الأقصر، المدينة الأثرية الأكبر في مصر، لما تضمّه من عديد المعابد والمقابر الفرعونية طبقاً لموسوعة غينيس، الأمر الذي جعل منظمة السياحة العالمية، تنصّبها عاصمة للسياحة العالمية في عام 2016، يعتمد أكثر من 70 في المئة من سكانهاعلى صناعة السياحة. على الرغم من ذلك كله لم يعتمد مجلس الوزراء المصري ووزارة السياحة المصرية عودة حركة السياحة الأجنبية الوافدة إلا إلى ثلاث محافظات ساحلية (البحر الأحمر- جنوب سيناء- مرسى)، ما دفع شركات السياحة ونقابة المرشدين السياحيين إلى المطالبة باعتماد الأقصر ضمن محافظات عودة النشاط السياحي.
السياحة الداخلية وحدها لا تجدي
وأشار وائل إبراهيم، نقيب المرشدين السياحيين الأسبق في مدينة الأقصر، إلى أن السياحة الداخلية وحدها لا تقدم انتعاشاً لحركة الشراء والإقامة وزيارة المعابد والفنادق والأسواق السياحية، لذلك باتت عودة حركة السياحة الأجنبية الوافدة ضرورة ملحة إلى هذ المدينة التي تكبّدت النصيب الأكبر من الخسائر خلال أزمة كورونا.
مضيفاً "إن العاملين في هذا القطاع يأملون في تعويض الخسائر التي تكبّدوها"، لافتاً إلى أن أكثر من 70 في المئة من أهالي الأقصر يعتمدون على النشاط السياحي، كما لا توجد أي روافد للدخل لأهالي تلك المدينة سوى صناعة السياحة، لذلك فإن تأخير عودة حركة السياحة الأجنبية إلى المدينة قد تؤدي إلى تدمير الموسم السياحي الشتوي المقبل فيها وفي أسوان وبخاصة، أن الوزارة لم تحدّد أي موعد حتى الآن لعودتها، ما يجعل الحجوزات تذهب إلى دول أخرى لا محالة.
انخفاض الإصابة وانضباط الإجراءات
مطالب أهالي الأقصر تعتمد على ما أفادت به مديرية الصحة والسكان في المحافظة في بيان رسمي، بأن مستشفيات الحميات سجلت صفر إصابات جديدة لـ "كوفيد 19" نهاية يونيو(حزيران) الماضي، كما سجلت مستشفيات العزل الصحي أعلى معدلات للتعافي والشفاء على مستوى مستشفيات جمهورية مصر العربية.
وأشار ثروت عجمي، رئيس غرف شركات السياحة في الأقصر في تصريحات خاصة إلى "اندبندنت عربية"، إلى أن فنادق ومنتجعات المدينة قد طبقت الإجراءات الاحترازية المعتمدة من قبل وزارة السياحة ومنظمة الصحة العالمية وسط رقابة دورية من غرفة شركات السياحة، الأمر الذي يدفع بجميع العاملين في هذا القطاع إلى مطابة وزارة السياحة والطيران بضرورة اعتماد المدينة ضمن محافظات استقبال السياحة الأجنبية الوافدة من الخارج عبر منافذ الطيران الجوي مثل محافظة البحر الأحمر وجنوب سيناء.
مدحت العوامي، صاحب بازار سياحي، ذكر لـ"اندبندنت عربية" أن الخسائر التي تكبّدها العاملون في هذا القطاع غير مسبوقة، ومع استمرار انقطاع تدفّق الأفواج السياحية الأجنبية إلى مدينة الأقصر، ستعلن مئات الأسر إفلاسها، مشيراً إلى أن السائحين من مختلف دول العالم لديهم رغبة جادة في زيارة المدينة، التي تلقّب لديهم بمدينة الشمس، بل يعتقد الآلاف منهم حول العالم على حد وصفه بأن شمس الأقصر شافية لكل لداء ووباء.
وقال هواري المنشاوي، سائق عربة "حنطور"، إنه خلال 100 يوم الأخيرة الخاصة بأزمة كورونا، أصبح بلا مال، لإطعام الفرس، وقد يضطر لبيعها مع العربة والبحث عن وظيفة أخرى لا علاقة لها بالسياحة للإنفاق على أبنائه الأربعة.
حجوزات إسبانية ويابانية معلقة!
محمد عثمان، رئيس لجنة تسويق السياحة الثقافية أشار لـ"اندبندنت عربية" إلى أن المستثمرين في هذا القطاع في محافظتي الأقصر وأسوان قد رفعوا استغاثة رسمية إلى وزير السياحة والآثار خالد العناني، بضرورة عودة السياحة الوافدة الأجنبية جنوب صعيد مصر، مع الالتزام الكامل بالإجراءات الاحترازية وضوابطها اللازمة التي من شأنها حماية السائحين والعاملين في قطاع السياحة.
وأكد عثمان، أن قطاع السياحة في محافظة الأقصر قد تلقى طلبات من شركات سياحية إسبانية ويابانية برغبتهم في تنظيم رحلات سياحية لقضاء عطلة فصل الصيف في المدينة، إلا أن هذه الحجوزات ما زالت معلقة، لعدم اعتماد وزارة السياحة المصرية الأقصر ضمن محافظات استقبال حركة الطيران الدولي، لافتاً إلى أن تأخير تحديد موعد عودة الأفواج السياحية الأجنبية، قد يدمّر حجوزات الموسم السياحي الشتوي في محافظتي الأقصر وأسوان، وقد يتسبب في تسريح آلاف الأيدي العاملة المدرّبة في هذا القطاع ما يكبد خسارة العمالة المدرّبة وينذر بتدني هذه الخدمة مستقبلاً.
وزارة السياحة المصرية
على جانب آخر، كشف مصدر مسؤول في وزارة السياحة والآثار لـ"اندبندنت عربية"، أن الوزارة بالتنسيق مع مجلس الوزراء يبحثان في عودة حركة السياحة الأجنبية ورحلات الطيران السياحية إلى جميع المحافظات السياحية وعلى رأسها مدينة الأقصر، التي شهدت استقراراً كبيراً في الوضع الوبائي لكوفيد-19 ، كما ستدشّن حملات دعائية كبرى عبر تصميم أفلام وثائقية للترويج للأنماط السياحية الثقافية في المدينتين.
وأشار المصدر إلى أن المجلس الأعلى للآثار، اعتمد تخفيضاً بقيمة 50 في المئة في سعر تذاكر المعابد والمزارات السياحية للسائح الأجنبي كتحفيز لزيارتها خلال فصل الصيف، كما دشّنت وزارة السياحة مبادرة لتشجيع السياحة الداخلية تحت عنوان "صيف في الصعيد" تقدم عدداً من العروض المخفّضة على مدار شهور يوليو أغسطس(آب) سبتمبر (أيلول).
وأكد المستشار مصطفى ألهم محافظ الأقصر في جنوب مصر، أن المنشآت السياحية المصرية تطبّق حزمة من الضوابط والاشتراطات الصحية الدقيقة التي من شأنها حماية السائحين والعاملين في القطاع من خطر الإصابة بفيروس كورونا المستجد، مع متابعة دورية ورقابية صارمة من قبل تفتيش وزارات الصحة والتنمية المحلية والسياحة والآثار.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
في سياق متصل أصدر خالد العناني وزير السياحة والآثار المصري ونظيره اليوناني السيد هاريس ثيوشاريس "Harris Theocharis" بياناً صحافياً مشتركاً حول تبادل رعاية السياح الوافدين إلى كلا البلدين، وذلك في إطار التواصل في مجال السياحة بين الدولتين، كما يعدّ هذا البيان الأول من نوعه بين وزارة السياحة والآثار المصرية مع إحدى دول الاتحاد الأوروبي.
وأوضح السفير ماجد مصلح، المشرف العام على إدارة العلاقات الدولية و الشؤون الخارجية في وزارة السياحة والآثار، أن البيان تضمّن تأكيد الاهتمام المشترك لإعادة استئناف الحركة السياحية والسفر بين البلدين للعمل أو للترفيه، في أسرع وقت ممكن، بالإضافة إلى إلغاء قضاء فترة الحجر الصحي للمسافرين بين البلدين إلا في حالة إصابة أحدهم.
وأشار مصلح إلى أنه طبقاً للبيان، سيجري اعتماد نظام بروتوكول للمسافرين بين مصر واليونان إذ، يقوم البلد المستضيف بمعالجة أي سائح مصاب بالفيروس، وفقاً لمعايير السلامة الصحية العالمية، وفي حالة رغبة المسافر المصاب بالعودة إلى بلده وعدم تلقي العلاج في البلد المضيفة، سيجري تسفيره على مسؤوليته الشخصية مع احترام الإجراءات الاحترازية للتنقل التي تقرّها وكالات سلامة الطيران في الاتحاد الأوروبي.
وأكد السفير أن معظم ماجاء في البيان المشترك، كان مدرجاً بالضوابط التي أصدرتها وزارة السياحة والآثار في يونيو الماضي وفقاً للمعايير العالمية التي تم اعتمادها أيضاً من المجلس الدولي للسياحة والسفر (WTTC) ومنظمة السياحة العالمية.
وقال بشار أبوطالب، نقيب المرشدين السياحيين في محافظة البحر الأحمر جنوب مصر لـ "اندبندنت عربية"، إن مصر تتصدّر الدول السياحية الآمنة في وضعها الوبائي خلال أزمة كورونا في منطقة الشرق الأوسط، لافتاً إلى أنه منذ فتح حركة الطيران في مطار الغردقة الدولي وشرم الشيخ أصبحت رحلات الطيران الشارتر تتدفّق بمئات السائحين الأوكران والألمان والبلجيكين والسويسريين، ما يبعث الأمل في نفوس العاملين في القطاع السياحي، الذين تكبّدوا خسائر فادحة جراء كورونا، خلال تطبيق الإجراءات الاحترازية.