تختلف الفنانة منة شلبي عن الأخريات من بنات جيلها، فمنذ ظهورها الأول في فيلم "الساحر"، كانت جرأتها وموهبتها وقدراتها التمثيلية المختلفة سر عبورها لمنطقة النجومية بسرعة كبيرة، والتي قلما تصل لها أي نجمة دون عثرات، لم تفكر منة يوماً في الانتشار والوجود بقدر ما كان تفكيرها هو أن تصنع تاريخاً مختلفاً يضعها في تصنيف فني مميز بين نجمات السينما المصرية والعربية؛ لتحتل مكانة لا تخطئها العين على مدار سنوات مشوارها الفني.
منة شلبي تكشف في حوارها لـ"اندبندنت عربية" عن الكثير من أسرار تميزها، وكواليس نجاحاتها ومخاوفها كذلك، تتحدث عن نجاح فيلم "تراب الماس"، الذي أثار ضجة كبيرة عند عرضه سينمائياً، وصولاً للفيلم القصير "شوكة وسكينة" والذي عرض مؤخراً ضمن فعاليات مهرجان الجونة السينمائي وكان تحدياً كبيراً لها، تكشف أيضاً عن أسباب غيابها عن الدراما الرمضانية للعام الثالث على التوالي.
حماس لـ"تراب الماس" من البداية
نجاح كبير حققه فيلم منة شلبي الأخير "تراب الماس" وسط منافسة قوية مع أفلام تجارية مثل "الديزل" و"البدلة" و"الكويسين"، تقول منة عن ذلك: "منذ أن عرض عليّ المخرج مروان حامد دور (سارة العقبي) المُعدة التليفزيونية والفتاة الثورية في أحداث الفيلم، أدركت أن هذا العمل شديد التميز، خاصة أنه مأخوذ عن رواية حققت نجاحاً كبيراً في سوق المبيعات تحمل نفس الاسم للمؤلف أحمد مراد، لذلك كان لدي شغف تقديم هذا الدور، وكنت أدرك أنه صعب جداً لأن كل الشخصيات محورية ومميزة والأحداث متلاحقة، وبالفعل اشتركنا كلنا كفريق بمنتهى الحماس رغم أنني لم أقرأ الرواية الأصلية، وقرأت السيناريو فقط بناء على طلب المخرج".
وتتابع "لقد وضع المؤلف والمخرج بعض الاختلافات والمحاور بعيداً عن النص الأصلي للرواية، وكان طلب المخرج بعدم قراءة الرواية والسيناريو معاً في توقيت واحد، حتى لا يحدث لي أي ارتباك بسبب الاختلاف بين الشخصيتين، وبعد عرض الفيلم وسط أفلام كبيرة، تصنف بأنها تجارية، كان النجاح الكبير، الذي فاق توقعاتنا. نعم كنا نعلم أن الفيلم جيد، والتحدي سيكون بأن جمهوره ذو طبيعة خاصة، لكن فوجئنا أن الفيلم نافس بقوة في شباك التذاكر، وكانت مفاجأة سارة جداً، أثبتت أن مقولة (الفيلم الجيد بيفرض نفسه) حقيقية جداً. وطبعا عناصر النجاح كانت مكتملة؛ لأن فريق العمل كان مميزاً سواء من حيث الأبطال كآسر ياسين وماجد الكدواني وإياد نصار وعزت العلايلي، أو من حيث الكتابة والتي تولاها كاتب الرواية أحمد مراد كسيناريست للفيلم، وطبعا الإخراج لا غبار عليه لأن مروان حامد من أهم مخرجي السينما المصرية، وأكثرهم موهبة في الوقت الحالي"
أسباب عديدة للتعاون مع "مروان"
وعن تكرارها التعاون الفني مع المخرج مروان حامد، بعد تجربة فيلم "الأصليين"، أوضحت منة: "مروان حامد يستحق أن أحرص على التعاون معه لعدة أسباب، فأنا أعتز جداً بالعمل معه؛ لأنه مخرج يستحق كلمة أستاذ، فمروان يمتلك قدرات فنية عظيمة، ورؤية ثاقبة تُغير شكل الأشياء وتجعلها أفضل، وهو قائد حقيقي للعمل تطمئن معه، وتترك نفسك تماماً، وتُنصت لكل ما يقوله بلا تردد، وهذا ما يميزه، والتجربة جعلتني أثق في وجهة نظره، وأثق جداً في ذكائه، وكان فيلم (الأصليين) تجربة خاصة جداً وتحمل أبعاداً مهمة في مسيرة حياتي الفنية لذلك كررت العمل معه، بالاضافة إلى أنني اعتبره الأخ الذي لم تلده أمي".
أفلام مثيرة للجدل نقديا وجماهيريا
أفلام منة الأخيرة، مثل "بعد الموقعة" و"نوارة" و"تراب الماس"، أثارت الجدل نقديا وجماهيريا، فهل تتعمد اختيار هذه النوعية المثيرة للجدل بخاصة أنها قد تكون مغامرة غير محسوبة؟، توضح منة شلبي: "لا أضع شروطاً مسبقة قبل قراءة أي فيلم أو عمل فني عموما، بل فقط أعطي نفسي فرصة لأفهم ما الجديد والمؤثر والملفت الذي سيقدمه العمل؟، وأوافق على الدور في الوقت الذي أجد فيه أي من هذه التأثيرات، سواء كانت كوميدية أو تراجيدية، وسواء سيحدث جدل حوله أم سيكون ترفيهياً فقط؟".
وتتابع "عموما صناعة السينما قائمة أساساً على فكرة الترفيه، ولم تُخلق لإثارة الجدل فقط حتى تكون عميقة أو ما شابه ذلك، ولكن بطبيعة السينما منذ نشأتها تنقسم أفلامها لعدة أنواع، منها أفلام تحسن المزاج لأنها ترفيهية خفيفة، ومنها ما يثير الجدل، ومنها ما يدعوك للتفكير بعد وأثناء مشاهدتها، وبالطبع أدخل مغامرة جديدة مع كل عمل، لأني أحب الاختلاف وأبعد تماماً عن النمطية والسطحية، ولهذا كل عمل يحمل مُخاطرة لأني أحاول أن أقدم شخصية جديدة لم أقدمها في حياتي قبل، وبالفعل أكون خائفة ومترقبة لردود الفعل كأنه أول دور بالنسبة لي".
مغامرات فنية "قصيرة"
مغامرة خاضتها منة شلبي بعد إقدامها على بطولة فيلم قصير مدته 16 دقيقة فقط، رغم أن النجوم في الغالب يرفضون المشاركة في هذه النوعية من الأعمال، وعن هذه النقطة تشير منة: "العالم كله يقدم الأفلام القصيرة، ويشارك فيها النجوم، لماذا في مصر بل والعالم العربي نرفض هذا المبدأ؟ وربما هذا هو السؤال الذي طرحته على نفسي عندما تم عرض فيلم (شوكة وسكينة) عليّ، وعندما وجدته فيلماً جيداً جداً قررت أن أغير فكرة أن النجم لا يقوم ببطولة فيلم قصير، ووافقت على التحدي، وجسدت بطولة الفيلم، وحقق نجاحاً كبيراً في مهرجان الجونة السينمائي مؤخراً، وقد شارك معي في بطولته آسر ياسين وإياد نصار وتحمسنا جميعاً للتجربة، وكانت تدور أحداثه حول موعد عشاء رومانسي يجمع رجلاً وامرأة وتحدث مفارقات درامية جداً، تجعلهما يكشفان ماضيهما، ويتغير مستقبلهما، ويوضعان أمام اختيار صعب".
الألقاب "مجد" لا يشغلها
الألقاب الجماهيرية لها جاذبيتها لدى النجوم، فهل تسعى منة إليها، توضح: "هل ستصدقوني إن قلت إنني لا أبحث عن لقب سيدة الشاشة مثلاً، أو فتاة الدراما، أو أي لقب يدعو للتمجيد، فكل ما يشغلني أن أقدم لنفسي فناً وأدواراً تظل عالقة في ذهن الناس بعد رحيلي في يوم ما، أتمنى أن أترك ميراثاً فنياً من الأدوار المميزة والمهمة والقوية، يتذكرني بها الناس وتسعدهم في وجودي وبعد غيابي".
نظرية خاصة عن الإيرادات
قضية الإيرادات السينمائية وفكرة التربع عليها كمقياس للنجاح تمثل هاجساً قوياً للعديد من النجوم، لكن منة شلبي تؤكد: "أنا ممثلة، أهتم بدوري وقيمته الفنية والمهنية، وأتابع آراء الجمهور والنقاد بناء على هذا المبدأ، لكن حسابات الإيرادات وصراعاتها وهواجسها وأمراضها لا تعنينى على الإطلاق، ولا تشغل تفكيري، وأنا من أنصار نظرية أن الإيرادات ليست المعيار الأول لتقييم الفيلم، فهناك أفلام ممتازة لم تتربع على عرش الإيرادات والعكس صحيح، وهذا لا يمنع أن هناك أفلاماً هدفها الإيرادات فقط، لكن في المقابل هناك أفلام هدفها تقديم فكرة أو توصيل هدف، ولهذا أعتبر الإيرادات في الفن ليست كل شيء".
لفتة إنسانية
شاركت منة في الحملة الخيرية "حق مريض السرطان في الإنجاب، وعن كواليسها توضح: "سعدت جداً باختياري سفيرة مبادرة (حق مريض السرطان في الإنجاب)، وبمجرد اتصال المسؤولين بي رحبت على الفور، وشعرت أنني يمكنني مساعدة الكثيرين، ولدي ما أقدمه للمرضى، خاصة أن هذا المرض يمس الكثير من الأسر والأشخاص، وبالتأكيد في حياة كل أسرة شخص ما قد يكون أصيب بهذا المرض، وسعدت أكثر بالمشاركة عندما وجدت عدداً من النجوم يشجعونني ويشاركوني مثل الفنانة رجاء الجداوي وحورية فرغلي ومها أبو عوف وغيرهن، وبالنسبة لدور مريضة السرطان لا أعتقد أنني يمكن أن أجسده، خاصة أنه تم تقديمه أكثر من مرة".
انتقاء درامي
غابت منة شلبي عن موسم دراما رمضان العام الماضي، بعد تجربة "مسلسل واحة الغروب" قبل عامين، وتوضح الأمر: "أحب الدراما طبعا، لكن لا أحب تقديم عمل كل عام، وأفضل أن أركز في السينما في الفترة التي لا يوجد فيها عمل درامي كبير وملفت ومهم بالنسبة لي، لذلك فكرة الحرص على الوجود التلفزيوني لست مهتمة بها إطلاقا، والدراما تحديداً إن لم يكن العمل مميزاً وكبيراً ومُحكماً فلا داعي من الموافقة عليه، فالجمهور في المنازل ينتظر النجم أو الممثل ويتمنى أن يراه في عمل مميز، وإذا ظهر الفنان بدور غير متوقع قد يكون رد الفعل عكسياً، لهذا لا أشارك بالدراما إلا إذا وجدت دوراً مختلفاً واطمأننت تماما لكل فريق العمل، خاصة أن المسلسل يستغرق تصويره ما لا يقل عن ستة أشهر بشكل يومي ومتواصل، وهذا مجهود كبير جداً على أي فنان، ووقتها لن يتوفر له أي وقت لعمل سينمائي، حيث يجب التفرغ الكامل وأنا أفعل هذا في حالة تقديمي لمسلسل درامي جديد، مثلما حدث في كل أعمالي التليفزيونية وآخرها (حارة اليهود) و(واحة الغروب)، وطبعا الارتباط فقط بالمسلسل والتفرغ يكون إلزامياً لكثرة عدد المشاهد، ولوجود (لوك) للشخصية لا يمكن استخدامه في أي عمل آخر".
تعاون جديد مع "حلمي"
وعن صحة الأخبار التي تفيد بعودتها للتعاون مع النجم أحمد حلمي في عمل سينمائي جديد، أوضحت منة: "أحضر بالفعل لفيلم سينمائي جديد مع أحمد حلمي بعنوان (خيال المآتة)، وهو العمل الثالث بيننا بعد فيلمين، اعتبرهما من أجمل الأفلام التي شاركت في بطولتها، وهما (كده رضا) و(آسف على الإزعاج)، والفيلم الجديد من إخراج المتميز خالد مرعي، ويتم الآن التحضير لتصويره قريباً جداً".