اشتهر كارل لاغرفيلد بقوله في إحدى المرات إنّ "سروال التمارين يشكّل دلالةً على الهزيمة. فلأنك فقدتَ السيطرة على حياتك، اشتريتَ بعض السراويل الرياضية". من الواضح أن لاغرفيلد لم يُضطر أبداً خلال حياته إلى عزل نفسه بسبب وباء. ففي أوقات الأزمات العالمية، الثياب المريحة تمكّننا من الاستمرار.
وتكمن المشكلة في أنه لا يمكنكِ ارتداء مجموعة ثياب النوم من "كاث كيدستون" التي تشبه البطريق، والتي كانت قد اشترتها لكِ والدتك عندما كنتِ في الصف السادس ابتدائي، ما لم تكوني سعيدةً بفقدان احترام رئيسك لك وكذلك زملائك في العمل وفي قسم الموارد البشرية، في اللحظة التي تطلبينهم فيها على منصّة Zoom للحديث معهم في مكالمة فيديو. فمؤتمرات الفيديو موجودة هنا لإفساد جمالك اللامبالي.
هذا لا يعني أننا يجب أن نخرج جميعاً خلال فترة الإغلاق الذاتي بثياب المكاتب الأنيقة التي نرتديها، متظاهرين بأننا محترفون في أوقات الدوام من التاسعة صباحاً إلى الخامسة بعد الظهر. لا، سيكون هذا مضيعةً حقيقية لوقت الكيّ الذي يمكن استخدامه بشكل أفضل للتعرّض لأشعة الشمس وقراءة فصل من كتابك وتعليم نفسك لغة الماندرين الصينية والنوم لمدة 15 دقيقة إضافية (يمكنك إدخال هدف آخر للحجر الشخصي هنا) قبل بدء العمل. وإذا كان هناك شيء واحد نستحقّه جميعاً أثناء الإغلاق، فهو ارتداء الثياب المريحة، وهذا لا يأتي ببساطة من قميص أبيض منشّى أو تنّورة ضيّقة مستقيمة.
هناك دائماً مساحة خياطة وسطية. فأناقة الحجر الصحي، كما أحب أن أسمّيها، تعتمد في كلّ جوانبها على تحقيق توازن دقيق بين الأقمشة متعدّدة الاستخدامات والخالية من التجاعيد، والمجموعات التي تحلّ مكان مظهرك المعتاد "ليلاً" مع نمطية "من المكتب إلى الأريكة إلى الركض حول الحديقة لمدة خمس دقائق قبل الاستسلام".
ويتعلق الأمر بالاستفادة من عدم التقيّد ببنطلون عالي الخصر وأحذية تقرص القدمين، مع القدرة أيضاً على القفز لإجراء مكالمة فيديو على FaceTime مع رئيسك في العمل، وأنتِ ما زلتِ تبدين كأنك تستجمعين نفسك. إنها مجموعة من الثياب التي تمكّنك من تفادي الغرباء، الآتين على وجه السرعة لضمان قدرتك على الحفاظ على مترين من المسافة الاجتماعية في جميع الأوقات. إنها هندام يقول: "لم أرتدِ حمّالة صدر لمدّة اثني عشر أسبوعاً، ولم يكن صدري أكثر راحة".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
حصل حساب Working From Home Fitsعلى منصة "إنستغرام" على ما يقرب من 12 ألف متابع منذ إطلاقه قبل نحو أسبوعين، بحيث أعاد نشر أنماط العمل عن بُعد لمحرّري الأزياء والمبدعين من نيويورك إلى لندن. ومن خلال تصفّح الحساب عمودياً، يذكّرك بما يعني الاستمتاع بالملابس إذا نسيت، مثل كثيرين، وكيف يبدو ارتداء الملابس بشكل صحيح بعد أسبوع واحد فقط في المنزل.
إنّ بذل الجهد للعناية بالمظهر أثناء العمل عن بعد، يتخطّى حتماً مفهوم الموضة أو الأزياء. فقد تتساءل عمّن قد يهتم بمظهرك عندما يكون الشخص الوحيد الذي يراك هو ساعي البريد من خلال ثقب الباب، أو السمكة الذهبية التي تمتلكها؟ لكنّ علماء النفس قاموا بكثير من الدراسات على مدى مدة طويلة في الطريقة التي تؤثر بها ملابسنا في سلوكنا، بحيث اشتمل عدد كبير منها على مفهوم "اللباس من أجل النجاح".
وقد وجدت إحدى الدراسات التي نُشرت في "مجلّة علم النفس التجريبي"Journal of Experimental Psychology عام 2014، أن الرجال الذين يرتدون ملابس غير رسمية لديهم مستويات هرمون تستوستيرون أقلّ من الذين يرتدون الزيّ الرسمي للعمل، حتى إنهم في الواقع يعقدون صفقات تجارية أقلّ ربحية نتيجة لذلك. وتشير دراسة أخرى نُشرت في "مجلة علم النفس الاجتماعي وعلوم الشخصية" Social Psychological and Personality Science عام 2015، إلى أن المشاركين كان أداؤهم أفضل في الاختبارات الإدراكية عند ارتداء الملابس الرسمية من أولئك الذين يرتدون الملابس اليومية المريحة.
من المهم بالتالي أن ترتدي ملابس العمل سواء كان مكتبك طاولة المطبخ أو مكان جلوسك لتناول القهوة على الشرفة، في بداية هذه الحقبة الجديدة لانطلاق مفهوم العمل عن بعد. إضافةً إلى ذلك، يُهيّىء ارتداء الملابس أيضاً عقولنا وجسدنا ليوم العمل، ويجعل هنالك مساحةً بين مفهوم المنزل والعمل، حتى لا ينتهي بك الأمر بالشعور بكثير من الاسترخاء خلال الدوام، فتخلع سروالك في منتصف مكالمة جماعية أمام جميع زملائك، كما فعلت امرأة لسوء حظّها هذا الأسبوع.
ويمكن أن يكون للملابس تأثير مباشر في صحّتنا العقلية أيضاً. فما يُعرف بمصطلح "الإدراك الكسائي" Enclothed Cognition هو نظرية توحي بأنّ الطريقة التي نرتدي بها الملابس لها تأثير مباشر في مزاجنا. إذا لبسنا شيئاً نتصوّر أنه قد يرفع من معنوياتنا، فقد يمكنه تحقيق ذلك.
لذا، إذا كان عملك يتطلّب منك عادةً ارتداء بدلة وربطة عنق أو زيٍّ موحّد، فقد حان الوقت لبعض التأنّق والتألّق. إذاً، تخلّص من قميص TM Lewinواستبدله بقميص هاواي. جرّبي صبغ شعرك باللون الزهري، دلّلي نفسك بقماش من الكشمير وتخلّصي من القميص الخاص بالفرقة المفضّلة لديكِ الذي اشتريتِه خلال المهرجان الذي ذهبتِ إليه في أحد الأيام عندما كانت المهرجانات من الوجهات التي يقصدها الناس.
إنّ القوة التي تمتلكها الملابس لرفع المعنويات لا تحظى إلى حدّ كبير بالتقدير الكافي، والله يعلم كم نحن في حاجة إلى جرعة ولو قليلة منها في هذه الأيام.
وعلى كل حال، أليس من واجبنا المدني التسوّق خلال هذا الوقت ودعم شركاتنا المفضّلة عن طريق استهلاك بطاقات الائتمان على الإنترنت؟ أعتقد ذلك. يبدو أن صناعة الأزياء، شأنها شأن صناعات أخرى عدّة تعاني بشكل كبير من جرّاء تفشّي فيروس كورونا، وهناك طريقة مؤكّدة للمساعدة في إنقاذ الاقتصاد من الانهيار الوشيك من خلال الاستفادة من قوّة الإنفاق الخاصة بك. هذا ما تريده الحكومة.
© The Independent