ألقى كبير مفاوضي الاتحاد الأوروبي في ملف بريكست ميشال بارنييه، باللوم على البريطانيين اليوم الجمعة في نهاية أسبوع من المحادثات بشأن العلاقة بين الطرفين في مرحلة ما بعد بريكست.
وقال إنه لم يتمّ إحراز "تقدم ملموس" وإن بريطانيا ترفض "الالتزام بشكل جدّي". في المقابل، ردّت لندن على انتقادات بارنييه بالقول إنها ستدفع للتوصل إلى اتفاق تجاري مع الاتحاد الأوروبي.
وأوردت رئاسة الوزراء البريطانية في بيان أن "المملكة المتحدة ملتزمة بالتوصل إلى اتفاق، وفي جوهره اتفاقية التجارة الحرة"، مضيفةً أنه كانت هناك "اختلافات كبيرة في المبدأ في مجالات أخرى".
وأكد بارنييه خلال مؤتمر صحافي اليوم الجمعة أن "هدفنا الذي كان يقضي بإحراز تقدم ملموس (...) أُنجز لكن جزئياً في نهاية هذا الأسبوع"، موضحاً أن "المملكة المتحدة لم ترغب في الالتزام بشكل جدّي بعدد من النقاط الأساسية".
وجاءت تصريحات بارنييه عقب مفاوضات أُجريت عبر خدمة الفيديو أكد خلالها البريطانيون إرادتهم عدم تمديد الفترة الانتقالية.
ورأى بارنييه أن "ليس بمقدور المملكة المتحدة رفض تمديد الفترة الانتقالية وفي الوقت ذاته إبطاء المباحثات في بعض المجالات".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
واعتبر المفاوض الفرنسي الجنسية أنها "صعوبات كبيرة"، لكنه أشار إلى أنه "لا يزال بالإمكان تجاوزها بالإرادة السياسية والواقعية والاحترام المتبادل".
ويقترب الموعد النهائي المحدد في يونيو (حزيران) المقبل، لتقييم فرص التوصل إلى اتفاق، وعدم إحراز تقدّم يُضعف احتمال التوصل إلى اتفاق بحلول ديسمبر (كانون الأول) 2020.
واعتبر مصدر أوروبي أنه "في المجمل، لم يتمّ إحراز تقدم بتاتاً"، مضيفاً "المشكلة هي أن بريكست لم يعد يحظى بالاهتمام مع تفشي الوباء العالمي. هناك نقص في الاهتمام السياسي - وهذا أمر طبيعي نظراً إلى الظروف - والكسل".
وحتى لو لم تكفّ لندن وبروكسل عن إظهار "طموحهما" وإرادتهما في المضي قدماً، إلّا أنّ الانقسامات التي كانت موجودة مطلع مارس (آذار) الماضي بعد الجولة الأولى من المفاوضات، لا تزال قائمة.
وأوضح مصدر مطلع على المحادثات أن "البريطانيين لا يلتزمون في المجالات التي ليست لديهم مصلحة في التوصل إلى اتفاق فيها". ولم يتغيّر شيء، خصوصاً في ما يتعلّق بالشكل الذي ستّتخذه هذه العلاقة الجديدة: لا يزال البريطانيون يرغبون في التوصل إلى اتفاقات عدّة (علاقة تجارية والصيد البحري...)، فيما الاتحاد الأوروبي يريد اتفاقاً شاملاً، خصوصاً للتأثير في المفاوضات من خلال المضي قدماً في جميع المواضيع في الوقت ذاته.
ويشكل الصيد البحري موضوعاً شائكاً أيضاً بالنسبة إلى عددٍ كبيرٍ من الدول الأعضاء (بدءًا بفرنسا والدنمارك). وقال بارنييه "إذا لم يكن هناك اتفاق على الصيد البحري، لن يكون هناك اتفاق تجاري، الأمر بهذه البساطة. أعتقد أن المملكة المتحدة تلقّت الرسالة".
ولم يقدم البريطانيون حتى الآن نصّهم حول هذا الموضوع، متذرّعين وفق المصدر الأوروبي، بـ"حساسيته البالغة".
ولا تزال معلّقة المسألة المثيرة للجدل المرتبطة بشروط المنافسة التي يريدها الاتحاد الأوروبي، "شفافة وعادلة" لمنع ظهور اقتصاد غير منظّم على حدوده.
وتفترض مثل هذه الشروط احترام المعايير المشتركة، خصوصاً في المجالات الاجتماعية والبيئية والمالية ومجال العمل، الأمر الذي ترفضه لندن بحجة "مراقبة قوانينها الخاصة".
لكن بارنييه حذّر من أنه "لن يتمّ التوصل إلى هذا الاتفاق أبداً على حساب السوق الداخلية".
وهذه الجولة الثانية من المحادثات بشأن العلاقات المستقبلية في مرحلة ما بعد بريكست، بعد توقف المفاوضات لستّة أسابيع بسبب تفشي كورونا المستجدّ، إذ إنّ المفاوضين الاثنين الأوروبي ميشال بارنييه والبريطاني ديفيد فروست أُصيبا بكوفيد-19.
وستُعقد جولات أخرى للمفاوضات الشهر المقبل وبعدها في يونيو (حزيران) 2020. وقال بارنييه "ينبغي علينا استخدام المفاوضات لتحقيق تقدّم ملموس في كل المجالات".