قالت وزارة الخارجية الروسية الثلاثاء 8 سبتمبر (أيلول)، إنها استدعت السفير الألماني لدى موسكو بعد تصريحات برلين في ما يتعلق بوضع المعارض السياسي الروسي أليكسي نافالني، في حين دعت مفوضة الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان ميشيل باشليه، موسكو إلى إجراء "تحقيق شامل وشفاف ومستقل ومحايد"، أو التعاون معه في شأن قضية نافالني.
ونُقل نافالني (44 سنة)، وهو معارض بارز للرئيس الروسي فلاديمير بوتين، لتلقي العلاج في ألمانيا، بعدما فقد الوعي خلال رحلة داخلية من مدينة تومسك في سيبيريا إلى موسكو الشهر الماضي. وخلصت ألمانيا إلى أنه سُمم بغاز أعصاب من نوع "نوفيتشوك"، وهي ذات المادة التي قالت بريطانيا إنها استخدمت في تسميم جاسوس روسي مزدوج وابنته على أراضيها عام 2018.
وتقول موسكو إنها لا ترى دليلاً على تعرض نافالني لتسمّم، واتهمت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الروسية ماريا زاخاروفا، عبر صفحتها على "فيسبوك"، ألمانيا "بالتدليس".
"نورد ستريم 2"
وتثير الواقعة شكوكاً في شأن مستقبل مشروع خط أنابيب الغاز "نورد ستريم 2" بين ألمانيا وروسيا، إذ يطالب عدد متزايد من الساسة بسحب الدعم للمشروع ما لم تساعد روسيا في توضيح ملابسات تسميم نافالني.
وقال متحدث باسم المستشارة الألمانية أنغيلا ميركل، الإثنين، إن الأخيرة لا تستبعد فرض عقوبات على خط الأنابيب إذا فشلت روسيا في إجراء تحقيق شامل في شأن تسميم نافالني.
وأوردت وكالة إنترفاكس للأنباء أن الكرملين اعتبر الثلاثاء ألا حاجة إلى إجراء مناقشات سياسية في شأن مشروع "نورد ستريم 2"، واصفاً إياه بمشروع تجاري دولي إلى حد كبير.
ومن المقرر أن يضاعف "نورد ستريم 2" قدرة خط الأنابيب "نورد ستريم 1" الذي يعمل حالياً على نقل الغاز مباشرة من روسيا إلى ألمانيا. وجرى الانتهاء مما يزيد على 90 في المئة من المشروع، ومن المقرر أن يعمل انطلاقاً من أوائل عام 2021.
تحفظ فرنسي
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وزير الدولة الفرنسية للشؤون الأوروبية كليمان بونو، قال خلال مقابلة مع وكالة الصحافة الفرنسية في برلين، "لقد أجرينا مناقشات على الصعيد الأوروبي، ومناقشات فرنسية - ألمانية حول مشروع نورد ستريم، وأبدينا تحفظاتنا مرات عدة بغض النظر عن قضية نافالني التي لم تكن طرحت آنذاك". وأضاف "لا أريد الانغماس في النقاش الدائر في ألمانيا حول نورد ستريم 2، لكن تحفظاتنا على الاعتماد على روسيا في مجال الطاقة موجودة ومعروفة".
ويواجه مشروع أنابيب الغاز هذا معارضة أميركية شرسة، كونه يزيد من اعتماد القارة العجوز على روسيا في التزود بمصادر الطاقة، وبلغ الأمر بواشنطن حد فرض عقوبات على المقاولين العاملين فيه.
وحتى داخل الاتحاد الأوروبي، هناك أصوات معارضة لهذا المشروع، لكن ألمانيا، وبالرغم من خلافاتها السياسية مع روسيا، ترى أن "نورد ستريم 2" يؤمن مصدراً للطاقة أكثر استقراراً ونظافة من الفحم الحجري والطاقة النووية.
الأمم المتحدة تدعو إلى تحقيق روسي "مستقل"
إلى ذلك، قالت مفوضة الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان، في بيان، إن "عدد حالات التسمم أو غير ذلك من الاغتيالات المستهدفة لمواطنين روس حالياً وسابقاً، سواء ضمن روسيا نفسها أو على أراض أجنبية على مدى العقدين الماضيين يثير القلق البالغ".
وشدّدت باشليه على أنه "يتحتم على السلطات الروسية التحقيق بشكل كامل في شأن الجهة المسؤولة عن هذه الجريمة الخطرة للغاية، والتي ارتكبت على الأراضي الروسية". وأضافت "الفشل في كثير من الحالات في محاسبة الجناة وتوفير العدالة للضحايا وعائلاتهم أمر مؤسف ويصعب تفسيره أو تبريره"، علماً أن تسمّم نافالني هو الأحدث ضمن سلسلة طويلة من محاولات اغتيال طالت منتقدي بوتين.
مضايقات مستمرة
وفيما قال مكتب الأمم المتحدة لحقوق الإنسان إنه ليس في وضع يسمح له بتوجيه اتهامات مباشرة إلى موسكو، أشارت باشليه إلى أن المواد المستخدمة معقدة ويصعب الحصول عليها. وقالت "هذا يثير أسئلة عدة، لماذا استخدام مواد مثل هذه؟ من يستخدمها؟ كيف حصلوا عليها؟".
وأوضحت المفوضة السامية أنه قبل أن يتعرض نافالني للتسميم المفترض، تعرض مراراً للمضايقة والاعتقال والاعتداء، إما من جانب السلطات أو من جانب مهاجمين مجهولين. وتابعت "من الواضح أن نافالني كان شخصاً في حاجة إلى حماية الدولة حتى لو كان شوكة سياسية في خاصرة الحكومة". وأضافت "ليس كافياً إنكار تعرضه للتسمم واستبعاد الحاجة إلى إجراء تحقيق شامل ومستقل وحيادي وشفاف في محاولة الاغتيال هذه".
واستفاق نافالني من غيبوبة مستحدثة طبياً، وفُصل عن جهاز التنفس الاصطناعي، وفق ما أفاد مستشفى شاريتيه الألماني حيث يتلقى العلاج. وقال المستشفى في بيان الإثنين، "إنه يستجيب للمحفزات اللفظية"، مشيراً إلى أن حاله "تحسّنت"، وبالرغم من ذلك، قال البيان إنه من السابق لأوانه تحديد التأثير الطويل الأمد لعملية التسميم على نافالني.