يرجح مراقبون أن يدخل حزب "العدالة والتنمية" التركي الحاكم في معركة الانتخابات البلدية المقبلة بتصعيد سياسي وإعلامي، قد يخفي وراءه الفشل الاقتصادي المستمر، من ارتفاع التضخم إلى التراجع الحاد في الليرة التركية، إلى أزمة الثقة في الاقتصاد المحلي.
وعلى الرغم من تصعيد الرئيس التركي رجب طيب أردوغان في حملته الدعائية، ومحاولته توجيه الاتهام ضد واشنطن، على خلفية تصريح للرئيس الأميركي دونالد ترمب حول الجولان السوري المحتل من قبل إسرائيل، إلا أن تداعيات هذا التصعيد جاءت عكسية مع التراجع الذي أصاب الليرة.
وفي ظل هذا التصعيد السياسي يكشف الخبير الاقتصادي التركي تورغت أوغلو لـ"اندبندنت عربية" جانبا آخر من أهداف الرئيس التركي في تصريحاته السياسية بالقول "على الرغم من أهمية الانتخابات المحلية المقبلة لحزب العدالة والتنمية إلا أن هدفهم الرئيسي هو العمل على الفوز في مدينتي إسطنبول وأنقرة، حيث تمثل هاتان المدينتان ما قيمته أكثر من 60 % من الناتج الاقتصادي التركي، ولذلك سعى الحزب للاحتفاظ بإدارة المدينتين طوال 26 عاما".
وأضاف "حزب العدالة والتنمية يعرف جيدا ثراء إسطنبول وأنقرة بالأراضي الواسعة وبمؤسسات الأوقاف فيهما، ولذلك منح العديد من هذه الأراضي لشركات ولرجال أعمال ومقربين من الحزب لإقامة مشروعات اقتصادية فيهما، فضلا عن تسهيلات واسعة لقطر في المدينتين بحكم العلاقة السياسية بين أنقرة والدوحة".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
على الجانب الآخر، يرى الخبير تورغت أن "حزب العدالة قد استفاد من إدارة المدينتين في إخضاع المؤسسات الوقفية لسيطرته الحزبية، حيث تمكن أردوغان من توزيع عدد من أقاربه على إدارة هذه الأوقاف، والسر في ذلك هو أن واردات هذه المؤسسات أو التبرعات التي تأتيها لا تخضع للضرائب"، مضيفا "في النتيجة، لا أحد سيهتم بنتائج الانتخابات، حيث أن الرأي مُصادر للحزب منذ عام 2014".
إلى ذلك يرى خبراء اقتصاديون أن تراجع الليرة التركية بما يزيد على 5 % أمام الدولار الأميركي نهاية الأسبوع، ومنذ أن تفاقمت أزمة العملة في أغسطس (آب) الماضي، مؤشر على فقدان الثقة في الاقتصاد المحلي، وهو ما أثار مخاوف الأتراك من مستقبل غامض تجاه اقتصادهم، الأمر الذي جعلهم يتجهون نحو امتلاك النقد الأجنبي، وذلك للحفاظ على مدخراتهم.
وتكشف تقارير اقتصادية أنه منذ الأزمة ارتفعت ودائع الأفراد الأتراك بالنقد الأجنبي وسجلت مستوى قياسيا في الأسبوع المنتهي في الخامس عشر من مارس (آذار)، مما يشير إلى عزوف عن العملة المحلية.
وبحسب البيانات الاقتصادية، فقد خسرت الليرة نحو 30% من قيمتها مقابل الدولار العام الماضي مع قلق المستثمرين بشأن قدرة البنك المركزي على كبح التضخم في وجه دعوات من الرئيس التركي رجب طيب أردوغان لخفض تكاليف الاقتراض.
كما تعرّضت السندات التركية المقومة بالدولار والليرة إلى ضغوط، مع قلق المستثمرين من تصاعد التوتر بين تركيا والولايات المتحدة مع تحرك الرئيس الأميركي دونالد ترمب نحو الاعتراف بالسيادة الإسرائيلية على هضبة الجولان التي استولت عليها إسرائيل من سوريا في حرب 1967 ثم ضمتها في 1981.
يذكر أن تركيا عانت خلال العام الماضي من نقص في موارد النقد الأجنبي مما أدى إلى تراجع حاد في سعر الليرة التركية أمام الدولار، مما دفع السلطات المالية والنقدية في البلاد إلى اتخاذ العديد من الإجراءات الرامية إلى تشجيع الناس على تحويل مدخراتهم بالعملة الأجنبية إلى العملة المحلية.
على صعيد متصل، ذكرت وكالات الأنباء أن تحقيقات في مصرف "جي بي مورغان" أثارت جدلا في تركيا بشأن الأسواق، والتوصية من المستثمرين بشراء العملات الصعبة، وأن السلطات تجري تحقيقا قانونيا في الموضوع.
وتشير الوكالات إلى أن مجلس أسواق المال التركي أطلق تحقيقا خاصا في "جي بي مورغان" بشأن تأثيراته، فيما حول المضاربة على تجارة الأسهم في بورصة إسطنبول، حيث أغلق مؤشر بورصة إسطنبول الرئيسي على تراجع بنسبة 45.3 % نهاية الأسبوع، بينما عزز تراجع الليرة استمرار الانهيار الاقتصادي القائم.