أثار انضمام اليمنية الحائزة جائزة نوبل للسلام عام 2011، توكل كرمان، إلى أعضاء "مجلس حكماء" موقع "فيسبوك"، حالة من الجدل وصلت إلى الغضب في بعض الدول منها مصر. وسيكون المجلس بمثابة "محكمة عليا" ويضم شخصيات متنوعة من جميع الدول وسيكون بإمكانه اتخاذ قرارات حاسمة في ما يخص المضمون المنشور على "فيسبوك" و"إنستغرام" وإن كان من المسموح إبقاؤه أو إزالته.
قرب كرمان من جماعة الإخوان المسلمين أثار قلق النائبة في البرلمان الفرنسي ناتالي غوليه، التي اعتبرت في مقالة لها في موقع "لوفيغارو" أن "فيسبوك" بموجب قانون "آفيا" يتمتع بامتيازات مهمة في مكافحة محتوى الكراهية.
قانون آفيا
قانون آفيا اقترحته النائب في البرلمان الفرنسي عن حزب "الجمهورية إلى الأمام"، ليتيسيا آفيا، وتم التصويت عليه بالأكثرية في 13 مايو (أيار)، ويلزم الموقع ومحركات البحث بحذف أي خطاب كراهية أو عنصرية في غضون 24 ساعة، بينما يمنح المنصات ساعة واحدة لحذف المحتوى الإرهابي، كما يلزم بمعاقبة أي مخالفة له بغرامة تصل إلى 250 ألف يورو. وتم الطعن بالقانون في مجلس الشيوخ على نطاق واسع، لكونه وبحسب المعترضين عليه يهدد الحريات العامة وكذلك حرية التعبير.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وتعتبر محاربة خطابات العنف عبر الإنترنت، بحسب "لوفيغارو"، من القضايا الحاسمة في إطار مكافحة الإرهاب لسنوات إذ يجب الموازنة بين التحكم والأمن وحرية التعبير، وقد سجّلت الأيام القليلة السابقة حدثين مهمين في هذا الإطار وهما اعتماد القانون "آفيا" والإعلان عن تشكيل "مجلس الحكماء" في موقع "فيسبوك".
إجراءات "فيسبوك"
تقول غوليه إنه "إذا تم نشر النص كما هو نكون خسرنا جزءاً من سيطرتنا على الأدوات الرقمية اليومية وتحتفظ المنصات بألغازها"، وتذكّر بمجزرة كرايستشيرش التي وقعت في نيوزيلندا قبل أكثر من عام، والتي نقل مرتكبها جريمته بشكل "مباشر" عبر موقع "فيسبوك"، منذ لحظة وصوله إلى المساجد وحتى استخدامه الأسلحة وقتله عشرات المصلين. وفي ذلك الوقت تم نشر أكثر من 300 ألف فيديو بمحتوى إرهابي على موقع "فيسبوك" وعمل فريق من أكثر من 150 شخصاً على إزالتها. كما تم حذف أكثر من 4 ملايين محتوى كراهية من الموقع خلال الربع الأول من عام 2020. وقد شدد في ذلك الوقت "فيسبوك" من شروط استخدامه من خلال منع خاصية "المباشر" وإغلاق أي مجموعات تابعة لمستخدمين يؤيدون الإرهاب.
كذلك قام موقع "فيسبوك" بتحذير المستخدمين عند الضغط أو محاولة مشاركة أي خبر عن فيروس كورونا في الفترة الأخيرة، من خلال إرسال رسالة تنبه المستخدم إلى التأكد من المصدر أو العودة إلى موقع منظمة الصحة العالمية. كل هذه الإجراءات تفيد بأن الموقع يدرك تماماً قوته كمنصة تواصل اجتماعي والأضرار التي قد تنتج من الاستخدام الخاطئ لها. وفي ظل هذه الظروف قدم "فيسبوك" في 6 مايو "مجلس الحكماء" الذي أعلن عنه في سبتمبر (أيلول) 2019.
اختيار خاطئ
ويضم المجلس 20 شخصية مستقلة، بحسب "لوفيغارو"، سيعملون على الموازنة بين حرية التعبير والأمن، ومن بين هؤلاء رئيسة الحكومة الدنماركية السابقة هيلي تورنينج- شميت، رئيس تحرير "الغارديان" السابق آلان روسبرجر وغيرهما. وإلى جانبهم حاملة جائزة نوبل للسلام توكل كرمان.
أثار تعيين كرمان في هذا المنصب موجة احتجاج في بعض دول العالم العربي إذ تعتبر شخصية مثيرة للجدل إلى جانب تأييدها جماعة الإخوان المسلمين المحظورة في معظم دول العالم، والتي يعتبر يوسف القرضاوي الأب الروحي لها وهو اللاجئ في قطر والمطلوب في الولايات المتحدة الأميركية والممنوع من دخول فرنسا وبريطانيا وغير المرغوب فيه في دول عربية منها السعودية والإمارات ومصر.
وبحسب مقالة "لوفيغارو" يبلغ عدد الحسابات المتصلة مباشرة أو بطريقة غير مباشرة بجماعة الإخوان المسلمين في مصر مليوني حساب، ويعتبر الإنترنت القناة المفضلة لنشر أيديولوجيتهم المثيرة للجدل. كما تحتوي وسائل التواصل الاجتماعي على الآلاف من الحسابات المتطرفة إسلامية كانت أم غيرها.
"لقد أظهرت الأحداث الجارية أن جائزة نوبل ليست ضماناً لديمومة إنسانية صاحبها، وقضية "أونغ سان سو تشي" مثال واضح على ذلك من خلال رد فعلها على الإبادة الجماعية للروهينغا. ضحية اليوم يمكن أن تصبح جلاد الغد، التاريخ مليء للأسف بهذه التناقضات في المواقف"، بحسب ما كتبت غوليه في "لوفيغارو"، التي تتابع متسائلة كيف تمكن موقع بضخامة "فيسبوك" و"إنستغرام" من ضم هذه الشخصية المثيرة للجدل والمتهمة بتأييدها الإخوان المسلمين وكيف سنأمل في أن يتمكن هذا المجلس من كبح رسائل الكراهية في حين أن أعضاءه متهمون بحملها.
وقالت غوليه إن إيلاء هذه المهمة لشخصية تحمل أيديولوجية أمر مثير للشكوك، ويبرهن عن خطأ في الاختيار وهو يؤدي إلى اتخاذ المزيد من الحذر وعدم الثقة تجاه هذه العمالقة التي تغزو حياتنا.
مطالبات بالمقاطعة
وطالبت غوليه في حديث إلى "سكاي نيوز عربية" بمقاطعة موقع "فيسبوك" معتبرة أنها الطريقة الأمثل للاحتجاج، لكون المعارضة الإعلامية غير فاعلة بوجه شركة بحجم فيسبوك لتغيير تعيين كرمان. وأضافت في تصريحها "أعتقد أن فيسبوك يعمل بنظام اقتصادي خاص به، لذلك أفضل طريقة للاحتجاج على فيسبوك هي مقاطعة الموقع، والعمل على منصات جديدة".
موجة الغضب التي أثارها قرار تعيين كرمان ضمن "مجلس حكماء" "فيسبوك" عبّر عنها مغردون وناشطون، إذ كتبوا منشورات يحتجون عليه من خلالها، ويتساءلون كيف ستتمكن شخصية مثل توكل كرمان وهي الداعمة جماعة مصنفة إرهابية، من الحكم على المحتوى الذي يجب نشره. واحتل هاشتاغ "NO_Tawakkol_Karman" المركز الأول في مصر حيث اعتبر الرافضون الأمر هناك، بأنه ومن خلال هذا التعيين يتم تمكين جماعة الإخوان المسلمين.