Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

لبنان "رمادي" بسبب الحرب وعدم تطبيق الإصلاحات الاقتصادية

يتوقع كثيرون أن يؤدي القرار إلى نتائج كارثية، فيما يرى آخرون أن تأثيره سيكون محدوداً

يشهد لبنان منذ عام 2019 أزمة اقتصادية كبرى أخر فصولها وضعه على اللائحة الرمادية (ا ف ب)

ملخص

كشفت وكالة "رويترز" نقلاً عن مصدرين من قطاع المال أنه تم إدراج لبنان على القائمة الرمادية للدول الخاضعة لتدقيق خاص من جانب مجموعة العمل المالي "فاتف" المعنية بمكافحة الجرائم المالية.

وعندما تدرج دولة ما في هذه القائمة، تخضع لرقابة مشددة وتكون ملزمة بمزيد من المراجعات والتقييمات لتحسين أنظمتها، فيما تضم القائمة حالياً 21 دولة منها نيجيريا وفنزويلا وسوريا.

على وقع التطورات الميدانية المتسارعة صدر قرار يخص الاقتصاد اللبناني خرق أخبار الحرب ويومياتها، فقد كشفت وكالة "رويترز" نقلاً عن مصدرين من قطاع المال أنه تم إدراج لبنان على القائمة الرمادية للدول الخاضعة لتدقيق خاص من جانب مجموعة العمل المالي "فاتف" المعنية بمكافحة الجرائم المالية، فيما من المتوقع أن يصدر إعلان رسمي في هذا الشأن في وقت لاحق اليوم الجمعة، وكشفت "رويترز" أنه لم يكن لدى متحدث باسم مصرف لبنان المركزي وآخر باسم المجموعة أي تعليق فوري على هذا الخبر.

أتى هذا القرار بعد نحو عام من ترقب إدراج لبنان على هذه القائمة، وبخاصة أن الإصلاحات الاقتصادية التي طالب بها المجتمع الدولي لم تنفذ ومنها انتخاب رئيس للجمهورية، فيما الحرب اليوم زادت من الكارثة الاقتصادية التي بدأت عام 2019 وتفاقمت في الأعوام التي تلت، كما أدى انهيار الثقة في القطاع المصرفي في لبنان خلال الأعوام القليلة الماضية إلى انتعاش الاقتصاد النقدي ونشاط شركات تحويل الأموال ومحال الصرافة غير الشرعية، مما أخرج جزءاً كبيراً من التداولات والتعاملات من دائرة الرقابة والتدقيق بالمصدر ومشروعيته، وهو أمر كانت تلتزم به المصارف إلى حد بعيد.

إنذار للدولة اللبنانية

يتوقع الكثير اليوم أن يؤدي إدراج لبنان على القائمة الرمادية إلى إبعاد الاستثمار عنه بصورة أكبر باعتبار أنه يؤثر في العلاقة بين بعض البنوك اللبنانية والنظام المالي العالمي، لكن مصادر صحافية كشفت أن حاكم مصرف لبنان بالإنابة وسيم منصوري وفريقه يعقدون اجتماعات مع البنوك العالمية المراسلة خلال الاجتماعات السنوية لصندوق النقد والبنك الدوليين في واشنطن واعتبرت أن إدراج لبنان على اللائحة الرمادية سيكون محدود النتائج وأن لا تداعيات نقدية أو مالية مباشرة للقرار.

ويستشهد الخبراء في هذا الرأي بأن منصوري والمجلس المركزي لمصرف لبنان قد حافظا على علاقة مع ستة مصارف مراسلة، وهذا سيسهل عملية دخول الأموال وخروجها من لبنان طلباً للاستيراد، وسيضمن استمراريتها واضعين قرار إدراج لبنان على اللائحة الرمادية بأنه "إنذار" للدولة اللبنانية التي تستمر بتجاهل المطالب الدولية، وبخاصة لناحية الشغور في رئاسة الجمهورية، وعدم انتطام العمل في بعض مؤسسات الدولة اللبنانية، وغياب الأحكام القضائية في الملفات الخاصة بالفساد المالي.

ضربة كبيرة للبنان

يقدم المتخصص الاقتصادي البروفيسور جاسم عجاقة رؤية مختلفة في قراءة هذا القرار، إذ يعتبر في حديث لـ "اندبندنت عربية" أنه يمثل ضربة كبيرة للبنان وبخاصة أن التداعيات ستكون شبه فورية وهي بدأت في بعض الأماكن، وإدراجه على اللائحة الرمادية ما هو إلا نتاج تقاعس السلطة السياسة عن تنفيذ القوانين ونحن نعلم أنه أتى نتيجة اقتصاد الكاش وعدم قيام الحكومة الحالية والسابقة بأي إصلاحات تلجم اقتصاد الكاش.

يعتبر عجاقة أن هذا القرار كان متوقعاً منذ زمن، ويقول "بين 2019 و2021 كان لبنان على شفير المجاعة وكل المنظمات الدولية توقعت أن ترتفع نسبة الفقر في لبنان إلى 100 في المئة، وإذ عام 2022 تغير الأمر والبلد الذي شهد كوارث استثنائية، منها انفجار المرفأ وحجز أموال المودعين وفي ظل جائحة كورونا فجأة أصبحت هناك دولارات في أسواقه مما أثار أسئلة البنك الدولي ومجموعة العمل الدولية والمؤسسات الدولية، التي وجهت إنذارات عدة للدولة اللبنانية.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

بالنسبة إلى تداعيات القرار، يرى عجاقة أن التداعيات ستكون على ثلاثة مستويات، المستوى الأول سيؤثر في التجارة والاستيراد والتصدير، إذ لم يعد بإمكاننا فتح اعتمادات كما نريد، كذلك على مستوى التحويلات من وإلى لبنان سيكون هناك نتائج ونحن نعلم أن لبنان يعيش على تحويلات المغتربين التي تشكل أكثر من 25 في المئة من الناتج المحلي اللبناني، ويقول "رأينا بعض الدول مثل الكويت قبل ساعات منعت التحويلات المالية من وإلى لبنان، وهذا قد يكون بداية لما هو أكثر لأنه يهدد شركات وأفراد والقطاع المصرفي أيضاً"، أما المستوى الثالث والأخير فهو بحسب عجاقة الاستثمارت المتعثرة بالأساس بسبب تعثر الدولة وغياب الإصلاحات.

ما هي القائمة الرمادية؟

يقول المتخصص الاقتصادي إيلي يشوعي في حديث سابق إلى "اندبندنت عربية" إن الاقتصاد اللبناني هو أكثر من رمادي وهو اقتصاد نقدي يشجع على تبييض الأموال والفساد والمخالفات الكبرى، فيما خسارة لبنان اليوم لا تعوض بعدما خسر ثروته الوطنية ولم يحاسَب أي مسؤول، ويختم بالقول "اقتصادنا النقدي أصبح أكثر من رمادي وهو اقتصاد شبيه باقتصاد بنما".

ويعرف الاقتصاد الرمادي بأنه الاقتصاد غير الطبيعي الذي يفتقر إلى نظام نقدي سليم يعمل بطريقة فاعلة، وإلى نظام مصرفي أيضاً يشجع على الاستثمار والادخار.

وعن الاقتصاد الطبيعي يؤكد يشوعي أنه يشجع الاستثمارات المنتجة وبخاصة القطاع الخاص المنتج الذي ينتج سلعاً وخدمات ويسهم بقوة في زيادة النمو الاقتصادي، وكذلك يرتكز على نظام استهلاكي مبني على منافسة داخل الأسواق ومراقبة نوعية السلع والخدمات، وعلى نظام اجتماعي مبني على رعاية اجتماعية وتغطية وراتب تقاعدي وتعويضات نهاية خدمة ذات قيمة، ونظام قضائي غير متفرج على الفساد والمخالفات القانونية والدستورية وعلى الفجوات المالية الكبيرة إن كان في المصارف أو المصرف المركزي، أي داخل النظام في لبنان.

وعندما تُدرج دولة ما في هذه القائمة تخضع لرقابة مشددة وتكون ملزمة بمزيد من المراجعات والتقييمات لتحسين أنظمتها، فيما تضم القائمة حالياً 21 دولة منها نيجيريا وفنزويلا وسوريا وجنوب السودان واليمن.

وفي الملف الاقتصادي كشف وزير الاقتصاد اللبناني أمين سلام في حديث إعلامي قبل ساعات أن حجم الخسائر الاقتصادية الضخمة التي لحقت بلبنان خلال الحرب وصل حسب تقييم بعض المؤسسات الخاصة إلى 20 مليار دولار، وهو ما يشمل دمار البنى التحتية والتأثيرات السلبية في الاقتصاد والخسائر، وقال إن كلفة إعادة إعمار لبنان تقدر بما قد يصل إلى 30 مليار دولار.

اقرأ المزيد

المزيد من اقتصاد