شهدت القاهرة خلال الـ48 ساعة الماضية، جدلاً واسعاً، بعد قرار وزارة التموين المصرية إنقاص وزن رغيف الخبز البلدي من 110 غرامات ليصل إلى 90 غراماً بفارق 20 غراماً للرغيف الواحد بداية من الثلاثاء الماضي.
رغيف الخبز البلدي المصري، أحد أهم الملفات الشديدة الحساسية عند المواطن المصري، وكذلك عند الحكومات المختلفة عبر عشرات السنين، ففي يناير (كانون الثاني) عام 1977 أثناء فترة حكم الرئيس المصري الراحل أنور السادات، انتفضت شريحة لا بأس بها من المصريين ضد قرار حكومي آنذاك قضى برفع الدعم عن بعض السلع، على رأسها رغيف الخبز قبل أن تتراجع عن القرار بعد ثورة شعبية عرفت باسم (انتفاضة الخبز).
الحكومة المصرية تطمئن المواطنين لا زيادة في السعر
بعد ساعات من اتخاذ القرار، طمأنت الحكومة المصرية المواطنين برسالة أفادت بأنه لا مساس بسعر رغيف الخبز على الإطلاق، وفسّرت قرارها على أنه مجرد تقنين أوضاع قائمة عندما قال وزير التموين المصري علي المصيلحي في بيان صحافي: إن رغيف الخبز لن يتم تقليل وزنه، موضحاً أن وزن الرغيف بالأساس كان 100 غرام، مع 10 غرامات "سماح للمخابز"، في إشارة إلى أنه يسمح بتقليل ذلك وأكد أن وزارته قنّنت فقط وزن رغيف الخبز بـ90 غراماً، أي أن ذلك هو الوزن الرسمي مشيراً إلى أن أي تقليل وزن الرغيف من أي مخبز يواجه بحسم وعقوبة فورية وشديدة.
اتهامات متبادلة
تنصّلت الشعبة العامة للمخابز بالاتحاد العام للغرف التجارية المصرية، من مسؤولية قرار إنقاص وزن رغيف الخبز، عندما ردّ رئيس الشعبة عبد الله غراب على سؤال لاندبندنت عربية: "إن وزارة التموين أنقصت وزن الرغيف بناء على طلب الشعبة العامة للمخابز."
وأوضح أن الشعبة ليست لها علاقة بهذه المشكلة تخفيض، موضحاً أن الأسعار ارتفعت وللاستمرار في تقديم الخبز بالجودة نفسها التي تطالب بها الدولة، كان لابد من إعادة النظر في مصاريف التشغيل.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
ردّ "المخابز" جاء على تصريحات تلفزيونية لوكيل وزارة التموين أكد خلالها أن تخفيض وزن رغيف الخبز كان مطلب الشعبة العامة للمخابز، مشيراً إلى أن الأخيرة طالبت في وقت سابق بإعادة النظر في تكلفة إنتاج رغيف الخبز نتيجة ارتفاع الأعباء والأسعار في ما يتعلق بالتشغيل.
وقال مصدر مسؤول رفض ذكر أسمه، إن نحو 70 مليون مصري يستفيد من منظومة دعم الخبز ويحصل على رغيف الخبز المدعم بـ5 قروش، في حين أن التكلفة الحقيقية له بلغت 67 قرشاً (حوالى 0.041 دولار أميركي ) وهو أحد نماذج الدعم الاجتماعي الجيد قائلاً، لم يعد هذا النوع من الدعم موجوداً في غالبية دول العالم وأضاف أن معدل الإنتاج اليومي يتراوح بين 270 إلى 300 مليون رغيف كل يومياً.
مواصفات قياسية منعاً للتلاعب
وأشار إلى أن وزارته تحدّد مواصفات قياسية يجب أن يحتفظ بها الرغيف البلدي الحكومي، لافتاً إلى أن الرغيف الواحد مفروض أن تحتوي مكوناته لكل 100 كيلوغرام على ما يلي، دقيق استخراج 80-90 في المئة، خميرة الخباز (1.5 كيلوغرام)، ملح (1.5 كيلوغرام)، ماء (68 -75 لتر ماء).
وأشار إلى أن وزن الرغيف الطازج لا يقل عن 90 غراماً فيما يبلغ الحد الأدنى لقطر الرغيف 18 سم، ولا تزيد نسبة الرطوبة عن 36 في المئة على أن يكون كامل الاستدارة والنضج ومكتمل الاختمار من دون نقص أو زيادة وغير ملتصق الشطرين أو محروقين ومحتفظاً عند نضجه بمظهره الطبيعي.
67 قرشاً تكلفة رغيف الخبز
وقال مساعد أول وزير التموين ورئيس جهاز تنمية التجارة الداخلية إبراهيم عشماوي، إن سعر رغيف الخبز 5 قروش (حوالى 0.003 دولار أميركي) ولن يحدث زيادة في سعره أو تخفيض في العدد المسموح به لكل فرد، على الرغم من أن تكلفة الخبز على الدولة تصل إلى 67 قرشاً.
وأضاف ل"اندبندنت عربية"، إن تقليل حجم رغيف الخبز إلى 90 غراماً لم ينخفض على المعدل العالمي، كما أن القيمة المادية لرغيف الخبز هي الأقل وقيمته الغذائية الأفضل بالعالم.
وأشار إلى أن سعر تكلفة إنتاج جوال الدقيق المدعم بـ265 جنيهاً (حوالى 16.56 دولار أميركي) للمخابز المستخدمة السولار في عملية الإنتاج، بينما حُدّدت التكلفة بنحو 283 جنيهاً (17.81 دولار أميركي) لتلك المستخدمة الغاز الطبيعي.
انقاص الوزن يزيد استهلاك الفرد يومياً
وقالت بسنت فهمي عضو اللجنة الاقتصادية بمجلس النواب المصري، إن تقليل حجم رغيف الخبز بكل تأكيد سيكون له تأثير في المواطن والدولة.
وأضافت، إن تقليل حجم رغيف الخبز على الرغم من ثبات السعر سيزيد من حاجة المواطن إلى الخبز، موضحة أن ارتفاع عدد الأرغفة التي يحتاجها المواطن يرفع سقف الاكتفاء منه، لأنه سلعة ضرورية وأساسية لا يمكن الاستغناء عنها.
وأكد فرج عبدالفتاح، أستاذ الاقتصاد بجامعة القاهرة، إن تأثير تقليل حجم رغيف الخبز سيكون ضئيلاً في المواطن والدولة، خصوصاً مع ثبات سعره.
وأوضح، أن تقليل حجم الرغيف سيؤدي بالتبعية إلى زيادة موارد الدولة، ويؤدي إلى ترشيد الدقيق والقمح ما يخلق فائضاً من القمح والدقيق يمكن تصديره والاستفادة بأمواله، مضيفاً أن المواطن لن يتأثر كثيراً بالنسب الضئيلة التي سيفقدها في الوقت الذي تدعم الدولة الرغيف بشكل كبير.
طلب إحاطة تحت قبة البرلمان
وتقدم عضو مجلس النواب المصري هيثم الحريري ببيان عاجل وطلب إحاطة إلى رئيس الحكومة ووزيرّي النقل والتموين بشأن هذا الأمر، ومن قبله زيادة أسعار المترو والقطارات.
وأكد في بيان صحافي، أن الحكومة تتوسّع في زيادات الأسعار في كل أنواع الخدمات، من كهرباء ومياه وغاز وبنزين وسولار، بالتوازي مع انخفاض وتدني قيمة الرواتب للعاملين في الدولة وقوانين وممارسات تهدّد أمن الأسرة المصرية واستقرارها، بخاصة قوانين الخدمة المدنية والمعاش المبكر والتصالح في مخالفات البناء.
المخابز: لا شكاوى من المواطنين
ونفى عطية حماد رئيس شعبة المخابز بغرفة القاهرة ورود أي شكاوى من المواطنين بشأن تخفيض وزن الرغيف، مؤكداً أن هناك تفهماً من المواطنين للقرار لافتاً إلى وجود حرص من المخابز على الحفاظ على حجم الرغيف.
وقال إن المواطن يحصل على رغيف الخبز المدعّم بـ5 قروش ولا ينظر إلى الوزن بدليل يشتري الخبز السياحي بالوزن نفسه ولكن بسعر 50 قرشاً (حوالى 0.013 دولار أميركي) ولا يعترض على ذلك بحسب قوله.
ضجيج على التواصل الاجتماعي وسخرية
على مواقع التواصل الاجتماعي فيسبوك وتويتر كان الأمر ساخناً، بين سخرية من وزن الرغيف الجديد وأخرى تقلل من أهمية 20 غراماً نقصاً وعدم التأثير العام في وضعه، بينما اعتبر آخرون، أن الرغيف البلدي خط أحمر معتبرين أن على الرغم من عدم زيادة الأسعار غير أن انخفاض الوزن سيزيد من نصيب الفرد في استهلاكه.
بحسب الموازنة العامة للعام الحالي 2020-2021، تبلغ فاتورة الدعم التمويني 84 مليار جنيه (حوالى 5.2 مليار دولار أميركي) تشمل 42.5 مليار جنيه (حوالي 2.6 مليار دولار) لدعم الرغيف بعد ارتفاع تكلفته إلى نحو 67 قرشاً بينما يباع بسعر 5 قروش للمستهلك وتتحمل الدولة نحو 62 قرشاً فارق التكلفة.
وارتفعت قيمة الدعم المقرّر للفرد في البطاقات التموينية إلى 50 جنيهاً (حوالى 3.1 دولار أميركي) شهرياً بدلاً من 21 جنيهاً (حوالى 1.3 دولار أميركي) قبل أن ترتفع في يوليو(تموز) الماضي، ووفقاً لإحصاءات وزارة التموين الأخيرة في يونيو (حزيران) 2020، سجل عدد بطاقات التموين المفعّلة في مصر حالياً 22.5 مليون بطاقة، والمستفيدين من السلع التموينية 64 مليون مصري، ومن الخبز التمويني 73 مليوناً.