أربعة أشهر وتنهي أعضاء مجلس الشورى السعودي النساء الدورة السابعة، وتكون قد أتمت عامها الثامن منذ تعيين أول عضو امرأة فيه، على الرغم من تمكينها من دخول المجلس وحصولها على نسبة 20 في المئة من إجمالي عدد أعضائه، إلا أنها لم تتمكن من تمرير الكثير من التوصيات في صالح تمكين السعوديات، بل تسبب ذلك في اتهامات أن هناك من يقف ضد توصيات المرأة، فبعد التطور الملحوظ في صالحها وتمكينها ضمن رؤية 2030 منذ قرابة 4 سنوات في الدورة الشورية السابعة، إلا أنها لم تختلف عن قرارات الدورة السادسة وما قبلها، حيث قوبلت معظم التوصيات الشورية الحساسة التي تخص المرأة بالرفض، إلا أن قرارات الحكومة السعودية أنقذت المرأة بانتصارات تخصها بينما الشورى لا يزال صامداً في مكانه لم يتغير أبداً.
وترى النساء في مجلس الشورى اللاتي يتخذن شعلة المطالبة بحقوق المرأة شعاراً لهن، أن الجيل الحالي من أعضاء الشورى ما هو إلا امتداد لمن سبقه وأن التحفظ في الرأي أولى، وقلن لـ"اندبندنت عربية"، "أن هذا نوع من التوصيات يرى البعض من الأعضاء فيه انفتاحاً غير محمود سيؤذي الأسرة وأنه ينبغي دعم دور الرجل في الأسرة بشكل أكبر والتمسك بالتفسير التقليدي للنصوص".
كما انتقدن المجلس بأنه منفصل عن الواقع، مستدركات بالقول، "عندما يصدر القرار من الجهات الحكومية نجد الرافضين أول المصفقين والمؤيدين والداعمين لقرارات تمكين المرأة على رغم رفضهم السابق لتلك التوصيات المطروحة للنقاش".
أسباب "غريبة" للرفض
وبالنظر في أسباب الرفض لبعض التوصيات الخاصة بتمكين المرأة نجد البعض منها غير منطقي، عندما تم طرح ومناقشة التوصية الخاصة بمنح الجنسية لأبناء السعوديات، اعترض أحد الأعضاء بقوله "إنها ستؤدي إلى التصحر والجفاف داخل البلاد"، أما المقترح الخاص بتقنين سن الزواج للفتيات فكان الرفض بحجة أن تحديد عمر الزواج سيؤدي إلى الزواج العرفي. كما شملت أسباب الرفض غير الواقعية قيادة المرأة للسيارة قبل صدور الأمر الملكي بالسماح لها بالقيادة داخل الأراضي السعودية، إذ ذهب الأعضاء لمناقشة قيادتها لدراجة الهوائية من دون النظر للتوصية الأساسية، أما التوصية الخاصة بإصدار المرأة لسجل للأسرة فقوبلت هي الأخرى بالرفض، أرجع الرافضون السبب إلى أنها ليس لها داعٍ، وزادوا في مبرراتهم بقولهم "في حال ظلمت المرأة فعليها التوجه للقضاء".
أعضاء متحفظون
وترى عضو مجلس الشورى إقبال درندري أن تقديم التوصيات يساعد في إعطاء المرأة حقوقها وبناء أسر متماسكة مبنية على المودة والاحترام، ويساعد كذلك في تحقيق ما يصبو إليه الجيل الحالي وأجيال المستقبل.
وقالت لـ"اندبندنت عربية"، "إن نظرة الجيل الجديد للحياة وتفكيره لم يعودا مثل الأجيال الماضية ويجب أن يواكبا التشريعات الحالية وهذا التطور الذي تشهده البلاد، كما يجب أن يواكبا رؤية 2030 التي أكدت تمكين المرأة وتعزيز مكانة السعودية عالمياً من خلال تعزيز دور المرأة ومكانتها".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
أضافت "أن الهدف من طرح توصيات تمكين السعوديات هو تحقيق مقاصد الشريعة التي حفظت الحقوق للجميع والمصلحة العامة وأعلت مكانة المرأة ومنعت الضرر عن الفرد"، لافتة إلى أن الفريق الرافض يرى أن الجيل الحالي من الأعضاء ما هو إلا امتداد لمن سبقه وأن التحفظ في الرأي أولى، وهذا النوع من التوصيات هو انفتاح غير محمود سيؤذي الأسرة وينبغي دعم دور الرجل في الأسرة بشكل أكبر والتمسك بالتفسير التقليدي للنصوص"، مشيرة إلى إن بعضاً من هذا الفريق يغير رأيه ويوافق على المقترحات نفسها إن كانت صادرة من الحكومة.
واستطردت بالقول "لا يوجد رفض كامل أو بالمطلق، إذ نجد أن موافقة الأعضاء أحياناً تكون منخفضة وأحياناً مرتفعة على مثل هذه التوصيات. فأحياناً تسقط التوصية بسبب فارق بسيط في عدد الأصوات، والنظام بالمجلس كبقية البرلمانات كفل حرية تقديم التوصية من العضو وسماع رأي مقدمها وكذلك رأي اللجنة فيها في حدود نظام المجلس، كما كفل للأعضاء حرية التصويت عليها بسرية تامة".
وترى أن تتعدد أسباب الرفض للتوصية لدى اللجنة، والرافضون يجدون مبررات متعددة، مستدركة بالقول "لكن بالتأكيد اللجنة المختصة لها تأثير قوي إذ إن الأعضاء بالمجلس يميلون إلى الارتياح غالباً للرأي الذي تبديه اللجنة. والمسألة باعتقادي اختلاف في وجهات النظر والتوقعات".
وتشير درندري إلى أن التوصيات التي رفضها المجلس لها سابقاً، كانت تتمثل في مقترح إلغاء بلاغات الهروب ودعاوى التغيب والعقوق على الفتيات، وأخرى طالبت فيها بإنشاء شرطة مجتمعية للنساء، إضافة إلى توصية تزويج المرأة لنفسها. وقالت "رفض المجلس توصيات حول استخراج المرأة جواز السفر لنفسها وصدر بعدها قرار ملكي بمنحها هذا الحق".
يذكر أن المجلس رفض توصية ثلاث نساء أعضاء، إقبال درندري وسلطانه البديوي وأحلام الحكمي، طالبوا فيها بتعويض المرأة المتزوجة أو المطلقة دعماً مالياً مما حصل عليه الزوج من منح من الدولة أو التقاعد نظير تعبها معه. كذلك تعويض المطلقة مبلغاً مالياً من الزوج، كما رفض الأعضاء مقترح نظام الرتب العسكرية لسلم الضباط للنساء العاملات في الوزارات العسكرية.
قرارات حكومية مؤيده لمقترحات عطلت
وفي السياق ذاته، رفض مجلس الشورى توصية للعضو لينا آل معينا التي طالبت بممارسة الفتيات الرياضة في المدارس، وبسبب الجدل الذي رافق التوصية أعلن وزير التعليم اعتماد الرياضة المدرسية للطالبات لينقذ هذه التوصية.
وقالت آل معينا لـ"اندبندنت عربية"، إن هناك توصية تقدمت بها تنص "على وزارة الخدمة المدنية تبني مبادرة دعم المرأة العاملة بإنشاء حضانات في الجهات الحكومية أسوة بمبادرة (قرة) في وزارة العمل والتنمية الاجتماعية سابقاً قبل دمج الوزارتين، ومع أن اللجنة تتفق مع هذه المطالبة التي تدعم المرأة العاملة وتمكنها وتحفظ لها أبناءها في فترة عملها لكنها اختلفت معي بأنها ليست جهة الاختصاص، فلم تحصل التوصية على الأصوات الكافية".
وأشارت إلى أن التوصية التي قدمتها لتقرير الهيئة العامة للرياضة في لجنة الشؤون الاجتماعية والأسرة والشباب، وكانت تنص على التنسيق مع وزارة التعليم في إدماج مادة التربية الرياضية في مناهج التعليم العام، ولم تنل الأصوات الكافية مع قبول اللجنة لها.
و قالت "تناقلت أخبار رفض المجلس توصية دمج الرياضة في مدارس التعليم للبنات، فما كان من وزير التعليم الا أن أعلن بإقرار الرياضة في مدارس البنات بعد 24 ساعة من نقاشه تحت القبة، وكان هذا نتيجة الحراك الوطني الذي ينتجه مجلس الشورى بالشراكة مع الإعلام".
آليات العمل
وعلى رغم رفض توصياتها دافعت آل معينا عن المجلس وقالت "من باب الثقافة الشورية المجتمعية يجب أن نوضح مكونات المجلس، فهو يتكون من 150 عضواً منهم 120 رجلاً و 30 إمرأة، إلى أن نسبة مشاركة السيدات 20 في المئة من المجلس ويمثل الأعضاء جميع مناطق البلاد وبتخصصات وتجارب مختلفة".
وحول آليات رفض التوصية، أوضحت آل معينا أن التوصية أو النظام المطروح للنقاش في الشورى لا بد أن يحصل على 76 صوتاً وهو النصف زائد واحد. حتى إذا كانت الغالبية صوتت مع توصية معينة مثل ما حصل مع التوصية الأخيرة لعيسى الغيث الذي طالب بدراسة تعيين قاضيات في محاكم الأحوال الشخصية، الذي صوتت تأييداً لها الغالبية بواقع 58 صوتاً في حين عارضها 57 وتحفظ 35 من الأعضاء، لكن مع ذلك لا تصبح قراراً إلا إذا وصل التصويت إلى 76 صوتاً. وأرى أن هذه جزئية تجب معرفتها.
وأكدت آل معينا أن المجلس لا يرفض قرارات تمكين المرأة بالمجمل، وقالت "هناك قرارات كثيرة لها علاقة بتمكين المرأة وافق عليها المجلس بالغالبية، منها توصية مشتركة مع موضي الخلف تنص على "تمكين المرأة وتعزيز دورها القيادي وتمكين القيادات النسائية من المناصب العليا، وتمت الموافقة عليها وصدر فيها قرار".
المجلس منفصل عن الواقع
وفي سياق متصل، اتخذت عضو مجلس الشورى لطيفة الشعلان مواقع التواصل الاجتماعي وتحديداً "تويتر" مكاناً لتهاجم فيه مجلس الشورى، ووقوفه ضد بعض التوصيات الخاصة بالمرأة. وقالت "إن المجلس متخلف بسنوات ضوئية عن الحكومة ومنفصل عن الواقع ويجب أن يوسع اهتماماته من التوصيات الخاصة بسوسة النخيل والمدن الصناعية وصوامع الغلال، إلى التوصيات التي تقارب مواضيع الشأن الثقافي والاجتماعي والحقوقي، فالمجلس حاليا لا يزال يعمل بالأسلوب ذاته منذ عشر سنوات وأمامكم غوغل ابحثوا وتأكدوا؟".
الشورى وتوصيات المرأة
وبالنظر للتوصيات الخاصة بالمرأة تقدمت لطيفة الشعلان بالعديد منها، ورفض المجلس لها العديد من التوصيات جميعها خاصة بتمكين المرأة السعودية. ففي عام 2017، أسقط الشورى توصية تقدمت بها الشعلان وعطا السبتي تنص على تمكين المرأة من العمل القيادي في سفارات وقنصليات البلاد ودعمهن في مناصب بالمنظمات الدولية، على رغم من دعم لجنة الشؤون الخارجية وتبنيها المقترح، إلا أن الرفض جاء حينها بفارق صوت واحد إذ حصلت التوصية على 75 صوتاً.
وقالت الشعلان تعليقاً على سقوط هذه التوصية سابقاً، التي سبقت تعيين الأميرة ريما بنت بندر سفيرة للسعودية في الولايات المتحدة، "إن سفارات البلاد تمتلئ بموظفات من جنسيات عربية مختلفة. المطلوب إحلال السعوديات المؤهلات محلهن. هذه خطوة أولى. والأمل معقود على وزارة الخارجية لتأخذ مبادرتنا التي أخفقت في المجلس"، وتابعت قائلة "كثير من التوصيات سقطت في التصويت ثم نفذتها الوزارات بالحرف".
كما أسقط المجلس في العام الماضي 2019 توصية تطالب بمراجعة اللائحة الداخلية لنظام الجنسية السعودية بما يمكن أبناء المواطنات المتزوجات من غير سعوديين من الإقامة الدائمة من دون رسوم مالية وإجراءات معقدة، الرفض جاء بفارق صوتين فقط، إذ حصلت التوصية على 74 صوتاً.
وعبرت الشعلان على صفحتها في "تويتر" في أعقاب سقوط التوصية قائلة، "حصلت التوصية على غالبية كبيرة تكشف أهميتها لمعالجة أوضاع آنية ملحة، إنسانية وحقوقية".
مضيفة "سبق وقدمنا في الدورة السادسة الماضية مشروعاً لتعديل نظام الجنسية لتمنح السعودية جنسيتها لأبنائها، لكنه وصل إلى طريق مسدود حتى الآن، مما جعلنا في هذه الدورة نحاول عبر مسارات أخرى ولو صغيرة كهذه التوصية".
كليات الرياضة
كما رفض البرلمان السعودي في 2017 توصية خاصة بإنشاء كليات متخصصة لرياضة البنات بفارق ثلاثة أصوات، إذ حصلت التوصية على 73 صوتاً فقط. وكانت المفارقة أن وزير التعليم في ذلك الحين أحمد العيسى أعلن عن تدشين انطلاقة أول برنامج للتربية الرياضية في جامعة الطائف، وأخدت لاحقاً جامعات أخرى زمام المبادرة بعد سقوط هذه التوصية في الشورى.
زواج القاصرات
وفي العام ذاته رفضت لجنة الشؤون الإسلامية في المجلس توصية تقدم بها خمسة أعضاء بخصوص زواج القاصرات هم لطيفة الشعلان موضي الخلف ونورة المساعد وعيسى الغيث فوزية أبا الخيل، ثم وجدت اللجنة نفسها بعد أسابيع محدودة أمام مشروع محال إليها من الحكومة يختص بوضع ضوابط للحد من زواج القاصرات مما أوجب عليها التعامل معه. وأحدث مشروع الحكومة انقساماً داخل اللجنة حيث تبنى ثلاثة أعضاء باللجنة هم عبدالعزيز النصار وعلي الشهراني وعبدالرحمن باجودة رأي أقلية معارض لبعض جوانب المشروع وتحديد سن أدنى للزواج ودعمهم في عدم تحديد سن أدنى من أعضاء المجلس سامية بخاري ومحمد آل عباس، وعلى رغم ذلك تم نجاح مشروع الضوابط بصعوبة في التصويت النهائي.
سجل الأسرة
عطل البرلمان السعودي مقترحاً قدم في الدورة الماضية لتعديل نظام الأحوال المدنية تقدمت به لطيفة الشعلان والأميرة سارة الفيصل وناصر بن داوود وهيا المنيع، ينص على أن يكون هناك سجل أسرة للأم وإعطائها حق التبليغ عن الولادة والوفاة وشمولها في مصطلح رب الأسرة. وكان أن تبنت الدولة في تعديل وصف بالتاريخي نظام الأحوال المدنية في عام 2019 وشمل تغييرات جوهرية بعضها مطابق لاقتراح أعضاء المجلس.
كما عطل المجلس مقترحاً قدم في الدورة السادسة لتعديل نظام وثائق السفر واقترح حصول المرأة على جواز السفر كوثيقة وطنية من دون موافقة ولي الأمر والذي صدر فيه قرار أخيراً.
وشمل المقترحات والتوصيات الخاصة بتمكين المرأة والتي عطلها المجلس مقترحان قدما في الدورة السادسة خاصة بتعديل نظام الجنسية بما يمكن أبناء المواطنات السعوديات المتزوجات من غير سعوديين من الحصول على الجنسية السعودية.
كما رفض المجلس في عام 2018 توصية تنص "بالسماح للنساء المفرج عنهن بعد انقضاء مدة محكوميتهن بمغادرة دور الضيافة بشكل فوري، من دون الحاجة لحضور أولياء أمورهن لتسلمهن مساواةً في ذلك بالمفرج عنهم من الذكور، والتنسيق مع الجهات ذات العلاقة لتوفير الحماية والمسكن والفرص الوظيفية لهن.
وقالت عضو مجلس الشورى لطيفة الشعلان في تصريحات صحافية حينها، إن "دور الضيافة تحولت إلى "إيواء جبري"، واستبقاء المفرج عنهن جبراً بعد انتهاء مدد محكومياتهن يخالف المادة 36 من نظام الحكم والمواد 7 و21 و24 من نظام السجن والتوقيف.
المجالس البلدية
وأسقط المجلس في 2019 توصية تطالب وزارة الشؤون البلدية بتحديد نسب النساء في المجالس البلدية بما لا يقل عن 30 في المئة ضمن ثلث الأعضاء الذين يعينهم الوزير.
كما أسقط المجلس الأسبوع الماضي توصية تنص على تمكين النساء من العمل قاضيات في المحاكم السعودية، والتي أسقطت في 2018 أثناء طرحها للنقاش في أروقة المجلس.
النظام يكفل للجميع تقديم مقترحاتهم والقرار للغالبية
وفي سياق متصل قال المتحدث باسم مجلس الشورى السعودي محمد المهنا، "إن مقترحات وتوصيات الأعضاء تخضع للنقاش تحت قبة المجلس للوصول إلى القرار الرشيد وفق ما تراه الغالبية في المجلس وبما يحقق المصلحة العامة للوطن والمواطنين".
وأضاف المهنا "أن مجلس الشورى يقدر للأعضاء جهودهم في تقديم المقترحات وفق المادة 23 أو توصياتهم الإضافية على الموضوعات التي يدرسها المجلس".