من حجرٍ في المنازل إلى حجزٍ في البلد، هذا ما خلّفه كورونا في المنطقة العربية. السياحةُ التي تعتمد على السفر مصابةٌ هذا الصيف بإحدى أقسى الأزمات. هل البديلُ موجود؟ نعم إنها السياحة الداخلية في البلد الأم. من مصرَ وتونسَ ولبنانَ اخترنا لكم خيارات سياحية معقولة بما يعادل الألف دولار أميركي.
مصر: حجوزات عبر الإنترنت من الغردقة إلى الإسكندرية إلى الأقصر
عروض خاصة وفرص لا تعوّض و"رحلات غير مسبوقة" يُروج لها في مصر عبر الأثير المسموع والمرئي والعنكبوتي. وقد مهّدت وزارتا السياحة والآثار، والثقافة فتح الباب أمام قدر من السياحة الداخلية خلال أسابيع الإغلاق والحظر الجزئيين، إضافة إلى جولات افتراضية على أبرز المواقع الأثرية والمتاحف، وبحرية إلى الأبيض المتوسط أو الأحمر، وربما تزلج على الرمال أو على الماء، أو "سفاري" في الصحراء، أو الطيران بالمنطاد، كل ذلك بأسبوع أو عشرة أيام.
العديد من وكلاء السياحة والسفر هذه الأيام صاروا أكثر مرونة حيث إعداد رحلات تحوي القليل من كلّ ما سبق والكلفة في حدود الألف دولار أميركي. (حوالي 16 ألف جنيه مصري). صاحب إحدى شركات السياحة السيد أحمد سعد يقول، إن إيقاع العمل وتفاصيله انقلبت رأساً على عقب. "ففي مثل هذا الوقت من كل عام، كنا نستقبل فئتين من المصريين: الأولى الراغبة في السفر إلى دول أوروبية، أو جنوب شرقي آسيا أو الولايات المتحدة الأميركية بغرض السياحة الصيفية والتسوّق، والثانية الراغبة في حجز رحلة مصيّف أسرّية أو لمجموعة من الأصدقاء إلى شرم الشيخ أو الغردقة أو مرسى مطروح أو الساحل الشمالي أو الإسكندرية. اليوم وبسبب كورونا، تحوّل ما تبقّى من دفة السياحة إلى السياحة الداخلية، لا سيما في ظل المخاوف وقيود السفر إلى الخارج".
تفصيل الرحلات الداخلية
"تفصيل" رحلات سياحية داخلية للمصريين صار رائجاً وشائعاً. البعض يعهد إلى وكيل سفر للتنظيم والحجز، والبعض الآخر يقوم بذلك بنفسه مستفيداً من التقنيات العنكبوتية التي جعلت تنظيم رحلة سياحية صيفية من ألف اختيار الأماكن إلى ياء العودة إلى البيت ممكناً وميسراً. من القاهرة إلى السويس 210 كيلومترات تقطعها السيارة في نحو ساعتين، إلى متحف السويس القوميّ، حيث يطّلع السائح على تأريخ مصورٍ لرحلة القناة التي حفرها مليون مصريّ في عشر سنوات، وآخرَ محملٍ لكسوة الكعبة المرسلة من مصر إلى مكة باسم الملك أحمد فؤاد الثاني، وقاعات تحوي الكثير من الآثار اليونانية والإسلامية. ويمكن تناول وجبة مأكولات بحرية فاخرة تتميز بها المدينة، قبل التحرك صوب مدينة رأس سدر لقضاء يومين أو ثلاثة في أحد المنتجعات الكثيرة التي تطل على خليج السويس. والمسافة بين المدينتين 72 كيلومتراً تقطعها السيارة في نحو ساعة و25 دقيقة.
مزارات تمهّد للإقامة
بضعة معالم تاريخية ودينية تمهد للإقامة الهادئة: قلعة صلاح الدين الأيوبي، عيون موسى، حمامات فرعون وغيرها. وتعتبر رأس سدر من أشهر الوجهات لمحبي رياضة التزلج الشراعي على الماء، إضافة إلى بحرها الهادئ وجوّها الجاف.
وتنتهي الإقامة في رأس سدر لتبدأ الرحلة إلى شرم الشيخ أو نويبع أو دهب، وجميعها مدن شاطئية تتبع محافظة جنوب سيناء. لهواة السياحة الصاخبة، تمثل شرم الشيخ بفنادقها ومنتجعاتها ومطاعمها ومقاهيها وشواطئها وجهة مثالية. أما محبو السياحة الهادئة الأقرب إلى الطبيعة والبدائية بجمالها الخلاب شكلاً وموضوعاً، فعليهم بمدينة دهب الواقعة على بعد مئة كيلومتر من شرم الشيخ. وإذا التزلّج على الماء والسباحة يمكن ممارستهما في المدينتين، إلا أن مدينة دهب تُهدي محبّيها مواقع بالغة التفرّد للغطس والغوص وأبرزها "الثقب الأزرق" و"كانيون" و"ثري بوولز" ومحمية رأس أبو جلوم.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
رحلات مدمجة
رحلات مدمجة شبيهة يمكن أن تبحر بروادها غرباً. فمن القاهرة إلى الإسكندرية مسافة نحو 218 كيلومتراً تقطعها السيارة في نحو ساعتين ونصف الساعة، ويمكن اللجوء إلى القطار المباشر. الإسكندرية مصيف المصريين الكلاسيكي الذي لم يفقد بريقه على الرغم من منافسة منتجعات "الساحل الشمالي" الشرسة. وتقدم الإسكندرية لزوارها وجبة متنوعة المحتوى: مكتبة الإسكندرية، متحف الإسكندرية القومي، قلعة قايتباي، مقابر كوم الشقافة، حدائق المتنزه، متحف كفافيس وغيرها كثير. وبعد الجولات الثقافية والتاريخية يجد المسافر نفسه أمام ترجمة فعلية لأغنية الراحل محمد قنديل "بين شطين ومياه عشقتهم عينيا، ياغالين علي، يا أهل إسكندرية". شواطئ لا حصر لها تقدم الترفيه الشاطئي لكل المستويات، شأن أماكن الإقامة التي تتراوح بين نجمة وخمسة نجوم.
"فورمة" الساحل
ليلتان أو ثلاث في الإسكندرية يمكن أن تعقبها بضعة أيام في إحدى قرى الساحل الشمالي، تلك المنطقة على ساحل البحر المتوسط من غرب الإسكندرية إلى مرسى مطروح. كيلومترات شاسعة شيدت عليها قرى ومنتجعات سياحية خلقت منظومة اسمها "الساحل" وأسلوب حياة اسمه "فورمة الساحل". الأيام في الساحل الشمالي تختلف عنها في الإسكندرية حيث الصحبة والتجمعات على الرغم من أنف كورونا، وتغلب حياة الليل وملابسه وموسيقاه وأجوائه على حياة الصباح الكلاسيكية المقتصرة على البحر والأمواج والرمال.
أولئك المتمسكون بتلابيب البحر والأمواج والرمال يمكنهم استكمال الرحلة إلى مدينة مرسى مطروح المحفورة في التاريخ الحديث بفضل الراحلة ليلى مراد التي تغنت بـ"حب الاتنين سوا، المياه والهوا" في رائعتها "يا ساكني مطروح". لذلك يجب على الزائر البدء بزيارة شاطئ الغرام الذي سمي كذلك نسبة إلى فيلم ليلى مراد. عناء المسافة الطويلة من الإسكندرية إلى مرسى مطروح (نحو 296 كيلومتراً تستغرق نحو أربع ساعات) يتقلص أمام مجموعة الشواطئ الرائعة والمياه الصافية والصخور الرائعة في تلك المدينة الواقعة في أقصى غرب مصر. مرة أخرى، تتيح مرسى مطروح درجات إقامة متفاوتة تسهم في الحفاظ على الميزانية.
سيوة والغردقة والقاهرة
ميزانية الألف دولار تمكن صاحبها من برامج سياحية عدة. سيوة الواقعة على مسافة 740 كيلومتراً من القاهرة، (تستغرق نحو تسع ساعات)، تحوي جمالاً من نوع خاص: صحراء، رمال بيضاء، آثار تتراوح بين قلعة شالي وحمام كليوباترا، وجبل الموتى، وجزيرة الخيال. وما تمنحه سيوة هو أقرب إلى الخيال الذي يجب أن يعاش.
وهناك إمكانية التوجه صوب الغردقة الواقعة على مسافة 465 كيلومتراً من القاهرة، (تستغرق الرحلة خمس ساعات) وما تمنحه من كم هائل من المنتجعات المطلة على البحر الأحمر، مع إمكانية التوقف لليلة أو ليلتين في العين السخنة حيث جبل الجلالة والمياه والسباحة مع الدلافين، أو الزعفرانة وما تمنحه من جمال طبيعي مشابه.
وتبقى سياحة الجنوب والمعتمدة في أغلبها على سياحة الآثار الفرعونية وسياحة مراكب النيل في الأقصر وأسوان، وأيضاً سوهاج وقنا والمنيا، لكن أغلبها يفضل زيارته في فصل الشتاء.
وتبقى القاهرة قادرة على تقديم وجبة سياحية ليوم أو يومين تحوي آثاراً فرعونية وقبطية وإسلامية ويهودية، إضافة الى الأماكن الترفيهية التي فتح بعضها مثل دور السينما لكن بقيود خاصة بأعداد الزائرين.
تونس: الحيرة بين الفندق والشاطئ
إذا تمكنت من توفير ألف دولار في مثل هذه الأزمة الخانقة، لقضاء عطلة الصيف في تونس، فأنت إما محظوظ أو من ميسوري الحال.
وبهذا المبلغ يمكن لك الاستمتاع بجمال البلد وخضاره الرائع والسباحة في بحره الساحر والسهر في أفضل الفنادق والتعرف إلى أشهر مواقعه الأثرية، والدخول إلى أفضل المهرجانات الثقافية والفنية التي ألغي الكثير منها بسبب وباء كورونا.
موسم سياحي استثنائي تعيشه تونس والعالم بسبب جائحة كورونا، فمنع السفر وإغلاق الحدود، أجبرا الساهرين على القطاع في تونس، التعويل على السوق الداخلية لإنقاذ ما يمكن إنقاذه. كما أجبرا التونسيين على قضاء عطلة الصيف في بلدهم.
الاتحاد الوطني للسياحة الفندقية
لكن رئيس الاتحاد الوطني للسياحة الفندقية عفيف كشك يقول في تصريح لـ "اندبندنت عربية" إن إقبال التونسي على النزل ما زال محتشماً"، مبرراً ذلك بأن" فترة الامتحانات الوطنية لم تنته مما جعل العائلات لم تخطط بعد"، إضافة إلى تدهور القدرة الشرائية للتونسي في ظل الأزمة الاقتصادية وغلاء الأسعار، والتخوف من عدوى كورونا.
ويضيف أن غالبية التونسيين "يخافون التوجه إلى الفندق مفضلين الذهاب إلى الشاطئ وقضاء يوم كامل ومن ثم الرجوع إلى المنزل".
في المقابل، قدمت وزارة السياحة التونسية تصور بروتوكول صحي ليتم اعتماده في إنعاش السياحة، لا سيما الداخلية منها، بوضع تدابير تجهيز الفنادق من الجانب الصحي، من أهمها وجوب احترام التباعد بين الطاولات والمظلات على الشواطئ والمسابح، وتجنب التجمعات سواء داخل الفندق أو خارجه. كما يطالب السائح بأن يجلب معه إلى جانب الكريم الواقي من الشمس، سائلاً مطهراً يلازمه أينما تنقل.
لكن كل هذه الإجراءات حبر على ورق ولا وجود لها على أرض الواقع، بسبب عدم توافر آليات التطبيق، حيث عاد التونسيون بعد إعلان الحكومة السيطرة على الوباء إلى حياتهم العادية من دون أي وقاية تقريباً، وبدأ الكثير منهم منذ دخول فصل الصيف التفكير في قضاء عطلة الصيف التي يعتبرونها مقدسة، كل بحسب موازنته الخاصة.
حركة لا تهدأ
تعتبر المنتجعات السياحية على سواحل البحر الأبيض المتوسط أبرز الاختيارات التي يفضلها التونسي، ونظراً إلى تخصيص السلطات فنادق خاصة بالحجر الصحي للوافدين من الخارج لمنع انتشار المرض، تنفس التونسيون الصعداء. وتمثل تونس إحدى أهم الوجهات السياحية في شمال أفريقيا نتيجة موقعها المتوسطي ومناخها المعتدل. وتمتد سواحلها على امتداد 1300 كيلومتر. ومن بين مدنها المشهورة إلى جانب الحمامات وسوسة، جزيرة جربة المعروفة بجمال شواطئها، ويقصدها عادة السياح الأوروبيون لاكتشاف صحرائها بالجنوب والاستمتاع بشمسها ومواقعها الأثرية.
ويعتبر مبلغ 1000 دولار كافياً ولا يتوافر لكل التونسيين، من أجل قضاء عطلة ممتعة في البلاد. وإذا كنت بمفردك يمكنك الحجز في أحد الفنادق الفخمة، لمدة خمسة أيام تتمتع خلالها بالبحر والمسبح والحمامات الاستشفائية والسهرات الماجنة والتسوق في المدن العتيقة من أجل اقتناء تذكار لك ولعائلتك.
وإذا كنت من شمال البلاد وتريد مكاناً قريباً منك، توجه مباشرة إلى مدينة الحمامات للاستجمام وطلب السكينة، التي تتميز بمنتجعاتها السياحية الفخمة.
وإن كنت مع عائلتك يمكنك اختيار إحدى الإقامات المخصصة للاصطياف في جوهرة الساحل سوسة التي تتميز بسواحلها الواسعة وسهراتها الجميلة التي لا تهدأ وأسواقها التقليدية.
جزيرة الأحلام
أما إذا كنت من جنوب البلاد، فأنت محظوظ بقربك لجزيرة الأحلام جربة لتحجز في أحد فنادقها الفخمة لفترة تمتد بين خمسة وسبعة أيام تزور فيها معالمها التاريخية وأسواقها العتيقة.
وإن كنت من محبي الطبيعة الخلابة والجبال المكسوة بالخضرة التي تحتضن البحر، عليك بالذهاب برفقة عائلتك إلى مدينة بنزرت شمال البلاد، واختيار "شاليه" على شاطئها الرائع والتمتع بأكل السمك او اصطياده بنفسك.
ولمن اعتاد الذهاب الى أوروبا لكن الجائحة تمنعه من ذلك، يمكنه قضاء فترة في شمال غربي البلاد بمدينتي طبرقة وعين دراهم واللتان تتميزان بغاباتهما الجميلة وبحرهما الهادئ وطبيعتهما الخلابة.
تونس الساحرة
غالبا ما يقوم التونسي بالتخطيط بنفسه لقضاء عطلة الصيف وقلّما يتجه إلى وكالة سفر أو سياحة، هذا ما أكده نادر الزيدي صاحب وكالة في الجنوب التونسي، مفيداً بأن غالبية البرامج التي ينظموها موجهة أساساً إلى السياح الأجانب لكن هذا لا يمنع أن يتمتع بها التونسي لأنها أقل تكلفة وأكثر تنوعاً ومتعة.
ويقدم نادر أحد برامجه المفضلة التي سماها "تونس الساحرة" ويمتد 15 يوماً للفرد الواحد بتكلفة 1000 دولار، وخلاله يمكن زيارة تونس من شمالها إلى جنوبها وزيارة عدة مناطق أثرية وتاريخية، والتمتع بأفضل الأطباق التقليدية والتسوق من أسواقها التقليدية.
تنطلق الرحلة من تونس العاصمة وزيارة متحف باردو الذي يتميز بلوحات الفسيفساء الأكبر عدداً في العالم، ومن ثم التحول إلى وسط مدينة تونس، لزيارة المنطقة الأثرية بقرطاج، وأخيراً استراحة رائعة في مدينة سيدي بوسعيد الساحرة ومن ثم الرجوع إلى الفندق.
ثلاث أيام أخرى كافية لزيارة الشمال الغربي للبلاد التونسية بدءاً بنزرت وصولاً إلى عين دراهم وطبرقة، وبعدها يومان آخران لزيارة مدينة القيروان عاصمة أفريقيا التي تزخر بالمعالم الإسلامية وأيضاً يمكن اغتنام الفرصة وشراء السجاد الذي تشتهر به المنطقة. بقية الأيام خصصها برنامج تونس الساحرة للجنوب انطلاقاً من واحات قابس ومدينة مطماطة البربرية وواحات توزر وصحاري دوز، وأخيراً شد الرحال إلى جزيرة الأحلام جربة للتمتع ببحرها الرائع وسهراتها الصاخبة.
كيف يستفيد لبنان من نهضة السياحة الداخلية؟
شهد لبنان خلال السنوات الماضية، طفرة كبيرة تمثلت بقيام آلاف اللبنانيين بجولات سياحية إلى الخارج شملت أوروبا ودولاً عربية، وتركزت في السنتين الماضيتين صوب تركيا نتيجة تدني عملتها الوطنية والسماح للبنانيين بالتبضع وشراء حاجاتهم بأقل من ألف دولار.
لكن ما لبث أن انقلبت الآية مع انتشار كورونا وشبه الانهيار الاقتصادي في البلد. ورب ضارة نافعة بأن أدى ذلك إلى تقدم وازدهار السياحة الداخلية في معظم المناطق اللبنانية.
واستطاعت هذه السياحة تأمين آلاف فرص العمل، إذ شكلت لأبناء الريف دخلاً مالياً انعكس على المستوى المعيشي في هذه القرى وتحديداً في الصيف حيث يمارس طلاب المدارس معظم هذه الأعمال مما يشكل دخلاً إضافياً لأهاليهم وخلقت حركة تجارية فاعلة بين أبناء المناطق. أما اليوم، فقد خرجت هذه السياحة عن إطارها الكلاسيكي عبر وجود الفنادق والبيوت الخاصة، إذ باتت أي عائلة تقوم باستئجار هذه الغرف ليوم واحد أو أسبوع.
جولات حول المناطق
تتنوع السياحة الداخلية لتشمل مختلف المناطق اللبنانية. وفي حديث خاص إلى المدير التنفيذي لمؤسسة "فايبس" للسياحة، يحيى الحاج، يشير إلى أن "السياحة الدينية نشطة في الجنوب وتحديداً في مرجعيون وحاصبيا حيث يُعتقد أن السيد المسيح سار في هذه القرى إلى جبل التجلي في حرمون وعند نهاية الأسبوع يمكن الاستمتاع بباقة من الأنشطة الثقافية والتراثية كزيارة معامل الصابون والفخار والزيت الروماني، إضافة الى ممارسة الرياضة كتسلق الجبال والتنزه في الطبيعة الخلابة".
ويوضح في حديث لـ "اندبندنت عربية"، أن كلفة الرحلة تبلغ 750 ألف ليرة لبنانية (75 دولاراً) خلال ثلاثة أيام. أما السياحة الشاطئية والترفيهية فهي ناشطة في البترون، حيث المنتجعات والمسابح على أنواعها ويمكن التجوال في منطقة اكسير حيث مصنع النبيذ المليء بكرومه الشهية، إضافة إلى الرحلات الاستكشافية وشلالات بالوع بلعا الموجودة في قضاء تنورين والتي تعد من أكثر الشلالات سحراً في العالم. أما تكلفة الرحلة فهي مليون ونصف المليون ليرة لبنانية (150 دولاراً) خلال ثلاثة أيام.
ويضيف الحاج أن السياحة الثقافية والتاريخية فهي في البقاع والشوف. ففي سهل البقاع يمكن زيارة عنجر وتعنايل وصغبين وقلعة بعلبك والقيام أيضاً بعدة أنشطة رياضية وتكلفتها هي 750 ألف ليرة لبنانية (75 دولاراً) خلال ثلاثة أيام.
أما منطقة الشوف، فتشتهر فيها كل من دير القمر وقصر بيت الدين وقلعة موسى وبعقلين و"شلالاتها الزرقاء.
وبالعودة إلى السياحة الدينية والثقافية، تشتهر بشري بمتحف جبران خليل جبران ومتحف الشمع ووادي قنوبين ودير مار شربل والأديرة القديمة، إضافة الى الاستجمام وتناول أشهى المأكولات اللبنانية وممارسة الرياضة على أنواعها بكلفة مليون ليرة (100 دولار) خلال ثلاثة أيام".
"سوق الطيب"
في المقابل، يقول كمال مذوق صاحب فكرة "سوق الطيب" والذي أطلق سلسلة بيوت في مناطق لبنانية عدة كدير القمر في الشوف وعمّيق في البقاع وغيرها، إن "هذه السياحة استطاعت عبر السنوات تأمين آلاف فرص العمل لأبناء الأرياف دخلاً مالياً انعكس على المستوى المعيشي في هذه القرى، وهي تشكل اليوم حافزاً للبنانيين لزيارة مناطقهم التي لا يعرفونها خصوصاً في هذه الفترة، إذ لا يوجد أي جاذب تاريخي أو ثقافي".
احتضار القطاع
في المقلب الآخر، كانت قد حذرت النقابات السياحية الحكومة من "الإقفال التام إذا لم تُقر خطة وزير السياحة التي تضم اقتراحات مشاريع التعاميم والمراسيم والإعفاءات الضريبية وتقسيط القروض وإقرار المراسيم التطبيقية لهذه الخطة وإقرار "الدولار السياحي" وإيجاد سياسة داعمة لتذاكر السفر لتنشيط السياحة الوافدة إلى لبنان".
غياب الخطة
وعن خطة الوزارة، يوضح مدير مكتب ومستشار وزير السياحة مازن بو درغم في حديث خاص لـ "اندبندنت عربية" أنه "تقدمنا من رئاسة الوزراء بمرسوم مشروع إعفاءات ضريبية لجميع القطاعات السياحية من أجل تأجيل المدفوعات إلى خصومات على الكهرباء والضريبة، إضافة إلى القروض المأخوذة من القطاعات السياحية لتحويلها إلى الليرة اللبنانية. كما تقدمنا أيضاً بمشروع اعتماد الدولار السياحي وهو استعمال الدولار المحدد بحسب المنصة الإلكترونية المحددة من قبل مصرف لبنان أي بين 3850 - 3900 ليرة لتأمين الأشهر الستة المقبلة من السنة على هذا السعر".
ولفت إلى أن "المشروع الأول عن الإعفاءات الضريبية يعتمد بشكل مباشر على وزارة المالية لما له تأثير في مالية الدولة ومرتبط بوزارة العدل والقرارات الداخلية لمخاطبة حاكم مصرف لبنان".
أما عن تخوف بعض المواطنين من الاحتكار في الأسعار، يؤكد أن "الشرطة السياحية دائماً في المرصاد لملاحقة المخالفين وحرصنا على الأمن السياحي والغذائي هو أمر رئيسي. يهمنا الأسعار أن تكون منظمة ومدروسة ولوائح الطعام أن تكون مصدقة كما يهمنا النوعية والخدمات التي تتقدم للزوار والسياح. وبناء على ذلك تقوم وزارة السياحة بتقديم الدولار السياحي فقط للمؤسسات المبنية على أعلى مستويات من الشفافية والتنظيم تحت رعاية وإشراف الدولة".
ولكن على رغم كلام الوزارة فإن أي متابع للملف السياحي يرى عشوائية في وضع الأسعار بين فندق وآخر وارتفاع في الأسعار، وهذا ما يترك أثراً سلبياً عند المواطنين. كذلك لا يوجد خطة سياحية لدعم هذا القطاع وتوسيع انتشاره والاستفادة من السياحة الداخلية وتقديم الدعم للمؤسسات وهذه الصرخة تكاد تكون يومية من قبل أصحاب المؤسسات ومعظمها تم بناؤه بمبادرات فردية، كما أن القطاع السياحي يتأثر أيضاً بغلاء تذاكر السفر للمغتربين الذين يريدون العودة، وهذا ما يفرض أيضا تدخلاً من قبل الحكومة.
وعن غياب المهرجانات هذه السنة، فإن إعادة إحيائها من خلال افتتاح مهرجانات بعلبك لاقت وقعاً إيجابياً. وهذا أيضاً يعزز السياحة الداخلية ويجب على البلديات أن تعيد إحياء مهرجاناتها في ظل استحالة عودة السياحة الخارجية، والتي شهدت في لبنان ثورة كبرى خلال السنوات الماضية.
السياحة الداخلية تشكل أكبر مورد للبنانيين وتحريك التجارة الداخلية، وعلى الدولة أن تهتم بهذا القطاع في ظل ما يعانيه لبنان اقتصادياً، وهذه السياحة ستتطور حتماً عندما يتراجع تأثير وباء كورونا وستؤدي إلى توسيع وازدهار الدورة الاقتصادية الداخلية مما يسهم في إعمار المناطق الريفية.