لم تكن الصرخة التي أطلقها وزير الصحة السوداني أكرم علي التوم في وجه مواطنيه باللهجة السودانية الدارجة "اقعدوا بالبيت"، غير تعبير عن تأزم الوضع الصحي في البلاد، بسبب اللامبالاة وعدم التقيد بإجراءات الحظر الكلي المفروضة منذ أسبوعين، في ظل تصاعد أرقام الإصابة بفيروس كورونا، التي بلغت حتى أمس السبت 592 إصابة، وانتشاره في 14 ولاية من أصل 18، بعدما كان محصوراً في العاصمة الخرطوم فحسب.
وفي خضم هذه الأحداث، تداول ناشطون سودانيون في مواقع التواصل الاجتماعي مقطع فيديو، لأحد المصابين بوباء كورونا، وسط تجمهر أهل المنطقة أمام منزله عندما حضرت سيارة الإسعاف لأخذه إلى مركز العزل، وتوديعه بالبكاء في حادثة غير مسبوقة، فضلاً عن تداول آخرين لعدد من الفيديوهات لتشييع متوفين بهذا الفيروس، وإقامة سرادق العزاء وتناول العشرات من المعزين إفطار رمضان بالتقاليد الموروثة نفسها. وهو ما يؤكد أنه لا يزال هناك كثيرون من المواطنين السودانيين، خصوصاً في المناطق الطرفية (الشعبية) في الخرطوم، وخارجها، غير آبهين بخطورة الوضع الذي ظل يحذر منه المسؤولون في الحكومة الانتقالية في السودان.
مصير المصابين
وبينما انتقد العديد من الناشطين السودانيين ما يحدث من ممارسات اجتماعية خاطئة، تفاعل قطاع عريض مع حديث وزير الصحة السوداني، الذي صدر الجمعة، مستنكراً عدم التزام مواطنيه بإجراءات الحجر المنزلي، فضلاً عن تحذيره من أن كمية المستلزمات الطبية المتوفرة لدى وزارته شارفت على الانتهاء، وأنها تكفي لمدة أسبوعين فقط.
وأشار إلى أن فيروس كورونا ليس له علاج، وأن كل ما يمكن تقديمه للمواطن السوداني إذا شعر بضيق نفس، هو دواء البنادول والمحاليل، إضافة إلى مضخات الأوكسجين. أما إذا تدهورت حالته فسيكون مصيره الموت، على حد قوله.
المشاركات الاجتماعية
وتعليقاً على الممارسات الخاطئة التي يتبعها بعض السودانيين، يقول أستاذ علم الاجتماع حيدر يعقوب، في حديثه إلى "اندبندنت عربية"، "من المؤكد أن الظواهر الاجتماعية للشعب السوداني، والتي جعلت البعض لا يلتزم بالإجراءات، أسهمت في انتقال العدوى. وهذا ما أظهرته الإحصاءات الأخيرة التي أثبتت تصاعد الإصابات بشكل كبير، خصوصاً في ظل السرعة الفائقة التي ينتقل بها الفيروس من شخص إلى آخر".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وأضاف "في رأيي أن الجهات المتخصصة في السودان، ممثلة في وزارة الصحة كانت على قدر المسؤولية، ولم تخف مخاطر الوباء وإمكانيات البلاد الشحيحة، لكن المشكلة أن ترابط المجتمع السوداني الذي تظهر بعض ملامحه في عادات المشاركات الواسعة بين أفراده، خصوصاً في لحظات المرض مهما كانت خطورته، وكذلك عند الوفيات، يشكل تحدياً كبيراً".
وأكد أن التخلي عن مثل هذه الظواهر يحتاج إلى جهود توعوية مضاعفة يشارك فيها أشخاص مؤثرون في المجتمع، فضلاً عن استخدام أساليب وطرق تتناسب مع كل شريحة.
وفي السياق نفسه، استمرت نقابة الأطباء المركزية في السودان تحذر من تفاقم الأوضاع الصحية وشح الإمكانيات المتوفرة لمجابهة هذا الفيروس في حالة ازدياد عدد الإصابات.
تدابير احترازية
واتّخذ السودان منذ يناير (كانون الثاني) 2020 جملة من التدابير الاحتياطية، منها إغلاق المدارس والجامعات وكلّ المعابر البرية والجوية والبحرية وحظر التجمّعات، للحيلولة دون تفشّي كورونا. وفُرض في نهاية مارس (آذار) الماضي حظر تجوّل ليلي، قبل أن يبدأ السبت 18 أبريل (نيسان) الماضي تنفيذ حظر تجوّل شامل في العاصمة الخرطوم، لمدة 21 يوماً تطبيقاً لقرار اللجنة العليا للطوارئ الصحية ومجلس الوزراء، مع فترة سماح لمدّة سبع ساعات حتى يتمكّن المواطنون من توفير احتياجاتهم الغذائية.