ألحقت الأمطار الغزيرة التي تشهدها اليمن منذ أيام خسائر في الأرواح وأضراراً بالغة بالمنشآت الخاصة والعامة والمباني الأثرية.
وتعرضت أجزاء من السور الجنوبي التاريخي لمدينة صنعاء القديمة، المصنفة على قائمة التراث العالمي، للانهيار جراء الأمطار والسيول التي تضرب العاصمة اليمنية، منذ نحو أسبوعين.
وأكد شهود عيان لـ"اندبندنت عربية"، أن الأمطار الغزيرة تسببت فى تهدم أجزاء من سور صنعاء القديمة، الذي يعد معلماً تاريخياً مهماً، وأحد أبرز الآثار الحضارية في اليمن، وتسبب ذلك في تهدم منزل مجاور للسور، ونجاة أسرة مكونة من 5 أفراد.
ضمن قائمة التراث العالمي
شهدت مواقع التواصل الاجتماعي المختلفة، تداول صور ومقاطع فيديو توضح الأضرار التي تعرض لها السور من الداخل، في حين أطلق ناشطون ومهتمون بالتراث الإنساني دعوات عاجلة للجهات المختصة، ولمنظمة الأمم المتحدة للتربية والثقافة والعلوم "اليونسكو" للتدخل لإنقاذ السور، كون مدينة صنعاء القديمة، من المعالم المدرجة ضمن التراث العالمي.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
كما أطلقت هيئة المدن التاريخية الخاضعة لسيطرة الحوثيين، نداء استغاثة لإنقاذ صنعاء القديمة من خطر الانهيار.
وقالت الهيئة في بيان لها إن "بعض مباني المدينة القديمة تعرضت لانهيارات شبه كلية جراء استمرار هطول الأمطار غير المسبوقة".
وأشارت إلى "حدوث انهيارات جزئية للجدران الحاملة، والأسقف في السور الشمالي والجنوبي من المدينة المصنفة على قائمة التراث العالمي منذ عام 1986".
وتجدر الإشارة إلى تعرض عدد من المنازل في أحياء صنعاء القديمة للانهيار جراء الأمطار والسيول، أدت إلى وفاة عدد من المواطنين، وباتت بقية المنازل مهددة بالانهيار نتيجة الإهمال، وغياب دور الجهات المختصة، وعدم الاهتمام بمجاري وتصريف السيول منذ سيطرة الحوثيين على المدينة في 21 سبتمبر (أيلول) 2014.
ضحايا
على صعيد متصل، توفي وأصيب 5 مدنيين، جراء تهدم منزل في مديرية همدان، شمال غربي العاصمة صنعاء، جراء الأمطار الغزيرة.
ونقلت قناة العربية، وفقاً لمصادر محلية، أن مياه الأمطار تسببت بانهيار أحد المنازل في منطقة وادي ظهر انهار على ساكنيه، مساء الاثنين، ما أدى إلى مصرع امرأتين وطفل، وإصابة امرأتين أخريين من عائلة واحدة، نُقلتا إلى أحد مستشفيات المنطقة لتلقي العلاج.
نداء استغاثة
وأول من أمس، أطلق مثقفون يمنيون بيان "نداء استغاثة وتضامن" لإنقاذ المدن اليمنية من كوارث السيول.
وقال البيان الذي حمل توقيعات عشرات المثقفين اليمنيين، "الأمطار الغزيرة وشبه المتواصلة تهدم المنازل في شبام، وصنعاء- المدينتين المدرجتين في كنوز التراث العالمي والإنساني، وتجرف السيول المدن والقرى في تهامة- في القناوص، والزهرة، واللحية".
وجاء في البيان أن "اليمن المصابة بالميليشيات والإرهاب، الموبوءة بالفساد والاستبداد، والأوبئة الفتاكة، وكورونا، والمنكوبة بالمجاعة، والجوائح، وكوارث السيول والأمطار في ظل غياب الحماية الوطنية والعون مهددة بالفناء، ندعو كل أبناء اليمن للتنادي للعون والمساعدة والمساندة لمواجهة التحديات والمخاطر المحدقة بوطنهم ومدنهم وبلادهم، كما ندعو الضمير الإنساني، والمنظمات الدولية، واليونسكو للتحرك لإنقاذ الإنسان اليمني، والتراث الإنساني في شبام وصنعاء".
دعم عاجل
بحثاً عن إجابة حول الدور الرسمي الحكومي، أكد، محمد جميح، سفير اليمن لدى منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة "اليونسكو"، أنه بعث مذكرة رسمية عاجلة وجهها للمديرة العامة لليونسكو السيدة أودري أوزلاي، تتضمن توضيحاً بالأضرار التي أحدثتها السيول في المدن التاريخية، وبخاصة تلك المسجلة على لائحة التراث العالمي.
وأوضح جميح خلال حديثه لـ"اندبندنت عربية"، أن رسالته طالبت بتخصيص دعم عاجل للتغلب على الأضرار الناجمة عن السيول والأمطار.
وتطرقت الرسالة، بحسب السفير اليمني، "لأهم ما تعرضت له تلك المواقع العالمية في اليمن من أضرار على مستوى الممتلكات الخاصة كالمنازل، وغيرها، والبنية التحتية".
وفي إجراء لإيجاد معالجات فعلية للكارثة، أكد جميح مطالبة اليمن لليونسكو "بتحريك جزء من احتياطيات صندوق اليونسكو لدعم الحالات الطارئة لمواجهة الأضرار المذكورة".
وتعد صنعاء واحدة من أقدم المدن المأهولة، ولها تاريخ من القرن الخامس قبل الميلاد على الأقل، وتمتاز بطابع معماري فريد مما أهلها لتكون ضمن المدن التاريخية العالمية، وهي واحدة من مدن العالم الأكثر جمالاً، وصنفت مدينة "صنعاء القديمة" من مواقع التراث العالمي لليونسكو لطابعها التاريخي المميز، والخصائص المعمارية الفريدة، وعلى الأخص المباني متعددة الطوابق المزينة بأشكال هندسية.