أعاد إعلان الأمن الإيراني اعتقال الناشط السياسي المعارض المقيم في أميركا جمشيد شارمهد إلى الأذهان الأساليب التي تنتهجها إيران ضد النشطاء والصحافيين اللاجئين للخارج، إذ لم يخف النظام تفاصيل بعض عملياته خارج حدود الدولة.
وجمشيد شارمهد آخر من اختُطف من الخارج، إذ ذكرت وزارة المخابرات الإيرانية في بيان مطلع الشهر الحالي أنها اعتقلته في إطار "عملية معقدة"، وهو الوصف الذي أطلقته على عمليات مشابهة في الخارج.
وبينما ترددت تقارير عن اختطاف جمشيد شارمهد من طاجيكستان، غير أن الداخلية الطاجيكية نفت تسليمها الناشط السياسي إلى إيران، رغم وجود اتفاق "استرداد مجرمين" بين البلدين.
ويُتهم جهاز المخابرات الإيراني بارتكاب عمليات قتل واختطاف متعددة في الخارج. وبينما ينفي النظام ضلوعه في بعض هذه العمليات، إلا أن محاكمات عدة جرت لعملاء إيرانيين نفذوا اغتيالات في الخارج. وتابع الرأي العام الأوروبي مطلع ثمانينيات القرن الماضي محاكمة قتلة ثلاثة من القادة السياسيين الأكراد في مطعم "ميكونوس" في برلین عام 1992، ورافقت الحادث انتقادات واسعة لأداء النظام الإيراني.
وأعلنت هولندا في يناير (كانون الثاني) 2019 أن عملاء مأجورين بواسطة الأمن الإيراني اغتالوا اثنين من المعارضين على أراضيها.
وذكرت الخارجية الهولندية أن لديها "أدلة قوية تثبت ضلوع إيران" في اغتيال عضو منظمة مجاهدي خلق السابق علي معتمد كولاهي في "ألميري" في 2015، والناشط السياسي الأحوازي أحمد مولى في لاهاي في 2017".
جمشيد شارمهد
أعلنت إيران، يوم السبت 1 أغسطس (آب)، اعتقال جمشيد شارمهد وهو زعيم مجموعة سياسية مقرّها الولايات المتحدة، واتهمته بالإرهاب والتخطيط لشنّ هجمات داخل البلاد.
وقال التلفزيون الإيراني نقلاً عن بيان لوزارة الاستخبارات، إن "جمشيد شارمهد، العقل المدبّر لعصابة توندار (رعد) الإرهابية، الذي قام بتدبير أعمال مسلحة وإرهابية في إيران انطلاقاً من أميركا، اعتُقل في أعقاب عملية معقدة، وهو الآن في قبضة قوات الأمن".
وبينما أشارت صحيفة "جوان" التابعة للحرس الثوري إلى أنه اعتقل أثناء زيارته إلى طاجيكستان، لكن وزير المخابرات الإيراني أكد أنه سُلم إلى المخابرات داخل الأراضي الإيرانية.
وتقول جماعة "توندار" التي يتزعمها جمشيد، وهي مجموعة غير مشهورة مقرّها لوس أنجلوس، إنها تسعى لاستعادة الملكية الإيرانية التي أطيح بها عام 1979، وهي تدير محطات إذاعية وتلفزيونية معارضة لإيران في الخارج.
ووفقاً لموقع المجموعة على الإنترنت، فإن شارمهد مهندس إلكترونيات، وُلد في مارس (آذار) 1955، وهو إيراني ألماني عاش في ألمانيا قبل الانتقال إلى لوس أنجلوس عام 2003.
وبثّ التلفزيون الحكومي اعترافات لجمشيد شارمهد يشرح فيها تفاصيل نشاطه المعارض لنظام الجمهورية الإيرانية، وهي طريقة عكف النظام على اتخاذها في التعامل مع الكثير من المعارضين، إذ بثّ اعترافات تلفزيونية لعدد منهم قبل إصدار أحكام وصفت بالقاسية ضدهم.
وتصف مجموعات حقوق الإنسان هذه الإجراءات بـ "الاعترافات الإجبارية"، وقد شرح بعض من بُثت اعترافاتهم وأطلق سراحهم - فيما بعد - أنهم اعترفوا ضد أنفسهم تحت التعذيب.
روح الله زم
فاجأ التلفزيون الإيراني مساء الثلاثاء 15-10-2019 مشاهديه بعرض شريط مسجل للصحفي المعارض روح الله زم معصوب العينين ومكبل اليدين. وقال التلفزيون إن الصحافي زم وقع في قبضة الحرس الثوري، وبأنه "عميل للاستخبارات الفرنسية"، وأُوقف في عملية "معقدة".
وفي الشريط بدا زم جالساً على كرسي إلى جانب علمي إيران والحرس الثوري، وقال إنه نادم على مناهضته "للثورة الإسلامية" وعلى تعاونه مع دول ضد إيران.
وروح الله زم، إيراني ولد في طهران عام 1973، والده رجل الدين الإصلاحي محمد علي زم، الذي تولى مناصب في الحكومة الإيرانية بين عامي 1980 و1990 لكنه أصبح من المسؤولين المغضوب عليهم بسبب نشاط نجله.
وأثناء احتجاجات الحركة الخضراء عام 2009 اعتقل الأمن روح الله زم بعض الوقت، وانشق بعدها عن النظام، وتمكّن من الهرب إلى فرنسا حيث طلب اللجوء السياسي واستقر في العاصمة باريس، ومن هناك ثابر على نشاطه الإعلامي، لا سيما عبر موقعه الإلكتروني "آمد نيوز" وهي قناة على تطبيق "تلغرام" تتهمها السلطات الإيرانية بأنها لعبت دوراً أساسياً خلال موجة الاحتجاجات التي هزّت إيران في ديسمبر (كانون الأول) 2017.
حرص روح الله، عبر موقعه الذي يحوز على أكثر من 1.4 مليون متابع، على نشر أشرطة فيديو وأخبار عن الاحتجاجات، كما نشر وثائق تكشف فساد المسؤولين الإيرانيين، وهو ما أزعج النظام الإيراني كثيراً، ليصنفه على أنه صحافي "مارق ومناهض للثورة".
وقالت مهسا رازاني زوجة الصحافي زم، إن زوجها سافر من باريس الى بغداد مساء الجمعة 11-10-2019 عبر الخطوط الأردنية، وتوقف في عمّان لفترة قصيرة، ووصل العاصمة العراقية فجر السبت.
وأوضحت رازاني أنه "منذ وصوله إلى بغداد لم يجب على مكالماتي، إلى أن اتصل بي فجر الأحد وتحدث معي بأسلوب مختلف وقال إنه بخير، بعدها اطّلعت على خبر إلقاء القبض عليه من وسائل الإعلام الإيرانية".
عبد المالك ريغي
كان عبد المالك ريغي يرأس مجموعة "جند الله" وتبنى عمليات مسلحة ضد أهداف للنظام الإيراني وقد تبنت مجموعته خطاباً يندد بالممارسات الإيرانية ضد أهل السنة في إقليم بلوشستان وإيران. واختطفته إيران عام 2010 من الخارج وأعادته إلى البلاد، وبعد محاكمة استمرت عدة أشهر نفذ حكم الإعدام بحقه في العام نفسه.
وتقول الرواية الرسمية الإيرانية إنه كان متجهاً من دبي إلى بيشكيك عاصمة قرغيزستان، وأرغمت إيران الطائرة التي كانت تقله على الهبوط، لكن خارجية قرغيزستان وصفت الرواية بـ "غير الحقيقية".
وترددت أنباء أن اعتقال ريغي وقع بالتعاون بين إيران وباكستان. وكان السفير الباكستاني في طهران محمد بخش عباسي أعلن أن اعتقال ريغي لم يكن ليحدث لولا تعاون باكستان.
لكن وزير المخابرات الإيراني الأسبق حيدر مصلحي أكد أن اعتقال ريغي لم يكن نتيجة تعاون أي من البلدان الأخرى، وأنه اعتقل بواسطة عناصر الأمن.
محمد علي عموري
من قيادات الحركة الطلابية الأهوازية، وشارك في مؤتمرات طلابية وسياسية وثقافية عدة، وبعد مضايقات عدة هرب إلى العراق عام 2007، لكنه اعتقل هناك وسُلم إلى الأمن الإيراني بعدما أمضى خمس سنوات في السجن، رغم حصوله على حق اللجوء السياسي في أحد البلدان الأوروبية.
وحكم عليه بالإعدام مع أربعة من النشطاء الآخرين، وهم هاشمي الشعباني وهادي الراشدي وجبار آل بو شوكة ومختار آل بو شوكة. ونفذ حكم الإعدام بحق هاشم شعباني وهادي راشدي عام 2014 ، فيما أعلن القضاء تعليق حكم الإعدام بحق رفاقهم الثلاثة الآخرين.
فرود فولاد فند
فتح الله منوشهري، واسمه المستعار فرود فولاد فند، وكان يقيم في لندن قبل اختفائه عام 2007 في تركيا.
وأعلنت منظمة العفو الدولية أنه أعتقل مع اثنين من المرافقين له، وهما ألكسندر ولي زاده و كوروش لور. وأوضح نجل فولاد فند في مقابلة مع إذاعة "فردا" (الغد) الأميركية، أن الأمن الإيراني حذره من إجراء مقابلات مع الإعلام بشأن مصير والده، وطلب منه تبني الصمت".
وكان فولاد فند مؤسساً لمجموعة معارضة تطلق على نفسها "المجموعة الملكية الإيرانية"، وتعلن أنها تعمل لإقامة نظام ملكي في إيران.
وذكرت منظمة العفو أن بعض التقارير تؤكد اختطاف فولاد فند ومرافقيه في كردستان العراق.
وكان الضحية يدير تلفزيوناً معارضاً للنظام من لندن، وتداول رواد الإنترنت مقاطع كثيرة لبرنامج اتسم بمواقف حادة ضد النظام كان يعده.
علي أكبر قرباني
اختطف الناشط السياسي المقرب من منظمة مجاهدي خلق علي أكبر قرباني في تركيا عام 1992. وذكر تلفزيون بي بي سي الفارسي أن مجموعة من المواطنين الأتراك اعترضوا طريقه أثناء خروجه من منزله في منطقة "شيشلي" في إسطنبول وطلبوا منه مرافقتهم.
وذكرت منظمة مجاهدي خلق أن الخاطفين تنكروا بزي الشرطة، وقالوا له إنهم سينقلونه الى مركز للشرطة للإجابة عن بعض الأسئلة. وعندما أثار أداؤهم شك قرباني، دخل في مشادة معهم، فأقدم الخاطفون على تخديره ونقله إلى مكان مجهول".
وعثر على جثمان الناشط السياسي المعارض فيما بعد في الأراضي التركية، وبدت عليه آثار التعذيب والخنق. وفي عام 2002 ذكرت السلطات التركية أن "الحركة الإسلامية" المدعومة من إيران هي من نفذت الاختطاف.
ومنظمة مجاهدي خلق من المجموعات اليسارية المعارضة، وكانت تنشط من العراق للإطاحة بالنظام الإيراني. ونسب الأمن الإيراني عمليات عدة لهذه المجموعة التي تركت العراق بعد الغزو الأميركي عام 2003، وانتقل معظم منتسبيها إلى ألبانيا. كما ينتشر كثير من أعضائها في عدد من البلدان الأوروبية.
علي توسلي
كان علي توسلي من قادة منظمة فدائي الشعب، واختطف أثناء سفره إلى باكو عاصمة أذربيجان عام 1995، وأُودع السجن في إيران.
وذكر تلفزيون بي بي سي الفارسي أن توسلي لم يكن عضواً في المنظمة اليسارية أثناء اختطافه، وكان يعمل في تجارة الخشب. وترددت تقارير أن الأمن الإيراني استدرجه إلى باكو بحجة إجراء صفقة تجارية، ليختطف من هناك وينقل إلى إيران.
ومنظمة فدائي الشعب من المجموعات اليسارية التي شاركت في الثورة ضد نظام الشاة، ودخلت في تحالفات مع رجال الدين بعد الثورة، ولكن سرعان ما نشبت خلافات بينها والنظام الجديد، ليقدم النظام على حملة قمع ضد منتسبيها وقادتها، ويعدم الكثير منهم.
وكان علي توسلي مسؤولاً للعلاقات بين منتسبي المجموعة في الداخل والخارج لسنوات عدة، ما يكشف أهمية اعتقاله بالنسبة للنظام الإيراني.
ونقلت بي بي سي عن بهروز خليق أحد قادة المنظمة القول بأنه " أثناء حكم الرئيس محمد خاتمي حدثت تغييرات في وزارة الأمن، وبعد الاستجواب والسجن لفترة استمرت 6 سنوات أطلقوا سراح علي توسلي".