في أجواء يسودها الترقب لما سيسفر عنه حشد طرفي النزاع الليبي قواتهما، بانتظار المعركة المرتقبة في سرت والجفرة، فاجأت الميليشيات التابعة لوزارة داخلية حكومة الوفاق المتابعين بإشعال "اقتتال داخلي" في ما بينها على "تقاسم النفوذ"، وذكرت وسائل إعلام ليبية، أن اشتباكات عنيفة وقعت بين ميليشيات الوفاق المتمركزة في طرابلس، الخميس الماضي، بسبب تقاسم السيطرة بالمنطقة المحيطة بمقر "حرس المنشآت النفطية" في جنزور.
وأسفرت الاشتباكات، بحسب المصادر ذاتها، عن مقتل 12 عنصراً من ميليشيات "فرسان جنزور"، ما دفع بحكومة الوفاق إلى إرسال مجموعة مسلحة أخرى تُعرف بالـ "أغنيوات"، لإغلاق الطرق الرئيسة المؤدية إلى موقع الاشتباك، وحماية المنشآت الموجودة في محيطها، على رأسها مقر بعثة الأمم المتحدة في ليبيا.
وتفاعلت البعثة الأممية في طرابلس مع الحادث الواقع في محيطها، فعلى الرغم من النفي الذي نشرته وسائل إعلام مقرّبة من "الوفاق" عن وقوع أي اشتباكات داخلية، فإن البعثة الدولية أكدت الحادث في بيان، نشرته السبت في 11 يوليو (تموز).
عناصر إجرامية
وعبَّر بيان البعثة الأممية للدعم في ليبيا عن قلقه إزاء الاشتباكات الأخيرة في طرابلس، واصفاً القوات المقتتلة فيها بـ "العناصر الإجرامية"، وأضافت البعثة "كان من بين العناصر الإجرامية المشاركة في جنزور، إحدى المناطق السكنية في طرابلس، أفراد من الجماعات المسلحة، وقد تسبب ذلك في ترويع السكان وسقوط قتلى وجرحى".
وطالبت البعثة حكومة الوفاق بالبدء في حل الميليشيات ونزع سلاحها، قائلة "ندين بشدة هذه الأعمال الطائشة التي تعرِّض المدنيين للخطر"، مضيفة "تؤكد هذه الاشتباكات ضرورة أن تتحرَّك حكومة الوفاق الوطني بسرعة نحو إصلاح فعَّال للقطاع الأمني، بالتزامن مع نزع سلاح المجموعات المسلحة، وتسريح عناصرها وإعادة دمجهم".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
عمليات انتقامية
وأفاد مراسل "اندبندنت عربية" في ليبيا زايد هدية، بأن الاشتباكات اندلعت بين ميليشيات "فرسان جنزور"، وأخرى تدعى "غنيوة الككلي" التي يقودها محمد فكار الكيكي، وأضاف "اشتعلت شرارة القتال إثر مقتل محمد أبو جعفر، شقيق آمر ميليشيات فرسان جنزور"، ونتج من هذه الاشتباكات "مقتل آمر ميليشيات غنيوة الككلي محمود فكار وشقيقه، وثلاثة آخرين من أفراد الميليشيات"، إضافة إلى مسلحين من الطرف الآخر.
كما شهدت المنطقة بعد قتل "الكيكي" وشقيقه عمليات انتقام، أسفرت عن إحراق عدد من منازل عائلة فكّار والمتعاونين منهم مع "كتيبة غنيوة" في المنطقة ذاتها، وأظهرت صور جرى تداولها على منصات التواصل الاجتماعي، قيام ميليشيات "فرسان جنزور" بالتمثيل بجثثهم وسط المدينة.
وبدأ الخلاف بين الطرفين، بحسب هدية، حول السيطرة على محطة وقود في منطقة جنزور، التي تتقاسم السيطرة عليها الميليشيات التي نشب بينها الخلاف، انتهى بصراع يهدف إلى السيطرة على مركز قوات أمن المنشآت النفطية.
ميليشيات الوفاق
وتتكوّن قوات حكومة الوفاق من اتحاد عددٍ من الميليشيات، التي تأسست تحت ظل الفراغ السياسي الذي أعقب سقوط نظام القذافي في 2011.
وتؤكد تصريحات لرئيس مجلس النواب الليبي "برلمان شرق ليبيا" عقيلة صالح، أدلى بها إلى وكالة أنباء الشرق الأوسط، أن هذه القوات تتكوّن من حوالى 28 ميليشيا وكتيبة، تشمل قوات حماية ليبيا المقربة من فايز السراج.
وتشكّلت قوات الحماية من تحالف، يضم القوات المتمركزة في العاصمة، وميليشيات أخرى خارجها موالية لحكومة غرب ليبيا، مثل لواء الصمود ولواء النواصي، وثوار ليبيا، وقوات الردع والتدخل المشتركة، وباب تاجوراء، وكتيبة الأحرار.
الميليشيات الوافدة
وأعلن المرصد السوري لحقوق الإنسان، أن أعداد المجندين السوريين التابعين للفصائل المشاركة في حرب سوريا، الذين جرى إرسالهم من قِبل تركيا إلى ليبيا بلغ 15800 مرتزق، وبحسب المرصد، فقد باشرت تركيا إرسال المقاتلين السوريين إلى ليبيا منذ يناير (كانون الثاني) من هذا العام، إذ تجاوز عدد الدفعة الأولى التي أُرسلت للمشاركة في حماية طرابلس الـ 1000 مجند.
ووفقاً للمصدر ذاته، فقد عاد حوالى 5600 من إجمالي أعداد السوريين إلى بلادهم مجدداً، في حين لقي 470 مرتزقاً مصرعهم في الأشهر الماضية، كان من ضمنهم 33 طفلاً من دون سن الـ 18.
فاتورة باهظة
وتشكّل أجور الميليشيات عبئاً ماليّاً على جبهة الوفاق، إذ يكبد المرتزقة القادمون من سوريا، بحسب صحيفة "الغارديان" البريطانية، تركيا وحكومة غرب ليبيا، أجوراً باهظة، متمثلة بـ 2000 دولار شهريّاً لكل مقاتل.
إلا أن المرصد السوري لحقوق الإنسان، أكد أن الحكومة التركية عمدت في الفترة الماضية إلى "إعادة تقييم الأجور وخفضها"، بعد أن تجاوز أعداد المقاتلين السوريين المنتدبين إلى ليبيا ضعفي العدد المخطط له، وهو ما أكده تسجيل صوتي متداول، لم يتسنَ لـ "اندبندنت عربية" التأكد من صحته، يتحدث فيه رجل بلكنة سورية، مدّعياً أنه ورفاقه في ليبيا "تعرّضوا للخداع"، بعد ما وجدوا أن أجورهم التي يتلقونها مقابل قتالهم إلى جانب حكومة الوفاق "لا تتجاوز الـ 566 دولاراً"، مؤكداً "عدم تسلّمهم أجورهم منذ أربعة أشهر".