في ظلّ تصاعد الغضب إزاء نقص فحوصات كوفيد-19 في المملكة المتحدة، وعدت الحكومة غير مرّة بزيادة أعداد الفحوصات.
وحالياً لا يستطيع العاملون الأساسيون في قطاع الرعاية الصحية ولا أفراد العامّة القلقون من احتمال إصابتهم بالمرض في المملكة المتحدة إجراء فحص بسهولة.
وأجرى أقل من 153 ألف شخص في المملكة المتحدة فحصاً للكشف عن الفيروس وفقاً للأرقام المُعلنة يوم الأربعاء، وعلى الرغم من أشهر من التحذيرات، تفشل الحكومة في بلوغ هدفها المتواضع بفحص 10 آلاف شخص يومياً للكشف عن المرض الفتّاك.
وفي هذه الأثناء، تفحص دول مثل ألمانيا 70 ألف شخص يومياً، كما أقرّ وزراء أنّ بريطانيا تقف في مؤخرة صف طويل من الساعين لاقتناء المعدات الأساسية التي زاد الطلب عليها فجأة حول العالم.
لكن فحص الكشف عن الفيروس بات يُعتبر وسيلة حيويّة من أجل تخفيف الحجر الذي أغرق المملكة المتحدة في حال من الفوضى.
وبعد ظهر يوم الخميس، أعلن وزير الصحة مات هانكوك عن وضع هدف جديد يقضي بفحص 100 ألف شخص يومياً من أجل الكشف عن كوفيد-19 بحلول نهاية أبريل (نيسان) وأضاف أنّ فحص العاملين على الخطوط الأمامية في هيئة الخدمات الصحية الوطنية "سيزيد كثيراً" بدءاً من هذا الأسبوع.
وتسعى الحكومة لإجراء نوعين من الفحوصات، مشمولَين في مجموع الـ 100 ألف فحص يومياً. أولهما فحص المسحة (العيّنة) المُستخدم بالفعل والذي يبيّن إصابة الأشخاص بالفيروس من عدمها. وثانيهما فحص الأجسام المضادة -الذي لم تتأكّد دقّته بعد- لكن الأمل هو في أن يوفّر طريقة سريعة لكشف احتمال إصابة الأشخاص بالفيروس في السابق وتطويرهم مناعة ضدّه.
وقال السيد هانكوك إنّ اختبارات الأجسام المضادة ستُمكّن المُحصَّنين ضدّ المرض من العودة إلى العمل.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وشرح البروفسور جون نيوتن من هيئة الصحة العامة في إنجلترا أنّ الوقت المثالي لإجراء اختبارات الأجسام المضادّة هو بعد مرور 28 يوماً على الإصابة "ولكن هذا الشرط غير متوفر لدينا".
وستشكّل الفحوصات جزءاً من برنامج رقابة وطني اعتبره السيد هانكوك "ضروريّاً" لمعرفة طريقة انتشار الفيروس كما أنّه سيمكّن الحكومة من اتخاذ قرارات واعية بشأن سياسات التباعد الاجتماعي وإنهاء الحجر.
ولم تُجرَ فحوصات الأجسام المضادة على عامة الشعب بَعد في أي دولة.
وفي وقت سابق من الأسبوع الجاري، انتقد البروفسور أنتوني كوستيلو رد المملكة المتحدة على الأزمة لافتاً إلى أنّ البلد لديه بالفعل القدرة على إجراء فحوصات المسح لمئات الآلاف من الأشخاص الإضافيين.
وشرح "من خلال الفحوصات الجماعية المكثّفة، نستطيع أن نكتشف البؤر الجديدة لتفشّي الوباء وسيخفّ مستوى التعطيل كثيراً بدل عزل الاقتصاد برمّته".
وحذّر من أنّ الإسراع في هذه العملية هو السبيل الوحيد أمام المملكة المتحدة كي تتفادى المرور بفترة ستة أشهر مؤلمة قبل أن "يعود المجتمع إلى وضعه الطبيعي"، بحسب التحذيرات التي أطلقت للشعب يوم الأحد.
وأبلغ برنامج توداي (اليوم) على إذاعة بي بي سي القناة الرابعة "علينا التوجه نحو الفحوصات المكثّفة ورفع حال الحجر، لا أعتقد أن ذلك يقتضي ستة أشهر. ففي عموم الدول الآسيوية- إنقضت مدة ستة إلى ثمانية أسابيع قبل التمكّن من رفع قيود الحجر".
وإثر تفاقم حال الإحباط، قال رئيس الوزراء البريطاني في رسالة فيديو مساء الأربعاء الماضي إنّ زيادة معدلات الفحوصات هو السبيل إلى انتصار المملكة المتحدة على فيروس كورونا.
وصرّح "أريد أن أخصّص بعض الكلام للحديث عن الفحص لأنه مهمّ للغاية وكما قلتُ طوال أسابيع طويلة، هذا هو طريق الخلاص".
"هكذا سنحلّ لغز فيروس كورونا. وهكذا سنتغلّب عليه في النهاية".
وقال السيد جونسون إنّ إتاحة الوصول إلى الفحص ستمكّن الموظفين المضطرين حالياً لعزل أنفسهم -سواء لأنهم يعانون من عوارض أو لأنهم يتشاركون المنزل مع أحد تظهر عليه العوارض- أن يعرفوا إن كان من الآمن لهم العودة إلى العمل.
بعد هذا الفيديو، أشارت الحكومة كذلك إلى أنّ الناس قد يحصلون على "شهادات مناعة" لإثبات تعافيهم من فيروس كورونا وسيتسنّى لهم مغادرة الحجر باكراً.
و"ستحتسب" هذه الخطوة، التي تسعى إليها ألمانيا بالفعل، إن توفّرت فحوصات الأجسام المضادة المرتجاة على مستويات ضخمة، على قول رئاسة الوزراء.
وفي وقت سابق من الأسبوع الجاري، قال وزير الصحة في حكومة الظلّ جوناثان آشوورث "يبدو أنّ ألمانيا تتصدّر عملية الفحوصات ولدينا الكثير لنتعلّمه من مقاربتها للموضوع. وقد دعيت مراراً وتكراراً لإجراء مزيد من الفحوصات وتتبّع مخالطي المصابين في المملكة المتّحدة وعلينا النظر عن كثب إلى المبادرات المماثلة".
وقال البروفسور ديفيد ألكساندر، من معهد الحدّ من المخاطر والكوارث في كلية لندن الجامعية وخبير علم الأوبئة والجائحات لاندبندنت، إنه على المملكة المتحدة توسيع برنامجها المخصص للفحص والحرص على أن يكون موجّهاً.
وأضاف "من الضروري زيادة عدد الفحوصات. ومع أنّه لن ينهي الحجر، فإذا أُدير بكثير من الحذر، قد يخفّف من صرامته ويساهم في احتواء المرض".
"لا يقوم علم الأوبئة على اتّخاذ إجراءات شاملة وغير محددة. بل يقوم على تحديد مصادر المرض والتعرّف على السبب الذي يجعلها مصادر وكيف بلغت هذه الحالة، وتطبيق إجراءات مُصَمَّمة بعناية للتعامل مع آلياته. هذا ما يجب أن نفعله الآن على مستوى أكبر بكثير".
وأوضح أنه على الرغم من معرفتها باحتمال حدوث سيناريو مماثل منذ 12 عاماً، لم تحفل الحكومات بالنصائح التي أُسديت إليها وهي اليوم تسعى إلى استلحاق ما كان من الممكن تجنبه.
وقال "كثير من الأمور التي كان ممكن الاستعداد لها مسبقاً أصبحت اليوم محطّ ارتجال محموم. ويصبّ التركيز حالياً على التفاعل مع المرض عوض الوقاية منه. وهذا نتيجة نقص البصيرة. ومع ذلك فالسيناريو الكامل موجود بين أيدينا منذ العام 2008. ومنذ العام 2005، نعرف ما هي الحاجات المتوقعة".
وأضاف "يحزنني أنّ التحيّز إلى الاستقرار ومتلازمة حسبان المرء أنه حصين والتنافر الفكري حالت دون رد قادتنا بحزم أكبر خلال المراحل الأولى".
في الصين التي صدمت العالم حين حجر في البدء مدينة ووهان بأكملها وألحقت هذه الخطوة بحجر مقاطعة هوباي بالكامل، فيما سعت لاحتواء الفيروس، بدأت الحكومة الصينية الآن بتخفيف قيودها مما وفّر بعض التفاؤل للبلدان الأخرى التي تطبّق إجراءات الحجر.
وقال بروفسور علم السكّان المكاني والأوبئة في جامعة ساوثامبتون آندرو تايتم "يوفّر تخفيف قيود الإغلاق في هوباي وقريباً في ووهان بعض الأمل لمعظم العالم بأنّ نهاية القيود الصارمة قد تلوح في الأفق".
"قدّمت الصين، إلى جانب بعض الدول الأخرى التي كانت في طليعة التعامل الباكر مع المرض، دروساً جوهرية في طرق السيطرة على تفشّي الوباء".
لكنّه حذّر من أنه على الرغم من بدء الصين برفع القيود، ما زالت عرضة لتفشي كوفيد-19 من جديد.
وأضاف "إن الدروس التالية التي نستطيع أن نستقيها منها تتعلّق بتحديد القيود التي يمكن رفعها بأمان ومتى وأين وبالنسبة إلى من يمكن رفعها وما هي تلك التي يجب الحفاظ عليها من دون تغيير".
"وفيما عانت ووهان من تفشٍّ هائل للوباء، لم يُصب أغلبية سكّان الصين بالمرض. وهذا يعني أنّ خطر تفشي المرض في المستقبل في مناطق أخرى ما زال مرتفعاً للغاية ولا سيّما مع وجود إصابات كثيرة خارج الصين حالياً صار انتقال العدوى من الخارج مشكلة جديدة".
"سيتصدر أولويات السلطات الصينية الحرص على عدم معاناة البلاد من تفشي الوباء مجدداً والاضطرار لفرض قيود وإجراءات حجر جديدة وعلى بقية العالم أن تراقب عن كثب ما يحدث وأن يتعلّم منه".
© The Independent