تتضاعف معاناة آلاف النازحين الهاربين من بطش وإرهاب ميليشيات الحوثي في مناطق سيطرتهم إلى محافظة مأرب اليمنية شرق اليمن، وتزداد حياتهم سوءاً يوماً بعد آخر، لعدم حصولهم على المساعدات الإنسانية والسكن الملائم في ظل غياب دور المنظمات الإنسانية، التي لا تسجل أنشطتها سوى في وسائل الإعلام لتحصل على مزيد من الدعم من الجهات المانحة على حساب أوجاع النازحين.
وشهدت محافظة مأرب اليمنية أكبر موجة نزوح داخلي في البلاد نتيجة تضييق ميليشيات الحوثي على المناوئين لها بمناطق سيطرتها. وبلغ عدد النازحين فيها نحو المليونين، يتوزعون على مديريات المحافظة، منها 40 ألف أسرة نازحة متفرقة بين 128 مخيماً تفتقر لأبسط مقومات الحياة.
مخيم السويداء
استقبلنا الأطفال على مدخل مخيم السويداء الواقع بمحافظة مأرب شرق البلاد، وملامحهم تحكي الكثير عن حياة النازحين، إذ يعيشون وأسرهم أوضاعاً مزرية نتيجة عاصفة رملية وسيول غمرت المخيم وحولت الخيام إلى ركام.
بعيون دامعة تحكي أم مرزاح لـ"اندبندنت عربية"، قصة النزوح بقولها، "مضايقة الحوثيين أجبرتنا على النزوح من منازلنا إلى مدينة مأرب، واستأجرنا بيتاً في المدينة ولعدم قدرتنا على دفع الإيجار، أخرجنا المالك ليستقر بنا الحال هنا". تشير بيديها إلى داخل الخيمة، "انظروا إلى وضعنا؛ لا دورات مياه، ولا كهرباء، ولا حياة. لقد تعبنا؛ صواريخ ورياح وأمطار وعواصف رملية كل يوم أكثر من الذي قبله".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
أم عبدالولي، نازحة أيضاً في مخيم السويداء، بيدها طفلها وفي الأخرى بطاقة زوجها، تواصل السير وراء فريق إغاثي زار المخيم. تقول، "خوف ورعب ومطر من فوقهم، بينما السيول جرفت أغراضهم وبعض الأسر، فالمنطقة التي بها المخيم خطرة. ولا يوجد هنا سوى الخوف".
انعدام أبسط مقومات الحياة
الطفل عبد القادر راجح مبخوت، يعرف نفسه عند رؤيته لنا في المخيم بأنه من النازحين من مديرية نهم، شرق صنعاء، أثناء الحديث معه قال، "إن والده جريح بالمستشفى، أصيب، ويتلقى العلاج". يروي ما حدث للنازحين في المخيم، وكيف اقتلعت العاصفة الرملية خيامهم، بعدها داهمتهم الأمطار والسيول، واضطر النازحون إلى الهروب للتلال المرتفعة، خوفاً أن تجرفهم مياه السيول، وحاولوا إنقاذ أغراضهم وأغنامهم، ومع هذا فقد جرف السيل امرأة وابنها وزوجها".
يتذكر عبد القادر، عدد مرات النزوح التي تعرضت لها أسرته، "كنا في بلادنا في نهم، نزحنا منها إلى منطقة الجفرة، ونزحنا ثانية من الجفرة لمنطقة تطل على بلادنا، ونزوح ثالث منها إلى مدغل، ومنها إلى نزوح رابع في مخيم السويداء، ومازلنا لا نعلم إلى أين تستقر بنا الأمور".
نجيب الكوكباني، نازح من الجوف يقول، "نطالب بنقل المخيم إلى مكان آمن من الرياح والسيول والكوارث، أو على الأقل بأشياء بديلة تقينا بدلا عن هذه الخيام المهترئة التي قدمتها منظمة الهجرة، فهي لا تقي من شمس، ولا من برد، ولا من رياح. نطالب بأشياء بديلة نقاوم بها الحياة".
التقينا مستشار وزارة حقوق الإنسان عبد الخالق الرادعي، أثناء زيارته أحد المخيمات التي غمرتها السيول، ووجه دعوة إلى المنظمات الدولية والمحلية لإغاثة النازحين، الذين دمرت خيامهم السيول وأصبحوا في العراء يفتقدون إلى الخبز ومياه الشرب".
أضاف، "هم بحاجة إلى إغاثة سريعة والنظر لأحوالهم، لقد رأينا مشاهد مأساوية؛ الطحين أصبح عجيناً من الأمطار التي تساقطت، ولا توجد سواتر في المخيمات تحميهم من الأمطار التي تسقط من مخرات الجبال، وهو ما يجعلهم عرضة للأخطار من حين لآخر"، وأشار إلى "أن التكدس والزحام الشديد بهذه المخيمات يجعلهم عرضة للإصابة بكورونا، وفي حالة وجود حالة وحيدة بينهم، سيتحول الأمر إلى كارثة".