وافق مجلس النواب اللبناني في آخر جلسة تشريعية عقدها في يومَي 21 و22 أبريل (نيسان) الحالي، في مقر منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة في بيروت (الأونيسكو)، على تعديل اتفاقية موقعة مع البنك الدولي عام 2018، يمنح بموجبها الأخير وزارة الصحة اللبنانية قرضاً مالياً قدره 120 مليون دولار مخصصة للقطاع الاستشفائي في لبنان. وتمثل التعديل الذي أُدخل على الاتفاقية في اقتطاع 40 مليون دولار من إجمالي القرض (الـ120 مليون دولار) لأعمال مرتبطة بمواجهة تفشي فيروس كورونا من دون تحديد تفاصيلها والاكتفاء بالعناوين الأربعة التالية:
- تدريب الجهاز الطبي.
-توسيع القدرات عبر التوظيف.
- شراء معدات طبية تتعلق بكورونا.
- توسيع القدرة الاستيعابية لمراكز الحجر الصحي.
وزير "حزب الله"
الاتفاقية مع البنك الدولي كانت لا تزال مجمَدة منذ إقرارها عام 2018 في عهد وزير الصحة الأسبق غسان حاصباني، بعد رفض خلَفه وزير الصحة السابق جميل جبق، المحسوب على "حزب الله" شروط البنك الدولي وأبرزها إخضاع مراقبة صرف الأموال لشركة مستقلة. وكان جبق أصرّ على إبقاء الرقابة بيده وبيَد مستشاريه في الوزارة، فجُمدت الاتفاقية، حتى أُعيد طرح تعديلها أخيراً في مجلس النواب عبر صرف 40 مليون دولار منها لمواجهة كورونا والإبقاء على المبلغ الباقي أي الـ80 مليون دولار مُجمَداً.
وجرى تعديل الاتفاقية تحت وطأة أزمة تفشي فيروس كورونا، لكن أيضاً على حساب القطاع الصحي الذي كان مبلغ الـ120 مليون دولار مخصصاً لتطويره، ولتعزيز الرعاية الصحية الأولية ضمن خطة متكاملة للتغطية الصحية الشاملة، ما قد يؤثر وفق مصدر سياسي على أداء القطاع في المستقبل.
أسئلة النواب
أسئلة كثيرة طرحها نوابٌ شاركوا في الجلسة حول أسباب نقل الـ40 مليون دولار من المبلغ الإجمالي للاتفاقية وتخصيصه لتداعيات كورونا، في وقت يمكن القول إن لبنان بات يتجه بشكل يومي إلى مرحلة انحسار الفيروس، وأن القدرة الاستيعابية للحجر والعناية لم تُستنفد بعد، إضافة إلى أن الطاقم الطبي بغالبيته وفي المستشفيات الحكومية كما الخاصة، اكتسب الخبرة اللازمة لمواجهة هذا الفيروس، بعد إخضاعه لتدريبات ودورات تبادلها الأطباء في ما بينهم بالتنسيق مع وزارة الصحة ونقابة الأطباء. وتتزايد الأسئلة بعد المساعدات المالية التي خصصتها دول عِدة للبنان في حربه على كورونا ومنها الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي وغيرهما من الدول، أسهمت في سد ثغرات كثيرة في التدريب والمعدات وتجهيز أماكن للحجر، فهل الحاجة لكل هذه المبالغ، لا تزال منطقية؟
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
آلية الصرف
وتخضع آلية صرف الـ40 مليون دولار أميركي وتوزيعها وفق الاتفاقية، إلى قرار وزير الصحة حمد حسن، وحده، وهو المحسوب على "حزب الله". ولن يكون لأي جهة أخرى كمجلس الوزراء مثلاً، أي علاقة في شأن تحديد وجهة استعمالها.
والمعلوم أن البنك الدولي لا يراقب عمليات الصرف إلا من باب المناقصات للشراء، وهو لن يتمكن من متابعة عملية توزيع المعدات والتدريب، على المراكز الصحية والمستشفيات في المناطق. فضلا عن أن الـ120 مليون دولار كانت مرصودة لتُصرَف على مدى خمس سنوات، فيما ستُصرف الـ40 مليون في مدة زمنية قصيرة نسبياً.
فهل تعديل الاتفاقية مع البنك الدولي هو شكل من أشكال الالتفاف على العقوبات الأميركية على "حزب الله"؟ وهل الوجهة الحقيقية للـ40 مليون دولار أميركي هي تحسين وضعية الحزب في بيئته، بأموال جديدة بالعملة الصعبة أو ما يُسمى fresh money""؟ بخاصة بعد ما تردد عن تأثره بالتعاميم التي أصدرها حاكم مصرف لبنان رياض سلامة، لناحية منع شركات التحويل من تسليم التحويلات بالدولار الأميركي، وحصر تلك المسألة بالمصارف فقط.