حاول عشرات المتظاهرين اللبنانيين، الثلاثاء الرابع من أغسطس (آب)، اقتحام مبنى وزارة الطاقة في بيروت احتجاجاً على الانقطاع المتواصل للكهرباء، ذلك القطاع المهترئ الذي كبّد الدولة مبالغ طائلة، ويشكّل إصلاحه مطلباً دولياً ملحّاً.
ويعاني لبنان منذ ثلاثة عقود - على الأقل - مشكلة متفاقمة في قطاع الكهرباء ذي المعامل المتداعية، ومن ساعات تقنين طويلة تصل إلى 12 ساعة أحياناً، ما أجبر غالبية المواطنين على دفع فاتورتين، واحدة للدولة، وأخرى مرتفعة لأصحاب مولدات الكهرباء الخاصة، التي تعوّض نقص إمدادات الدولة.
إلا أنه ومنذ بداية الصيف، وفي خضم انهيار اقتصادي متسارع، ازدادت بشكل كبير ساعات التقنين، لتبلغ فترة انقطاع الكهرباء عن بعض المناطق نحو 20 ساعة يومياً.
تدافع مع القوى الأمنية
ونظّمت مجموعة من المتظاهرين وقفةً احتجاجيةً أمام وزارة الطاقة، حصل خلالها تدافع مع القوى الأمنية التي حاولت منعهم من اقتحام المبنى. وتمكّن عدد من المتظاهرين من تخطي سور الباحة الخارجية للوزارة، ووضعوا خيماً للاعتصام داخلها، قبل أن تخرجهم القوى الأمنية ليعتصموا خارجها، كما أقدموا على قطع طريق حيوي قرب الوزارة.
قبل قليل: اعتداء قوى الأمن على المحتجين/ات في وزارة الطاقة
— أخبار الساحة (@Akhbaralsaha) August 4, 2020
من صفحة واصف الحركة#أخبار_الساحة #لبنان_ينتفض pic.twitter.com/EXfbYmxoHt
وأكّد متحدث باسم المتظاهرين للصحافيين، مواصلتهم إغلاق مبنى الوزارة حتى الأربعاء. وقال في بيان موجّه إلى السلطات: "استمرار وجودكم سيغرق لبنان في العتمة"، مطالباً وزير الطاقة ريمون غجر بالاستقالة.
وقالت رحاب لوكالة الصحافة الفرنسية خلال الاعتصام: "نحن أمام وزارة الطاقة لأنها وكر الفساد الأول"، متحدثةً عن أكثر من ثلاثة عقود "من السرقة ولدينا صفر كهرباء"، ومؤكدةً أنه لا حلّ إلا "برحيل المنظومة (الحاكمة) كلها".
أسوأ القطاعات في لبنان
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
ويُعدّ قطاع الكهرباء الأسوأ بين قطاعات البنى التحتية المهترئة أساساً في لبنان، إذ كبّد خزينة الدولة أكثر من 40 مليار دولار منذ انتهاء الحرب الأهلية (1975-1990). ويشكّل إصلاح هذا القطاع شرطاً رئيساً يطالب به المجتمع الدولي، وشكّل أبرز مقرّرات "مؤتمر سيدر" الذي استضافته باريس لتأمين الدعم الدولي للبنان عام 2018.
ومنذ أسابيع، يعد وزير الطاقة بتحسّن وضع التغذية الكهربائية تدريجاً، من دون أي تحسّن يُذكر.
وجاء ذلك في وقت تحقّق السلطات منذ أشهر في قضية استيراد فيول غير مطابق للمواصفات لصالح شركة كهرباء لبنان، عبر شركة مملوكة من مجموعة سوناطراك الجزائرية.
وتشهد البلاد شحاً في مادة "المازوت" الضرورية لتشغيل المولّدات الخاصة، التي عمدت أيضاً إلى تقنين ساعات عملها، وسط تقارير عن تهريب كميات كبيرة من هذه المادة الحيوية إلى سوريا المجاورة، أو احتكارها من التجار.
وتعدّ المحروقات من القطاعات التي تدعمها السلطات في لبنان، وسط ضغوط متزايدة جراء شحّ الدولار في خضم أسوأ أزمة اقتصادية، دفعت مئات آلاف اللبنانيين إلى التظاهر منذ أكتوبر (تشرين الأول) الماضي ضدّ الطبقة السياسية التي يتهمونها بالفساد والعجز، وتراجع زخم التحرّكات مع تفشي فيروس كورونا المستجد.