاق حدودها وحظر السفر للحد من تفشي الوباء المميت، أخذت السيولة النقدية لشركات الطيران في النفاد في حين أن 75 في المئة منها لديها فقط ما يكفي لتغطية نفقاتها لمدة أقصاها ثلاثة أشهر بحسب بريان بيرس، كبير الاقتصاديين في اتحاد النقل الجوي الدولي، والذي يمثل 290 شركة طيران حول العالم، محذراً من أن رصيد شركات الطيران من الأموال النقدية ينفد سريعاً.
الاتحاد الدولي للنقل الجوي"إياتا"، تنبأ بحاجة شركات الطيران الماسة إلى ما يصل إلى 200 مليار دولار من الدعم الحكومي لمساعدتها على البقاء على قيد الحياة مع تفشي جائحة فيروس كورونا والتي خلقت أزمة سيولة خانقة في قطاع الطيران العالمي.
ودعا ألكساندر دي جونياك، المدير العام والرئيس التنفيذي للاتحاد الدولي للنقل الجوي، الحكومات إلى اتخاذ بعض "الإجراءات الاستثنائية" لدعم صناعة الطيران العالمية، قائلاً "الوقت هو جوهر المسألة ولا يمكن للحكومات أن تسير على نهج الانتظار والترقب"، مضيفاً "لقد رأينا مدى تدهور الوضع بشكل كبير على مستوى العالم في وقت قصير جداً، يجب أن يتصرفوا الآن وبشكل حاسم".
إفلاس شركات الطيران
ويأتي هذا التحذير الصارم بعد أن قال مركز كابا للطيران يوم الاثنين الماضي، إن "معظم شركات الطيران ستُفلس بحلول نهاية مايو (أيار) المقبل ما لم تتدخل الحكومات، وسط تراجع غير مسبوق في الطلب على السفر"، بحسب ما نقلته ماركت ووتش، والتي أشارت إلى أن الحكومات في جميع أنحاء العالم تعرضت لضغوط متزايدة لتقديم المساعدة المالية لشركات الطيران التي خفضت طاقتها الاستيعابية ما بين 70 و90 في المئة خلال الأشهر المقبلة، وأجرت تخفيضات كبيرة في الوظائف في محاولة لحماية أرباحها.
وكانت شركات الطيران الأميركية طلبت من واشنطن مِنحاً وقروضاً بقيمة 50 مليار دولار، من المقرر أن يتحدث المسؤولون التنفيذيون في الشركة مع الرئيس الأميركي دونالد ترمب عبر الهاتف في وقت لاحق من هذا الأسبوع.
وفي السياق ذاته، قالت شركة "بوينغ بي إيه" لصناعة الطائرات، إنها تتطلع إلى ما لا يقل عن 60 مليار دولار لمساعدة صناعة الطيران في الولايات المتحدة، حيث تواجه صناعة الطائرات وموردوها وعملاء شركات الطيران تداعيات من تأثير الفيروس، وخصوصاً مع انخفاض أسهم بوينغ 4.22 في المئة الأربعاء الماضي، بحسب "ماركت ووتش".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وقال مستشار المملكة المتحدة، ريشي سوناك، إنه يناقش الدعم المحتمل على وجه التحديد لشركات الطيران والمطارات كجزء من حزمة من الإجراءات المالية بقيمة 330 مليار جنيه إسترليني أقرتها الحكومة البريطانية أخيراً بهدف دعم الاقتصاد.
وقد رحب بالأخبار جوهان لوندغرين، الرئيس التنفيذي لشركة إيزي جيت EZJ، والذي قال إن الخطوط الجوية تواجه ضغوطاً كبيرة، وأنه في غياب إجراء حكومي فإن صناعة الطيران تواجه خطراً حقيقياً.
وفي أوروبا، قالت إيطاليا إنها ستعيد تأميم شركة الطيران الرئيسة "أليطاليا" بموجب خطة إنقاذ اقتصادية طارئة لمواجهة فيروس كورونا، وفي مرسوم حكومي نُشر في وقت متأخر من يوم الاثنين الماضي، قالت الحكومة إنها ستنشئ "شركة جديدة تسيطر عليها بالكامل وزارة الاقتصاد والمالية، أو تسيطر عليها شركة ذات أغلبية عامة، بما في ذلك حصة غير مباشرة لتولي شركة الطيران".
تراجع التقييم الائتماني للشركات
وأعلنت السويد والدنمارك، اللتان تمتلكان حصصاً بنسبة 14.82 في المئة و14.24 في المئة في "SAS" على التوالي، 300 مليون دولار كضمانات قروض لشركة إسكندنافية تكافح من أجل البقاء. وكانت أسهم "SAS" انخفضت 1.30 في المئة بحسب "ماركت ووتش".
ودفع الوضع المتدهور وكالة موديز للتقييم الائتماني، إلى إعادة تقييم العديد من التصنيفات الائتمانية لشركات الطيران، حيث خُفض تقييم شركة إيزي جيت الناقلة المنخفضة التكلفة إلى درجتين فقط فوق تقييم "رديء"، كما أنها تراجع أيضاً تصنيف "Baa3" طويل المدى للخطوط الجوية البريطانية لخفضها وشركتها الأم "IAG"، ويجري تداول الأسهم في ""IAG على انخفاض بنسبة 8.53 في المئة.
وقالت موديز "إن الانتشار السريع والواسع لفيروس كورونا، وتدهور التوقعات الاقتصادية العالمية وتراجع أسعار النفط وانخفاض أسعار الأصول يخلق صدمة ائتمانية شديدة وواسعة النطاق في العديد من القطاعات والمناطق والأسواق".
كما تم تخفيض التقييم الائتماني لـ"لوفتهانزا" LHA إلى 5.95- في المئة، وانخفض سهم الخطوط الجوية البريطانية Baa1 بنسبة 2.04 في المئة.
ورحب المدير العام والرئيس التنفيذي للاتحاد الدولي للنقل الجوي، بالتنازل عن 80-20 من قواعد الاستخدام أو الخسارة، والتي تتطلب تشغيل فتحات الإقلاع والهبوط بنحو 80 في المئة من الوقت على الأقل، للحفاظ على الاستحقاق في الموسم المكافئ التالي، لكنه قال إنه قلق من أن الاتحاد الأوروبي منح هذا فقط حتى يونيو (حزيران)، وضغط من أجل إعادة النظر فيه.
حقوق الركاب في توقيت كورونا
كما طلب من الحكومات الاعتراف بهذا الأمر على أنه "وضع استثنائي" فيما يتعلق بلوائح حقوق الركاب، وخصوصاً قواعد الاتحاد الأوروبي 261 بشأن التعويض. وتمنح اللائحة الركاب ما بين 250 و600 يورو، اعتماداً على مسافة الرحلة، إذا تأخرت رحلاتهم لأكثر من ثلاث ساعات أو تم إلغاؤها في غضون مهلة قصيرة.
وأضاف ألكساندر دي جونياك "إن إلغاء الرحلات هو واقع اليوم في كثير من الأحيان بسبب القيود الحكومية، ولا نزال نطلب من الحكومات أن تفهم أن هذا خارج عن سيطرة شركات الطيران تماماً".
ومن الدول الأخرى التي قدمت مساعدات مالية الحكومة الفيدرالية الأسترالية، التي كشفت يوم الاثنين عن حزمة إغاثة بقيمة 715 مليون دولار لمساعدة صناعة الطيران في البلاد. وتشمل التدابير استرداد مجموعة من الرسوم الحكومية والتنازل عن ضريبة الوقود ورسوم الخدمة الجوية ورسوم الأمن الإقليمي.
وفي وقت متأخر من يوم الثلاثاء الماضي، قال منظم الطيران المدني التايواني، إن شركات الطيران الوطنية يمكن أن تتقدم بطلب للحصول على الإعانات والقروض التي يرجع تاريخها إلى 15 يناير (كانون الثاني).