يواجه النظام النقدي البريطاني "خطر الانهيار" وسط إغلاق آلاف فروع المصارف والصراف الآلي وفق ما أورده تقرير رئيسي.
ومن شأن "السير بعيونٍ مغمضة نحو مجتمعٍ غير نقدي" أن يخلّف وراءه ثمانية ملايين شخصٍ يكافحون لإدارة أموالهم بحسب ما تقترحه (دورية بريطانية تعنى بمراجعة القضايا النقدية) "Access to Cash Review" في تقريرها.
وقال واضعو التقرير إنّه ينبغي على الحكومة أن تتدخّل لأنّ قوى السوق لن تكون وحدها كافية لتأمين استمرار حصول (الفئات الأقل قدرة في المجتمع) على الأموال النقدية.
فقد تبيّن أنّ الفقر هو أكبر مؤشرٍ للاعتماد على النقد، مع كون المجموعات الأدنى دخلاً الأقلّ احتمالاً للوصول إلى البدائل الرقمية وبالتالي الأكثر عرضةً للمشاكل كأن تصبح حساباتهم البنكية مكشوفة من غير قصد.
ولا يملك حوالي 1.3 مليون شخص في المملكة المتحدة أيّ ولوج إلى حسابٍ مصرفي على الإطلاق وفق ما أوردته الهيئة الرقابية البريطانية (FCA). أمّا الأشخاص الذين انتقلوا حديثاً إلى المملكة المتحدة فهم من دون مأوى أو يعيشون في فقرٍ مدقع ومن المحتمل أن يُحرموا من الخدمات المصرفية.
في الوقت نفسه، ليست البنية التحتية الرقمية في المملكة المتحدة موثوقة أو شاملة في شكلٍ كافٍ لتأمين الوصول المستمرّ إلى البدائل النقدية للجميع حسب ما توصّل إليه التقرير.
كجزءٍ من التقرير، تمّ استطلاع ألفي شخصٍ، مع اعتقاد 17 في المئة منهم أنه ليس بوسعهم التأقلم من دون المال النقدي. واستطراداً، تشمل هذه النسبة ثماني ملايين شخص يواجهون صعوباتٍ في المملكة المتحدة.
واعتبر نصف المستطلعين أنّهم سيجدون إشكالية في العيش في مجتمعٍ غير نقدي.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
حول هذا، تقول الرئيسة المستقلة لمؤسسة "Access to Cash Review" ناتالي سيني إنّ الانتقال إلى مجتمعٍ غير نقدي قد يعني ترك ملايين الأشخاص خارج الاقتصاد وجعلهم يواجهون مخاطر الانعزال والاستغلال والديون وارتفاع الأسعار. وأضافت: "هنالك مؤشراتٍ مقلقة عن انهيار نظامنا النقدي".
أُجري التقرير في شكلٍ مستقلّ وموّلته شركة "لينك" (Link) التي تدير الشبكة المشتركة لأجهزة الصراف الآلي في المملكة المتحدة لصالح أعضائها.
ووجد التقرير أنّه فيما يستخدم المزيد من الأشخاص الخدمات المصرفية عبر الإنترنت مقارنةً بالسنوات القليلة الماضية، فإن حوالي 5.3 مليون شخص لا يستخدمون الإنترنت أبداً.
وحثّ التقرير الحكومة وأجهزة الرقابة والمصارف على التدخّل الآن لضمان وصول (الجميع) إلى العملات النقدية وهي خطوة يقول التقرير أنّها "ممكنة وقابلة للنجاح تجارياً".
تتضمّن التدابير تشجيع الطرق المبتكرة للوصول إلى الأموال النقدية عوضاً عن حماية أجهزة الصراف الآلي أو تحميل المستهلكين رسوماً للدخول إليها.
وقال التقرير أيضاً أنّ التحوّل بعيداً من النقد باتجاه المدفوعات الرقمية يضع "ضغطاً كبيراً" على كاهل البنية التحتية النقدية للمملكة المتحدة التي تكلّف إدارتها خمسة مليارات جنيه إسترليني سنوياً.
وجمع التقرير أدلة من أكثر من 120 منظمة في قطاعاتٍ متعددة كما ناقش إجراءات متبعة في دول أجنبية عدة.
وقالت رئيسة لجنة الخزانة في البرلمان (البريطاني) نيكي مورغان: "لا يمكن التقليل من أهمية هذه المسألة المعقدة، ولكن الحقيقة البسيطة هي أنّ ترك مستقبل النقد لتحدده عوامل السوق لن ينجح".
واعتبر الخبير المالي في موقع "Which" غاريث شاو (وهو موقع يعنى بشؤون المستهلك البريطاني) أنّ مجموعة المستهلكين حذّرت من خطر "الانجراف إلى مجتمعٍ يواجه فيه ملايين الأشخاص الذين يعتمدون على النقد خطر العزل - ولهذا يجب أن يُعتبر اعتراف هذا التقرير بأنّ النظام على شفير الهاوية بمثابة نداء استغاثة عاجل".
من خلال تقاعس الحكومة عن هذه المسألة، فهي تسمح لمصالح المصارف وشركات البطاقات الآلية بأن تحدّد مستقبل المدفوعات النقدية بدلاً من تحديدها وفق احتياجات المستهلكين.
ودعا رئيس السياسة في منظمة "Positive Money" (وهي منظمة غير ربحية تدعو إلى مساهمة مستدامة وعادلة وديمقراطية لقطاع المال والبنوك في المجتمع) الحكومة إلى الذهاب أبعد ممّا يوصي به التقرير مضيفاً "فقط من خلال إرساء هيئة تنظيمية واحدة تضطلع بمهمة حماية الحصول على النقد ستُحلّ الأزمة النقدية البريطانية".
© The Independent