"بحبك يا لبنان"، هذا ما أكده الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون الذي زار لبنان الخميس، السادس من أغسطس (آب)، وجال في أحياء العاصمة بيروت المدمرة، والتقى قياديي البلاد، موالاة ومعارضة، واكد في ختام يومها اللبناني أن فرنسا ستقف دائماً على جانب لبنان، وقال في مؤتمر صحافي أن "فرنسا مع الشعب اللبناني في هذا الطريق اليوم وغداً ولن تتركه أبداً"، ولفت ماكرون الى انه "اطلعنا على آراء إخواننا اللبنانيين بعد هذه الحادثة ووجدت حزناً عميقاً وغضباً في الشارع، والغرض من هذه الجولة اليوم هو دعم الشعب اللبناني الحر".
أضاف ماكرون، "هذه الأخوة هي من الشعب الفرنسي للشعب اللبناني، واريد ان اوجه التعازي لكل العائلات التي تضررت وهناك فرنسيون تعرضوا للأذى ومئات اللبنانيين جرحوا واستشهدوا ولا يزالون ضائعين"، وقال "في هذه الحالة الطارئة، أرسلنا عدداً من الطائرات وقدمنا مساعدات في المجالات كافة".
وأعلن انه "في الساعات المقبلة هناك طائرات جديدة ستأتي إلى لبنان مع فرق طوارئ للمساعدة في البحث عن المفقودين وللتحقيق في القضية، والخميس المقبل، ستصل إلى لبنان مساعدات أدوية للحالات الطارئة"، مؤكدًا أن "هذا التعاضد سيستمر حتى مساعدة كل الأشخاص المتضررين من أدوية وأغذية وأدوات لإعادة اعمار البيوت المهدمة، وأريد أن اشكر المؤسسات الفرنسية التي قدّمت المساعدات للمتضررين".
سأعود في سبتمبر
وكشف ان "فرنسا ستنظم مع أميركا والبنك الدولي والاتحاد الاوروبي وسنبدأ باتصالاتنا وسننظم مؤتمراً عالمياً لدعم اللبنانيين بهدف دعم المساعدات المالية الأوروبية والأميركية والعالم كله لتأمين الأدوية والغذاء وكل ما هو ضروري للسكن"، ولفت إلى أن الانفجار الذي ضرب المرفأ منذ يومين تسبب بضربة قوية لهذا البلد ولكن استيقظ لبنان مصدوم، وهو سيقف مجدداً والجميع واثق من هذا الأمر"، موضحاً انه "خلال الجوبة التفقدية التي حصلت صباحاً راينا الغضب في وجوه الشباب، وانا أقول للشعب اللبناني إن فرنسا ستقف الى جانبكم في موضوع التربية سنذهب بالدعم ابعد من ذلك وسندعم الجامعات، ونأمل ان نتمكن بالشراكة مع الداعمين ان نقوم بذلك، ويجب تعزيز حرية التعبير والصحافة، اضافة الى تعزيز القدرات في لبنان، وفرنسا منذ عامين تقريباً نظمت العديد من المؤتمرات لدعم لبنان وطلبنا الاصلاح في قطاع الكهرباء، والمساعدات بانتظار الاصلاحات، ولا بدّ من إعادة بناء نظام سياسي جديد والتغيير الجذري مطلوب، وانا كنت صريحاً مع القادة اللبنانيين وأنتظر منهم أجوبة شفافة على أسئلتي التي تناولت ميادين عدة وسأعود إلى لبنان في الأول من سبتمر (أيلول) وأنا على علم أنّه بالإمكان القيام بهذه القفزة الكبيرة".
"لهذا أنا موجود هنا"
وهكذا، فإن بيروت الجريحة والحزينة والمدمرة بتفجير ضرب بنيتها التحتية وأسقط آلاف القتلى والجرحى، استقبلت الرئيس الفرنسي الذي جال في شوارع العاصمة التي لحق بها الدمار، وطالبه لبنانيون خلال الجولة بالعمل على إنهاء نظام حكم قالوا إنه مسؤول عن الفساد وعن جرّ لبنان إلى كارثة.
وقال رجل لماكرون إن اللبنانيين يأملون في أن تصل هذه المساعدات إلى الشعب لا إلى ما وصفه بـ"القيادات الفاسدة".
وأعلن شخص بين المتجمهرين حول ماكرون، طالباً المساعدة من فرنسا "سيادة الرئيس أنت في شارع الجنرال غورو. وقد حرَّرنا هو من العثمانيين. حرِّرنا أنت من السلطات الحالية"، فيما دعا بعض الموجودين في أحد أحياء العاصمة إلى تحرير لبنان من "حزب الله".
وتوجّه الرئيس الفرنسي إلى مجموعة من الأشخاص وهو يصافحهم في طرقات امتلأت بالركام وبحطام الواجهات الزجاجية للمتاجر على جانبَيْها في الانفجار الذي وقع يوم الثلاثاء وراح ضحيته ما لا يقل عن 145 قتيلاً و5000 جريح، وقال "أرى الانفعال على وجوهكم والحزن والألم. ولهذا أنا موجود هنا".
"الشعب يريد إسقاط النظم"
ووعد ماكرون الذي كان يضع رابطة عنق سوداء حداداً على الضحايا وحوله حراسه بإرسال المزيد من المساعدات الطبية وغيرها إلى لبنان، في حين هتف الناس من حوله "ثورة" و"الشعب يريد اسقاط النظام".
وقال ماكرون الذي قام بجولته عقب وصوله إلى بيروت في الزيارة الأولى لزعيم دولة أجنبية منذ الانفجار "لكن المطلوب هنا هو تغيير سياسي. وهذا الانفجار يجب أن يكون بداية لعهد جديد".
واستهل الرئيس الفرنسي زيارته إلى لبنان بجولة في منطقة المرفأ التي تعرّضت لدمار شامل وزار قصر بعبدا والتقى رئيس الجمهورية ميشال عون ورئيس مجلس النواب نبيه بري ورئيس الحكومة حسان دياب.
واجتمع لاحقاً في قصر الصنوبر مع رؤساء الكتل النيابية من معارضة وموالاة، لا سيما رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع ورئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط ورئيس تيار المستقبل سعد الحريري ورئيس حزب الكتائب سامي الجميل ورئيس تيار المردة سليمان فرنجية ورئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل ورئيس كتلة "حزب الله" محمد رعد.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
لجنة تقصي حقائق دولية
وسبقت هذا اللقاء سلسلة مواقف لعدد من رؤساء هذه الكتل النيابية، فجعجع شدّد على أننا "انطلاقاً من فقداننا الكامل للثقة بالمجموعة الحاكمة، وانطلاقاً من علمنا الأكيد بأنّ هذه المجموعة تتدخّل بالقضاء صعوداً ونزولاً، وانطلاقاً من كون السلطة السياسية في لبنان، إضافةً إلى الإدارات القضائية والعسكرية والأمنية والإدارية جميعها في موضع الاتهام، وانطلاقاً من فداحة الكارثة التي وقعت، والأرواح التي زهقت، والأضرار المادية التي حلّت، فإنّنا نطالب، أوّلاً بلجنة تقصّي حقائق دولية توفدها منظمة الأمم المتحدة في أقرب وقت ممكن سنداً لميثاق المنظمة، وثانياً إنشاء صندوق دولي لإغاثة المنطقة المنكوبة والقطاعات الإنتاجية المتضررة في لبنان تحت إشراف الأمم المتحدة مباشرة لأن لا ثقة لدينا بالسلطات القائمة في الوقت الحاضر في البلاد، وثالثاً تأييد الإجراءات التي باشر بها البطريرك الماروني بطرس الراعي في موضوع حياد لبنان باعتبار أن هذا هو الحلّ النهائي والفعلي لكل مشكلاته وهذه المشكلة ضمناً، ورابعاً دعوة مجلس النواب إلى عقد جلسة طارئة وعلنية لاستجواب الحكومة بشأن ملابسات الانفجار وأسبابه، والمسؤولين عنه وخامساً تسطير العرائض المطلوبة في موضوع التحقيق الدولي".
لا نؤمن بلجنة تحقيق محلية
بدوره، أشار جنبلاط إلى أنه "صادف في ذكرى مئوية لبنان الكبير، تُدمَّر اللؤلؤة بيروت ومعها المرفأ اللذان يمثلان الرمزين الكبيرين للبنان الكبير"، سائلاً "أهي صدفة أم مؤامرة؟ التحقيق سيكشف ذلك. لكن ومن المعلومات الضئيلة التي أملكها، هذه الكمية الهائلة التي أتت من الأمونيوم إلى مرفأ بيروت وبقيت تقريباً ست سنوات، لا تنفجر حتى لو كانت سامة أو متفجرة لوحدها، إنها بحاجة إلى صاعق. وعندما نرى كيف أن ذخائر أو مفرقعات معينة بدأت تنفجر تمهيداً للانفجار الكبير، هذا هو الصاعق".
وأكد جنبلاط، خلال مؤتمر صحافي، أنه "لا نؤمن بلجنة تحقيق محلية ولا ثقة مطلقاً بهذه الحكومة وبأنها تستطيع إجلاء الحقيقة. نطالب بلجنة تحقيق دولية لإجلاء الحقيقة ومعرفة سبب الحادث"، منوّهاً إلى أن "العرب أتوا إلى لبنان المجروح المحتلّ المعزول المسيطَر عليه. أتى العرب ليقولوا نحن معكم على الرغم من كل الصعاب، والشكر للرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون الذي أتى بأوج صعاب لبنان، وأتى على الرغم من الموقف المتوحّش من قبل الحكومة الذي أجهض مهمة وزير خارجية فرنسا جان إيف لودريان منذ أسبوع".
وقال جنبلاط "اللقاء الديمقراطي برئاسة تيمور جنبلاط قرر البقاء في المجلس ويدعو إلى انتخابات جديدة على أساس قانون لا طائفي بدائرة فردية، لأنه بمجرد استقالة ثمانية نواب يفسح المجال للمحور العوني ومحور حزب الله بالسيطرة المطلقة على المجلس. سنبقى داخل المجلس لمحاولة منع أي قوانين إضافية من أجل السيطرة على مقدرات البلد".
اغتيال بيروت لا يقلّ مأساوية عن اغتيال الحريري
كتلة المستقبل النيابية التي اجتمعت برئاسة رئيس الحكومة السابق سعد الحريري اعتبرت أن الكارثة التي حلّت، هي بحجم حرب تدميرية أين منها كل الحروب الأهلية والحروب الإسرائيلية على لبنان، مضيفةً أن هناك شكوكاً خطيرة تحيط بالانفجار وتوقيته وظروفه وموقعه وكيفية حصوله والمواد الملتهبة التي تسبّبت به. وطالبت، "كي يصل اللبنانيون إلى تحقيق شفاف على هذا المستوى، مشاركة دولية وخبراء دوليين ولجاناً متخصصة قادرة على كشف الحقيقة وتحقيق العدالة لبيروت وأهلها"، وتابع بيان الكتلة "بيروت تريد أن تعرف كيف تم تدميرها، ومَن المسؤول المباشر عن تخزين مواد شديدة الانفجار في قلبها، وما الداعي لوجود مثل هذه المواد منذ سنوات في أحد هنغارات المرفأ ومَن أتى بها إلى لبنان ومن سمح بحجزها وكيف سكتت الأجهزة الأمنية الموجودة في مرفأ بيروت عن وجود هذه المواد الخطيرة".
حبيش لدياب: ماذا فعلت بتقرير "أمن الدولة"؟
وفي موقف لافت، أوضح النائب في البرلمان اللبناني هادي حبيش خلال مؤتمر صحافي أن تقارير جهاز أمن الدولة تتكلم عن خطورة المواد المتفجرة الموجودة في مرفأ بيروت، وقال "يجب أن يبقى لدينا بصيص أمل بنهوض لبنان، لكن ما أراه بسبب السلطة الحاكمة والتقصير لا يبشر بالخير ونشكر كل الدول التي وقفت إلى جانبنا". وسأل حبيش رئيس الحكومة حسان دياب: ماذا فعلتَ بتقرير "أمن الدولة" الذي وردك عن المواد شديدة الانفجار في المرفأ؟
رفع السرية المصرفية
وفي تطور لافت، أصدر هيئة التحقيق الخاصة في مصرف لبنان قراراً بتجميد الحسابات العائدة بصورة مباشر أو غير مباشرة ورفع السرية المصرفية لكل من مدير مرفأ بيروت حسن قريطم، والمدير العام للجمارك الحالي بدري ضاهر والسابق شفيق مرعي، وكل من نايلا الحاج، ميشال نحول، جورج ضاهر، ونعمة البراكس.
قبرص تستجوب روسياً
وعلى خط التحقيقات أيضاً، أعلنت الشرطة القبرصية استجوابها روسياً أفادت معلومات بأنه مرتبط بالسفينة التي أقلت شحنة نيترات الأمونيوم إلى مرفأ بيروت، وقال متحدث باسم الشرطة القبرصية لوكالة الصحافة الفرنسية "طلبت منا السلطات اللبنانية تحديد مكان هذا الشخص وطرح الأسئلة عليه، وهذا ما قمنا به"، وأضاف "تلك الأجوبة أرسلت إلى لبنان"، مشيراً إلى أنه لم يتم توقيف الرجل الذي يدعى إيغور غريتشوشكين بل خضع فقط للاستجواب بشأن حمولة السفينة بطلب من مكتب الشرطة الدولية (الانتربول) في لبنان.