نبّه نواب في ويستمنستر (المنطقة حيث يقع البرلمان البريطاني) إلى أنّ سعي الصين إلى التقليل من أهمية جائحة فيروس كورونا في مراحلها الأولى وشنّها حملة تضليل لاحقاً بشأن المرض، أدّى إلى وقوع خسائر في الأرواح وإعاقة الجهود العالمية لاحتواء المرض.
ويقول تقرير جديد صادر عن لجنة الشؤون الخارجية في مجلس العموم إنّ البلد الذي انطلق منه المرض كان عليه تأدية دور قيادي في جمع المعلومات ومشاركة أبحاثه مع دول أخرى للمساعدة على لجم انتشار كوفيد-19 واتّهم الرئيس الصيني شي جينبينغ بممارسة "التعتيم" بدل الشفافية.
كما اتّهم التقرير كذلك روسيا وإيران برفض الإفصاح عن تجربتهما مع هذه الكارِثة العالمية، ودعا الحكومة البريطانية إلى "مجابهة ودحض" المعلومات المضلّلة التي تصدر عن القوى الخارجية.
لكن اللجنة التي يترأّسها النائب المحافظ توم توغندات، خصّصت أقسى انتقاداتها للصين التي اعتبرت أنها "سمحت للمعلومات المضللة بالانتشار بالسرعة ذاتها التي انتشر بها الفيروس".
وتقول لجنة السيد توغندات "بدل تقديم يد العون للدول الأخرى كي تعد العدة لاستجابة سريعة وفورية، يتبيّن بشكل متزايد أنّهم حرّفوا المعلومات الجوهريّة المتعلّقة بالفيروس لحماية صورة النظام".
"وعلى الحكومة [البريطانية] أن تواجه هذه الأكاذيب وتردّ عليها بسرعة ووضوح وأن تعمل مع حلفائنا في جبهة موحّدة لجبه المعلومات الكاذبة والتضليل القاتل".
ويأتي تقرير اللجنة على ذكر قضية وفاة الدكتور لي وينليانغ المأساوية، وهو طبيب من ووهان وأوّل من دقّ ناقوس الخطر بشأن المرض الجديد، وأرغمته حكومة البلاد الشيوعية الاستبدادية على الاعتراف بأنه "أدلى بتعليقات خاطئة" قبل أن يقضي نحبه جرّاء إصابته بالفيروس نفسه في فبراير (شباط).
ويقول التقرير "إن هذا التضليل المُتعمّد لمنظمة الصحة العالمية وللعلماء في الدول الأخرى أغشى التحليل في المراحل الأولى الدقيقة للجائحة".
و"أوقع التضليل بشأن كوفيد-19 بالفعل خسائر في الأرواح. ومن الضروري جداً أن توجه الحكومة رسائل واضحة وشفّافة في الداخل لمواجهة ودحض المعلومات الكاذبة التي تنشرها القوى الخارجية".
"كما عليها العمل بشكل وثيق مع الحلفاء لتقديم جبهة موّحدة حيثما أمكن، والمساعدة على ضمان عدم تقويض الجهود البحثية الدولية بسبب البروباغاندا والمعلومات الخاطئة".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
ومن أجل تفادي تكرار الأزمات الشبيهة، دعا التقرير أيضاً إلى إنشاء "مجموعة الدول العشرين للصحة العامة" لتمكين التعاون بين الباحثين من الخبراء حول العالم، حتى في غياب قيادة سياسية موحّدة.
وتكتب اللجنة أنّه "من الجليّ أنّ المنظمات الإقليمية والمتعددة الأطراف القائمة، منظمة الصحة العالمية ضمناً، لا تحقق التعاون الدولي الضروري لمكافحة جائحة عالميّة".
"ومع أنّ الحكومة تركّز حالياً على حلّ الأزمة الراهنة، سيكون خطأً كارثياً ألا تعطي الأولوية للدروس المستقاة من هذه الجائحة ولتطبيقها قبل وقوع الجائحة المقبلة".
ودخل قادة العالم اليمينيون الشعبويون، ولا سيّما الرئيس الأميركي دونالد ترمب ونظيره البرازيلي جايير بولسونارو، في حال من النكران إزاء خطورة الفيروس كما تردّدوا في تطبيق إجراءات التباعد الإجتماعي خوفاً من تعرّض اقتصادات بلادهم للركود.
وأتبع السيد توغندات صدور أحكام لجنته بكتابة افتتاحية نشرت في صحيفة "ذا مايل أون صنداي" خلال عطلة نهاية الأسبوع، دعا بريطانيا فيها إلى إعادة التفكير في علاقتها مع الصين بعد انتشار الوباء.
وكتب "هل نريد أن نستورد نظام القيم الدكتاتورية من الصين إلى جانب سلعها؟ أم علينا العمل مع دول حرّة أخرى وتقليص اعتمادنا المتزايد على هذه الدكتاتورية؟".
"على غرار الأنظمة الاستبدادية كافّة، الحكومة الصينية ضعيفة من حيث الجوهر. فهي تعتمد على سلسلة من الأكاذيب السّامة والخوف للحفاظ على السلطة والسيطرة على شعبها ولهذا السبب أخفت الحقيقة منذ أول لحظة ظهر فيها الفيروس".
وتابع السيد توغندات "لا شك في أنّ الصين عازمة على خلق نظام عالمي جديد تترأسه بنفسها. وفيما ركّزنا طاقتنا السياسية على الخلافات الإقليمية، وضع قادة الصين مخططات على مستوى العالم. وبينما كنا نستميت لاستعادة السيطرة من بروكسيل، تجاهلنا تضييق الصين قبضتها".
وعلى الرغم من كل الانتقادات التي تعرضت لها الصين بسبب طريقة تعاملها مع الكارثة، فقد عانى البلد بدوره، وسجّل أكثر من 82.600 إصابة و3300 وفاة.
واستغلّت الصين مهرجان تشينغمينغ التقليدي أو "يوم كنس المقابر" الواقع يوم السبت الماضي لتنظيم يوم حداد وطني وإطلاق "عويل الحزن" تكريماً لضحاياها، فحمل المواطنون ورد القرنفل وأحنوا رؤوسهم في لحظة تأمّل، كما نُكّست الأعلام ودوّت صفارات الإنذار وأطلقت أبواق السيارات للمناسبة.
وتتخطى الإصابات بفيروس كورونا حول العالم حالياً 1.2 مليون فيما لقي أكثر من 65 ألف شخص حتفهم جرّاء المرض.
© The Independent