واصلت حرائق هائلة وصفت بـ"الجحيم" وتمتد على مساحات واسعة، يؤججها الجفاف ورياح عاتية، تدمير مناطق على الساحل الغربي للولايات المتحدة، موديةً بحياة 24 شخصاً على الأقل خلال الأيام الماضية، في حين أصدرت السلطات أوامر بإجلاء نحو نصف مليون شخص في ولاية أوريغون.
وقال مصور لوكالة "رويترز" في جنوب أوريغون، إنه رأى مكاناً يبعث على الرعب، فيه مناطق سكنية محترقة بامتداد كيلومترات بمحاذاة الطريق السريع 99 جنوبي ميدفورد مروراً بفينكس وتالينت في إحدى أكثر المناطق تضرّراً.
وأظهر تسجيل مصوّر نشر على الإنترنت من منطقة تاكوما في ولاية واشنطن، الحرائق تشتعل في منطقة سكنية وتمتد إلى المنازل بينما يهرع السكان من بيت إلى بيت لتحذير جيرانهم. وصرخ رجل "اخرجوا جميعاً، اخرجوا جميعاً" بينما حاول أفراد الإطفاء إخماد اللهب.
وذكرت هيئة الإطفاء في كاليفورنيا أن إجمالي عدد المتوفين في طوق الحرائق على الساحل الغربي للولايات المتحدة، والتي بدأت في أغسطس (آب)، ارتفع إلى 24، بعد العثور على سبعة متوفين في وقت متأخر أمس الخميس في مناطق سكنية جبلية محروقة على بعد نحو 137 كيلومتراً شمالي سكرامنتو في ولاية كاليفورنيا.
وقال مكتب إدارة الأزمات في أوريغون، إن عدد من صدرت الأوامر بإجلائهم في الولاية وحدها قفز إلى نحو 500 ألف يمثلون نحو ثمن إجمالي عدد السكان، بينما تعرّضت ضواحي مدينة بورتلاند للخطر في الوقت الذي التقى فيه أكبر حريقين في الولاية.
وفي جنوب أوريغون كذلك، صدرت أوامر الإجلاء لسكان في مناطق مثل إيغل بوينت، لكن مصوّر "رويترز" قال إن القليل منهم تركوا بيوتهم في حين بقي معظمهم في انتظار أن يروا اللهب فيها فعلياً.
وشرّدت الحرائق الآلاف أيضاً إلى الشمال والجنوب في ولايتي واشنطن وكاليفورنيا.
وتعرضت أوريجون لأكبر الأضرار من قرابة مئة حريق كبير مشتعلة في ولايات الغرب الأمريكي من بينها قرابة 36 حريقاً في أوريغون يكافحها نحو 3000 من أفراد الإطفاء ويقول مسؤولون إن هناك حاجة إلى مثليهم.
وفتحت الشرطة تحقيقاً جنائياً في حريق واحد على الأقل اشتعل في أشلاند بأوريغون على حدود كاليفورنيا وأتى على عدة مئات من المنازل، بحسب تاي أوميرا قائد الشرطة في أشلاند.
وفي وقت سابق، ذكرت الشرطة أن 11 لقوا حتفهم في الحرائق في ولاية كاليفورنيا بينما لقي أربعة حتفهم في أوريغون منذ الاثنين، ولقي طفل يبلغ من العمر عاماً واحداً حتفه في ولاية واشنطن.
وتمتد بؤر الحرائق من ولاية واشنطن في الشمال المحاذي لكندا إلى سان دييغو في جنوب كاليفورنيا.
وبين المنطقتين، شهدت ولاية أوريغون تدمير 120 ألف هكتار وخمس بلدات على الأقل في حرائق "غير مسبوقة في تاريخ" الولاية على حد قول حاكمتها كيت براون التي تتوقع "خسائر كبيرة بالأبنية والأرواح"، بينما تجري عمليات إجلاء واسعة.
التركيز على إجلاء السكان
وتسببت الرياح التي وصلت سرعتها إلى 50 ميلاً في الساعة في انتشار ألسنة اللهب بسرعة إلى مناطق شاسعة في ساعات قليلة واحتراق مئات المنازل ودفعت فرق مكافحة الحرائق للتركيز على إجلاء السكان بدلاً من محاولة السيطرة على النيران.
وقالت براون إن ديترويت وسط الولاية وبلو ريفر وفيدا في مقاطعة لين الساحلية وفينكس وتالنت في الجنوب تشهد دماراً واسعاً.
وتجري عمليات إجلاء في مناطق متناثرة في أنحاء ولاية أوريغون على مساحة تماثل تقريباً مساحة بريطانيا مع اشتعال الحرائق في كل مناطقها تقريباً.
وفي كاليفورنيا قال مسؤولون إنه يجري إجلاء نحو 64 ألفاً فيما كافحت أطقم الإطفاء 28 حريقاً كبيراً ودمرت النيران هذه السنة أكثر من عشرة آلاف كيلومتر مربع من الولاية، وهو رقم قياسي منذ بدء تسجيل المعطيات في 1987.
تغير المناخ
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
ودان حاكم ولاية كاليفورنيا الديمقراطي غاري نيوسوم العواقب الكارثية لتغير المناخ. وقال "أفقد صبري مع المشككين في (تغير) المناخ"، معتبراً أن "وجهة النظر هذه تتعارض تماماً مع الواقع على الأرض".
وتغطي سان فرانسيسكو سماء برتقالية ملبدة بسبب الدخان المنبعث من حرائق مشتعلة شمالاً. وكانت السيارات تضيء أنوارها عند السير وكأن الشمس لم تشرق.
ويكافح أكثر من ألف رجل إطفاء الحريق الذي سمي "كريك فاير" بالقرب من فريسنو (وسط) على مساحة 65 ألف هكتار.
وإلى الجنوب بالقرب من لوس أنجليس، دمر الحريق "بوبكات فاير" الذي لم تتم السيطرة عليه بعد أكثر من 4500 هكتار، وفقاً لرجال الإطفاء. وصدرت أوامر للسكان بإخلاء منازلهم بالقرب من سان دييغو حيث احترق نحو سبعة آلاف هكتار في فالي فاير، بحسب السلطات المحلية.
وصرح حاكم ولاية واشنطن جاي إنسلي الثلاثاء إن تسعة حرائق "كبيرة" أتت على أكثر من 133 ألف هكتار خلال 24 ساعة، أي أكثر من ضعف المساحة المحروقة طوال عام 2019.
عالم جديد
وقال "نحن نعيش في عالم جديد. هذه لم تعد واشنطن التي كات موجودة من قبل"، مديناً تغير المناخ الذي تسبب برأيه بحرائق بمدى جديد. وأضاف الحاكم أن "الظروف جافة جداً وحارة جداً وتشهد رياحاً عاتية لأن المناخ تغير"، موضحاً أن أكثر من مئة ألف شخص محرومون من الكهرباء.
ودمرت بلدة مالدن الصغيرة بالكامل تقريباً. وقال مسؤول الشرطة بريت مايرز في بيان إن مركز الإطفاء ومكتب البريد وقاعة المدينة "احترقت بالكامل".
وأضاف "ليست هناك كلمات لوصف الضرر"، معتبراً أنه "سيتم إخماد النيران لكن مجتمعاً بأكمله تغير إلى الأبد".
وحملت الرياح الشرقية الدخان باتجاه منطقة سياتل كبرى مدن الولاية، وأصدرت وزارة البيئة المحلية فيها تحذيراً من تلوث الهواء.