بعد أيام قليلة من هجوم الرئيس الفلسطيني محمود عباس على الإمارات، واعتبار اتفاقها مع إسرائيل لإبرام اتفاق سلام "طعنة في ظهر الشعب الفلسطيني"، سرّبت وسائل إعلام إسرائيلية مكالمة هاتفية له بشأن العلاقة مع أبوظبي.
لكن المكالمة الهاتفية تعود إلى أشهر عدة قبل الإعلان عن الاتفاق، وجاءت على خلفية إرسال الإمارات طائرتين تحملان مساعدات طبية إلى فلسطين عبر مطار بن غوريون الإسرائيلي، رفض الفلسطينيون استقبالهما بسبب عدم تنسيق السلطات الإماراتية معهم.
وساطة سابقة
قال مسؤول فلسطيني لـ"اندبندنت عربية"، إن المكالمة الهاتفية كانت بين عباس ورجل أعمال فلسطيني يقيم في الإمارات، خلال محاولة الأخير التوسط بين الجانبين الفلسطيني والإماراتي لإنهاء الخلافات التي تعود لأكثر من ست سنوات.
وخلال المكالمة يقول عباس لرجل الأعمال الفلسطيني، إن الخلاف مع أبوظبي بسيط ويمكن حله بسهولة، قائلاً "القصة بسيطة، ويمكن حلها، وكل شيء يمكن أن ينتهي على خير على يديكم، وكل ما نريده إصلاح ذات البين بيننا وبين الإمارات، خذوها كلمة واضحة لن نسمح للإعلام أن يسيء إلى الإمارات".
ويبدي عباس خلال الاتصال الهاتفي استعداده لزيارة العاصمة الإماراتية أبوظبي ولقاء ولي عهدها الشيخ محمد بن زايد آل نهيان كأول دولة يزورها بعد انتهاء وباء كورونا، مضيفاً "عندما تنتهي كورونا ثقوا أن أول شخص سنلتقي به صديقنا الشيخ محمد، نحن على العهد كما كنا مع الشيخ زايد. أرجو أن تبلغوا الشيخ محمد كل التحيات والتقدير لشخصه وجهوده هذه".
وأضاف المسؤول الفلسطيني أن رجل الأعمال الفلسطيني نقل إلى الرئيس عباس رسالة جيدة من المسؤولين الإماراتيين، فردّ عليها "بأدب واحترام، ومن رجل دولة لا يحمل إلا الخير والمحبة لدولة الإمارات".
ضرب مصداقية عباس
وأوضح المسؤول الفلسطيني أن من سرّب الاتصال الهاتفي القديم أراد ضرب مصداقية عباس، وإظهاره بأنه يصرح في العلن عكس ما يقول في السر، مشيراً إلى أن تلك المحاولة "بائسة ولم يقتنع بها أحد".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
ومع أن المسؤول الفلسطيني رفض الكشف عن الجهة التي سرّبت المكالمة إلى وسائل الإعلام الإسرائيلي، لكن عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية أحمد مجدلاني اتهم الإمارات بالوقوف وراء ذلك، بهدف "إظهار أن الرئيس عباس يهاجم الإمارات في العلن، ويبدي استعداده لزيارتها في السر".
وقال مجدلاني إن "رجل الأعمال الفلسطيني له علاقات بالمسؤولين الإماراتيين"، مضيفاً أنه عرض قبل عدة أشهر التوسط بين الجانبين الفلسطيني والإماراتي لطي صفحة الخلافات بينهما.
وأوضح مجدلاني أن عباس لم تكن لديه النية لقطع العلاقات مع أبوظبي قبل الإعلان عن اتفاق السلام مع إسرائيل، مشيراً إلى أنه حتى بعد الإعلان "فإن فلسطين لم تقطع علاقاتها مع أبوظبي، لكنها خفّضت مستوى علاقاتها الدبلوماسية وأبقت سفارتها وقنصلياتها في الإمارات تعمل كالمعتاد".
ونفى مجدلاني أن يكون التسريب من المحيطين بالرئيس عباس، مضيفاً أن الفلسطينيين يعرفون من يقف وراءه، ولا داعي للتحقيق بشأن ذلك.
وأوضح مجدلاني أن "فلسطين دولة مسؤولة، وتتعامل مع الإمارات بمسؤولية، وحذر وليس برد الفعل والغضب"، مشيراً إلى وجود أكثر من 400 ألف فلسطيني في الإمارات.
ويرى الكاتب والمحلل السياسي جهاد حرب أن الهدف من تسريب الاتصال الهاتفي "ضرب مصداقية عباس"، مضيفاً أن من له مصلحة في ذلك "هم إسرائيل والإمارات ومنافسون داخليون للرئيس الفلسطيني".
وأشار حرب إلى أن مضمون التسريب الصوتي يدل على النوايا الحسنة التي كانت عند الرئيس الفلسطيني تجاه الإمارات، ورغبته في طي صفحة الخلافات معها، مضيفاً أن التسريب "يُفيد الرئيس الفلسطيني ولا يضره".