تتصاعد الأصوات الشعبية المطالبة بفتح حدود الجزائر، بعد أن طال إغلاقها في إطار مواجهة تفشي فيروس "كورونا". ولم تتحرك المؤسسات "الاقتصادية" للضغط على السلطات للإقدام على الخطوة وإنقاذها من إفلاس بات يهددها، مثل مؤسسات النقل الجوي والبحري والوكالات السياحية، في معادلة غير مفهومة.
رسائل للرئيس تبون
وجاءت رسائل وتصريحات نواب البرلمان الموجهة للرئيس تبون عبر الإعلام لتكشف حجم الامتعاض الشعبي من استمرار إقفال الحدود، إذ وجه البرلماني عن الجالية المقيمة بالخارج، نور الدين بلمداح، رسالة إلى الرئيس تبون "لاتخاذ قرار التسريع بفتح الحدود، والسماح للجالية بالتنقل من وإلى الوطن، ملتزمين بكل التدابير الوقائية اللازمة".
وقال في تصريح إلى "اندبندنت عربية"، إنه "لا تزال تصلني رسائل واتصالات عدة من جاليتنا ومن الجزائر حول تاريخ فتح الحدود، وردي هو أن رسالتي وصلت للرئيس، وهو الوحيد المخوّل باتخاذ القرار في الوقت الذي يراه مناسباً، بعد الاستماع إلى رأي اللجنة العلمية المكلفة برصد ومتابعة الوباء".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وأضاف، "بعد الرسالة التي وجهتها للرئيس حول فتح الحدود، أنا الآن بصدد حشد الهمم والتواصل مع بعض المسؤولين والفاعلين بعد إقناعي لهم، وهم بصدد التنسيق والتعاون في الوصول إلى فتح الحدود".
ويتابع بلمداح، "جمعني حوار ونقاش مطوّل مع عضو اللجنة العلمية لرصد وتفشي فيروس كورونا، ورئيس عمادة الأطباء الجزائريين، بقاط بركاني، حول موضوع فتح الحدود، وشرحت له الأسباب التي دفعتني لمراسلة رئيس الجمهورية"، موضحاً أن بركاني ولجنته لم يبديا رفضهما لفتح الحدود، "لكن يبقى دور اللجنة استشارياً عندما يطلب منها ذلك رئيس الجمهورية".
وأبرز أن بركاني نصحه بتسريع العملية من خلال التواصل مع مؤسسات النقل الجوي والبحري، لتسليم بروتوكولاتها الصحية إلى اللجنة لاعتمادها حتى تكون التدابير جاهزة، وتسهل وتسرّع إقرار الرئيس فتح الحدود الكلي أو التدريجي.
من جهته، خاطب النائب حكيم بري الرئيس طالباً منه المبادرة إلى إنهاء توقف النقل الجوي والبحري للمسافرين، مشيراً إلى أن غلق الحدود منذ أكثر من ستة أشهر أضر كثيراً بالاقتصاد، بخاصة شركتي النقل الجوي والبحري، وأيضاً الاستثمارات الأجنبية والوكالات السياحية.
وأضاف أن أفراد الجالية الجزائرية في مختلف بلدان العالم يريدون زيارة بلدهم وذويهم، مقترحاً اعتماد قيود على المسافرين القادمين إلى الجزائر، باشتراط شهادة الخلو من وباء كورونا، والالتزام بكل التدابير الصحية.
خسائر بملايين الدولارات
وأغلقت الجزائر حدودها البرية والجوية والبحرية في شهر مارس (آذار) الماضي، في إطار مواجهة تفشي فايروس "كورونا"، وما زال الوضع على حاله مع بعض الاستثناءات لرحلات إجلاء العالقين بالخارج. وفي وقت كان الجميع يترقب تجاوز الوضع تزامناً مع إعلان الاتحاد الأوروبي فتح حدوده الجوية والبحرية، قالت الرئاسة الجزائرية، في بيان، إن الحدود البرية والبحرية والجوية للبلاد ستبقى مغلقة، بسبب استمرار تفشي فايروس كورونا.
وأفرز استمرار الغلق وضعاً اقتصادياً كارثياً، بدأت انعكاساته تظهر في الواقع، إذ تواجه كل من شركة الخطوط الجوية الجزائرية ومؤسسة النقل البحري للمسافرين، خسائر ضخمة، أكدها المدير العام لمؤسسة النقل البحري، أحسن قرايرية، حين قال إن الشركة تعيش وضعاً مالياً متأزماً، وقد بلغت الخسائر حتى نهاية يوليو (تموز) الماضي 3.4 مليار دينار (27 مليون دولار)، بينما شدد المدير العام للخطوط الجوية الجزائرية، علاش بخوش، أن الخسائر ستقفز إلى 35 مليار دينار (272 مليون دولار) مع نهاية العام الحالي.
الإفلاس يهدد 3 آلاف وكالة سياحية
في المقابل، أوضح رئيس نقابة الوكالات السياحية، بشير جريبي، أن 90 في المئة من الوكالات تتجه نحو الإغلاق وتعليق نشاطها في حال استمرار هذه الظروف، مشيراً إلى أن مصيرها يبقى مجهولاً لغياب مخطط واضح لإعادة بعث نشاطها بشكل عادي بعد توقفها ستة أشهر بسبب جائحة كورونا.
وأضاف أن أكثر من 3400 وكالة سياحية معرضة للإفلاس، وصار آلاف العمال مهددين بالبطالة، وتساءل حول جدوى السماح للوكالات السياحة بمزاولة نشاطها في حين يستمر إغلاق الحدود البرية والجوية والبحرية.
صمت القطاع الاقتصادي
وفي السياق ذاته، يعتبر أستاذ الاقتصاد إحسان فوزي، في تصريح إلى "اندبندنت عربية"، أن استمرار إقفال الحدود لم يعد ضرورياً مثلما كان عليه الحال سابقاً، في ظل العدد الضعيف من المسافرين المنتظر قدومهم إلى الجزائر بعد انطلاق الموسم الدراسي في عدد من الدول مثل فرنسا وإسبانيا وإيطاليا، حيث تتواجد جالية كبيرة، كما أن موسم العطل انتهى مع دخول فصل الخريف.
وقال إن اتخاذ تدابير وقائية وبروتوكول صحي من شأنه ضبط الأمور ومواجهة أي طارئ، بخاصة أن الموجة "الثانية" التي تعرفها دول العالم ليست بالخطورة التي عاشها العالم مع بداية ظهور الفيروس.
ويواصل فوزي أن "ما يثير الانتباه هو صمت الشركات الاقتصادية التي يهدّدها الإفلاس"، مقارنة مع المطالب الشعبية التي نقلها نواب البرلمان، ما يدعو للاستغراب، متسائلاً، "كيف يمكن لشركات بحجم الجوية الجزائرية ومؤسسة النقل البحري ألا تحضّر بروتوكولات صحية؟".
وأضاف أنه من المفترض أن يتحرك القطاع الاقتصادي للضغط على السلطات من أجل مسايرة الفتح العالمي، على اعتبار أن أول متضرر هو الشركات والمؤسسات الاقتصادية والتجارية.