تتحوّل، في الجزائر، المخاوف من الإصابة بفيروس كورونا إلى التوجس من حرق جثامين الجزائريين الذين يقتلهم كوفيد-19 في الخارج. وترتفع الأصوات المطالبة بالإسراع في إيجاد حل لهذه القضية. وفيما تنادي عائلات الضحايا بضرورة نقل الجثامين للدفن في الجزائر، تتردّد أخبار عن عزم الجهات الأوروبية حرق الجثث.
وسط ذلك، دعا البرلماني عن الجالية الجزائرية في الخارج نور الدين بلمداح، وزير النقل فاروق شيالي إلى تخصيص طائرات نقل البضائع لنقل جثامين الجزائريين المتوفين في الخارج والمعرّضين للحرق بسبب غياب مقابر للمسلمين، وذلك كحالة استثنائية إلى حين فتح الأجواء.
وفي وقت حضّت أطراف على "تهدئة الفزع"، متحدثةً عن قوانين تمنع الحرق واستعداد الجزائر للقيام بواجباتها إزاء رعاياها، شدّد بلمداح على وجود عدد كبير من جثامين الجزائريين الذين توفّوا في الخارج، وهم اليوم معرّضون للحرق.
وتابع أن المشكلة تكمن في أنّ بعض الجثث ستُدفن في مقابر مسيحية، أو ستبقى في ثلاجة مصلحة حفظ الجثث بغاية حرقها، إذ لا تتوافر في البلديات المعنية مقابر إسلامية، ولا تسمح مصالح البلدية التي فيها مقبرة إسلامية بدفن أي مسلم لا يقيم أو لم يتوفَّ فوق ترابها.
تحديد هويات المهاجرين غير الشرعيين
وكشف بلمداح في حديث مع "اندبندنت عربية"، عن أنّ الأجواء مفتوحة أمام طائرات الشحن التي تعمل بشكل عادي من الجزائر وإليها. وعليه، يمكن استغلال الظرف لنقل الجثامين"، مضيفاً أن "عدد الجثامين العالقين اليوم في منطقتي خمسة، ونسعى إلى حل سريع لنقل الموتى في أسرع وقت ممكن".
ورداً على سؤال عمّا إذا كانت هناك جثامين لمهاجرين غير شرعيين ومن دون وثائق ثبوتية، قال بلمداح إنّ "القوانين واضحة وتنصّ على ضرورة التثبّت من الهوية وتحديدها قبل نقل الجثمان". وإذ أوضح أنه لم يتلقَّ رداً على رسالته إلى وزير النقل، استبعد أن يتجاهل الوزير طلبه بنقل الجثامين، "لأنّ الحكومة في خدمة الشعب، ولديّ كل الثقة في أن تستجيب ولن تتأخر".
لا وفيات في إسبانيا
أما رئيس جمعية الشباب المهاجر في إسبانيا محمد الأمين صندوق، فأكد "أننا لم نتلقَّ أي معلومة من طرف أي جهة بوفاة أحد من الجالية الجزائرية بفيروس كورونا في إسبانيا. وفي ما يتعلّق بطلب نقل الجثامين عبر طائرات الشحن بسبب الوضع الراهن الذي يمر به العالم، قال إنّ "الأمر يندرج ضمن اتفاقيات دولية بين شركات الطيران".
واستبعد في تصريح لـ"اندبندنت عربية"، حرق الموتى، لافتاً إلى جهد تبذله الجمعية مع السلطات الإسبانية. وأوضح أن "الحرق يحصل في حال عدم التعرّف إلى هوية المتوفى، ويلزم ذلك التريث حتى مرور الفترة القانونية في مركز حفظ الجثث التي عادة ما تكون بين 4 و9 أشهر".
الحرق ممنوع في فرنسا
في السياق ذاته، نفى النائب عن الجالية في فرنسا سمير شعابنة، الأخبار المتداولة في خصوص حرق جثامين الجزائريين المتوفين بسبب فيروس كورونا، موضحاً أنّ هناك "تعليمات صارمة أصدرتها السلطات الفرنسية لدفن المتوفين في أراضيها ومنع نقلهم إلى بلدانهم الأصلية". وقال إنّ "عمليات دفن أفراد الجالية على أراضي فرنسا تتمّ مع مراعاة شروط العملية من خلال عدم غسل جثة المتوفّى ودفنه في تابوت خاص، إضافةً إلى منع مشاركة عدد كبير من المواطنين في المراسيم".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وعلى الرغم من تطمينات شعابنة بشأن عدم حرق الجثامين، غير أنّ دفن المتوفين في الأراضي الفرنسية يسبّب قلقاً للعائلات الجزائرية التي ترفض ذلك وتفضّل أن يُدفن من توفّي على التراب الجزائري. وفي هذا الشأن، قال شعابنة إنّ "الجزائري لا يستسيغ فكرة دفن ذويه خارج الوطن، لكن عليه أن يصبر. إنّنا نسعى مع وزير الخارجية صبري بوقادوم إلى نقل ضحايا فيروس كورونا إلى الجزائر بعد مرور سنة على الدفن"، مشيراً إلى ارتفاع أعداد الجزائريين المتوفين جراء فيروس كورونا في فرنسا.
أكثر من 40 جثة تنتظر الترحيل
واعتبر رئيس الاتحاد العام للجزائريين في المهجر سعيد بن رقية، في حديث مع "اندبندنت عربية"، أن "نقل الجثامين في هذا الظرف بعد تزايد الحالات التي تفوق 40، يوجب تدخل السلطات وتجهيز طائرات الشحن".
وأعلن أن "ثمة تجاوباً من المعنيين، وهي مسألة وقت"، مؤكداً "رفض حرق الجثامين تحت أي ظروف أو أي تبرير، وعلى الدولة الجزائرية تحمّل مسؤولياتها بما في ذلك تحديد الهويات".