زار وفد روسي ضم وزير الخارجية سيرغي لافروف، دمشق الاثنين في السابع من سبتمبر (أيلول)، حيث بحث مع رئيس النظام السوري بشار الأسد التعاون الاقتصادي بين البلدين الحليفين، لدعم دمشق في مواجهة العقوبات الاقتصادية المفروضة عليها ولمكافحة الانهيار الاقتصادي الذي يهدد النجاحات العسكرية التي حققها النظام بمساعدة موسكو.
ووصل لافروف صباح الاثنين إلى دمشق في أول زيارة يجريها إلى سوريا منذ عام 2012، بعد عام على اندلاع النزاع فيها، لينضم إلى وفد برئاسة نائب رئيس مجلس الوزراء يوري بوريسوف، كان وصل إلى العاصمة السورية مساء الأحد.
آليات لتجاوز العقوبات
والتقى الأسد الاثنين الوفد الروسي، مؤكداً "عزم الحكومة السورية على مواصلة العمل مع الحلفاء الروس بغية تنفيذ الاتفاقات الموقعة بين البلدين، بما في ذلك إنجاح الاستثمارات الروسية في سوريا".
وجرى خلال اللقاء، وفق الحساب الرسمي للرئاسة السورية على موقع "تلغرام"، بحث المساعي "للتوصل إلى اتفاقيات جديدة، بما يسهم في تحقيق مصالح البلدين والتخفيف من آثار سياسة العقوبات القسرية التي تنتهجها بعض الدول ضد الشعب السوري".
أضافت الرئاسة أنه "كان هناك اتفاق على أهمية البدء بتنفيذ الآليات الكفيلة بتجاوز الحصار الاقتصادي والضغوطات على الشعب السوري"، من دون إضافة تفاصيل عن هذه الآليات وطريقة تنفيذها.
استعادة منشآت الطاقة
لافروف قال من جهته إن سوريا بحاجة إلى مساعدة دولية لإعادة بناء اقتصادها.
وقال بوريسوف بدوره إن موسكو تحاول مساعدة سوريا في "كسر الحصار" الاقتصادي الذي سبّبته العقوبات الأميركية الجديدة بموجب "قانون قيصر"، الذي يمنع تدفّق الاستثمارات الأجنبية إلى الاقتصاد السوري.
وأضاف كذلك أن البلدين يعملان لاستعادة حوالى 40 من منشآت الطاقة في سوريا، بما يشمل حقولاً نفطية بحرية، مشيراً إلى أن دمشق لا يمكنها استعادة إنتاج النفط الآن لأن معظم الحقول النفطية الرئيسة خارج سيطرتها.
ضغوط العقوبات والانهيار الاقتصادي
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وتأتي زيارة الوفد الروسي في وقت تشهد سوريا أزمة اقتصادية خانقة وتراجعاً في قيمة الليرة، وسط مخاوف من أن تفاقمها العقوبات الأخيرة التي فرضتها واشنطن بموجب قانون قيصر منذ يونيو (حزيران).
وتعدّ العقوبات، التي طاولت الرزمة الأولى منها 39 شخصاً أو كياناً بينهم الأسد وزوجته أسماء، الأكثر شدّةً بحق سوريا. وفي يوليو (تموز)، أعلنت واشنطن لائحة جديدة ضمّت 14 كياناً وشخصاً إضافيين، بينهم حافظ (18 سنة)، النجل الأكبر لبشار الأسد، كما أُعلنت رزمة ثالثة الشهر الماضي.
وقال دبلوماسي غربي يتابع الأوضاع في سوريا، لوكالة "رويترز"، إن "روسيا رجّحت كفة الأسد، وفي ضوء مواجهة النظام الآن لأصعب تحدّياته أصبحت موسكو في وضع أفضل من أي وقت مضى لزيادة الضغط على الأسد".
وعلى الرغم من أن النظام السوري استعاد الآن أغلب الأراضي التي كان خسرها، يوشك اقتصاد البلاد على الانهيار مما ترك كثيراً من السوريين في فقر بعد أن فقدت العملة 80 في المئة من قيمتها.
وانتقدت روسيا العقوبات الأميركية على سوريا، وتقول الولايات المتحدة إنها تهدف إلى قطع إيرادات حكومة الأسد ودفعه للعودة إلى محادثات تقودها الأمم المتحدة لإنهاء الصراع.
اتفاقات ثنائية وعقود طويلة المدى
ومن المقرر أن يلتقي لافروف نظيره السوري وليد المعلم، ليعقدا من ثم مؤتمراً صحافياً مشتركاً.
ووقعت موسكو في السنوات الماضية اتفاقات ثنائية مع دمشق وعقوداً طويلة المدى في مجالات عدة، أبرزها الطاقة والبناء والنفط والزراعة. وأقرّ مجلس الشعب السوري في صيف 2019، عقداً موقعاً مع شركة روسية لإدارة واستثمار مرفأ طرطوس، الأكبر في البلاد. وسبق أن فازت الشركة ذاتها بعقد لاستثمار واستخراج الفوسفات من مناجم منطقة تدمر شرق سوريا، لمدة 50 عاماً.
وتعدّ روسيا بين أبرز حلفاء النظام السوري إلى جانب إيران، وقدمت لها منذ بداية النزاع في عام 2011 دعماً دبلوماسياً واقتصادياً فضلاً عن الدعم العسكري، ودافعت عنها في المحافل الدولية، خصوصاً في مجلس الأمن الدولي، حيث منعت مشاريع قرارات عدة تدين النظام السوري.
وزار الرئيس الروسي فلاديمير بوتين دمشق للمرة الأولى منذ اندلاع النزاع مطلع عام 2020، كما زار قاعدة حميميم الجوية الروسية عام 2017.
وأسهم التدخّل العسكري الروسي في سوريا منذ سبتمبر (أيلول) 2015 بقلب ميزان القوى في النزاع لصالح النظام ومكّنه من تحقيق انتصارات عدة في مواجهة الفصائل المعارضة وتنظيم "داعش" على السواء. وينتشر في جميع أنحاء سوريا الآلاف من القوات الروسية دعماً للجيش السوري، كما تعمل مجموعة من أفراد الأمن الخاص الروسي في الميدان.