"الدليل العجيب للأطفال الشجعان"، كتاب بلغات عدة موجه للأطفال تبنته رابطة المتاحف الإيطالية أخيراً ضمن الجهود العالمية لمواجهة وباء كورونا. يعتمد الكتاب على السرد القصصي المصحوب بالرسوم المُلونة ليُقدم للأطفال بطريقة شيقة قصة "كورونا" هذا الفيروس المُخادع الذي حير العالم. بدأ المشروع بفكرة طرحتها إحدى المؤسسات العلمية الأوروبية، وتبنتها رابطة متاحف الأطفال الإيطالية وعملت على تنفيذها، حتى خرجت أخيراً إلى النور. يُتاح الكتاب حالياً بأكثر من ثلاثين لغة مُختلفة، وقد تبنت مؤسسة جميل للفنون النسخة العربية منه وتوزيعها لى القراء العرب عبر موقعها على الإنترنت للاطلاع والتحميل المجاني.
عدو خفي، وأبطال خارقون يرتدون الأبيض ويحاولون حماية العالم من شروره. هكذا يُخاطب الكتاب الإرشادي عقول الصغار ويحكي لهم عن المواجهة الشرسة مع هذا العدو الخفي الذي يتربص بالبشر. يتصدر الكتاب عبارة للشاعر الأيرلندي جيمس ستيفينز "الفضول سيقهر الخوف أكثر من الشجاعة" ويحاكي السرد فيه أسلوب القصص الكلاسيكية الموجهة للأطفال والناشئة. يبدأ السرد بتعريف بسيط لبداية ظهور الفيروس ونشأته "بدأت هذه القصة في ووهان البعيدة، وهي مدينة في الصين يعبُرها النهر الأزرق. عاش هنا طبيب يدعى لي وينليانغ. لاحظ الطبيب لأول مرة أعراضاً غريبة على المرضى الذين يعانون من الأنفلوانزا الحادة. زاد اكتشافه من فضوله، لذا بدأ بجمع البيانات ودراستها، وبعد بضعة أيام قرر أن يُحذّر الجميع، فمرض جديد بات على وشك الانتشار. بدأ الأطباء والعلماء في العمل على الفور وقاموا بإيجاد الجاني! لقد كان ميكروباً صغيراً جداً لدرجة أنه يمكن أن يصل لأصغر جزء من رئتينا. لقد أطلقوا عليه اسم "كوفيد 19 " أو فيروس كورونا".
سرد ومعلومات
يتضمن الدليل معلومات وافية عن الفيروس بأسلوب سهل الاستيعاب، يمكن أن تمثل هذه المعلومات دليلاً وافياً للآباء والأمهات والمُعلمين يساعدهم في التعامل مع الصغار وتعريفهم بحقيقة الأمر. "إنه فيروس صغير جداً لدرجة أنه يمكن لـ 350 ألف فيروس من هذا النوع أن تعيش على طرف إبرة. يُقارب هذا العدد عدد الأطفال الذين يولدون كل يوم في جميع أنحاء العالم! هذا الفيروس ليس صغيراً فحسب ولكنه نشط ويلتصق بالأسطح. والعُطاس كاف ليجعله ينتقل لمسافة مترين تقريباً. لهذا السبب انتشر بسرعة ووصل إلى بلدنا والكثير من البلاد الأخرى أيضاً. وسرعان ما أصبح فيروس كورونا معروفاً، ولا يكف التلفزيون والراديو عن الحديث عنه، وأغلقت المدارس أبوابها بسببه"
يشرح الكتاب الأسباب التي دعت العالم إلى الإغلاق ومكوث الناس في المنازل، والكيفية التي ينتقل من طريقها الفيروس من شخص لآخر، ويُطمئن الصغار بأن العلماء والأطباء يعكفون على البحث عن طريقة لهزيمة هذا العدو الخفي. "ليس علينا الخوف بل الحذر حتى تعود الحياة إلى طبيعتها المُعتادة"، يتضمن الكتاب أيضاً سرداً مُفصلاً لأساليب الوقاية من العدوى.
شارك في كتابة هذ الدليل الإرشادي علماء وفنانون ومسؤولون عن متاحف، بالرسم والتصميم والكتابة. وتكمن أهميته في كونه مُتاحاً بأكثر من لغة، فالثقافة كما الفيروسات لا تعترف بالحدود أيضاً، كما أنه يُساهم في دعم الثقة في النهج العلمي، ويساعد الجميع بما في ذلك الآباء والمدرسين على تبادل المعلومات والنصائح بهدوء، وتفهم الإجراءات التي يجري اتخذاها على نحو أفضل، وإدراك أهمية المجتمع والوحدة والتعاون خلال الأزمة الراهنة.
رسالة بريطانية
المشروع الذي تبناه اتحاد المتاحف الإيطالية لم يكن الوحيد في هذا الصدد، إذ ظهرت خلال الآونة الأخيرة مشاريع أخرى موجهة للصغار، اعتمدت كذلك على السرد القصصي، بينها مثلاً مشروع بريطاني تحت عنوان "رسالة من كورونا" والذي كان نتيجة لتعاون بين طالبة طب وأحد الرسامين، وهو موجه للصغار من الثالثة حتى السابعة. إذ لاحظت الطالبة كما تقول أن معظم المعلومات المُتداولة حول الوباء تُقدم بأسلوب يُناسب البالغين دون مراعاة لعقول الأطفال الصغار، فقررت أن تُقدم لهم المعلومات التي يحتاجونها بأسلوب شيق يناسب فهمهم.
أما أول المشاريع التي تم إصدارها فكانت للرسام الشهير إكسل شيفلر، وهو فنان ألماني مُتخصص في رسوم الأطفال، واشتهر برسومه للحيوانات. أصدر شيفلر كتابه المصور تحت عنوان "فيروس كورونا: كتاب للأطفال" متضمناً العديد من الرسوم والشروح وأتاحه مجاناً عبر الإنترنت، من خلال موقع "نوزي كراو" المُتخصص في نشر كتب الأطفال. تُرجم كتاب شيفلر حتى الآن إلى أكثر من أربعين لغة مختلفة كما جرى تحميله أكثر من مليون مرة.