نظّمت غرفة تجارة وصناعة دبي، أخيراً، اجتماعاً بحضور صنّاع القرار في الجهات الحكومية وممثلي شركات القطاع الخاص بدبي، لاستعراض تداعيات المرحلة الاستثنائية الحاليّة، كخطوة مهمة وإيجابية حسب القائمين على الغرفة، لتعزيز ثقة القطاع الخاص بدور الحكومة والإجراءات التي تتخذها من أجل التعامل بكفاءة ومرونة مع الأزمة الحالية.
وأسفر الاجتماع عن رفع مجموعة من المقترحات التي تطالب بحزمة من التسهيلات والإعفاءات التي يرى القطاع الخاص أنها "مهمة لاستمرارية عملياته في المرحلة المقبلة، والحد من تأثيرات الأزمة الحالية في نشاطه التجاري، وفي الموارد البشرية العاملة لديه".
وقال ماجد سيف الغرير، رئيس مجلس إدارة تجارة وصناعة دبي، "الغرفة هي صوت مجتمع الأعمال المحلي في الإمارة، وتعمل على توفير كل التسهيلات التي تعزز من سهولة ممارسة الأعمال وضمان استمراريتها، في ظل الظروف الحالية التي يشهدها العالم والمتمثلة في انتشار فيروس كورونا المستجد (كوفيد 19) وتداعياته".
وأضاف الغرير، في حديثه إلى "اندبندنت عربية"، "نواصل القيام بدورنا مكوناً رئيساً من المنظومة الاقتصادية في الإمارة من خلال تعزيز الحوار وضمان التواصل المثمر والدوري بين الحكومة والقطاع الخاص، وتفعيل التعاون والتنسيق القائم مع صنّاع القرار بمختلف دوائر العمل الحكومي. هذه المقاربة جزءٌ من استراتيجية العمل لدينا، التي كانت لها نتائج إيجابية على مستوى قطاع الأعمال المحلي في مختلف الظروف، نظراً إلى التجاوب الكبير والدعم الذي نحظى به من قِبل هذه الجهات".
وفي ما يخص المقترح الذي تقدّمت به الغرفة لخفض القيمة المضافة من خمسة في المئة إلى اثنين في المئة، قال "توجد جهة اتحادية مسؤولة عن الضرائب، ودورنا يتمثل في نقل المقترحات إلى صنّاع القرار المخولين اعتمادها واتخاذ القرارات، معتمدين في ذلك على مبدأ تحقيق التوازن بين الحفاظ على مصالح مجتمع الأعمال الذي نمثله، وضمان مواصلة تقديم الجهات الحكومية خدماتها، التي تعد ركيزة أساسية لدعم مختلف القطاعات".
وكانت وزارة المالية نفت وجود أي خطط في الوقت الراهن لرفع ضريبة القيمة المضافة في الإمارات والمفروضة حاليّاً بنسبة خمسة في المئة، مؤكدة التزام الوزارة تحقيق مستهدفاتها وخططها التنموية المعتمدة.
القطاعات الأكثر تأثراً في دبي
وعن التحديات التي يواجهها قطاع الأعمال في دبي خصوصاً والإمارات عموماً في الوقت الحاليّ، قال ديفيد بيرنز رئيس مجلس إدارة مجلس الأعمال الإنجليزي بالإمارات، "تداعيات فيروس كورونا طالت العالم بأسره لا دبي وحدها. بعض الأعمال والقطاعات تأثرت أكثر من غيرها بتداعيات الوباء، والضيافة كان الأكثر تأثراً، وهو القطاع الأكبر في دبي، إذ يحقق العائد الأعلى للإمارة، وكذلك طيران الإمارات، وكلاهما تعرّض إلى ضربة قوية بسبب تفشي فيروس كورونا، الذي تسبب في إغلاق قطاع الطيران، ووقف تدفق السيّاح والزائرين لدبي من مختلف مناطق العالم، الذي أثر بدوره في الفنادق والمطاعم ومراكز التسوّق، وكذلك في قطاع التجزئة".
وأضاف، "كل الأعمال المرتبطة بقطاع الطيران والسفر والسياحة والتجزئة تأثرت سلباً بتداعيات كورونا، أضف إلى ذلك توقّف سياحة المؤتمرات والمعارض التي تأثرت بها الفنادق التي كانت تستضيف تلك الفعاليات التي لا تنقطع في دبي، وكذلك تأثر قطاع الأغذية والمشروبات المرتبط بالضيافة".
وفي ما يتعلق بضريبة القيمة المضافة (VAT) قال ديفيد بيرنز، "ما أعلمه أن غرفة دبي تقدّمت باقتراح للحكومة بخفض قيمة هذه الضريبة من خمسة في المئة إلى اثنين في المئة، أو وقفها بالكامل من الآن وحتى نهاية العام الحالي، مع التذكير بأن قيمة الضريبة المضافة لا تزال أحد أصغر القيم المطبقة على مستوى العالم، بالتالي التوجه إلى خفضها أو وقفها مؤقتاً سيكون بمثابة لفتة كريمة من الحكومة لمجتمع الأعمال".
خفض إيجار المكاتب بات مُلحاً
ويضيف ديفيد بيرنز، "في ظل الحديث عن سنوات مقبلة من تداعيات الوباء فإنّ الوقت حان لحماية الاقتصاد، وأحد القطاعات الأخرى التي تعاني القطاع العقاري التجاري (المكاتب)، خصوصاً في ظل اعتماد نهج (العمل عن بُعد)، بالتالي جميع القوانين والتشريعات المرتبطة بهذا القطاع يجب أن تتغير في ظل المعطيات الجديدة".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وأوضح، "50 في المئة من الشركات التي تعمل من مساحات مكتبية كبيرة ستتجه إلى العمل عن بُعد بعد رحيل الوباء عن العالم، وسيكون لذلك تأثير كبير جداً في القطاع العقاري بدبي. بالتالي ما ينبغي على الحكومة عمله هو تقليل بعض القيود، للسماح لمزيد من الشركات باستخدام تلك المساحات المكتبية".
واستكمل، "على سبيل المثال مركز دبي للسلع المتعددة DMCC لا يسمح بوجود أكثر من شركة واحدة بمكتب واحد، ويمكن أن يتغير هذا المطلب عبر السماح لعدد من الشركات للعمل من مساحة مكتبية واحدة كما هو الحال في مراكز الأعمال، التي تضم أعداداً من الشركات، وهنا أقول افتحوا الأبواب، اعطوا الفرصة لمزيد من الشركات للعمل من مساحة مكتبية واحدة، الإيجار سيكون أقل، لكنه لن يكون صفرياً، اسمحوا باستخدام المكاتب التي يطلق عليها (Hot Disk) أي تأجير المكتب للموظف، افتحوا مركز دبي المالي العالمي لجميع الشركات التي لا تستطيع تحمّل تكلفة الإيجارات، ليكن هناك خفض لإيجارات المكاتب، لنجعل دبي أكثر الوجهات الممكنة من حيث التكلفة لممارسة الأعمال التجارية في العالم، تدفق مزيد من الشركات الأجنبية يصبّ في صالح اقتصاد دبي بالتأكيد. خفض تكلفة الإيجارات للمكاتب وكذلك التأشيرات أصبح ضرورة لا بدّ منها بعد الأزمة الحالية".
القيمة المضافة وهامش الربحية
من جانبه رحّب باراس شهدادبوري، رئيس مجلس إدارة مجموعة شركات "نيكاي"، والرئيس السابق للمجلس الهندي لرجال الأعمال والمغتربين في دبي، وهو المجلس الذي يعمل تحت مظلة غرفة دبي، بالمقترحات التي تقدّمت بها الغرفة من أجل دعم عالم الأعمال في الإمارة، خصوصاً المقترح الخاص بخفض ضريبة القيمة المضافة، وأشار إلى أنّ أي توجه لخفض القيمة المضافة من شأنه دعم قطاع الأعمال والتجار في دبي والإمارات بشكل عام.
وأضاف، "يوجد هبوط في الطلب مع فقد مزيد من الناس وظائفهم واقتطاع أجزاء من رواتبهم، بالتالي تراجع في نشاطات الأعمال، وفي الطلب على المنتجات، وأيضاً في السيولة بالسوق، وأي توجّه لخفض القيمة المضافة (VAT) مرحب به جداً من قِبل مجتمع الأعمال، لأنه من شأنه مساعدة المستهلك الذي سيتحمّل أي زيادات في سعر المنتج في نهاية المطاف، إذ إن تراجع القيمة المضافة يجعل سعر المنتج أقل".
3 تحديات يواجهها قطاع الأعمال
وعن التحديات التي يواجهها قطاع الأعمال في ظل أزمة كورونا وتداعياتها، قال رئيس مجلس إدارة مجموعة شركات "نيكاي"، "توجد ثلاث تحديات قائمة، أولها تراجع الطلب، ثانياً التكلفة إذ شكّل العامان الماضيان تحدياً كبيراً، ليأتي (كوفيد 19) ويخلق مزيداً من الصعوبات، وعندما نتحدّث عن التكلفة، فنحن نشير إلى كل أشكالها المرتفعة، بدءاً من المساكن والمكاتب التجارية وتأسيس الشركات والإقامات والمدارس... إلخ، يجب أن تتراجع الأسعار إلى ما كانت عليه في 2004 و2005، إذ بدأت في الارتفاع من 2014 وإلى 2017، يجب أن تنزل تكلفة المعيشة والعمل لتعزيز تنافسية دبي. لقد أثلج صدورنا مسارعة الإمارات في إعلان عدم نيتها رفع قيمة الضريبة المضافة، من المهم جداً وضع سيكولوجية المستثمر في الاعتبار. رضا المستثمرين أمر مهم للغاية في دعم اقتصادات الدول".
ويكمن التحدي الثالث، حسب شهدادبوري، في ضرورة "دعم مجتمع الأعمال في توقيت الأزمة الراهنة التي طالت العالم بأسره"، إذ يقول "الشركات الصغيرة والمتوسطة خسرت من 50 إلى 60 في المئة من مبيعاتها، وتواجه مشكلات حقيقية، بالتالي يجب تقديم الدعم لها ليس فقط عبر تأجيل أي زيادة، لكن من خلال الاهتمام بمصالح هذه الشركات، وهذا أمر مهم للغاية، في ظل غياب المداخيل، بالتالي كيف يمكن لهذه الشركات أن تبقى على قيد الحياة".
وأضاف شهدادبوري، "الشركات الهندية في دبي تعاني تداعيات كورونا، خصوصاً مع تراجع قطاع التجزئة نحو 30 في المئة"، مشيراً إلى أن "تراجع الإنفاق والاستهلاك يؤثر في الاقتصاد المحلي بلا شكّ".