وجهت المحكمة العليا في المملكة المتحدة انتقاداً مباشراً إلى السياسة التي تعتمدها الحكومة البريطانية في موضوع إيواء اللاجئين، عندما أصدرت حكماً لافتاً قضى بأن مهاجرين في حال عوز أجبروا بشكل غير قانوني على التشرد أو وضعوا لفترات طويلة في الحجز، لأن وزارة الداخلية تستخدم سياسة "غير عادلة بشكل منهجي" في ما يتعلق بتحديد أهليتهم للحصول على مسكن.
وكان مهاجر من جنوب أفريقيا قد اضطر إلى العيش قرابة تسعة أشهر في خيمة بعد مغادرته مركز احتجاز المهاجرين في بريطانيا، بسبب عدم توفير الحكومة مأوى له، ولم يكن قادراً خلال تلك الفترة على الاستحمام أو تناول الطعام بانتظام، إضافة إلى افتقاره إلى الكهرباء والمياه.
واحتجزت سيدة بولندية مصابة بانفصام في الشخصية، بشكل غير قانوني لفترة طويلة، لأنها لم تحصل على كفالة سكن، على الرغم من تقديمها معلومات عن تعرضها لتاريخ من الاغتصاب عندما كانت بلا مأوى في السابق.
وكان هذان الشخصان اللذان احتجزا بعد إدانتهما بارتكاب جرائم في المملكة المتحدة، قد قدما طعناً في السياسة القانونية التي تعتمدها وزارة الداخلية في ما يتعلق بتأمين سكن للمهاجرين من غير طالبي اللجوء، الذين لا يمكن ترحيلهم، سواء بسبب خلو وفاضهم من وثائق سفر، أو نتيجة الطعون الجارية حول الإجراءات المتعلقة بهم، وليس لديهم في المقابل أي وسيلة أخرى من وسائل الدعم.
وزارة الداخلية البريطانية أقرت من جانبها بأن القرارات المتخذة في الحالتين كانت غير قانونية، وتقبلت المسؤولية عن ارتكاب أخطاء "فاضحة" في الحالة الأولى، لكنها أشارت إلى أن تلك "الأخطاء المجحفة" ارتكبها متابعو القضيتين، مشددةً على أن سياستها ما زالت "عادلةً وقانونية"، لكن الرئيس السابق للمحكمة العليا القاضي جونسون، كان قد انتقد بشدة في حكم أصدره الشهر الماضي، سياسة وزارة الداخلية البريطانية المتعلقة بعدم منح سكن للمهاجرين المعوزين من غير طالبي اللجوء - المعروفة بسياسة منح السكن المدرجة في الجدول الرقم 10 - واصفاً إياها بأنها غير قانونية.
واعتبر القاضي أن تلك السياسة كانت "غير منصفة بشكل شامل"، وفشلت في الأخذ في الاعتبار الظروف الاستثنائية المرتبطة بحالات فردية. ورأى أنها كانت "مقصرة في ما يتعلق بأدنى معايير العدالة غير القابلة للانتقاص".
وبموجب قرار المحكمة، حصل كل من المهاجر من جنوب أفريقيا والمهاجرة البولندية على تعويض، الأول لانتهاك حقوقه المنصوص عليها في المادة 3 لجهة قضائه مدةً طويلةً من التشرد في الشوارع، والثانية بسبب احتجازها بصورة غير قانونية.
وزارة الداخلية البريطانية أكدت من جهتها يوم الخميس الماضي أنها لن تسعى إلى استئناف الحكم. وسيتوجب عليها الآن أن تعاود صياغة إجراءاتها في ما يتعلق بإيواء بعض المهاجرين الذين هم في حال من العوز.
نينا راثبون بولين الشريكة في قسم القانون العام في شركة Wilson Solicitors LLP للمحاماة، التي تولت تمثيل المدعيين، رأت أن الحكم الصادر يجب أن يدفع في اتجاه إجراء "مراجعة جذرية وشاملة" لنهج وزارة الداخلية في التعامل مع مثل هذه الحالات.
وأضافت راثبون قائلة إن "هذا الحكم يشكل اعترافاً مهماً للغاية بالظلم والتعسف اللذين يشوبان تعامل وزارة الداخلية مع المهاجرين المعوزين الذين يحتاجون إلى سكن، إضافة إلى التكاليف المروعة التي يتكبدها هؤلاء نتيجة الأخطاء التي ترتكبها وزارة الداخلية والتأخير في اتخاذ الإجراءات المناسبة".
وفي تعليق من وزارة الداخلية، قال ناطق باسمها: "إننا ننظر بعناية في الحكم، ونعمل على تعديل التوجيهات المعمول بها في الوقت الراهن، لمعالجة المخاوف التي أثيرت. وفي غضون ذلك، نواصل تقديم الدعم لهؤلاء الأفراد للحيلولة دون تعرض المهاجرين للعوز".
© The Independent