لا تزال أجواء الحزن والصدمة تخيم على اللبنانيين بعد الانفجار الهائل الذي وقع يوم الثلاثاء في مرفأ بيروت وأصبح بسببه ما يصل إلى ربع مليون شخص بلا مأوى يصلح للإقامة في بلد لا يزال يترنح تحت وطأة انهيار اقتصادي وانتشار حالات الإصابة بفيروس كورونا.
وأعلن وزير الصحة اللبناني حمد حسن، الجمعة، أن عدد الضحايا ارتفع إلى 154، وأن 20 في المئة من الجرحى البالغ عددهم حوالى 5000 احتاجوا إلى الاستشفاء، أما الحالات الحرجة فعددها 120.
وكثّفت فرق الانقاذ المحلية والأجنبية (فرنسية وإيطالية وألمانية وروسية) جهودها للعثور على المفقودين في موقع الانفجار. وتبحث هذه الفرق عن سبعة موظفين على الأقل كانوا يعملون في غرفة الإدارة والتحكّم في اهراءات القمح.
التحقيق الرسمي
وفي إطار التحقيق بالانفجار، أوقف الجمعة مدير عام الجمارك بدري ضاهر بعد التحقيق معه من قبل القاضي غسان الخوري، وبإشراف من المدعي العام التمييزي القاضي غسان عويدات، كما أوقف المدير العام السابق للجمارك شفيق مرعي.
وكان مفوض الحكومة اللبنانية لدى المحكمة العسكرية بالإنابة، القاضي فادي عقيقي، أعلن مساء الخميس توقيف 16 شخصاً بينهم مسؤولون في مرفأ بيروت على ذمة التحقيق.
ونقلت الوكالة الوطنية للإعلام عن عقيقي قوله إن التوقيفات أتت على خلفية التحقيقات في انفجار بيروت.
ولم تكشف الوكالة أسماء الأفراد، لكنها نقلت عن عقيقي قوله إن السلطات استجوبت حتى الآن أكثر من 18 من مسؤولي الميناء وإدارة الجمارك ومن الأفراد الذين أوكلت لهم مهام متعلقة بصيانة المستودع الذي أودعت فيه المواد الشديدة الانفجار التي تسببت في الكارثة.
وذكر مصدر قضائي ووسائل إعلام محلية أن المدير العام للمرفأ حسن قريطم ضمن المحتجزين. وكان البنك المركزي قد قال في وقت سابق إنه جمد حسابات سبعة أشخاص بينهم قريطم ورئيس الجمارك اللبنانية.
وقالت وسائل إعلام محلية، الجمعة، إن السلطات القبرصية أوقفت مالك السفينة، وهو روسي الجنسية، التي أوصلت شحنة نيترات الأمونيوم إلى بيروت قبل سبع سنوات، وحققت معه بناءً على طلب من الدولة اللبنانية.
وكانت الحكومة قد أعلنت في أعقاب كارثة المرفأ، حالة الطوارئ لمدة أسبوعين ووضع عدد غير محدد من المسؤولين قيد الإقامة الجبرية. وقالت السلطات إنها ستعلن نتائج الانفجار الذي دمر مرفأ بيروت وألحق أضراراً بأجزاء كبيرة من المدينة في غضون خمسة أيام.
عون غاضب
وقال الرئيس اللبناني ميشال عون أن "الشعب اللبناني غاضب جراء ما حصل في مرفأ بيروت وأنا غاضب مثله"، لافتاً إلى أننا "نعمل لإظهار الحقيقة للشعب اللبناني، خصوصاً أن الرأي العام يتغيّر ويتجه نحو الأبرياء"، مؤكداً أن "التحقيق سيشمل المسؤولين المباشرين، والعزاء لا يكون إلا بتحقيق العدالة والعدالة ستقوم بواجباته".
وأكد أن "أبواب المحاكم ستكون مفتوحة أمام الكبار والصغار"، معتبراً أن "العدالة المتأخرة ليست بعدالة ويجب أن تكون فورية ولكن من دون تسرع"، موضحاً أن التحقيق سيرتكز على ثلاثة مستويات: "أولاً، كيفية دخول هذه المواد المتفجرة وتخزينها في العنبر رقم 12. والثاني، ما إذا كان الانفجار نتج بسبب الإهمال أو حادث قضاء وقدر. والثالث، هو احتمال أن يكون هناك تدخل خارجي أدى إلى وقوع هذا الحادث".
وأوضح عون أن الانفجار قد يكون نتج عن "إهمال أو تدخّل خارجي بواسطة صاروخ أو قنبلة"، مشيراً إلى أنه طلب من الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون خلال زيارته الخميس إلى لبنان "أن يزوّدنا بالصور الجوية كي نستطيع أن نحدّد إذا كانت هناك طائرات في الأجواء أو صواريخ". ورداً على سؤال صحافي عما إذا كان مطلب ماكرون في إجراء تحقيق دولي "تضييعاً للوقت"، أجاب عون "أكيد.. لا معنى لأي حكم إذا طال، لأن القضاء يجب أن يكون سريعاً والعدالة المتأخرة ليست بعدالة".
"فك الحصار" وتغيير النظام
وأضاف الرئيس اللبناني أن تفجير 4 أغسطس (آب) "فك الحصار وستبدأ عملية إعادة الإعمار بأسرع وقت، وقد اقترحت تقسيم المناطق المتضررة وإشراف كل دولة على منطقة".
ورأى أنه يجب إعادة النظر بالنظام القائم على التراضي بعدما أثبت أنه "مشلول" ويعيق تحقيق إصلاحات، وذلك غداة دعوة ماكرون المسؤولين اللبنانيين إلى "تغيير النظام السياسي". وقال عون "نحن أمام تغييرات وإعادة رؤية نظامنا القائم على التراضي بعد أن تبيّن أنّه مشلول ولا يمكن اتخاذ قرارات يمكن تنفيذها بسرعة"، معتبراً أنه "عندما يكثر عدد الأشخاص لا يمكن الوصول إلى توافق، ومن النادر بالتالي تحقيق أي إصلاح في مثل هذه الأجواء".
ترمب سيشارك في مؤتمر دعم لبنان
من جانبه، أعلن الرئيس الأميركي دونالد ترمب الجمعة أنه سيشارك في مؤتمر دولي لدعم لبنان. وغرّد ترمب بعد إجرائه محادثة في وقت سابق مع الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون الذي دعا إلى عقد المؤتمر أن "الجميع يريد المساعدة".
وقال "سنعقد مؤتمراً عبر الفيديو الأحد مع الرئيس ماكرون وقادة من لبنان ومن مختلف أنحاء العالم".
ماكرون: مساعدات لبنان لن تذهب إلى "الأيدي الفاسدة"
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وكان الرئيس الفرنسي تعهّد الخميس بتقديم مساعدات إلى لبنان المنكوب جراء الانفجار الهائل وطمأن لبنانيين غاضبين إلى أن فرنسا لن تقدم شيكات على بياض لزعماء البلاد ما لم ينفذوا إصلاحات.
ودعا ماكرون في مؤتمر صحفي في ختام زيارته إلى بيروت إلى فتح تحقيق دولي في الانفجار المدمر الذي تسبب في هزة أرضية ترددت أصداؤها في أنحاء المنطقة.
ووعد ماكرون في أول زيارة من نوعها يقوم بها زعيم دولة أجنبية منذ الانفجار بالمساعدة في تنظيم الدعم الدولي للبنان، لكنه قال إن على الحكومة اللبنانية أن تنفذ إصلاحات اقتصادية وتشن حملة على الفساد.
وقال إنه اقترح على السلطات اللبنانية خارطة طريق لإصلاحات عاجلة من أجل السماح بتدفق مليارات الدولارات من المجتمع الدولي، وإنه سيعود إلى لبنان في سبتمبر (أيلول) من أجل المتابعة.
وقال ماكرون عقب اجتماعه مع الرئيس اللبناني ميشال عون في مطار بيروت "إذا لم تنفذ إصلاحات فسيظل لبنان يعاني".
وأضاف "المطلوب هنا أيضاً هو تغيير سياسي. ينبغي أن يكون هذا الانفجار بداية لعهد جديد". وقال إن فرنسا ستنظم مؤتمراً دولياً لجمع مساعدات من أجل لبنان.
وأبلغ الصحفيين في وقت لاحق ببيروت أنه ينبغي إجراء تدقيق محاسبي في المصرف المركزي وتغييرات أخرى عاجلة، مضيفاً أن البنك الدولي والأمم المتحدة سيلعبان دوراً في أي إصلاحات لبنانية.
وأضاف "ما لم يكن هناك تدقيق محاسبي للمصرف المركزي فخلال بضعة أشهر لن تكون هناك واردات أخرى وسيحدث نقص في الوقود والغذاء".
ترمب وماكرون ناقشا إرسال مساعدة فورية إلى لبنان
قال المتحدث باسم البيت الأبيض جاد دير، في بيان، إن الرئيس الأميركي دونالد ترمب ونظيره الفرنسي ناقشا خلال مكالمة هاتفية اليوم الجمعة، العمل سوياً مع دول أخرى من أجل إرسال مساعدة فورية إلى لبنان.
وقال دير إن الرئيسين "عبرا عن حزنهما العميق حيال الخسائر في الأرواح والدمار في بيروت".
طرد وزير التربية
وفي وقت يواصل اللبنانيون حملاتهم لتنظيف المنازل ورفع الركام من الشوارع، طرد عدد من المتطوّعين وزير التربية طارق المجذوب من منطقة الكرنتينا، بعدما حاول مشاركتهم في أعمال التنظيف حاملاً مكنسة.
طرد وزير التربية طارق المجذوب من #الكرنتينا
— أخبار الساحة (@Akhbaralsaha) August 7, 2020
من صفحة @LarissaAounSky#أخبار_الساحة #لبنان_ينتفض pic.twitter.com/Z16Yqzs2R5
زيارة أبو الغيط
يتوجه أحمد أبو الغيط، الأمين العام لجامعة الدول العربية، إلى بيروت السبت تضامناً مع لبنان، وفق بيان للجامعة صدر اليوم الجمعة.
وقال البيان إن "الهدف من الزيارة هو إبداء التضامن وحشد الدعم العربي والعالمي لمساعدة لبنان في مواجهة تبعات الكارثة الأخيرة والتي يمكن أن تكون ممتدة لفترة زمنية، بخاصة في ضوء الصعوبات المالية والاقتصادية الضخمة التي يواجهها لبنان حالياً".
وطالب أبو الغيط في البيان بـ"تحركٍ دولي فوري لمساعدة لبنان على مواجهة الكارثة المروعة التي يمر بها".
وفي السياق نفسه، يزور رئيس المجلس الأوروبي شارل ميشال بيروت، السبت، "تأكيداً على تضامن أوروبا مع الشعب اللبناني" وللقاء المسؤولين.
وكتب في تغريدة "في حالة صدمة وحزن، نقف إلى جانب كل الذين تضرروا بالانفجار وسنقدم المساعدات".
وتشارك المؤسسات الأوروبية في مؤتمر للجهات المانحة تنظمه فرنسا الأحد لتأمين مساعدات إنسانية عاجلة لسكان العاصمة اللبنانية.
وأعلن المتحدث باسم المفوضية الاوروبية اريك مامر أن "المفوضية ستمثل بالمفوض المكلف المساعدة الانسانية جانيز لينارتشيتش. وسينظم المؤتمر عبر الفيديو بهدف جمع أموال لتقديم مساعدة انسانية عاجلة" للبنان.
وصول أولى طائرات الجسر الجوي السعودي
وتستمر المساعدات الدولية في الوصول إلى لبنان لليوم الثاني على التوالي.
وعقب وصول أولى طائرات الجسر الجوي السعودي إلى بيروت، الجمعة، حاملة مساعدات إنسانية عاجلة، قال وزير الداخلية اللبناني العميد المتقاعد محمد فهمي إن السعودية لم تنس لبنان منذ زمن بعيد، مشيراً إلى أنها الأساس في المنطقة.
وقال الوزير محمد فهمي إن بلاده لم تتفاجأ من الدعم السريع الذي قدمته السعودية للبنان بعد انفجار مرفأ بيروت، مضيفاً: "هذا طبيعي أن تأتي هذه المساعدات السريعة" من المملكة.
وزير الداخلية: السعودية هي مفتاح المنطقة
وتابع وزير الداخلية اللبناني: "لا ننسى مساعدات السعودية للبنان منذ زمن بعيد"، مبيناً أن الرياض وبيروت تجمعهما "علاقات وطيدة جداً"، لافتاً إلى أن "المملكة هي المفتاح الأساس في المنطقة".
وشدد فهمي على أن "السعودية لم تنس لبنان، وساهمت في إعادة بنائه منذ حوالي 60 عاماً"، معرباً عن أمله في أن "تكون المساعدة أيضاً لحلحلة الوضع السياسي في لبنان".
واشنطن تتعهّد بأكثر من 17 مليون دولار
السفارة الأميركية أعلنت بدورها الجمعة أن الولايات المتحدة تعهّدت بتقديم أكثر من 17 مليون دولار للبنان كمساعدات أولية لمواجهة الكوارث بعد انفجار مرفأ بيروت.
وذكرت السفارة في بيان، أن المساعدات تشمل إمدادات غذائية وطبية وإعانات مالية للصليب الأحمر اللبناني. وأضافت "من المرتقب الإعلان عن مساعدات ومعونات إضافية".
منظمة الصحة تطلب 15 مليون دولار للاحتياجات الطارئة
إلى ذلك، وجّهت منظمة الصحة العالمية نداءً لجمع 15 مليون دولار لتغطية الاحتياجات الصحية الطارئة في لبنان بعد انفجار مرفأ بيروت. وقال مكتب المنظمة الإقليمي لمنطقة الشرق الأوسط، في بيان في ساعة متأخرة من مساء الخميس، إن الانفجار دمّر 17 حاويةً بها إمدادات طبية لمنظمة الصحة، بما في ذلك معدات للوقاية الشخصية.
وأضاف المكتب أن خمسة مستشفيات في المنطقة المتضرّرة من الانفجار إما أصبحت غير عاملة أو تعمل بطاقة جزئية، فيما تشير التقارير الأولية إلى أن الكثير من المراكز الصحية ومرافق الرعاية الأولية لحقت بها أضرار أو لم تعد تعمل.
وقالت إيمان الشنقيطي، ممثلة منظمة الصحة العالمية في لبنان، إن ما يصل إلى 300 ألف شخص نزحوا من ديارهم ويحتاجون إلى الطعام والمأوى، فيما تزداد المخاوف من تسريع وتيرة انتشار كوفيد-19 وتفشي أمراض أخرى.
وقالت المنظمة إنها تضع خططاً مع الجامعة الأميركية في بيروت لإجراء تقييم بيئي لتأثير الأبخرة الناتجة عن انفجار مادة نيترات الأمونيوم.
أزمة قمح
قال مبعوث منظمة الأغذية والزراعة التابعة للأمم المتحدة إلى لبنان ومدير ميناء طرابلس واستشاري حبوب محلي لوكالة "رويترز" إن انفجار بيروت دمر صومعة الحبوب الوحيدة في الميناء، في حين أُرجئت خطط إنشاء صومعة أخرى في ميناء طرابلس، ثاني أكبر الموانئ اللبنانية، قبل أعوام بسبب نقص التمويل.
وأشار موريس سعادة مبعوث منظمة الأغذية والزراعة في لبنان إلى أن "هناك مواقع تخزين أصغر داخل مطاحن القطاع الخاص لأنه يتعين عليهم تخزين القمح قبل طحنه وتحويله إلى دقيق.
كانت الصومعة المدمرة تسع نحو 120 ألف طن من الحبوب. ويعني تدميرها وتعطل الميناء، المنفذ الرئيس للواردات الغذائية، أنه سيكون على المشترين الاعتماد على منشآت التخزين الخاصة الأصغر حجماً لمشترياتهم من القمح.
ويعزز هذا بواعث القلق حيال إمدادات الغذاء في لبنان الذي يربو عدد سكانه على الستة ملايين نسمة ويستورد جميع احتياجاته تقريباً من القمح.
دعوى قضائية ضد المسؤولين عن الانفجار
قدّم رجل الأعمال اللبناني مرعي أبو مرعي، الجمعة، دعوى قضائية ضدّ المسؤولين كافةً والمتسبّبين بانفجار مرفأ بيروت، الذي تسبّب بغرق باخرة سياحية يملكها ومقتل اثنين من طاقمها.
ونقلت "الوكالة الوطنية للإعلام" الرسمية عن أبو مرعي، إن "الدعوى القضائية هي ضدّ كل المسؤولين من أعلى الهرم الى أسفله، ممن تسببوا بالانفجار الهائل".
وقتل اثنان من طاقم الباخرة السياحية الضخمة "أورينت كوين"، وأصيب سبعة آخرون من أصل 35 موظفاً كانوا على متنها لحظة وقوع الانفجار.
وطالب أبو مرعي بتحقيق "عادل وسريع وشفاف، وإعلان النتائج بأسرع وقت ممكن"، داعياً الدولة إلى "التعويض عن المتضررين سريعاً من أجل النهوض مجدداً".
وتُعتبر دعوى أبو مرعي الأولى من نوعها، وقد تفتح الباب أمام دعاوى أخرى لمتضرّرين كثر من الانفجار.