أصدرت إثيوبيا قراراً بتغيير عملتها الوطنية "البر"، مضيفةً أيضاً إلى فئات العشرة والخمسين والمئة "بر"، فئة جديدة هي فئة المئتي بر. وربطت الحكومة التغيير بأهداف الحد من التفاعلات المالية غير القانونية، ومعالجة المشاكل التي يشهدها الاقتصاد القومي الإثيوبي كالتضخم ونقص العملات الصعبة.
وجاء الإعلان عن تغيير العملة خلال اجتماع عقده مجلس الوزراء، شارك فيه محافظ البنك الوطني الإثيوبي، ومسؤولو القطاع الاقتصادي، والمصارف الخاصة في البلاد، إلى جانب قادة القطاع الأمني والشرطة الفيدرالية والجيش.
وقال رئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد، إن "إصدار العملة الجديدة وإجراء التغيرات في الأوراق النقدية لعملة البلاد جاء للحد من الفساد والتهريب"، مشيراً إلى أن "العملة الجديدة تمتلك مميزات أمنية محسنة، إلى جانب ما اتبع في إصدارها من خطوات الأمان والتجويد". وأوضح أن التكلفة المالية لإجراء هذا التغيير الذي أجري خارج البلاد بلغت 3.7 مليار بر إثيوبي.
وفيما يتعلق بالتحرزات الاقتصادية، قال آبي أحمد "أصدرنا تعليمات صارمة للبنوك بمراعاة القانون، وعدم التلاعب بالعملة الوطنية"، منوهاً بأن العقوبات في أي عملية خارج نطاق القانون قد تصل إلى حد "الإغلاق الكامل للبنك الذي يتورط" في أي تجاوزات.
وأشار إلى وجود بعض التلاعب ممثلاً في استلام العملات المزورة، مؤكداً أن قرارات صارمة اتخذت لمواجهة ذلك، من بينها تشديد الرقابة على مداخل ومعابر البلاد بما فيها مطار أديس أبابا الدولي، ومع الدول المجاورة، والعمل على منع إدخال أي نقد من العملة الإثيوبية الخارجية إلى داخل النظام المصرفي من دول جوار كالسودان وجيبوتي.
ورأى رئيس الوزراء الإثيوبي أن الإجراءات والتعديلات الهيكلية التي أدخلت على الشركات والمؤسسات الكبرى المملوكة للدولة في إطار الإصلاحات الاقتصادية الجارية، أحدثت تأثيرات إيجابية بعد ما كانت رهينة ديون بلغت نحو 600 مليار بر إثيوبي متفوقةً على ميزانية الحكومة.
من جهته، أكد محافظ البنك الوطني الإثيوبي يناغر دسي أن أعمال تجهيز الطباعات للأوراق المالية الجديدة للعملة الوطنية اكتملت، وأودعت في خزانة البنك الوطني. وأشار إلى أنه من ضمن التغييرات أيضاً، تحويل العملة الورقية من فئة الـخمسة بر إلى عملة معدنية في الفترة المقبلة، لافتاً إلى أن إثيوبيا لم يكن لديها رمز يمثل عملتها، في حين أن العملة الجديدة تحمل رموزاً جديدة معبرة عن البلاد. وقال إنه طورت آلية التوزيع والتخطيط وستدخل حيز التنفيذ من خلال الجهات المعنية.
وأكد دسي أن عملية تغيير العملة القديمة بالجديدة ستتم خلال ثلاثة أشهر. ووصف محافظ البنك الوطني دور أجهزة الأمن بالطليعي ضمن مسار عملية الإحلال. وقال إنه سينشأ مركز قيادة فيدرالي يضم أفراداً من الدفاع الوطني وجهاز الأمن والاستخبارات، والشرطة الفيدرالية للإشراف على العملية، كما ستنشأ أيضاً مراكز للقيادة مماثلة في الأقاليم.
وكان البنك المركزي الإثيوبي وضع في مايو (أيار) الماضي، قيوداً على عمليات السحب اليومي للأفراد والمؤسسات والشركات من العملة الوطنية بهدف السيطرة على تداول النقد خارج المصارف وإدارة السيولة. واكب ذلك تعميم للبنوك من البنك الوطني الإثيوبي حدد عمليات السحب اليومي والشهري من النقد للأفراد والمؤسسات والشركات بحيث يمكن للأفراد سحب يومي بمعدل 200 ألف بر إثيوبي (6000 دولار) على ألا يتجاوز مليون بر في الشهر (30 ألف دولار)، بينما يبلغ الحد الأقصى للسحب للمؤسسات والشركات 300 ألف بر إثيوبي (9000 دولار) في اليوم على ألا يتجاوز 2.5 مليون بر (45 ألف دولار) كحد أقصى في الشهر.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
التغيير الخامس
يذكر أن تغيير واستبدال العملة الوطنية هو الخامس للحكومة الإثيوبية والأول منذ 23 سنة، حيث لم تشهد إثيوبيا أي تغييرات لعملتها خلال العقدين الماضيين. وتأتي القرارات الجديدة ضمن الإصلاحات الاقتصادية التي يجريها رئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد، منذ وصوله إلى السلطة في إثيوبيا مطلع أبريل (نيسان) 2018، وسبقتها خطوات جادة لإحكام تنظيم الساحة السياسية والاقتصادية، مع خطط لفتح صناعات مملوكة للدولة كالاتصالات السلكية واللاسلكية إلى المشاريع المالية، وأخرى متعلقة بالطاقة أمام القطاع الخاص، إلى جانب خططه في جذب مزيد من الاستثمارات الأجنبية والانفتاح على العالم. جدير بالذكر أن الموازنة التي اقترحتها الحكومة الإثيوبية للعام المالي الحالي (2020-2021) بلغت قيمتها 13.882 مليار دولار للسنة المالية التي بدأت في 8 يوليو (تموز) الماضي، خصص نحو 3.887 مليار دولار منها للنفقات التي تتضمن الخدمات الإدارية والاقتصادية والاجتماعية، ونحو 4.674 مليار دولار للإنفاق الرأسمالي. بينما خصص 176.3 مليار بر (5.141 مليار دولار) لدعم الأقاليم الإثيوبية. وأشارت الخطط الحكومية إلى التركيز على زيادة جذب الاستثمارات الأجنبية والإسراع بعملية خصخصة الشركات المملوكة للدولة خلال الموازنة الجارية للعام الجديد.
الأسرع نمواً
ويوصف الاقتصاد الإثيوبي من قبل مؤسسات الرقابة الدولية بـ"الأسرع نمواً" في القارة الأفريقية، حيث شهدت الأعوام الأخيرة ثباتاً في نسبة نمو تتراوح ما بين 8.5 و10 في المئة. ويشير مراقبون إلى أن أسباب تبديل العملة، إلى جانب ما تروج له الحكومة من ضرورة الحفاظ على تميز الاقتصاد الإثيوبي، وخططها في تجاوز التعديات التي تلقى في طريق عملتها، يأتي كذلك لدواع سياسية تخشى الحكومة تبعاتها المؤثرة على الاقتصاد الإثيوبي.