"الصيف فصل الجمال"، هكذا تراه النساء العربيات، حيث ترتبط به المناسبات الاجتماعية والعطلات الموسمية، وتلجأ بعض المولعات بالموضة والتجميل بالسعودية في فصل الصيف لإجراء لمسات تجميل بأنامل متخصصات محليات وأخريات وافدات إلى البلاد، وقد تزايدت أعداد المتخصصات السعوديات إلى جانب غيرهن من الجنسيات المتعددة، اللاتي اخترن من ثقوب التجميل في الجسد مهنة لهن، واستقطبت مراكزهن الحديثة مزيداً من الزائرات خاصة في موسم الصيف، حيث تختار بعض الفتيات إحداث تغييرات جديدة لمنحهن جاذبية في المظهر.
تقليعة جمال
تمثل ظاهرة ثقوب الجسد من قبل النساء في السعودية، إحدى علامات الزينة والجمال التي يقبلن عليها بإحداث ثقب في أجسادهن، باعتبارها نوعاً من الجمال الذي يثير الأنظار والإعجاب. وترغب فتيات كثيرات في الثقوب حيث تزدهر بشكل واضح هذه الظاهرة، لا سيما الثقب الزراعي حول الحاجبين وعلى مناطق القدم والمعصم أو في أماكن أخرى من الجسم.
الآذان، والشفتان، وسرة البطن، والحواجب، والذراعان تشيع عملية الثقب فيها، بخاصة بين المراهقات والبالغات من الفتيات. وشهدت السنوات الأخيرة انفتاحاً في رواج ثقوب التجميل هذه، كما تقول وجدان الرشيد متخصصة في التجميل بالثقوب وتعرّف لـ"اندبندنت عربية"، البيرسينغ بأنه الثقب ويحدث بعمل فتحة في أحد أجزاء الجسم لإدخال الحُلي بها ويستخدم خلالها كريم التخدير الموضعي.
وتنصح الرشيد الفتيات قبل التثقيب، "أن يفكرن جيداً في القرار باختيار الموضع المراد عمل ثقب فيه، وهل ستكون الفتاة قادرة على حجب وعدم إظهار هذا الثقب عند حاجتها إلى ذلك كالعمل مثلاً، أو بعض المناسبات الرسمية، فإذا لم تكن الفتاة متأكدة من جدوى هذا التثقيب، أو كانت قلقة ومترددة وقد تندم على هذا الفعل بعد ذلك يوماً ما فالانتظار أجدر بها، كذلك يجب عليهن عدم السماح لصديقاتهن المقربات بالضغط عليهن لعمل ثقب في أجسامهن إلا إذا كانت برغبة من الفتاة نفسها".
اشتراطات ومحاذير
تتابع، "إذا أصبحت الفتاة واثقة من قرارها في إجراء التثقيب، فيتوجب عليها أن تتحدث مع صديقاتها اللاتي قمن بإجرائه، وتعرف ما إذا كان لديهن اقتراحات أو ندم، كما يجب على كل فتاة أن تصرّ على تطبيق احتياطات السلامة، وثمة أمور يجب عليها التحقق منها؛ من الذي ينفذ الثقب؟ يجب أن يتم اختيار مركز متخصص حسن السمعة، يوجد به موظفات مدربات تدريباً مناسباً، كذلك الحرص على توافر متطلبات التنظيم ومعايير الترخيص المحلية في كل مركز تجميل".
تضيف وجدان الرشيد، "أن هناك إقبالاً واسعاً لثقب الجسد في مناطق مختلفة، ويبلغ سعر الثقب على الجسد بين 300 و350 ريالاً سعودياً بنحو 80 و93 دولار، ويتفاوت بحسب اختيار قطعة الحلي والحلقات، وتؤكد أنه عمل يلقى رواجاً بين الفتيات في مدينتي الرياض والخبر. كما شاع بينهن الثقب الزراعي وهو ما أتلقى عليه كثيراً من الطلب ويعرف بينهن "بالديرمل بيسرنق"؛ يتكون من قطعتين القاعدة والرأس، تبقى القاعدة ثابته في ثاني طبقة من الجلد، ولا يتم تغييرها إلا في حالة الإزالة. أما الرأس يتم تغيره بحسب الأشكال والألوان، التي ترغب بها الفتاة وتختلف مناطقه وفق رغبة الفتيات منهن من تختار الصدر أو الرقبة أو معصم اليد".
ثقوب السرة والحلمات
وكشفت العنود الدوسري، متخصصة تثقيب، عن تقاليع جديدة مثل ثقب سرة البطن لوضع الحلقات والمجوهرات فيها للزينة لما تعطي من لمسات أنوثة وتميز للمرأة، "إذ يبدو أن عام 2020 هو عام ثقب مناطق أكثر خصوصية في جسد المرأة؛ ويرتفع الطلب على هذه الثقوب كثقب الحلمات وهو الأعلى طلباً. ربما أصبحت النساء أكثر جرأة في تحقيق أمر طالما رغبن به، إلا أن الثقب قد يسبب حدوث مضاعفات لذلك ننصح السيدات بالتعقيم المستمر والحرص على اختيار نوع معدن الحلي والحذر من التفاعلات التحسسية، فقد تسبب بعض الحلي المدخلة في الثقوب، بخاصة القطع المصنوعة من النيكل، في حدوث مشكلات جلدية تحسسية".
موضة الفتيات
وتقول رند حسين، طالبة جامعية، التقيناها بأحد مراكز التجميل المتخصصة، "إنها ليست نادمة على تجربة الثقوب، فهو يجعلها أجمل وذات منظر جذاب ورائع، ويعطيها شكلاً جديداً على غرار عارضات الأزياء أو الممثلات العالميات، فقد جربت في وقت سابق ثقب الأنف وتعتبره الأكثر ألماً. كذلك ثقب الشفاه، الذي تطلب منها عناية خاصة، وبشكل عام تعجبها هذه الموضة، وتشجع صديقاتها والمقربات لها بتجربتها، وترغب في المزيد من الثقوب، لكنها حذرت الفتيات من موضة ثقب اللسان؛ فقد يودي لفقدان الكثير من الدم، وتتعرض العضلات والأعصاب للضرر، كما أنها ترفع خطر الإصابة بعدوى في الفم.
وتشاطر لين أحمد، 17 عاماً، رند الرأي في التعلق بموضة التثقيب، شريطة التوجه إلى مراكز متخصصة في هذا المجال، والتأكد من أن الوجهة التي اختارتها الفتاة ذات سمعة جيدة، وبها متخصصات في عمليات التثقيب حتى لا يشكل خطراً على جمال وجاذبية الفتيات.
إلا أن خطورة عمليات ثقب مناطق في الجسم لدى السيدات لوضع الأقراط والحلقات بقصد الزينة لا يخلو من مخاطر ومحاذير صحية؛ كالجروح والخدوش الملوثة الناجمة عن هذه العملية، أو النزيف المصاحب عادة لهذه العملية، وقد يكون سبباً في انتقال عدوى بعض الأمراض الخطيرة؛ مثل فيروس التهاب الكبد الوبائي والإيدز.
ويرى الطبيب حميد العتيبي، استشاري الأمراض الجلدية وجراحة الجلد، "أن موضة ثقب الجسد من الممارسات الشائعة، التي لها جذور دينية وثقافية ورمزية جنسية في بعض المجتمعات، في الماضي كانت تقتصر على الأنف والأذنين، وحاضراً أصبحنا نراها في مناطق متعددة في الجسد كالشفاه واللسان ومناطق أخرى".
وقال طبيب الأمراض الجلدية، إنه من المهم التفكير جيداً قبل اتخاذ قرار إجراء الثقب الجسدي خصوصاً في الأماكن غير المعتادة لوضع الزينة كغضاريف الأذن، واللسان، والمناطق الحساسة بالجسم، لما لها من مضاعفات قد تستمر حتى بعد إزالتها، كما يجب اختيار الممارس المؤهل لعمل الإجراء وعدم عملها بالأماكن غير المرخصة بذلك، والحرص على التأكد من الالتزام بالاشتراطات الصحية، والعناية بالمنطقة بعد إجراء الثقب من الأمور الواجب اتخاذها لمن أرادت عمل الإجراء".
كما حذر العتيبي، "من إجراء ثقب اللسان؛ لاحتواء منطقة الفم وحول الفم على الكثير من الأعصاب الحركية والحسّية التي من الممكن أن تحدث بعض الأضرار للعضلات المغذية بالعصب المحرَك، أو ضرر بالإحساس في الجزء المغذي بالعصب الحسي في حال تم قطعة جزئياً أو كلياً أثناء إجراء الثقب".
استجابات تحسسية
وأضاف العتيبي، "من أبرز المشكلات الجلدية الناجمة عن ثقب الجسد وأكثرها شيوعاً الالتهابات الموضعية البكتيرية، التي تكون عادة في الأسبوع الأول للإجراء، وتتم معالجتها باستخدام المضادات الحيوية الموضعية أو الفموية، وبحسب سوء الحالة، لذلك لا بد عند حدوث احمرار شديد وألم وإفرازات قيحية بعد الإجراء من التوجه لأقرب منشأة صحية للمعالجة، كذلك الحساسية التلامسية للمعدن الموجود في الزينة، التي تحدث عادة لأناس معرضين للحساسية التلامسية لأنواع محددة من المعدن كالنيكل أو الذهب، في هذه الحالة لا بد من إزالة المعدن وتغييره لاحقاً والمعالجة الدوائية المخصصة في هذه الحالات".
وأشار طبيب الأمراض الجلدية، إلى "أنه من الممكن حدوث الندبات المرتفعة لبعض من لديهن القابلية الجينية، التي تحدث متأخرة وتتم معالجتها بإزالة الحلقات المعدنية وبالطرق العلاجية للندبات المرتفعة".