ملخص
بعد انتخابات أكتوبر (تشرين الأول)، قالت مجموعة من المراقبين في جورجيا إن لديها أدلة على وجود منظومة مركّبة لتزوير انتخابي واسع النطاق. وطالبت بروكسل بإجراء تحقيق في ما وصفته بالمخالفات "الجسيمة".
اندلعت اشتباكات بين المتظاهرين والشرطة في العاصمة الجورجية تفليس لليلة الرابعة على التوالي الأحد، وظهرت مؤشرات على انتشار المعارضة في جميع أنحاء البلاد لقرار الحكومة تعليق محادثات الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي.
ويتصاعد التوتر منذ أشهر في جورجيا التي يسكنها 3.7 مليون نسمة بين حزب الحلم الجورجي الحاكم ومعارضين يتهمونه باتباع نهج استبدادي على نحو متزايد وسياسات مناهضة للغرب وموالية لروسيا.
واشتدت الأزمة منذ إعلان الحكومة يوم الخميس الماضي عزمها تجميد محادثات الانضمام للاتحاد الأوروبي أربع سنوات، فيما واجه آلاف المتظاهرين المؤيدين للاتحاد الأوروبي الشرطة المسلحة بالغاز المسيل للدموع ومدافع المياه.
وتجمع المحتجون مرة أخرى في تفليس مساء الأحد وألقوا الألعاب النارية على الشرطة، التي ردت باستخدام مدافع المياه.
وقال المتظاهر نيكولوز ميرواشفيلي "بصراحة، ضقنا ذرعاً من عدم استماع حكومتنا لرغبات الشعب"، وأضاف "أنا هنا لسبب بسيط للغاية، للدفاع عن مستقبلي الأوروبي وديمقراطية بلادي".
ودعت رئيسة جورجيا المؤيدة للغرب سالومي زورابيشفيلي إلى الضغط على المحكمة الدستورية لإلغاء نتيجة الانتخابات التي جرت الشهر الماضي والتي فاز بها حزب الحلم الجورجي. وتقول المعارضة وزورابيشفيلي إن الانتخابات مزورة.
وخارج العاصمة، قالت وكالة إنتربريس الجورجية للأنباء إن المتظاهرين أغلقوا طريقاً يؤدي إلى الميناء التجاري الرئيسي للبلاد في مدينة بوتي المطلة على البحر الأسود.
وأفادت وسائل إعلام جورجية بوقوع احتجاجات في ثماني مدن وبلدات على الأقل. وعرضت قناة فورمولا التلفزيونية المعارضة لقطات لأشخاص في خاشوري، وهي بلدة يسكنها 20 ألف نسمة في وسط جورجيا، وهم يلقون البيض على مكتب فرع حزب الحلم الجورجي ويمزقون رايته.
قلق أوروبي
ويشعر الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة بالقلق إزاء ما يعتبرانه تحول جورجيا بعيداً عن المسار الموالي للغرب والعودة إلى فلك روسيا. ويقول حزب الحلم الجورجي إنه يتصرف للدفاع عن سيادة البلاد في مواجهة التدخل الخارجي.
وتتابع روسيا التطورات عن كثب، وقال نائب رئيس مجلس الأمن الروسي دميتري ميدفيديف الأحد إن هناك محاولة ثورة في جورجيا.
وأضاف الرئيس الروسي السابق على "تيليغرام" إن جورجيا "تتحرك بسرعة في الاتجاه نحو أوكرانيا، إلى الهاوية المظلمة، وعادة ما ينتهي هذا النوع من الأمور بشكل سيء للغاية".
ولم يعلق الكرملين حتى الآن على الأحداث الأخيرة في جورجيا، لكنه يتهم الغرب منذ فترة طويلة بإثارة الثورات في الجمهوريات السوفياتية السابقة التي لا تزال موسكو تعتبرها جزءاً من مجال نفوذها.
ورفض رئيس الوزراء الجورجى إراكلي كوباخيدزه انتقادات الولايات المتحدة، التي استنكرت استخدام "القوة المفرطة" في مواجهة المتظاهرين.
وقال في مؤتمر صحفي، من دون تقديم أدلة على تورط أجنبي، على "رغم العنف الممنهج الأشد قسوة الذى استخدمته أمس الجماعات العنيفة ومدربيها الأجانب، فإن الشرطة تصرفت بمستوى أعلى من نظيراتها الأمريكية والأوروبية ونجحت في حماية الدولة من محاولة أخرى لانتهاك النظام الدستوري".
ورفض كوباخيدزه قرار الولايات المتحدة بتعليق شراكتها الاستراتيجية مع جورجيا واعتبره "حدثاً موقتاً"، وقال إن جورجيا ستتحدث إلى الإدارة الجديدة للرئيس المنتخب دونالد ترمب عندما يتولى منصبه في يناير (كانون الثاني).
وزاد من عمق الأزمة الدستورية في البلاد، قول الرئيسة المنتهية ولايتها زورابيشفيلي، المنتقدة للحكومة والداعمة لانضمام جورجيا إلى الاتحاد الأوروبي، السبت، إنها سترفض التنحي عن منصبها عند انتهاء ولايتها هذا الشهر.
وقالت زورابيشفيلي إنها ستبقى في منصبها لأن البرلمان الجديد غير شرعي وليس لديه السلطة لتسمية خليفة لها.
لا انتخابات جديدة
استبعدت الحكومة الجورجية الأحد تنظيم انتخابات برلمانية جديدة تطالب بها المعارضة، على الرغم من الأزمة السياسية التي تعيشها الدولة القوقازية التي شهدت تظاهرات مؤيدة للاتحاد الأوروبي، فضّتها الشرطة بالقوة.
وردا على سؤال طرحه صحافيون عليه عما إذا كانت الحكومة المتّهمة بالانجراف إلى نهج استبدادي والمؤيدة لروسيا، تقبل إجراء انتخابات جديدة، قال رئيس الوزراء إيراكلي كوباخيدزه "طبعاً لا".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
ندّدت مسؤولة السياسة الخارجية الجديدة في الاتحاد الأوروبي كايا كالاس الأحد باستخدام غير متناسب للقوة من جانب الشرطة.
ومن كييف قالت كالاس لصحافيين في مستهل ولايتها "من الواضح أن استخدام العنف ضد المتظاهرين السلميين أمر غير مقبول، ويجب على الحكومة الجورجية احترام إرادة الشعب الجورجي".
وقالت آني بختوريدزه (32 سنة) وهي تصرخ وسط آلاف الأشخاص الذين تجمعوا السبت في تبليسي "لقد صوتنا لصالح الاتحاد الأوروبي، ومن أجل الحرية وحقوق الإنسان. وماذا تفعل حكومتنا؟ العكس تماماً".
وحذّرت وزارة الداخلية السبت من أن "تصرفات بعض الأفراد الذين شاركوا في التظاهرة أصبحت عنيفة بُعيد انطلاقها" وأن الشرطة سترد "وفق القانون".
بالتزامن مع التظاهرات، أصدر مئات الموظفين، ولا سيما في وزارات الخارجية والدفاع والتعليم، فضلاً عن عدد من القضاة، بيانات مشتركة احتجاجا على القرار. وعلقت أكثر من مئة مدرسة وجامعة أنشطتها.
يتعارض مع الدستور
وانتقد نحو 160 دبلوماسيا جورجياً القرار قائلين إنه يتعارض مع الدستور و"سيؤدي إلى عزلة دولية" للبلاد. واستقال العديد من السفراء الجورجيين احتجاجاً على القرار.
وقالت مسؤولة السياسة الخارجية الجديدة للاتحاد الأوروبي إن الأوضاع في جورجيا ستكون لها "عواقب واضحة" على العلاقة مع التكتل.
ولفتت كالاس إلى أن "الخيارات" طرحت على الدول الأعضاء السبع والعشرين في الاتحاد الأوروبي حول طريقة الرد، بما في ذلك خيار فرض عقوبات. وقالت "لدينا خيارات مختلفة. ولكن بالطبع، يجب التوصل إلى اتفاق".
تتّهم الحكومة الجورجية بروكسل بممارسة "ابتزاز"، لكنها تؤكد أنها ماضية قدما بمساعيها للانضمام إلى الاتحاد الأوروبي بحلول عام 2030.
بعد انتخابات أكتوبر (تشرين الأول)، قالت مجموعة من مراقبي الانتخابات في جورجيا إن لديها أدلة على وجود منظومة مركّبة لتزوير انتخابي واسع النطاق.
وطالبت بروكسل بإجراء تحقيق في ما وصفته بالمخالفات "الجسيمة".
ودان المتحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية ماثيو ميلر "الاستخدام المفرط للقوة ضد الجورجيين الذين يمارسون حريتهم في التظاهر". وأضاف "لقد علّقنا شراكتنا الاستراتيجية مع جورجيا".
إلى ذلك، أعربت فرنسا والمملكة المتحدة وأوكرانيا وبولندا والسويد وليتوانيا عن قلقها.