بعد ساعات على افتتاح هنغاريا ممثليتها التجارية في القدس المحتلة، استنكرت دولة فلسطين الخطوة واعتبرتها عدواناً على الأمتين العربية والإسلامية، وانتهاكاً للقانون الدولي، كما أنها تشكل خرقاً لموقف الاتحاد الأوروبي في شأن مدينة القدس.
واستدعت الخارجية الفلسطينية السفيرة الهنغاري لديها للتعبير عن استياء وغضب فلسطين من الخطوة الهنغارية. كما استدعت السفير الفلسطيني في بودابست إلى أجل غير مسمى، رفضاً "للموقف العدائي من قبل هنغاريا".
وقال بيان للخارجية الفلسطينية إن الخطوة الهنغارية، التي تعتبر الأولى من نوعها لدولة أوروبية، "تهدد العلاقات الثنائية بين البلدين وستكون لها تداعيات خطيرة على المستويات كافة".
لكن شادي عثمان، الناطق باسم الاتحاد الأوروبي في فلسطين، قال إن موقف الاتحاد الأوروبي وأعضائه من القدس لم يتغير، مشيراً إلى أن الاتحاد ودوله سيستمران في "احترام الإجماع الدولي بشأن القدس المنصوص عليه في قرارات عدة، من بينها قرار مجلس الأمن الدولي الرقم 478، بما في ذلك موقع التمثيل الدبلوماسي حتى يتم التوصل إلى حل نهائي لقضية القدس".
وكانت دولة هنغاريا افتتحت، الثلثاء، أول ممثلية تجارية أوروبية، تحمل طابعاً دبلوماسياً في القدس، على أن تتبع لسفارتها في تل أبيب.
وشارك في افتتاح الممثلية التجارية الهنغارية رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ووزير الخارجية الهنغاري بيتر زيجارتو والسفير الأميركي في إسرائيل ديفيد فريدمان، بالإضافة إلى السفير الأميركي في هنغاريا ديفيد كرونشتاين.
وقال نتنياهو خلال مراسم الافتتاح إن "هذه هي أول ممثلية أوروبية تفتح في القدس منذ عقود… وهذا مهم جداً بالنسبة إلى التجارة والدبلوماسية… هذه الخطوة من قبل هنغاريا ستؤدي إلى تغيير الموقف بشأن القدس في أوروبا".
وأشار نتنياهو إلى أن ثلاثة دبلوماسيين هنغاريين سيعملون في الممثلية التجارية الجديدة.
وأكد زيجارتو أن فتح الممثلية التجارية لن يقود إلى نقل سفارة بلاده إلى القدس المحتلة، وذلك "بهدف الحفاظ على القانون الدولي ومجاراة سياسة الاتحاد الأوروبي".
ورداً على سؤال هل يعني افتتاح الممثلية التجارية اعترافاً بالقدس عاصمة لإسرائيل، قال سيارتو إن السفارة الهنغارية موجودة في تل أبيب، ولا نية لتغيير ذلك، مشيراً إلى أن فتح الممثلية يظهر بشكل واضح الأهمية التي توليها بلاده للعلاقات مع إسرائيل.
وتعمل في هنغاريا 200 شركة إسرائيلية، وفق وزارة الخارجية الهنغارية فيما تجاوز التبادل التجاري بين البلدين الـ 525 مليون دولار في 2018.
في المقابل، استهجن عدنان الحسيني، عضو اللجنة التنفيذية في منظمة التحرير الفلسطينية ووزير شؤون القدس، الخطوة الهنغارية واعتبرها محاولة لتقويض حل الدولتين وخروجاً عن الإجماع في الاتحاد الأوروبي بشأن القدس المحتلة.
أضاف الحسيني "كان من الأجدى لوزير الخارجية الهنغاري أن يدعو نتنياهو إلى الالتزام بالقانون الدولي وأن يوقف اعتداءاته المستمرة على الشعب الفلسطيني ومقدساته، وليس أن يتماهى مع مواقفه الرافضة للسلام".
ودعا الحسيني الاتحاد الأوروبي إلى رفض الخطوة الهنغارية، "التي لا يمكن النظر إليها إلا على أنها مساندة لنتنياهو في دعايته الانتخابية".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وأشار الحسيني إلى أن إقدام هنغاريا على هذه الخطوة قبل أيام من انعقاد القمة العربية في تونس، يستدعي من الدول العربية "استنكار هذه الخطوة ومعاقبة هنغاريا وكل من يقدم على خطوات مشابهة".
ويُعتبر رئيس الحكومة الهنغارية فكتور أوربان يمينياً متطرفاً. وعلى الرغم من أنه ينظر إلى أوربان في وسط يهود كثر في هنغاريا معادياً للسامية، إلا أن نتنياهو يعمل على توطيد العلاقات معه، وذلك بهدف تفكيك الإجماع في الاتحاد الأوروبي على حل الدولتين ومعارضة نقل السفارات إلى القدس المحتلة.
وكانت الولايات المتحدة الأميركية وغواتيمالا نقلت سفارتيهما رسمياً من تل أبيب إلى القدس في مايو (أيّار) الماضي، بعد اعترافهما بالقدس عاصمة لإسرائيل.
وتبذل إسرائيل جهوداً مكثفة لنيل الاعتراف بالقدس عاصمة لها من قبل الدول.
وعلى الرغم من جهود نتنياهو، فإن الاتحاد الأوروبي ظل موحداً في هذا الشأن، واضطرت دول مثل هنغاريا والنمسا ورومانيا إلى التراجع عن إعلانها نقل سفاراتها إلى القدس وذلك تماشياً مع قرار الاتحاد الأوروبي.
أما أستراليا التي تعهدت نقل السفارة، فقد لجأت أخيراً إلى فتح مكتب تجاري، واعترفت بـ "القدس الغربية" فقط عاصمة لإسرائيل، في حين فتحت التشيك مركزاً ثقافياً في القدس، كما وعد الرئيس البرازيلي الجديد غايير بولسونارو بنقل سفارة بلاده في تل أبيب إلى القدس، إلا أن التقديرات تشير إلى أنه لن يعلن عن نقل السفارة خلال زيارته المرتقبة إلى إسرائيل في نهاية مارس (آذار) الحالي.