وسط العاصمة التونسية، في مبنى صغير في ساحة 14 يناير، يقع مقر وزارة السياحة التي لا يزيد عدد موظفيها في مقرها الرئيس على 70 موظفاً. هذه الوزارة تشكّل أحد أهم شرايين الاقتصاد التونسي، ومن أكبر الوزرات المسؤولة عن قطاعات خدمية تشغّل مئات الآلاف من العمال والموظفين في السياحة والصناعات التقليدية والخدمات. وقد وصل عدد السياح في 2019 إلى تسعة مليون سائح، وإجمالي الواردات من العملات الأجنبية نحو 2.3 مليار دولار أميركي.
في مطلع 2020، كان التفاؤل يعمّ العاملين في القطاع السياحي، مع توقّع أن تكون النتائج فيها أكثر مِمَّا تحقق في سابقتها، وفي الشهرين الأولين من السنة الحالية، زار تونس أكثر من مليون سائح. لكن جائحة كورونا أوقفت السياحة في العالم، ما هدّد مصير أكثر من 760 وحدة فندقية وعمل عشرات الآلاف من العاملين في القطاع في تونس.
ما بعد كورونا
يصرّ وزير السياحة التونسي محمد علي التومي، الذي عمل لسنوات طويلة في الميدان السياحي، على التفاؤل بالآتي. ويعتبر، خلال حديث مع "اندبندنت عربية"، أنّ تونس نجحت في التصدّي لوباء كورونا ومحاصرته، وكان للعمل الحكومي والشعبي دور كبير في جعلها من الدول القليلة التي لم تتأثر فيه، مقارنةً بعدد من دول الجوار.
ويعرب التومي عن اعتقاده بأن "التحكّم بالوباء كانت له نتائج مباشرة على القطاع السياحي، ومنذ أن انتقلت تونس من الحجر الصحي الشامل إلى الحجر الصحي الموجّه، بداية شهر مايو (أيار)، كانت النتائج إيجابية، ما دفعنا إلى التفكير في إعادة تشغيل القطاع السياحي، في الرابع من يونيو (حزيران) 2020، إذ ستفتح المؤسسات السياحية من فنادق ومطاعم ووكالات سفر. وأعدّت الوزارة برامج دعائية وكثّفت اتصالاتها مع سفراء دول أوروبية وعربية ووضعت بروتوكولاً صحياً لضمان سلامة السياح والمؤسسات السياحية".
جهود إنقاذ الموسم السياحي
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
ويضع التومي هدفاً لتلك الجهود، هو "استعادة جزء كبير من النشاط السياحي في شهرَيْ يوليو (تموز) وأغسطس (آب)، اللّذين يشكّلان ذروة الموسم السياحي في تونس، خصوصاً أن السياحة من أهم القطاعات توفيراً لفرص العمل في فصل الصيف. وإضافةً إلى عشرات الآلاف من العمال، تعتمد قطاعات وفئات عدّة على السياحة، ومنها الصناعات التقليدية الحرفية والتجارة، ومهن الرحلات السياحية على الجمال والعربات على سبيل المثال".
وبما أن الهاجس الصحي في زمن كورونا يشكّل تحدّياً للجميع، يرى التومي أن البروتوكول الصحي الذي وُضع هو "ضمان لتونس وسمعتها، وهو ضمان للزوار. لقد دخل العنصر الصحي الوقائي في حياتنا، وهو مهم جداً. وقد تابعتُ إقامة مجموعة من السياح الفرنسيين اختارت البقاء في جزيرة جربة خلال فترة الحجر الصحي. وحرصنا على ألّا ينقصها شيء. واليوم نوجّه دعوة إلى كل السياح في العالم لزيارة تونس وللاستمتاع بما يوفره القطاع في البلاد من مميّزات بجمال الشواطئ والطقس المعتدل والمطبخ التونسي.
تشجيع السياحة الداخلية
ويعتقد التومي أن "تشجيع المواطنين على تمضية عطلهم في المؤسسات السياحية هي سياسة متّبعة دائماً في الوزارة، ونجري اتصالات مع أصحاب الفنادق ووكلاء السياحة لتشجيعهم على تقديم عروض مغرية للتونسيين، والوزارة ستحضّر حملات إعلانية موجّهة إلى السوق المحلية. ويترافق قرار إعادة فتح المؤسسات السياحية مطلع يونيو مع رفع القيود عن حرية التنقل بين مختلف المناطق في البلاد. وسيحظى المواطنون بأسعار تشجيعية. والمواطن له الحق في الراحة والاستجمام في ظل الضغط الذي خلّفته المرحلة السابقة".