في وقت انتقلت المملكة المتحدة إلى مرحلةٍ جديدة من إدارة وباء "كوفيد- 19"، حذر تحالف غير مسبوق مكون من قادة في مجال الصحة في بريطانيا، من أن مرافق هيئة "الخدمات الصحية الوطنية" NHS، لن يكون في إمكانها تلبية حاجات المرضى ما لم تتخذ إجراءاتٍ ملموسة كبيرة لمعالجة النقص الراهن في عدد الموظفين.
فقد اتحدت قوة ضاغطة تضم كلياتٍ طبية ملكية، ونقابات العاملين في "أن أتش أس" NHS ، وهيئاتٍ تمثل كبار مديري المستشفيات ومنظمات صحية أخرى، في تحذير القيمين على هيئة "أن أتش أس إنجلترا" والحكومة البريطانية، بوجوب العمل على تقديم الدعم للقوى العاملة في قطاع الصحة، في أعقاب تفشي مرض "كوفيد- 19".
وكذلك أوضحت تلك المنظمات أنها متحدة حول مبدأ أن اتخاذ إجراء هادف في شأن القضايا التي تعيق القوى العاملة وقد طال أمدها، ربما يكون الطريقة الفضلى لمكافأة موظفي "الخدمات الصحية الوطنية" NHS على الجهود التي بذلوها أثناء تفشي الفيروس. وكذلك دعت السلطات المعنية إلى تقديم التزام رسمي بزيادة عدد العاملين في المرافق الصحية، وتوسيع المرونة في نطاق العمل، وتحسين أداء القيادة وتقديم الدعم للموظفين.
وفي ذلك الشأن، يلفت أن لائحة الموقعين على المناشدة شملت جميع الكليات الطبية الملكية، و"الجمعية الطبية البريطانية" British Medical Association و"الكلية الملكية للتمريض" Royal College of Nursing، و"يونيسون" Unison التي تشكل أكبر اتحاد للنقابات العمالية في المملكة المتحدة، ويضم مليوناً و300 ألف منتسب، و"مزودي الخدمات الصحية الوطنية"، و"أرباب العمل في "أن أتش أس"، و"اتحاد الخدمات الصحية الوطنية".
وفي حديث مع صحيفة "اندبندنت"، نبهت المشرفة على تنسيق البيان المشترك البروفيسورة كاري مايسيوين رئيسة "أكاديمية الكليات الطبية الملكية"، إلى أن "استمرار النقص في عدد العاملين في "الخدمات الصحية الوطنية"، سيلحق ضرراً بالغاً في المرضى".
وأضافت، "لفترة طويلة ساد تسليم بوجود نقص فاضح في عدد الأطباء والممرضات، ونحن الآن لسنا بحاجة إلى مجرد الاحتفاظ بالموظفين لدينا وقد أدوا عملاً رائعاً أثناء فترة تفشي الوباء، بل بتنا نحتاج إلى زيادة حجم القوى العاملة في المرافق الصحية".
وبحسب الدكتورة مايسيوين، "لهذا السبب اتحدنا جميعاً بهذه الطريقة غير المسبوقة، لنقول لهيئة "أن أتش أس" إنها لا تستطيع تأخير هذه المسألة بعد الآن، خصوصاً عندما يتعلق الأمر بوجوب دعم العاملين في مجال الرعاية الصحية".
وقبل تفشي أزمة "كوفيد- 19" في المملكة المتحدة، لاحظت "الخدمات الصحية الوطنية" وجود قرابة 40 ألف وظيفة شاغرة في مجال التمريض، وأكثر من 100 ألف وظيفة شاغرة لديها في شكل عام.
وعلى الرغم من أن عدد الممرضات والأطباء ارتفع إلى مستويات قياسية في مرافق الهيئة في ظل جائحة كورونا، إلا أنه لم يكن كافياً لتلبية الطلب المتزايد الناجم عن العدد المتنامي للمرضى الذين يحتاجون إلى علاج. وقد أرجأت الحكومة البريطانية غير مرة نشر خطة القوى العاملة الوطنية لإنجلترا، التي كان مفترضاً أن تُنشر العام الماضي.
وفي أوقات سابقة، وعد الوزراء بزيادة التوظيف من خارج المملكة المتحدة للمساعدة في تعزيز مراكز في "أن أتش أس" NHS على المدى القصير، فيما جرى توفير أموالٍ إضافية لتوسيع نطاق التوظيف في مواقع طبية وتمريضية شاغرة في الجامعات.
وفي ملمح بارز، أثنت المنظمات في بيانها المشترك على المساهمة القيمة لموظفي قطاع الصحة في خدمة المجتمع، مشيرة إلى "أن الناس والحكومة على حد سواء، يقدرون التفاني والجهود الرائعة للعاملين على جميع المستويات في مجال الرعاية الصحية طوال أزمة "كوفيد- 19". إننا ننتقل الآن إلى المرحلة الآتية من إدارة الوباء. وبصفتنا منظمات تمثل العاملين في "الخدمات الصحية الوطينة" NHS وأرباب العمل في تلك المرافق، فإننا نرى أن المشكلات الطويلة الأمد التي تواجهها الخدمات الصحية والقوى العاملة في مجال الرعاية الصحية، وقد تبدت واضحة للعيان مِنْ قَبْل واستفحل أمرها مع تفشي الوباء؛ تتطلب التزاماً رسمياً بوجوب معالجتها بطريقة منهجية ومستدامة، لأن ذلك يشكل السبيل فعلياً لمكافأة موظفي الصحة والرعاية".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
واستطراداً، رأى البيان أنه "من دون توفير هذه المتطلبات، لن تقدر "أن أتش أس"NHS على الوفاء بحاجات مرضاها". وفي المقابل، اعتبر الموقعون على البيان أن خطة القوى العاملة قد تتطلب "إعادة صياغة"، لكنهم شددوا على أنه "يجب علينا الآن أن نمضي قدماً ونشرع في تطبيق نهج جديد". وتتضمن المطالب الرئيسية التي قدمتها المجموعات الموقعة، تعزيز القوى العاملة في قطاع الخدمات الصحية عِبْرَ ما اعتبرتها "أولوية معترفاً بها على الصعيد الوطني تتمثل في زيادة عدد العاملين في حقل التمريض، واتخاذ التدابير اللازمة لمعالجة النقص في هذا المجال من خلال استقطاب الأفراد للانضمام إلى دورات تدريبية، وتشجيع المتطوعين على العودة إلى دعم هذا القطاع، والتوظيف على مستوى دولي أوسع (الذي من البديهي أن يكون أكثر صعوبةً في مرحلة ما بعد "كوفيد- 19")، والتزام ممارسات أفضل للحفاظ على العاملين".
وفي البيان نفسه، شددت مؤسسات القطاع الصحي في بريطانيا على أن الحفاظ على رفاهية الموظفين "الذين تعرضوا للإرهاق والقلق والإجهاد النفسي الشديد" نتيجة أزمة "كوفيد- 19"، يشكل أمراً بالغ الأهمية". وكذلك دعا البيان إلى ضرورة تحسين المراكز والأدوار القيادية للمرافق الصحية على المستويات جميعها بهدف إرساء ثقافة أفضل وتعزيز الجهود المبذولة للحفاظ على الطرق الإيجابية للعمل التي تولدت أثناء أزمة وباء "كوفيد- 19".
وفي نفس مشابِه، دعت المنظمات نفسها مستشفيات "أن أتش أس" NHS ومرافقها، إلى بلورة طرق عملية لمساعدة العاملين لديها على الشعور بأنهم يحظون بتقدير كافٍ، وفي إمكانهم العمل بمرونة، مع تقديم تسهيلات لهم في هذا الإطار ومنحهم مكافأت أفضل.
وفي رؤية متصلة، رأى بيان هذا الائتلاف الاستثنائي لمنظمات الصحة في المملكة المتحدة أن "الخروج من هذه المرحلة من وباء "كوفيد- 19"، وإدارة التداعيات المترتبة عنه، سيشكلان تحديات هائلة لنظام "أن أتش أس" ونظام الرعاية الأوسع نطاقاً وللموظفين العاملين فيهما أيضاً. وينطبق وصف مماثل على الحكومة التي يتعين عليها معالجة جميع هذه التحديات في الوقت المناسب".
وخلص البيان إلى القول إنه "استنتاجاً مما تقدم، وبوصفنا نمثل الموظفين وأرباب العمل، نحن متحدون حول المبدأ المتمثل بمعالجة هذه القضايا الملحة التي تواجهها القوى العاملة، وأن ذلك يشكل الطريقة الفضلى لمكافأة العاملين في مرافق "الخدمات الصحية الوطنية" NHS على جهودهم المضنية التي بذلوها والتفاني الذي أظهروه خلال تفشي الوباء. وكذلك فإن هذه المعالجة ستكون ضرورية أيضاً إذا أرادت هيئة "أن أتش أس" أن تفي بمتطلبات مرضاها في الأشهر والسنوات المقبلة".
© The Independent