توفيت أسرة يمنية من خمسة أفراد غرقاً، بسبب السيول التي غمرت مخيم السويداء للنازحين مساء أمس، بمحافظة مأرب (شرقي البلاد)، في حين تواصل السلطات البحث عن مفقودين آخرين.
وذكر مصدر محلي بمأرب، أن "أسرة نازحة مكوّنة من الأم وأطفالها الأربعة، توفوا غرقاً جراء السيول التي جرفت خيمتهم الواقعة ضمن مخيم السويداء للنازحين".
وقال، لـ"اندبندنت عربية"، "الأهالي وفرق الإنقاذ التابعة إلى الدفاع المدني بالمحافظة انتشلت جثة الأم وأطفالها بعد أن غمرتهم السيول بخيمتهم"، مشيراً إلى أن الحادثة تسببت بصدمة لأهالي وسكّان المحافظة التي تضم بين جنباتها نحو 4 ملايين نسمة، جلهم من النازحين بمختلف المحافظات اليمنية، الفارين من بطش الميليشيات الحوثية.
وشهدت محافظة مأرب، مساء أمس الأربعاء، أمطاراً غزيرة، مصحوبة بعواصف ورياح شديدة وتدفق كبير للسيول، وهو ما تسبب بغمر مخيمَي السويداء والميل المخصصَين لإيواء النازحين بالسيول، وألحقت بهما أضراراً فادحة.
إهمالٌ وتقصيرٌ
ولفت المصدر إلى أنّ الحادثة كشفت عن مستوى الاستهتار والتقصير من قِبل الجهات الرسمية والمنظمات الدولية تجاه النازحين، الذين جرى تسكينهم في خيم متهالكة، فضلاً عن سماح السلطات للمستثمرين ببناء مساكن في مجاري الأمطار.
كما غمرت السيول منازل المواطنين بمنطقة الروضة، وألحقت بها أضراراً فادحة، وجُرِف عدد من المركبات وفُقِد راكبوها، وما زال مصيرهم مجهولاً حتى اللحظة، فضلاً عن تسببها في قطع عددٍ من الطرقات الرئيسة الرابطة بين مدينة مأرب (المركز الإداري) وباقي مديريات المحافظة، حسب المصدر.
استغاثة
ويقع مخيم السويداء في منطقة الميل شمالي غرب مدينة مأرب، ويضم أكثر من 630 أسرة نازحة، وعقب الحادثة أطلق ناشطون نداء استغاثة للمنظمات الإنسانية، لسرعة التدخل واتخاذ التدابير اللازمة وإنقاذ آلاف النازحين الذين فروا من خيمهم وتقطّعت بهم السبل.
واليوم، تفقّد محافظ مأرب اللواء سلطان العرادة، الأضرار التي سببتها السيول بمخيمات النازحين والبنى التحتية. ودعا المنظمات وشركاء العمل الإنساني إلى سرعة تقديم الإغاثة الطارئة، وإعادة تأهيل المخيمات بالتنسيق مع الوحدة التنفيذية لإدارة مخيمات النازحين.
وكان العرادة وجّه السلطة المحلية بإيواء المتضررين في فنادق المحافظة، وتقديم الرعاية لهم، لحين الانتهاء من إعادة بناء مخيمات جديدة، حسب تصريحات صحافية لوكيل المحافظة عبد ربه مفتاح.
توجيهات رئاسية
واطّلع نائب رئيس الجمهورية علي محسن صالح، اليوم، في اتصال هاتفي بالمحافظ العرادة، على ما خلّفته السيول والأمطار الغزيرة بمأرب، والجهود الحثيثة للدفاع المدني وبقية الجهات المختصة في إنقاذ الوضع والعمل على تقليل الخسائر والأضرار التي طالت غالبيتها مخيمات النازحين والمهجّرين الذين نزحوا إلى المحافظة جراء ممارسات الميليشيات الحوثية.
وحسب وكالة الأنباء الرسمية "سبأ" نوّه نائب الرئيس عبد ربه منصور إلى "قيام الحكومة بتقديم الدعم الكامل لمواجهة أضرار السيول وتجاوز الوضع الحالي"، مشيراً إلى "ما مثلته محافظة مأرب من حاضنة مهمة لكل أبناء اليمن في ظل دور محوري وإيجابي لقيادة المحافظة وأبنائها".
وفي السياق ذاته قالت الوكالة، إن وزير الإدارة المحلية رئيس اللجنة العليا للإغاثة عبد الرقيب فتح، وجّه السلطة المحلية بمحافظة مأرب، بتشكيل لجنة طوارئ، لإنقاذ النازحين جراء السيول بالمحافظة.
ودعا فتح المنظمات الأممية والدولية العاملة بالمحافظة إلى المساندة وإيصال المواد الإغاثية الشاملة للمتضررين، وتوفير مخيمات الإيواء، ووسائل النقل الآمنة للمتضررين.
وأضافت، أن الوزير طلب رفع تقرير عاجل بأعداد المتضررين وخسائر الممتلكات الخاصة والعامة، لافتاً إلى حرص الحكومة على بذل الجهود لمساندة السلطة المحلية.
إحصاءات أولية
وكيل محافظة مأرب، عبد ربه مفتاح، قال إنّ ما لا يقل عن 14 مخيماً للنازحين في المحافظة، تضررت جراء الرياح والسيول والأمطار التي هطلت على المحافظة، مساء الأربعاء.
وقال "أنشأنا غرفة للطوارئ لمتابعة الوضع من قِبل السلطة المحلية ووحدة النازحين والمنظمات"، ودعا مفتاح جميع المنظمات للعمل من أجل تخفيف مآسي النازحين المتضررين من الأمطار، ونجدتهم وتقديم ما يحتاجون إليه من خيام وغذاء وإعادة تأهيل مخيماتهم.
استجابة إنسانية
وفي تفاعل إنساني، أعلن القطاع التجاري والصناعي بمحافظة مأرب البدء بحملة تبرعات مالية وعينية لمساعدة إخوانهم النازحين المتضررين من الأمطار والسيول، وكذلك لمساندة جهود السلطة المحلية في إعادة تأهيل المخيمات.
وفي تصريح لـ"اندبندنت عربية"، قال مدير عام الغرفة التجارية والصناعية بمأرب عبد الحق منيف، "القطاع التجاري أبدى تفاعلاً جيداً مع نداء الواجب تجاه إنقاذ وإيواء النازحين، وجُمِعت مبالغ مالية وعينية، ووفّرت بعض الخدمات التي يحتاجون إليها بشكل عاجل".
وأضاف، "القطاع الخاص وفّر وجبات ومواد غذائية يومية للنازحين، بينما وفّر بعض المصانع هناجر وصفائح لاستخدامها في إنشاء المخيمات الجديدة، وقام بعض المقاولين بتوفير بطانيات وفرش، وتكفّل عدد من التجار بتوفير سلال غذائية ستوزّع على المنكوبين اليوم وغيرها من المساعدات".