العديد من الخطط والإجراءات التي أعلنتها الحكومة السودانية في إطار محاولات وقف نزيف العملة، لكن المحصلة لم تتغير، حيث يواصل الجنيه السوداني انهياره مقابل الدولار الأميركي بدعم خطط مناوئة لإجراءات الحكومة الانتقالية يقودها تجار العملة في السوق السوداء للصرف.
وأمس الخميس، أعلنت الحكومة الانتقالية بالسودان حالة طوارئ اقتصادية بعدما تراجعت عملة البلاد تراجعاً حاداً في الأسابيع الأخيرة بسبب "تخريب ممنهج". وقال مسؤولون، خلال مؤتمر صحافي، إن الحكومة الانتقالية، التي تدير البلاد منذ إطاحة نظام عمر البشير العام الماضي، ستشكل محاكم خاصة خلال الأيام المقبلة لمكافحة التهريب وجرائم أخرى تقوّض الاقتصاد.
وشهد الجنيه السوداني تقلبات حادة في الأيام الأخيرة، مما حدا بكبار موردي الأغذية لوقف توزيع منتجاتهم ورفع أسعار الأغذية بين 50 و100 في المئة بمتاجر البقالة والتجزئة. ويتزامن ذلك مع فيضان غير مسبوق لنهر النيل تسبب في تشريد عشرات الآلاف. وتقول الحكومة إنها خصصت أكثر من 150 مليون جنيه سوداني (2.73 مليون دولار) لمساعدة ضحايا الفيضان.
ارتفاع قياسي بسعر صرف الدولار
في سوق الصرف، واصل الدولار ارتفاعه مقابل الجنيه السوداني في تعاملات السوق الموازية غير الرسمية (السوداء)، بزيادة 10 جنيهات عن تعاملات الأربعاء الماضي، أما على شاشة بنك السودان المركزي، فظل سعر الدولار ثابتاً عند مستوى 55 جنيهاً للشراء و55.27 جنيه للبيع.
وفي السوق السوداء، سجل الدولار نحو 260 جنيهاً، مقابل 250 جنيهاً في تعاملات الأربعاء الماضي، بزيادة 10 جنيهات بعد أن سجل خلال تعاملات الأربعاء زيادة تاريخية تقدر بنحو 30 جنيهاً خلال 24 ساعة فقط.
وتشير هذه الأرقام إلى أن الجنيه السوداني تراجع بنحو 18.2 في المئة خلال 48 ساعة فقط بعدما هوي سعره مقابل الدولار في السوق السوداء من مستوى 220 جنيهاً في نهاية تعاملات، الثلاثاء الماضي، إلى مستوى 260 جنيهاً للدولار في تعاملات الخميس الماضي خاسراً نحو 40 جنيهاً في يومين فقط.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وتشهد أسواق الصرف الموازية أو السوداء حالة من الفوضى في ظل أوضاع صعبة يعيشها السودان بسبب الفيضان الذي أضاف أزمات جديدة أمام الحكومة الانتقالية التي تحاول ضبط الأوضاع في ظل الإمكانيات الضعيفة المتاحة. وخلال الفترة الأخيرة زاد الطلب على الدولار مع استمرار خسائر الجنيه السوادني، وهو ما فاقم من حدة الأزمة.
وسجل اليورو في بنك السودان المركزي 64.94 جنيه للشراء، و65.26 جنيه للبيع، وسجل الجنيه الإسترليني 72.32 جنيه للشراء، و72.68 جنيه للبيع. لكن في السوق السوداء، سجل اليورو 306 جنيهات، وسجل الإسترليني 334 جنيهاً.
وسجل سعر صرف الريال السعودي لدى بنك السودان المركزي 14.66 جنيه للشراء، و14.73 جنيه للبيع، وسجل الدرهم الإماراتي 14.97 جنيه للشراء، و15.04 جنيه للبيع. وسجل سعر الدينار الكويتي 178.80 جنيه للشراء و179.69 جنيه للبيع في بنك السودان المركزي. وفي السوق السوداء، سجل الريال السعودي 69 جنيهاً، وسجل الدرهم الإماراتي نحو 72 جنيهاً وسجل الدينار الكويتي 680 جنيهاً.
أزمة ديون خانقة وتضخم مرعب
على صعيد الديون، تشير البيانات الرسمية إلى أن حجم الدين العام في السودان تجاوز نحو 62 مليار دولار، وسط إجراءات حكومية مشددة لسداد فاتورة الدين التي تهدد بكارثة اقتصادية خلال الفترة المقبلة. وبدأت الحكومة الانتقالية مباحثات مع صندوق النقد الدولي بشأن برنامج غير ممول من الصندوق، يمكن أن يمهد الطريق أمام دعم مالي دولي. ويدين السودان بمبلغ 1.3 مليار دولار لصالح صندوق النقد الدولي.
وفي ما يتعلق باحتياطي البلاد من النقد الأجنبي، كانت الحكومة الانتقالية قد أعلنت في أبريل (نيسان) الماضي، أن احتياطي النقد الأجنبي يكفي لشهرين أو ثلاثة على الأكثر فقط. لكن في منتصف أغسطس (آب)، الماضي، أكد مسؤول كبير في بنك جنوب السودان المركزي، أن احتياطيات البلاد من النقد الأجنبي نفدت ولم يعد بمقدورها وقف الانخفاض في قيمة الجنيه. وفي مؤتمر صحافي، قال دانييل كيش بوش، النائب الثاني لمحافظ البنك المركزي في السودان، أنه "من الصعب علينا في الوقت الحالي وقف الزيادة الفائقة السرعة في سعر الصرف لأنه ليست لدينا مصادر. ليست لدينا احتياطيات".
وتقود الحكومة الانتقالية في السودان تحركات قوية للسيطرة على الأوضاع الاقتصادية التي تواجه تراجعاً مضطرداً، تخللتها تدابير وقائية لتحسين الأحوال المعيشية للمواطنين وكبح جماح الأسعار، حيث تمضي الحكومة خطواتها الإصلاحية عبر لجنة عليا للطوارئ الاقتصادية.
واتخذت اللجنة العليا للطوارئ الاقتصادية بالخرطوم حزمة إجراءات للسيطرة على سعر الصرف وتوفير السلع الأساسية. وشملت الإجراءات التي جرى إعلانها عقب اجتماع اللجنة برئاسة نائب رئيس مجلس السيادة الفريق أول محمد حمدان حميدتي، سياسات جديدة لشراء وتصدير الذهب، وإنشاء محفظة لتمويل مدفوعات السلع الاستراتيجية.
وتواجه الخرطوم صعوبات في إعادة تنظيم اقتصادها المتعثر، فالتضخم بلغ مستويات قياسية وتاريخية، والجنيه السوداني يواصل الانهيار مقابل الدولار الأميركي، في ما تواصل الحكومة طبع أوراق النقد لدعم الخبز والوقود والكهرباء.
والتضخم في السودان هو الثاني على صعيد العالم بعد فنزويلا، حيث قفز المعدل الرئيس إلى 143.78 في المئة خلال يوليو (تموز) مقابل نحو 136.36 في المئة خلال يونيو (حزيران) الماضي.