حراكٌ مجتمعيٌّ يشهده اليمن بإسهام عددٍ من رؤوس الأموال الخاصة بتبرعات مختلفة ضمن إجراءات حشد الجهود الرامية إلى مواجهة تفشي فيروس كورونا المُستجد، الذي سجلت البلاد، الجمعة الماضية، أوّل حالة مصابة به لمواطن ستينيّ في محافظة حضرموت.
وبرز الدوران التجاري والمجتمعي بعد إبداء منظمة الصحة العالمية "خشيتها من تفشي الوباء" الذي يضرب العالم بلا هوادة، في ظل انهيار شبه كليّ للمنظومة الصحية في البلد الفقير الذي أنهكته الصراعات، وتحذيرها من أنّ إعلان أول حالة مصابة بالفيروس "ينبئ بكارثة إضافية ستطال الجميع".
واجب وطني وأخلاقي
وشهدت محافظة مأرب (شرق) تنفيذ حملة رش وتعقيم واسعة، استهدفت مركز المحافظة إضافة إلى 6 مديريات، تستمر مدة أسبوعين، بمشاركة 40 متطوعاً بتنفيذ من صندوق النظافة والتحسين بالتعاون مع الغرفة التجارية والصناعية ونادي رجال أعمال سبأ، وستركز الحملة على الشوارع والأسواق والأماكن العامة والمكاتب الحكومية والمولات والمحلات التجارية.
وعن ذلك، يقول مدير الغرفة التجارية بمحافظة مأرب، عبد الحق منيف، "القطاعان التجاري والصناعي بالمحافظة شكّلا لجنة خاصة من الغرفة التجارية بمأرب ونادي رجال أعمال سبأ بالشراكة مع اللجنة العليا للطوارئ، وطرحوا مبادرة للتعاون المشترك لمواجهة تفشي فيروس كورونا في المحافظة".
وأضاف، خلال حديثه إلى "اندبندنت عربية"، "المبادرة تأتي استشعاراً من القطاع التجاري بواجبه ودوره الوطني والأخلاقي تجاه المجتمع المحلي، والإسهام في تعزيز قدرات القطاع الصحي، واتخاذ خطوات احترازية فاعلة لمنع انتشار فيروس كورونا في المحافظة التي تضم نحو 4 ملايين نسمة جلهم من النازحين من خلال البدء في تجهيز كل المستلزمات الصحية".
ولفت منيف إلى أنّ لقاءً جمع رجال الأعمال في مأرب بمحافظ المحافظة، سلطان العرادة، أكدوا خلاله أن "المخزون الغذائي يكفي ستة أشهر"، والخروج بقرارات منها "تخفيض أسعار المواد الغذائية والسلع الأساسية إلى أقصى درجة ممكنة، وخفض عمولة التحويلات المالية، وتنفيذ حملات رش وتعقيم بمركز المحافظة وباقي المديريات".
على ذات الخطى
وفي مبادرات مماثلة، أعلنت الغرف التجارية والصناعية بمحافظات حضرموت (شرق) وعدن (جنوب) وصنعاء، الخاضعة لسلطة جماعة الحوثي (شمال)، عزمها دعم القطاعات الصحية بالتعاون مع لجان الطوارئ التي أنشأتها الحكومة اليمنية بالتنسيق مع منظمة الصحة العالمية في كل محافظة في وقت سابق.
وناقش لقاء ضمّ رئيس حكومة ما يسمّى بـ"الإنقاذ الوطني" التابعة إلى الحوثيين، عبد العزيز بن حبتور، في صنعاء، بعددٍ من مؤسسات القطاع الخاص، وآلية تنظيم العمل الجماعي الاحترازي في مواجهة أي طارئ لفيروس كورونا في اليمن والتوعية بطرق الوقاية منه.
وتدارس اللقاء الذي ضمّ ممثلي الاتحاد العام للغرف التجارية والصناعية ولجنته الصحية وغرفة تجارة أمانة العاصمة واتحاد المقاولين وبنكي الطعام والدواء، "السُّبل الكفيلة بحشد وتنسيق مختلف الأعمال المرتبطة بالمواجهة الاحترازية لكورونا"، حسب وكالة "سبأ" التابعة للجماعة.
تعزيز القدرات الوطنية
وعن تقييمه لمستوى التفاعل المُقدَّم من مختلف القطاعات التجارية في اليمن، لمواجهة تداعيات تفشي فيروس كورونا، قال رئيس المركز اليمني للدراسات والإعلام الاقتصادي مصطفى نصر، "يوجد تفاعل كبير من قِبل القطاع الخاص والبيوت التجارية والصناعية، للحدّ من تداعيات تفشي فيروس كورونا، تمثلت في مجموعة من المبادرات التي ستُسهم في تعزيز القدرات الوطنية للحد من انتشاره".
وأضاف لـ"اندبندنت عربية"، "المبادرات الأولى التي شهدناها خلال الأيام الماضية امتدت وقُوبلت بتفاعل إيجابي، لتشمل مبادرات مماثلة في صنعاء التي أعلن عدد من رجال الأعمال فيها جمع مبالغ مالية خصصت لتوفير الحاجات اللازمة الاحترازية والعلاجية لمواجهة وباء كورونا، إضافة إلى كثيرٍ من المجموعات التجارية في حضرموت وعدن التي تكفّل بعض منها بإنشاء محاجر صحية، والبعض الآخر أبدى تعاونه مع منظمة الصحة العالمية، وتكفّل بتأهيل ودعم الطواقم الطبية والتمريضية والتجهيزات الخاصة بالمشافي".
بين التفاعل والدعاية
مبادرات القطاع الخاص في اليمن، قوبلت بإشادات مجتمعية واسعة، إلا أنّ البعض عدّها "دعاية تجارية"، واستغلالاً لحاجات المجتمع، بالتزامن مع مخاوفهم من تفشي الوباء القاتل.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
ويرى الباحث الاقتصادي اليمني عبد الواحد العوبلي، أنّ ما قام به عددٌ من الجهات التجارية في هذا الجانب، "خطوة جيدة"، لكن ما يؤخذ عليها انتهاجها "أسلوباً دعائياً" أكثر من كونه "مبادرة إنسانية".
وقال العوبلي، لـ"اندبندنت عربية"، "كان يُفترض على البيوت التجارية الكبرى تحديد كمية ونوع الأدوات والأجهزة والمواد التي سيُتبرَّع بها، والوجهات التي ستُرسل إليها، إضافة إلى تحديد المبلغ أو الميزانية التي رُصدت لمثل هذا النشاط، ليعرف الناس القيمة الحقيقية والفعلية لما توصفه هذه المجموعات بأنه مبادرات وطنية كبرى".
وأضاف، "حتى تنفي هذه القطاعات والبيوت التجارية صبغة الدعاية التي تنتهجها، عليها تحديد قيمة ومقدار مساهماتها، وإيضاح مصيرها وأثر هذه المبادرات في أرض الواقع، أمّا ما دون ذلك سيبدو الأمر أشبه بدعاية تجارية واستغلال قبيح لحاجات المجتمع".