Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

تكدس الشواكل في المصارف الفلسطينية ينذر بنشوء سوق سوداء للعملات

السلطة تدفع لتل أبيب قيمة الكهرباء ومشتقات البترول والمياه

البنك المركزي الإسرائيلي يسحب 18 مليار شيكل سنوياً على دفعات غير منتظمة في ظل الحاجة إلى سحب 27 مليار سنوياً (أ ف ب)

ملخص

يعتبر الشيكل الإسرائيلي عملة التداول اليومية الرئيسة في الأراضي الفلسطينية، إلى جانب الدولار الأميركي والدينار الأردني، بسبب عدم امتلاك الفلسطينيين عملة وطنية.

تتسبب السياسة المصرفية الإسرائيلية تجاه الفلسطينيين في خلق مشكلات اقتصادية للفلسطينيين، وذلك بسبب تكدّس عملة النقد الإسرائيلية (الشيكل) في المصارف الفلسطينية وما يخلقه ذلك من خسائر مالية وبداية نشوء سوق سوداء للعملات.

ويعتبر الشيكل الإسرائيلي عملة التداول اليومية الرئيسة في الأراضي الفلسطينية، إلى جانب الدولار الأميركي والدينار الأردني بسبب عدم امتلاك الفلسطينيين عملة وطنية، ولذلك فإن البنك المركزي الإسرائيلي مُلزم استعادة الفائض من الشيكل في المصارف الفلسطينية الذي يبلغ أكثر من 27 مليار شيكل سنوياً.

أربع دفعات

لكن البنك المركزي الإسرائيلي لا يسحب سوى 18 مليار شيكل سنوياً على أربع دفعات غير منتظمة، مما يبقي نحو 9 مليارات في المصارف الفلسطينية "مجمدة وغير مستثمرة".

ومع أن الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي توصلا إلى تفاهمات العام الماضي لسحب دفعة استثنائية من الشيكل المتكدس، لكن البنك المركزي الإسرائيلي يرفض القيام بذلك منذ بداية العام الحالي.

ويحكم بروتوكول باريس الاقتصادي العلاقة المصرفية بين الجانبين، فاعتبر أن الشيكل الإسرائيلي هو عملة التداول الرئيسة للفلسطينيين، وأن يقوم البنك المركزي الإسرائيلي بسحب الفائض منه سنوياً وعلى دفعات.

وعلى رغم أن الاقتصاد الفلسطيني تضاعف أكثر من 10 مرات منذ تأسيس السلطة الفلسطينية قبل نحو 30 عاماً، لكن البنك المركزي الإسرائيلي رفع حجم سحب الشيكل من 12 ملياراً سنوياً إلى 18 ملياراً.

ويرتبط الاقتصاد الفلسطيني بالإسرائيلي، فيستورد الفلسطينيون بضائعهم من إسرائيل أو عبرها، فضلاً عن حصولهم على خدماتهم الحيوية مثل الكهرباء والمياه والطاقة من إسرائيل، ولذلك فإن السلطة الفلسطينية ورجال الأعمال الفلسطينيين يدفعون قيمة تلك البضائع والخدمات بالشيكل.

والأسبوع الماضي، هدد بعض أصحاب محطات الوقود في الضفة الغربية بالتوقف عن بيع مشتقات البترول، بسبب "رفض البنوك إيداع فاتورة مشترياتهم بالشيكل لمصلحة هيئة البترول الفلسطينية".

لكن تلك الخطوة تم التراجع عنها بعد التوصل إلى تفاهمات يدفع بموجبها هؤلاء فواتيرهم مباشرة إلى هيئة البترول التي تشتري بدورها النفط من شركات إسرائيلية.

ونفت سلطة النقد الفلسطينية رفض المصارف قبول إيداعات محطات الوقود النقدية بالشيكل "بما يتواءم مع مشترياتهم".

واعتبر محافظ سلطة النقد الفلسطينية فراس ملحم أن مشكلة تكدّس الشيكل لدى الفلسطينيين "قديمة جديدة يواجهها الفلسطينيون سنوياً"، مشيراً إلى أن الـ 18 ملياراً التي حددها البنك المركزي الإسرائيلي حصة سنوية لسحبها "غير كافية".

وأوضح ملحم لـ "اندبندنت عربية" أن البنك المركزي الإسرائيلي وافق على سحب كميات إضافية خلال الأعوام الماضية، لكنه يرفض ذلك العام الحالي في ظل "إدعائه بوجود تهرب ضريبي للفلسطينيين من إسرائيل في السوق الفلسطينية".

إجراءات مصرفية

ورفض ملحم تلك "الادعاءات"، مشيراً إلى أن القطاع المصرفي الفلسطيني يتخذ إجراءات "صارمة للغاية لمحاربة ذلك ويلتزم المعايير الدولية بشهادة تقارير مؤسسات دولية معروفة".

ولفت إلى أن مصادر الشيكل الإسرائيلي تأتي من العلاقات الاقتصادية والتجارية التي "لا بديل عنها بين الفلسطينيين والإسرائيليين بسبب سيطرة إسرائيل على الموارد والمعابر مع الخارج، إضافة إلى العمال الفلسطينيين في إسرائيل".

والسلطة الفلسطينية تدفع لتل أبيب بالشيكل الإسرائيلي قيمة الكهرباء ومشتقات البترول والمياه، إذ إن 90 في المئة من واردات الفلسطينيين تأتي من إسرائيل أو عبرها، بحسب ملحم.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

ويقول إن "تكدس الأموال الإسرائيلية في المصارف الفلسطينية يؤدي إلى خسائر في الاقتصاد الفلسطيني ويرهقه بسبب التأمين على تلك الأموال وعدم استثمارها".

وفي محاولة لإيجاد حلول تحدّ من تكدس الشيكل، تنتهج سلطة النقد الفلسطينية استراتيجية للتحول الرقمي والدفع الإلكتروني في تعاملات الفلسطينيين الداخلية وتقليل الاعتماد على التعامل النقدي.

وأقامت السلطة 90 في المئة من البنية التحتية اللازمة لذلك وفق ملحم، وستستكملها خلال عام، إذ "أصبحت المنظومة المالية في فلسطين هي الأفضل على مستوى المنطقة".

لكن محافظ سلطة النقد أشار إلى أن الدفع الإلكتروني لم يصبح ثقافة بعد عند الفلسطينيين على رغم تسجيل تطور ملحوظ في هذا الشأن، "إلا أننا لم نصل إلى هدفنا النهائي بعد".

وأرجع رئيس جميعة المصارف الفلسطينية بشار ياسين تكدس الشيكل الإسرائيلي إلى "رغبة وزير المالية الإسرائيلي بتسلئيل سموتريتش في ابتزاز الفلسطينيين، وليس إلى أسباب فنية مالية".

وبحسب ياسين، فإن البنك المركزي الإسرائيلي "لا يقوم برفض سحب الشيكل المتكدس فقط، لكنه لا يلتزم مواعيد السحب التي تجري عادة كل ربع عام".

وأشار إلى أن الحصة التي وضعها البنك المركزي الإسرائيلي لسحب الفائض من الشيكل "لا تواكب التطور في الاقتصاد الفلسطيني".

السوق السوداء

وبحسب ياسين، فإن تهديد سموتريتش المتواصل بوقف العلاقة بين البنوك الإسرائيلية والفلسطينية يسهم في تفاقم المشكلة.

وعن الادعاء الإسرائيلي بإمكان التهرب الضريبي للفلسطينيين من داخل إسرائيل، أوضح أن "إسرائيل تستطيع وقف ذلك (في حال كونه صحيحاً) بسبب سيطرتها على الحواجز العسكرية".

ووفق ياسين، فإن القطاع المصرفي في فلسطين "يخضع لإجراءات مشددة لمحاربة غسيل الأموال، ويفرض معايير دولية أعلى من المطلوب"، وأضاف أن ذلك يهدف إلى "استمرار الجهاز المصرفي آمناً لسد أي ثغرات ممكنة".

وعن تداعيات تلك السياسة المصرفية الإسرائيلية تجاه الفلسطينيين، أشار المحلل الاقتصادي مؤيد عفانة إلى أن ذلك يؤدي إلى "نشوء سوق سوداء في الأسواق الفلسطينية لشراء العملات الأجنبية".

وأسفر ذلك وفق عفانة عن رفض المصارف الفلسطينية إيداع الشيكل الإسرائيلي إلا ضمن سقف محدد، وتقييد سحب عملتي الدولار والدينار.

وأوضح أن "تلك الخطوة دفعت الفلسطينيين للجوء إلى السوق سوداء التي تسجل فروقاً في أسعار شراء وبيع العملات الأجنبية عن الأسعار الرسمية".

واضطرت سلطة النقد الفلسطينية إلى تحذير شركات ومحال الصيرفة من التلاعب بسعر صرف العملات، وأصدرت "تعليمات حازمة" حددت بموجبها الهامش بين سعر البيع للعملة والسعر السائد لشرائها على الشاشات العالمية بواقع 200 نقطة أساس كحد أقصى.

وطالب عفانة سلطة النقد بتشديد إجراءاتها لعدم نشوء سوق سوداء، ورأى أن "السبيل لإنهاء مشكلة فائض الشيكل يكمن في العمل مع إسرائيل لاستقبال الفائض، والتحوّل إلى الدفع الإلكتروني في تعاملات الفلسطينيين المالية"، موضحاً أن ذلك يتم "عبر إلزام الفلسطينيين بذلك كي تصبح ثقافة، كما فعلت إسرائيل عبر قانون ’تجفيف النقد‘".

اقرأ المزيد

المزيد من اقتصاد