مفارقة غريبة في سوق المعادن، فعلى الرغم من تهاوي الطلب العالمي على الذهب، فإن الأسعار تقفز بقوة، ليسجّل المعدن النفيس مكاسب قياسية وتاريخية، بلغت خلال ثلاثة أشهر نحو 443 دولاراً للأونصة، بنسبة ارتفاع تقترب من 30 في المئة.
لكن، بيانات حديثة أصدرها مجلس الذهب العالمي تشير إلى تراجع الطلب العالمي على الذهب بنحو 11 في المئة خلال الربع الثاني من العام الحالي، على الرغم من صعود الطلب الاستثماري على المعدن الأصفر إلى مستوى قياسي. إذ أظهر التقرير الفصلي الصادر عن المجلس، أن الطلب العالمي على المعدن النفيس تراجع بنحو 11 في المئة خلال الثلاثة أشهر المنتهية في يونيو (حزيران) الماضي على أساس سنوي، ليصل إلى 1015.7 طن.
وأرجع مجلس الذهب العالمي سبب انخفاض الطلب العالمي إلى وباء "كوفيد 19" المستجد والإجراءات الاحترازية التي أعلنتها الحكومات، إذ كان المؤثر الرئيس في سوق المعدن الأصفر خلال الربع الثاني. وعلى الرغم من أن هذه الأزمة الصحية تضر بشدة الطلب الاستهلاكي على الذهب، فإنها توفّر الدعم لصالح الطلب الاستثماري.
وأسهمت الاستجابة العالمية للوباء من جانب البنوك المركزية والحكومات، في شكل خفض معدلات الفائدة، وعمليات ضخ السيولة الهائلة في تعزيز التدفقات الداخلة لصناديق الاستثمار المتداولة المدعومة بالذهب، لتبلغ 434.1 طن.
استثمارات السبائك والعملات الذهبية تتراجع
وفقاً للتقرير الفصلي، فإنّ استثمارات السبائك والعملات الذهبية تراجعت بشكل حاد خلال الربع الثاني من العام بلغ 32 في المئة على أساس سنوي، ليهبط إلى 148.8 طن.
في حين أن الطلب على المجوهرات تراجع بنحو 53 في المئة خلال الربع الثاني من هذا العام إلى 251.5 طن، مع حقيقة أن المستهلكين في كل أنحاء العالم شعروا بتأثير إغلاق الأسواق والتباطؤ الاقتصادي الناجم عن ذلك.
ومجدداً، تباطأت وتيرة شراء البنوك المركزية للذهب خلال الربع الثاني من العام، إذ أضافت صافي مشتريات 114.7 طن من المعدن بانخفاض 50 في المئة على أساس سنوي.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
أمّا المعروض من الذهب فقد تأثر كذلك سلباً بالوباء، إذ انخفض بنحو 15 في المئة، ليصل إلى 1034.4 طن في الربع الماضي على أساس سنوي، مع هبوط إنتاج المناجم بنحو عشرة في المئة، وتراجع عمليات إعادة تدوير الذهب بنحو 8 في المئة.
البيانات تشير إلى أنه خلال أول ستة أشهر من العام الحالي، فإن الطلب العالمي على الذهب تراجع بنحو ستة في المئة عند المقارنة مع الفترة نفسها من العام الماضي، ليصل إلى 2076 طناً.
وتسبب الأداء الفصلي في انخفاض الطلب الاستثماري على السبائك والعملات الذهبية بنحو 17 في المئة في غضون الأشهر الستة المنتهية في يونيو (حزيران) الماضي إلى 396.7 طن.
وعلى صعيد الطلب على المجوهرات عالمياً، فقد تراجع بنحو 46 في المئة خلال النصف الأول من العام على أساس سنوي إلى 572 طناً.
وفي ما يتعلق بالأداء النصف السنوي للمعروض العالمي من الذهب، فقد تراجع بنحو ستة في المئة خلال الربع الماضي إلى 2192 طناً، مع تضرر إنتاج المناجم وعمليات إعادة التدوير بقيود الإغلاق.
وبلغ صافي مشتريات البنوك المركزية نحو 233 طناً خلال النصف الأول من العام الحالي، وهو ما يمثل انخفاضاً بنحو 39 في المئة على أساس سنوي. وشهدت صناديق الاستثمار المتداولة المدعومة بالذهب تدفقات قياسية بلغت 734 طناً في الأشهر الستة المنتهية في يونيو (حزيران) الماضي.
وتمكّنت أسعار الذهب من حصد مكاسب تصل إلى 17 في المئة من حيث الدولار الأميركي خلال النصف الأول من العام الحالي، مع حقيقة تسجيل المعدن مستويات قياسية مرتفعة عند تقييمه بعديد من العملات الأخرى.
خسائر طفيفة بعد 9 جلسات من المكاسب
في تعاملات أمس، تراجعت أسعار الذهب للمرة الأولى في عشر جلسات عند تسوية تعاملات الجلسة، مع تحسُّن شهية المخاطرة في أعقاب إعلان بيانات اقتصادية وبعد اجتماع الفيدرالي.
وأظهرت بيانات حديثة انكماش الاقتصاد الأميركي بوتيرة تاريخية في الربع الثاني من العام الحالي، لكنها جاءت أفضل من توقعات المحللين. وجاء تحسن معنويات المستثمرين وإقبالهم على الأصول الأكثر خطورة، بعدما تعهد بنك الاحتياطي الفيدرالي دعم الاقتصاد الأميركي المتضرر من وباء كورونا.
وأمس، أعلن البنك المركزي الأميركي، أنه سيبقي على معدل الفائدة عند نطاقه الحالي دون تغيير حتى يثق بأن الاقتصاد قد تحمّل الوباء وفي طريقه لتحقيق أهداف التوظيف الكامل واستقرار الأسعار. ومع ذلك، فإن ضعف قيمة الدولار الأميركي الذي يتداول قرب أدنى مستوياته في عامين أسهم في الحد من خسائر المعدن النفيس.
وعند التسوية، تراجع سعر العقود الآجلة لمعدن الذهب تسليم ديسمبر (كانون الأول)، وهو العقد الأكثر نشاطاً، بنحو 0.5 في المئة أو ما يعادل 9.90 دولار ليهبط إلى 1966.80 دولار للأوقية. كما أن سعر العقود المستقبلية للمعدن تسليم أغسطس (آب) تراجع بنحو 0.6 في المئة، أو ما يوازي 11.10 دولار، لينهي التعاملات عند مستوى 1924.30 دولار للأوقية، بعد تسوية قياسية الأربعاء الماضي.
ويأتي هذا الهبوط للمرة الأولى بعد تسع جلسات متتالية من الصعود، التي كانت أطول موجة مكاسب منذ المكاسب مدة عشرة أيام متتالية المنتهية في يناير (كانون الثاني) الماضي. وفي وقت متأخر من الجلسة، هبط سعر التسليم الفوري للمعدن الأصفر 0.9 في المئة إلى مستوى 1953.36 دولار للأوقية فاقداً نحو 17.43 دولار.
وخلال التوقيت نفسه، انخفض المؤشر الرئيس للدولار، الذي يتابع أداء الورقة الأميركية مقابل ست عملات رئيسة، 0.4 في المئة، ليصل إلى 93.053 نقطة.