يحذر الخبراء من أن إبادة مستعمرات الخفافيش لأنها مصدر كوفيد-19 تصرفٌ عقيم وقد يعرض الأشخاص للمزيد من المخاطر جراء تفشي فيروسات جديدة.
ويُزعم أن قتل الحيوانات البرية في ظروف غير صحية أينما كان، سيتيح لمُسببات المرض بالتكاثر ويزيد من حدة الفيروسات في الحيوانات التي تنجو.
ويعتقد العلماء أن مصدر كوفيد-19 هو خفافيش حدوة الحصان، التي كانت داخل سوق ومسلخ الحيوانات الحية في الصين، وقد انتقل الفيروس إلى البشر عبر حيوان البانغولين أو آكل النمل الحرشفي.
ونتيجةً لذلك، ومع انتشار الوباء، بدأ الناس في الصين يطالبون بالقضاء على الخفافيش التي تبيت داخل منازلهم أو على مقربة منها.
وفي شمال بيرو الشهر الماضي، خطط السكان المحليون لمهاجمة وقتل مستعمرة تضم 200 خفاش باستخدام المشاعل، بحسب ما أفاد موقع محلي. ثم تدخلت السلطات المسؤولة عن حماية الحياة البرية لإنقاذ الحيوانات ونقلتها إلى كهفٍ آمن بعيداً من البلدة.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
أما في سان فرانسيسكو، فبات السكان يطرحون أسئلة على الخبراء عن طرق نصب مصائد للخفافيش أو قتلها، مدفوعين باعتقادهم أن من شأن هذا العمل منع انتشار كوفيد-19 وإنقاذ الأرواح.
لكن الناشطين المدافعين عن الحيوانات البرية يقولون إن هذه التصرفات لا تؤدي إلى خطر تركيز مسببات المرض في الحيوانات الناجية فحسب، بل تشكل كذلك تكراراً للسلوك الكارثي الذي أوجد فيروس كورونا في المقام الأول.
ويأتي هذا النداء فيما تنظم "اندبندنت" حملة لوضع حد للإتجار بالحيوانات البرية الذي يُعد أساس انتشار الجائحة وللمساعدة على منع انتشار الأمراض الحيوانية المصدر.
وفي هذا السياق، قال مارك جونز، وهو طبيب بيطري ورئيس وحدة السياسة في مؤسسة "بورن فري"، إذا كانت الحيوانات البرية مصدر الفيروس فإنها غير مُلامة على انتقاله إلى البشر.
وأضاف أننا نحمل جميعاً الفيروسات كل الوقت والحيوانات لا تمرض عادة بسبب الفيروسات التي تحملها.
"لكن بإمكان الفيروسات أن تتكاثر بسرعة في الظروف الملائمة. وحين تشعر الحيوانات بالضغط والتوتر، يتعطل جهاز مناعتها ما يسمح للفيروسات بالتكاثر والتحور كي تتمكن من إصابة وعاء جديد مثل البشر".
وشرح "حين تُحتجز الحيوانات البرية من مختلف الأجناس أو تُجمع أعداد كبيرة منها مع بعضها بعضاً في ظروف مريعة، وعندما تشعر بإجهاد وتوتر كبيرين وتُباع في أسواق الحيوانات البرية، على مقربة من بعضها ومن البشر، هنا يكمن الخطر الأكبر بتحور هذه الفيروسات لكي تتخذ شكلاً يمكنه أن يصيب البشر".
"لن يسهم القضاء على أماكن تجمع الخفافيش في تقليص خطر تفشي جائحة بشرية جديدة. لا يسعنا أن نحاول القضاء على الخطر عبر إبادة الحيوانات في البرية".
وقال كريستيان والزر، المدير التنفيذي للبرامج الصحية في جمعية الحفاظ على الحياة البرية في الولايات المتحدة، "مجرد اضطهاد الحيوانات البرية يزيد اختلال الطبيعة ويعزز انتشار التداعيات السلبية لهذا الموضوع فيما تتكاثر مُسببات المرض لدى الأعداد المتبقية منها، لكن ما بعد ذلك، من المهم جداً أن نفهم بوضوح أن الحيوانات البرية تقدم خدمات أساسية للبشر تتخطى فائدتها أي خطر مُتصور".
"وعلى سبيل المثال، تقدم الخفافيش المذمومة في أغلب الأحيان خدمات جوهرية من مكافحة للآفات وتلقيح تُقدر بعشرات ملايين الدولارات في أميركا الشمالية فقط".
ويعزو العلماء كذلك تزايد وتيرة ظهور الأمراض الجديدة مثل فيروس نقص المناعة البشرية وإيبولا إلى تدخل البشر في الحياة البرية.
وأشار الدكتور جونز إلى أن أنماط الحياة الجديدة بما فيها السفر حول العالم تلعب أيضاً دوراً في نقل الفيروس، لأنه فيما قد يطور سكان الأماكن القريبة من مجموعات الحيوانات بعض المناعة، سيكون الغرباء عن هذه المناطق أكثر عرضة للإصابة.
"تحولت الأمراض المُعدية الناشئة إلى أوبئة وجائحات خلال العقود الماضية مع توجهنا نحو العولمة وغزونا للموائل الطبيعية عبر التطور والتنمية الحضرية، وهذا الاستغلال الهائل للحياة البرية والمتاجرة بها هو ما أوجد الخطر المتزايد- وليس الحيوانات نفسها".
وأضاف أن تجمع الخفافيش قرب منازلكم لا يزيد الخطر على الناس، كما أن خفافيش حدوة الحصان لا تتجمع حول المباني في أي حال.
"إن هذا النوع من الاضطهاد الانفعالي للحيوانات التي يعتقد البعض أنها تمثل خطراً هو مشكلة حقيقية".
وجدت إحدى الدراسات أن كوفيد-19 ربما انتقل إلى البشر من خلال الكلاب الشاردة التي أكلت لحم الخفافيش.
© The Independent