في وقت قصير تحولت التجارة الإلكترونية إلى أن تكون المنقذ الوحيد لأسواق التجزئة على مستوى العالم، مع اتجاه كافة الدول والحكومات لإطلاق شعار "خليك في البيت"، في إطار مواجهة واحتواء تداعيات فيروس كورونا.
وقبل ظهور كورونا، كانت التقديرات تشير إلى نمو حركة التجارة الإلكترونية بنسبة 25 في المئة سنوياً في دول المنطقة العربية، لتتجاوز الـ28 مليار دولار حتى نهاية العام المقبل، وسط توقعات بأن يصل الإنفاق العالمي على التجارة الإلكترونية إلى نحو 3.5 تريليون دولار بنهاية 2019 أي بارتفاع 18 في المئة عن الأرقام المحققة خلال 2018.
وبناءً على الزخم القوي الذي شهدته التجارة الإلكترونية خلال العامين الماضيين، فإن التقديرات تشير إلى أن حجم التجارة الإلكترونية سيصل إلى 28.5 مليار دولار بحلول 2022 لتدخل التجارة الإلكترونية فترة محورية في المنطقة وتشكل فرصة مهمة للمستهلكين والشركات والمستثمرين.
لكن ربما يشكل انتشار فيروس كورونا ومحاولات السيطرة عليه، نقطة تحول فاصلة في تاريخ التجارة الإلكترونية، خاصة مع اتجاه عدد كبير من المستهلكين إلى مواقع التجارة الإلكترونية سواء في منطقة الشرق الأوسط أو على مستوى العالم، وهو ما يدفع إلى توقعات بانتعاش مبيعات مواقع التجارة الإلكترونية خلال الفترة المقبلة.
المنفذ الوحيد للتجارة والبيع
"أصبحت المنفذ الوحيد للتجارة والبيع في الوقت الحالي"، هذا ما قاله علاء عابدين، مدير مبيعات إحدى شركات التجارة الإلكترونية في مصر، مؤكداً أن الطلبات قفزت بنسب خيالية خلال الأيام الماضية خاصة مع قيام بعض الدول بفرض حظر التجول وتحفيز الأسر على البقاء في المنازل، لمنع انتشار فيروس كورونا.
وأوضح في حديثه لـ"اندبندنت عربية"، أنه مع استمرار بقاء المستهلكين في منازلهم لفترات طويلة، ارتفع عدد زوار موقع الشركة بنسب تتجاوز 1000 في المئة، كما ارتفعت طلبات الشراء بنسب تتجاوز 500 في المئة، ما دفع الشركة إلى استقدام عمال توصيل جدد خلال الفترة الماضية.
وقبل أزمة كورونا، كان المستهلك يعتمد على مواقع التجارة الإلكترونية بسبب التخفيضات والعروض الكبيرة التي تقدمها على بعض السلع والمنتجات، لكن في الوقت الحالي فإن فواتير المشتريات غالباً ما تضم أكثر من سلعة بصرف النظر عن التخفيضات والعروض.
وأشار إلى أن الوقت الحالي يعد فرصة مثالية لتثبيت أقدام مواقع التجارة الإلكترونية، وسط توقعات باستمرار فرض حظر التجول في العديد من دول العالم، وبالتالي سيرتفع الإقبال على مواقعها، وسيكون البقاء للمواقع والشركات التي تقدم منتجات سليمة ومضمونة المصدر وبجودة عالية.
وتسبب انتشار فيروس كورونا في لجوء غالبية الدول العربية والأجنبية إلى فرض حظر تجول يمتد غالباً من المساء وحتى الصباح، فيما قامت بعض الحكومات بفرض حظر كامل على العديد من المناطق خوفاً من تحولها إلى مركز لانتشار الوباء.
سرعة التوصيل هي التحدي الأكبر في الوقت الحالي
وقال رئيس مجلس الإدارة والعضو المنتدب لشركة "بي تك"، محمود خطاب، إن الطلب على التجارة الإلكترونية شهد نمواً قياسياً خلال الفترة الماضية وتحديداً منذ اتجاه الحكومة المصرية إلى تطبيق الإجراءات الاحترازية لمكافحة تفشي كورونا.
وأوضح في تصريحات أمس، أن التحدي الأكبر في الوقت الحالي أمام شركات التجارة الإلكترونية يتمثل في مواعيد تسليم المنتجات للعملاء، خاصة أنه مع ارتفاع الطلب بشكل مفاجئ وبنسب ضخمة، فإن هناك حالة من الارتباك لدى جميع الشركات، ولذلك بدأ بعضها في تعيين عمال توصيل خلال الفترة الماضية.
وأوضح أن الفترة الحالية ليست مقياساً للحكم على التجارة الإلكترونية في ظل غياب المعطيات الخاصة بانتهاء أزمة كورونا، عالمياً ومحلياً، وقال، من "الصعب الحكم على سوق التجارة الإلكترونية في الوقت الحالي إذ تشهد حالة من النشاط". ولفت إلى أن التجارة الإلكترونية وعمليات الشراء عبر المنصة الرقمية وتطبيقات الهواتف المحمولة استحوذت على نحو 16 في المئة من إجمالي مبيعات الشركة خلال عام 2019، وتبلغ قيمتها 5.5 مليار جنيه (0.350 مليار دولار). مؤكداً أن شركته تستهدف رفع نسبة البيع عبر المنصات الرقمية إلى 29 في المئة من إجمالي المبيعات نهاية 2020، الذي تستهدف فيه الشركة حجم مبيعات يقدر بنحو 7 مليارات جنيه (0.448 مليار دولار).
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
الشركات تستفيد من حظر التجول في مصر
في مصر، لم يكن الكثير يعتمد على التجارة الإلكترونية، حيث تشير التقديرات إلى أن من يتمتعون بثقافة الشراء الإلكتروني لا يتخطون 8 في المئة فقط، على الرغم من أن عدد مستخدمي الإنترنت تخطى 48 مليون مستخدم، لكن الخوف من تفشي وباء كورونا والعدوى بالمرض، غيّر الكثير من المفاهيم في ثقافة المستهلك المصري.
ويتوقع الخبراء زيادة حجم الإقبال على التسوق على الإنترنت بنسبة 50 في المئة على الأقل خلال الفترة المقبلة، بالتزامن مع سياسات منع التجمعات والتخفيف من الوجود في المراكز التجارية خلال الفترة المقبلة للحد من انتشار كورونا.
في الكويت، انتعشت خدمة الطلبات الخارجية التي تعتبر السبيل الوحيد للتسوق والشراء، وذلك عبر التطبيقات الإلكترونية، وخلال وقت قصير يصل ما يتم طلبه من طعام وشراب وحتى الملابس ومستحضرات التجميل للمتسوق.
وقالت رئيسة النادي العالمي للإعلام الإلكتروني هند الناهض، إن حجم التجارة الإلكترونية في الكويت بلغ 1.1 مليار دولار، في حين يبلغ عدد الحسابات النشطة في هذا المجال نحو 2.4 مليون حساب، 80 في المئة منهم لديهم حسابات مصرفية، بينهم نحو 66 في المئة من الشباب الكويتي، فيما يعتمد 36 في المئة من المقيمين على الشراء عبر الإنترنت.
نمو كبير للتجارة الإلكترونية في الإمارات والسعودية
وفي الإمارات، دفع سعي المستهلكين إلى تفادي انتشار فيروس كورونا إلى الاعتماد على المشتريات عبر الإنترنت التي نمت خلال الفترة الماضية بنسبة 500 في المئة خلال مارس (آذار) الماضي، وفقاً لتقديرات رسمية. فيما تشير تقديرات أولية لوزارة الاقتصاد الإماراتية، إلى ارتفاع حجم المبيعات عبر التجارة الإلكترونية بنسبة 300 في المئة خلال الربع الأول من العام الحالي.
وتشير الأرقام المتاحة، إلى أن حجم التجارة الإلكترونية وصل بالإمارات إلى 59 مليار درهم (16.07 مليار دولار) بنهاية 2019، ومن المتوقع أن يحقق ذلك النوع من التجارة نمواً بنسبة تتجاوز 600 في المئة بنهاية العام الحالي.
في السعودية، تشير التوقعات إلى ارتفاع الطلب على هذه النوعية من التجارة خلال الفترة المقبلة، خاصة مع استمرار فرض حظر التجول ومخاوف انتشار فيروس كورونا، وهو ما يعزز من حركة ونشاط التجارة الإلكترونية بنسب كبيرة.
وقال عضو اللجنة الوطنية لتقنية المعلومات خالد الذواد، إن "أزمة فيروس كورونا تؤكد أهمية التجارة الإلكترونية والتسوق عن بعد حفاظاً على الأرواح وسلامتها، وتلك الأزمة رفعت كيفية التعامل مع هذه التجارة وشركات التوصيل".
وأشار إلى أن نسبة كبيرة من الشعب السعودي، خاصة من الشباب بنسبة تقترب من 60 في المئة، يعتمدون على الشراء عبر المنصات الرقمية.